الخميس , 25 أبريل 2024
الرئيسية » تاريخ النجف الأشرف » المواكب العزائية في النجف الأشرف – القسم الثاني

المواكب العزائية في النجف الأشرف – القسم الثاني

mwakeb9

المواكب العزائية في النجف الأشرف

تاريخها، مشروعيتها، كيفيتها

القسم الثاني

الدكتور عباس الترجمان

وهنا لا بأس من ذكر قائمة بأسماء الشعراء الذين عاصرتهم أو أدركتهم، وذكر شيء من مواصفاتهم التي سمعت بها أو عرفتها بنفسي تخليداً لذكرهم، وتليها قائمة بأسماء الرواديد، أزودهما بصورة من له صورة في حيازتي زيادة في التعريف، وأسأل من الله تعالى التوفيق لذلك، وهم حسب الحروف الهجائية…

الشعراء:

وأقصد بهم شعراء اللهجة العراقية الدارجة:

1- إبراهيم الخليل أبو شبع:

هو إبراهيم بن خليل من آل مجاور ينتهي نسبه إلى عمرلنك عرف (أبو شبع) نسبة إلى أخواله. يمتهن الحياكة. كان ديناً زاهداً في مأكله وملبسه، كانت كل ملابسه من صنع يده، سوى اليشماغ والعقال والنعال، وحتى كان يلبس أحياناً كوفية من الصوف يحوكها هو.

وهو من فحول الشعراء يرسل كريمته، أستاذي المفضل في هذا اللون من الشعر، وقد أجازه المرحوم عبود غفله الآتي ذكره بتصحيح شعره.

سكن الكوفة ردحاً من الزمن، ثم عاد إلى النجف الأشرف، ذكرت في موضوع موكب شباب شارع التجار كيفية اتصالي به.

ولد وتوفي ودفن في النجف الأشرف، له مواقف في الجهاد ضد المستعمرين الانجليز، كان لا يحب التهاتر والتهاجي، وصادف أن هجاه المرحوم عبود غفلة بسعاية ووشاية من المرحوم السيد عبد الحسين الشرع بقصيدة، فأجابه المرحوم إبراهيم بمطلع قصيدة كان له درساً وهو:

يعبود مناسبه لشيوبنه  

 

لساني ولسانك يطلع عيوبنه

فاعتذر منه المرحوم عبود غفله.

وهو يعد في الطبقة الأولى من الفحول من أمثال عبود غفله والحاج زاير.

أنجب أربعة بنين وثلاث بنات، أكبرهم خليل، مات في حياته وخلف  بعض الأولاد أكبرهم هادي، وعبد الشهيد الذي سيأتي ذكره، وجميل وفخري. طبعت له مجموعة من شعره باسم: (دمعة الخليل) في العهد الملكي، لا أتذكر تاريخ الطبع ولا تاريخ وفاته.

وقد عدته قبيل وفاته ليلة عيد الفطر بعد منتصف الليل ومعي بعض الأصدقاء، فعرفني، وطلبت منه بتلك الحالة أن ينظم بيتاً من الأبوذية يخاطب بها أمير المؤمنين(ع) فاعتذر أولاً وقال: أنت انظم بدلاً مني، فقلت له: لابد من ذلك، فقال: أشعل لي سيجارة، فامتنعت فقال: امسكها بيدي فقط، فأشعلت له، فنظم هذا البيت:

يبو الحسنين ما ينكاش يمك
يحيدر وصلت ونوخت يمك

 

وكلبي من رضاع الديس يمك
وانا ضيفك ولي يمك ثنية

 2- أمين شلاش:

عندنا في النجف الأشرف أسرتان تعرفان بـ(شلاش) أحدهما البوشلاش الأغنياء، ومنها المرحوم الحاج محسن شلاش وزير المعارف سابقاً، وأخوه الحاج رؤوف شلاش وأولادهما، والأخرى البو شلاش الفقراء، ومنهم المرحوم أبو جعفر أمين شلاش كان شاعراً ورادوداً  تتلمذ على المرحوم عبود غفله، وكان يمتهن الحياكة فقير الحال، سليم النفس، هادئ الطبع، حسن المعاشرة.

 3- باقر الإيرواني:

هو أبو فرقان محمد باقر بن المرحوم الشيخ صادق الإيرواني، وهو ثاني أخوته، أكبرهم الشيخ جعفر وهو الآن في مدينة قم المقدسة، ثم محمد باقر والمرحوم أبو إحسان محمد علي الذي اغتاله الصداميون، وجاسم الذي أعدمه الصداميون بسبب حوادث طريق كربلاء، وكان المرحوم الشيخ محمد علي خريج كلية الفقه ومسجلاً كاتباً فيها، وخطيباً حسينياً رحمة الله عليه.

ومحمد باقر هذا كان في بداية أمره يتقدم الخطباء، يترنم بصوته الرخيم ـ كما أتذكره جيداً ـ مقدمة للخطيب الذي يليه، ثم انتقل فأصبح رادوداً شهيراً قضى أكثر ترديده في مدينة البصرة، والسماوة، وكانت إذاعة أهواز العربية تبث له بعض القصائد التي رددها بصوته، وهو ينظم الشعر باللغة الفصحى واللهجة الدارجة، ويحسن الخطابة، فصيح اللسان واضح البيان، ويسكن الآن مدينة قم المقدسة بعد إخراجه من النجف الأشرف.

 4- الحاج بوهان:

هو الحاج بوهان بن غازي بن حمادي بن ذياب بن باقر بن حمادي السلامي، وهو من آل راعي، فخذ من آل غانم، والسلامات يرجعون إلى شمر، ولد في النجف الأشرف  1314هـ وبين ولادته ووفاة المرحوم آية الله الشيخ محمد طه نجف(قدس) يومان. لا يقرأ ولا يكتب، كان بادئ الأمر مكارياً، ثم عاملاً في الطابوق، ثم امتلك سيارة وأصبح سائقاً بين النجف وكربلاء لمد خمس وعشرين سنة، ومنذ سنة 1943م إلى اليوم الذي قابلته فيه من سنة 1389هـ، وكتبت عنه هذه المعلومات، أصبح يمتلك معملاً ميكانيكياً للطابوق لمدة سبع سنوات، ثم عاد إلى ما يسمى بـ(الكورة).

نظم الشعر سنة 1933م وحتى 1937م، ثم تركه، فعاد إليه 1963م بسبب أذى بعض رفاقه كما يقول.

له بعض المقاطع والقصائد والأبوذيات. كان حياً يوم إخراجي من العراق 26 شوال 1391هـ.

 5- السيد جابر أبو الريحة:

هو أبو نزار السيد جابر بن السيد هادي أبو الريحة. وآل (أبو الريحة) أسرة من السادة في النجف الأشرف، وكان كثير منهم يتعاطون بيع العطور، فغلبت عليهم هذه الشهرة.

كان السيد جابر في بداية أمره رادوداً، ثم اعتم بالعمامة السوداء وأصبح خطيباً، ينظم الشعر باللهجة الدارجة، وله مواقف جهادية إسلامية مشكورة.

سجنه الصداميون الحاقدون على الإسلام والمسلمين، وعذبوهن فاستشهد في السجن على أثر التعذيب، كان ـ رحمه الله ـ يمتهن بيع وتجليد الكتب، وكان له محل في قيصرية الكتبيين في النجف. وولده السيد نزار خطيب ويسكن الآن في مدينة قم المقدسة.

 6- جابر الشكرجي:

جابر بن المرحوم الحاج عبد الرضا الشكرجي، كان منذ كنت في العراق شاباً يلتقي بالمرحوم الشيخ عبد الحسين أبو شبع، ويتحمس له، يمتهن صنع الحلويات، سمعت منه بعض المقطوعات الشعرية، وهو رقيق الطبع والديباجة.

 7- جاسم شير علي:

أبو حسن جاسم من أسرة شير علي، وهي أسرة… سكنت النجف الأشرف منذ أجيال، وكان أكثرهم يتمتع بالجنسية أي دفتر نفوس…، حينما كانت الهند لا تزال ترزح تحت الاستعمار البريطاني، ومنهم جاسم هذا، وقد شاهدت دفتر نفوسه… بعيني. كان يسكن هو وولده حسن في غرفة صغيرة وسط خربة كبيرة، ويؤجر مواضع منها على الندافين حيث يندفون أقطانهم يدوياً هناك. وكان هو يمتهن مهنة البناء، وتقع خربته هذه في عكد الحمير، والآن اكتسحها شارع الإمام الصادق(ع)، أقيم في منطقتها معارض (أورزدباك). له بعض القصائد الحسينية.

 8- جبار شكر:

من آل شكر الأسرة النجفية المشهورة، يمتهن الخبازة، شاعر هادئ الطبع والصوت، حلو المعاشرة، تعلوه ابتسامة، لم يعمر طويلاً، رحمه الله تعالى.

 9- جعفر الطرفي:

كان له محل بزازة في الزقاق بجانب مسجد الشيخ جمال كان رادوده حسين النجار.

 10- الشيخ جمال المجبر:

صاحب الموكب وقد مر الحديث عنه.

 11- محمد جواد راشد:

شاعر ورادود له طابع إسلامي خاص، تدور مواضيع أغلب قصائده على إقامة الدولة الإسلامية المنشودة.

وكان أحد أعضاء الهيئة المحمدية للشعراء في النجف، يمتهن خياطة العباءات الرجالية وبيعها، وهو من المؤمنين الواعين المجاهدين في سبيل الإسلام والمسلمين.

 12- جواد زاهد:

جواد بن كاظم زاهد، يمتهن صناعة الأخباز المحلاة، وكان عضواً في الفرقة التمثيلية التي كنت قد أسستها باسم (فرقة أنوار الغري للتمثيل) وقد قام ببعض الأدوار في التمثيل. له بعض القصائد والمقطوعات.

 13- السيد حسن السيد داود:

كان سابقاً تاجراً في الحبوب ولاسيما الرز، حسن المعاشرة، وفياً مع أصحابه وأصدقائه، يمتاز بالبساطة، سخي الطبع حتى بعدما أصبح فقيراً وخسر تجارته. وهو من الشعراء المشهورين غير أن سوق شعره كاسدة للتكلف الظاهر في شعره رحمه الله.

كان حياً عندما أخرجت من العراق سنة 1391هـ، ثم بلغني أنه كان متكئاً على جدار سطح بيته، فسقط هو والجدار إلى الزقاق.

 14- الشيخ عبد الحسن محبوبه:

وأسرة محبوبة من الأسر النجفية المعروفة منهم المرحوم الشيخ جعفر الشيخ باقر آل محبوبة مؤلف (ماضي النجف وحاضرها).

والشيخ عبد الحسن أبو جعفر كان يعتم بالعمامة البيضاء ويرسل كريمته، وهو من رجال العلم والأدب، ومن فحول الشعراء باللهجة العراقية، له ديوان مخطوط رحمه الله تعالى.

 15- عبد الحسين أبو شبع:

أبو علي، عبد الحسين بن حسن بن ناصر أبو شبع، تسنم ذروة الأدب في اللهجة العراقية الدارجة بعد سلفيه المرحومين الشيخ عبود غفله والشيخ إبراهيم الخليل أبو شبع، وكان في بداية أمره يمتهن الحياكة، ويكتب الذي يتفوه به أستاذنا الشيخ إبراهيم، ثم استقل بنفسه ونال شهرة واسعة، وأقبل على شعره أغلب الرواديد، يرددونه على المنابر في أغلب المدن العراقية، ويمتاز شعره بالرقة والدقة، وقوة السبك والإيجاز والتمثيل.

قتله الصدميون المجرمون بقدح شاي مسموم رحمه الله تعالى.

 16- حسين الأديب:

شاعر رقيق يتصيد المعاني الطريفة، حسن الأسلوب واللفظ والمعاشرة، يعمل في البناء، فقيد الحال، عفيف ظريف، حبيب، يتكلم بهدوء، له براعة في التشبيه التمثيلي لم أجده عند غيره، وعلى سبيل المثال انظر إلى قوله:

والما تريده الروح كشمرته بلوه

مثل اليدهدي الماي كوه على علوه

 أي: إن الذي لا تقبله الروح والطبع، مسامرته ابتلاء. وهو كمن يدهده الماء إلى الأعلى بالقوة فإن الطبيعة في الأرض لا تقبل جريان الماء من الأسفل إلى الأعلى إلا بالقوة، وهذا خلاف للطبيعة.

وله يد طولى في نظم الموال، وله موالات سارت مسرى الأمثال. تركته حياً سنة 1391هـ.

 17- حسين أمين:

حسين بن حمزة أمين، شاعر عبقري، ضعيف البصر، لا يقرأ ولا يكتب، ينظم الشعر الجيد، باللهجة الدارجة والفصحى، فقير الحال، أبي النفس، يعيش على بيع الخضروات، سريع الغضب، سليط اللسان، لذا كانت النفوس تمجه، تركته حياً في النجف، رحمه الله.

 18- حسين الحبيب:

حسين الحبيب السباك، شاعر ورادود، جسيم وسيم، حسن الهيئة والمنظر، يغلب عليه الظرف مع الوقار، يحبب مجلسه بالنكات والظرائف والطرائف، ليس له شهرة الشعراء الكبار، وشهرته رادوداً أكثر من شهرته شاعراً، هادئ الطبع وقوراً.

لم أعرف له مهنة يمتهنها، وكان يغلب عليه السفر رحمه الله.

 19- عبد الحسين خليفة:

شاعر مبدع باللهجة الدارجة والفصحى، يعتم بالعمامة البيضاء، من أسرة (خليفة) وهي أسرة نجفية مشهورة، يقوم بعض أفرادها بخدمة الروضة الحيدرية المقدسة، والشيخ عبد الحسين هذا من رجال العلم الديني، وكان وكيلاً عن المرحوم السيد محسن الحكيم في مدينة (أبو صيدا) له مواقف إصلاحية يتجلى فيها نكران الذات، منها موقفه بين شاعرين كبيرين، أحدهما شيخ الشعراء المرحوم عبود غفله الخاقاني النجفي، والشاعر الكربلائي المرحوم محمد أبو خمرة.

وكانت له قصائد كثيرة انتقلت إليّ مع قصائد غيره التي تفضل بها عليّ المرحوم السيد مهدي الساجت الروادود من أهالي الحيرة، وبقيت وهي في زنبيل، كما أرسلها إليّ السيد المذكور في  النجف الأشرف مع كتبي وأشعاري وأشعار الآخرين. وقد راسلني نجله إلى طهران يطالبني بشعر أبيه الموجود عندي، فأوعزت إلى أحد أقربائي في النجف بأن يسلموه إياه، وكنت قد صنفت قصائد الشعراء كلاً على حدة.

رحم الله الشيخ عبد الحسين خليفة.

 20- حسين رحيم النعلجي:

وهو أخو عبد الله رحيم النعلجي الرادود، كان يمتهن صنع النعال، له حانوت في أول زقاق يتشعب من السوق الكبير عن يسار الداخل إليه من الميدان، وكان يعرف هذا الزقاق بـ(عكد اليهودي) وجاءته هذه التسمية من شخص يهودي بزاز له حانوت في هذا الزقاق يسكن فيه هو وزوجته وولده، وكان كل منهم يحمل على ظهره الأقمشة المتنوعة، ويدور في أزقة النجف وينادي (جلاب، جلاب: فلان فلان فلان) يعدد الأقمشة التي يحملها، وأنا أدركتهم وأدركت محلهم، وكنت آنذاك في العقد الثاني من عمري، وكان النجفيون يعاملونهم بالحسنى، ينادون المرأة ـ كما رأيت وسمعت ـ: بنت السبت، والرجل ابن السبت) وقد أنساني الدهر أسماءهم.

فحسين رحيم النعلجي كان له محل في (عكد اليهودي) وبنفس محل اليهودي، قليل الشعر، وكان يصعد المنبر تارة فلم يفلح في ذلك.

 21- السيد عبد الحسين الشرع:

أبو محي، أحد أقطاب الشعر الشعبي يعتم بالعمامة السوداء، من طلاب العلوم الدينية، شاعر الرقة والغزل والرثاء، مشهور في الأوساط الشعبية، يحسن التعبير على لسان الحال في ذكر مصائب أهل البيت(ع) يردد أشعاره الخطباء والرواديد لرقتها في مجالس العزاء. كان رحمه الله رقيق المعاشرة سريع الغضب.

يمتاز شعره بالسلاسة وجزالة الألفاظ، ووضوح المعاني، وله قصائد غزل رائعة بالمناسبات والحلبات التي كان يشارك فيها.

طبع له ديوان باسم (منهل الشرع) في جزءين في النجف الأشرف، وأعيد طبعه في مدينة قم المقدسة.

 22- حسين قسام:

آل قسام أسرة نجفية علمية مشهورة، فيهم الخطباء والعلماء والشعراء كالشيخ جاسم قسام، وأبي عباس الشيخ محمد علي قسام الخطيب الشهير، والشيخ جعفر، والشيخ جواد والشيخ موسى، والشيخ علي قسام وغيرهم.

والمرحوم أبو رضوان، حسين قسام بن المرحوم الشيخ عبود كان من عباقرة الفكاهة، بل كان عبقري الفكاهة، فريداً لا نظير له في هذا الفن، بحيث كان السامع الذي يعرفه يبتسم بمجرد ذكر اسمه، وقد ذكر المرحوم الأستاذ جعفر الخليلي بعض طرائفه في الجزء الثالث من كتابه (هكذا عرفتهم).

كان شاعراً باللهجة العراقية الدارجة، ويرقى المنبر في مناسبات الأفراح فقط، وكان لمدة سادن مسجد الحنانة ثم لروضة النبيين هود وصالح(ع) في وادي السلام في النجف الأشرف، يلبس العقال واليشماغ (الكوفية العراقية) ثم جاء أمر وزارة الأوقاف بأن يعتم، فاعتم بالعمامة البيضاء، فمازحه المرحوم السيد عبد الحسين الشرع بقصيدة يقول في مطلعها:

يخوية شوهدنك ولبست العمامه

 

قابل بالعمامة تصير علامه

 

كان الملك فيصل الثاني وخاله الوصي عبد الإله يدعوانه عندما كانا يتشرفان بزيارة أمير المؤمنين(ع) إلى قصر الضيافة على شاطئ الفرات بالكوفة، ويقضيان معه ليلة ممتعة.

له أشعار في مدائح أهل البيت(ع) وأشعار فكاهية كثيرة، طبعت له عدة دواوين منها (قيطان الكلام) و(سنجاف الكلام) و(الأفكار المطلسمة) رد فيها على الشاعر إيليا أبي ماضي في طلاسمه بقوله: (آنه أدري وغيري يدري)، وطبع له بعد وفاته: (محراث الكلام) وقد قدمت لها الأخير.

أنجب بنين أربعة: رضوان، مالك، ولدان وكوثر وبنات ثلاث: جنه وفردوس وحورية.

فرحم الله أبا رضوان وحشره مع محمد وآل محمد(ص).

 23- السيد حسين النجار:

أبو ماجد السيد حسين بن السيد محمد السقاء الذي مر اسمه في موكب السقائين،يعتم بالعمامة الخضراء فوق الطربوش الأحمر، يمتهن النجارة، رادود كان لا ينظم الشعر، وقد اختص بالشاعر المرحوم الشيخ منسي النباء العبدلي. ثم ساءت العلاقات بينهما بعد أن تجاورا، فمال السيد حسين إلى المرحوم الشيخ هادي القصاب، وأيضاً ساء العلاقات بينهما، فكان يتزود مني ببعض القصائد، ثم أخذ يتكلف النظم شيئاً فشيئاً، وهو اليوم في إيران يسكن في طهران وعلى مهنته النجارة.

ينظم بعض القصائد في المناسبات التي يرقى المنبر فيها. وفقه الله تعالى لذلك.

 24- حسين جوبين:

ابن المرحوم علي بن جواد بن عبد النبي، ولد في النجف سنة 1355هـ كان في النجف الأشرف يعرف بالنساج لامتهانه النسيج، وكان يزود بعض الرواديد ببعض القصائد، وعند إخراجه إلى إيران استمر في دراسته بكلية الإلهيات والعلوم الإسلامية بطهران، ونال درجة الماجستير منها بعد أن حصل على درجة البكالوريوس من كلية الفقه في النجف الأشرف، وهو الآن يدرس الدكتوراه في جامعة طهران، واشتهر في إيران بأشعاره لدى الأوساط العربية، وكان يعمل موظفاً في إذاعة الأهواز قبل الثورة الإسلامية وبعدها، وهو الآن يشغل منصة أستاذ اللغة العربية في جامعة طهران، يمتاز بطيب النفس وسلامة الضمير والوفاء والتمسك بالأحكام الإسلامية، بشوش لا يحقد على أحد، حفظه الله وكثر أمثاله ينظم باللغة الفصحى أحياناً.

 25- حسين البهبهاني:

هو أبو علي بن الشيخ حسين البهبهاني، شاعر مقل كاسب يمتهن العطارة، له محل من داره الواقعة في محلة الجديدة على امتداد شارع الرسول(ص) هادئ الطبع، منخفض الصوت، قليل الاجتماع، خلوق بشوش، تركته حياً في النجف.

 26- حمزة نواص:

أبو محمد، حمزة بن عبد الحسين بن عباس بن خضير بن عباس بن هادي بن دخيل من آل نواص، يرجع نسبه إلى بني أسد، ولد سنة 1895م في النجف الأشرف، ولا زال حياً حتى هذا العام 1413هـ/1991م، كما سمعت.

كان سابقاً يمتهن صنع الحذاء البدوي، ويسميه (الكربول) وكان له محل في (عكد اليهودي) قصير القامة، من فحول الشعراء، حاد الذكاء، مهذباً، عفيف اللسان، ينطق بالحكمة والموعظة، وأما شعره فمتين يفيض بالمعاني، حسن الأسلوب والألفاظ، ينظم الشعر بالفصحى والدارجة والبدوية.

كنت أتصل به وأنا في أوائل العقد الثاني من عمري مع ابن عمتي (حسن ترجمان) الذي كان قد أسس موكب شباب شارع التجار، فأتزود منه بأناشيد المسيرة لليالي العشرة الأولى من المحرم. ثم رحل إلى البادية العراقية، فاشتغل هناك بالتجارة، وكان يفضل الحياة في البادية عليها في المدن.

كان قوياً صحيحاً حتى إخراجي من العراق.

 27- حميدان مدينة:

شاعر من فحول الشعراء في النجف، له مجموعة من القصائد لديّ ولدى أخي المرحوم عبد الأمير ترجمان في مجموعات وهبها لي ابن عمتي المرحوم إبراهيم رمضان الصائغ، الذي مر ذكره في موكب أهل السلابات، وكان ملتزماً له، يردد أشعاره على المنابر.

شعره قوي السبك متين الألفاظ، لم أشاهده، توفي قبل المرحوم عبود غفلة. بدأ النظم في الخامسة عشرة من عمره، لم يقرأ ولم يكتب امتهن الدباغة، ثم أخذ يخيط الدلاء.

ثار نقاش بينه وبين المرحوم الحاج زاير حول قصيدة الأخير (جينه ننشد كربلا مضيعينها) فنظم قصيدته المنسوبة خطأ للحاج زاير (جينه ننشد كربلا على ضيوفها).

لم يعقب سوى بنتين رحمه الله تعالى.

 28- الحاج خلف كيشوان:

أبو رزاق، كان شاعر (الهوسات) المعروف، وشاعر الهوسات يصطلح عليه بـ(المهوال)، لأنه يهول الأمور بأهازيجه، الشعبية، وينظم الأبوذيات، وله قصائد وقد طبع له ديوان باسم (الخلف الصالح والأجر الرابح) سنة 1382هـ وكان حياً آنذاك. رحمه الله تعالى.

 29- سيد ستار الطوال:

ابن السيد جاسم الطوال، كان يتقدم الخطباء، ثم استقل بنفسه، وكان رادوداً أكثر منه خطيباً، وينظم الشعر أيضاً.

 30- سليم الخياط:

كان له محل في قيصرية (العبايجية)، يمتهن الخياطة ويقول الشعر، ولد سنة 1892م.

 31- شاكر الحداد:

ابن المرحوم محمود المله (الملاء: الماتح)، يمتهن الحدادة، نبغ بالشعر من طفولته، ومات وهو في بداية شبابه بمرض الزائدة الدودية، رحمة الله عليه.

 32- شاكر الكلابي:

شاكر الجلابي، كان يمتهن النسيج، ينظم بعض الأشعار في بعض الندوات.

 33- عبد الشهيد أبو شبع:

اشتهر بشهيد شبع، أبو إبراهيم، عبد الشهيد بن الشيخ إبراهيم أبو شبع أستاذنا الذي مر ذكره، شاعر عبقري شاب نبغ في الشعر الشعبي (اللهجة الدارجة)، وبز أقرانه، كان يتحرى المصلحة العامة، ويتحرق للضعفاء والمساكين، وكان كوالده يمتهن الحياكة.

وبعد أن أخرجت من العراق سنة 1391هـ بسنوات عديدة سمعت باستشهاده في حادث سيارة في طريق كربلاء ـ رحمه الله تعالى ـ

 34- صادق الجيلاوي:

رأيته شيخاً يميل إلى القصر، ولم أسمع منه شيئاً.

 35- صادق القندرجي:

أبو العباس، أبو جعفر، صادق بن الشيخ محمد الأنصاري، كان يمتهن صنع الأحذية، لذا لقب بـ(القندرجي)، من أفذاذ الفكاهة، شاعر رادود، تتلمذ على يد أخي عبد الأمير ترجمان، واشترك معه في الفرقة التمثيلية التي كان قد أسسها أخي، خدم مجالس أهل البيت(ع) في الأفراح والمصائب أكثر من نصف قرن، وكان مرغوباً في الأفراح أكثر من غيرها. وكان في السنوات الأخيرة من عمره يدعى من قبل أهالي سوق الشيوخ في محافظة الناصرية (ذي قار) في العشرة الأولى من المحرم، وكنت أزوده بالشعر.

له أشعار كثيرة، أكثرها في الأفراح والفكاهة، طلب مني ولده عباس الخياط أن أرتبها ترتيباً يجهزها للطبع قبيل إخراجي من العراق، فلم أوفق لذلك، ولا أدي هل طبع له ديوان أم لا.

ابتلي بمرض سرطان الكلى، ومات ببغداد بعد إجراء عملية له، ونقل جثمانه إلى مثواه الأخير في النجف يوم عيد الأضحى سنة 1385هـ.

وكان بالإضافة إلى أنه شاعر ورادود بطلاً من أبطال الفكاهة والتمثيل رحمه الله تعالى.

 36- صالح الكلابي:

كان قصيراً يعمل في البناء، يقول الشعر، ويحضر الندوات الأدبية، سمعت له بعض الأبوذيات.

 37- عباس الترجمان:

أبو علي، وابن علي بن الحسين الترجمان. ولدت في مدينة كربلاء المقدسة يوم الخميس الثالث من شهر جمادى الأولى سنة 1344هـ، وبعد أربعين يوماً انتقل المرحوم والدي إلى النجف الأشرف، المدينة التي كان يحن إليها.

ترعرعت في بيت أدب وشعر، فالمرحوم والدي ينظم الشعر بعدة لغات، منها العربية والفارسية والتركية… وأخي عبد الأمير الترجمان كان بطلاً من أبطال هذا الفن، فهو شاعر ورادود وممثل بارع، وكان لا يمر على بيتنا يوم لم يقرأ فيه شعر بمناسبة أو دون مناسبة.

أو ما ألقيت شعراً على الجماهير، هي أبيات ألقيتها ضمن تمثيلية قمت بأحد أدوارها، في حفلة عقدت بمناسبة ختاني وختمي للقرآن الكريم، وكنت لم أبلغ السابعة من عمري، والأبيات كانت للمرحوم عباس الخليلي، الذي نزح إلى طهران على أثر هروبه من السلطات البريطانية في العراق. وقد مثل في هذه الحفلة المرحوم أخي عبد الأمير والمرحوم عبد الله الروازق وغيرنا.

ثم تتابعت المواقف والتشجيع الذي كنت ألقيه دفعني وشوقني على الاستمرار، والحديث عني ذو شجون وفنون يطول شرحها، وقد مر بعض الأمور في الحديث عن موكب شباب شارع التجار.

كنت أنظم القصائد وأرددها على المنابر ويرددها غيري، وننسبها إلى أستاذي المرحوم الشيخ إبراهيم الخليل أبو شبع الذي مر ذكره، وكان أستاذي يصر بأن أنوه باسمي، فكنت أخجل من ذلك، حتى قرأ المرحوم الشيخ حسين أفيون ـ الذي مر ذكره في موكب الشيخ جمال ـ قصيدة لي بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسن السبط(ع) ونسبها إلى الشيخ إبراهيم، فسمعها أحد الرواديد من أهل مدينة (الكفل) فراسل المرحوم أستاذي طالباً منه القصيدة، فأرسل عليّ وسألني: إلك قصيدة بهذا المطلع؟ فقلت: بلى. فقال: كم مرة أقول لك إنسب شعرك لنفسك، لئلا أكون في مأزق كهذا؟ وألح عليّ بخلقه الكريم، فامتثلت أمره، ومنذ ذلك اليوم أخذت أنسب شعري لنفسي، ويتزود كثير من الرواديد في داخل النجف وخارجها بالشعر مني.

أنظم الشعر بالفصحى والدارجة والفارسية، لي ديوان مطبوع باسم (ديوان الترجمان) و(مجموعة المواليد) و(الشعلة الحسينية) وكلها بالدارجة طبعت في النجف الأشرف، وطبعت في طهران (الفاطميات العشر)، مؤلفاتي كثيرة، وأشعاري باللغة الفصحى كذلك، وأكثر منها باللهجة الدارجة. ولي ديوان مخطوط باللغة الفارسية.

دعيت للقراءة من قبل أهالي أكثر أمهات المدن العراقية من البصرة حتى بعقوبة والخالص وسامراء وما بين هاتين المنطقتين.

أخرجتني السلطات الصدامية من العراق بكتاب من وزارة الداخلية العراقية يوم السادس والعشرين من شهر شوال سنة 1391هـ، فسكنت في طهران حتى يومنا هذا، الأول من شهر صفر لسنة 1413هـ، ولا زلت في خدمة أهل البيت(ع) إنشاءً وإنشاداً وتأليفاً، وخلال هذه المدة قدمت على الدكتوراه في جامعة القاهرة كلية دار العلوم بعد أن حصلت على الماجستير من جامعة طهران، والبكالوريوس من كلية الفقه في النجف الأشرف، وأمتهن الآن التدريس في جامعات طهران، والحمد لله على كل حال.

لاقيت السجون والمحاكم في النجف وكربلاء وبعقوبة وبغداد، وأحضرت في محكمة أمن الدولة الثانية ثم الأولى، إلى أن فرج الله عليّ ببركة الإمام موسى بن جعفر(ع) وقد ذكرت ذلك بالتفصيل في كتابي المخطوط (ذكرياتي من حياتي).

وأصبت بمرض السرطان الوبيل سنة 1380هـ، وأجريت لي ثلاث عمليات، وأثبتت نتيجة المختبرات والتحليلات العلمية عدم جدوى هذه العمليات، ولكن شفيت ببركة الإمام الحسين(ع) وشرح كيفية ذلك يطول، وقد ذكرتها في (الذكريات).

رزقني الله خمسة بنين وخمس بنات، والحمد لله رب العالمين.

 38- عباس عجينة:

الشهيد عباس بن هادي عجينة، شاب متحمس، يعمل في المجارش ومعامل الطحين، فقير الحال، عفيف النفس، يبدو عليه الذكاء من عينيه، كان عضواً في هيئة شباب أبي الفضل العباس(ع) شاعراً ورادوداً. وكان أحد الأقطاب الذين قادوا موكب (البيادة) الذين يقطعون طريق كربلاء مشياً على الأقدام طلباً لزيادة الأجر والمثوبة من الله تعالى. وهو الذي وقف مع الجماهير المتظاهرين، ورد على محافظ النجف عندما هدد الجماهير باستعمال القوة، فرد عليه قائلاً: غداً يتحرك موكب المشاة على الأقدام فاعمل ما أمكنك!!

وكانت نتيجة ذلك أن قبض الصداميون المجرمون عليه وعلى زملائه وحكموا عليهم بالإعدام في محكمة صورية، ونفذوا حكم الإعدام فيهم وذلك في العقد الثالث من شهر صفر سنة 1397هـ.

وكنت في تلك الأيام وقبل سماع النبأ بإعدامهم، وربما كانت ليلة إعدامهم، رأيت في عالم الرؤيا بأني واقف بباب غرفة صغيرة، وفي الغرفة أشخاص لا يتجاوزون العشرة وفيهم عباس عجينة وهم يطبقون أكفانهم، وكأنهم على استعداد لسفر الموت، وكأني لا يحق لي الدخول في الغرفة، فناديت من الباب عباس، عباس، هنيئاً لكم، يا ليتني كنت معكم. وفي صبيحتها عند الضحى، ناولني الشيخ حسن الباكستاني شريطاً قد سجل فيه صوت المحكمة والحكم بإعدام هذه الكوكبة من الشهداء، وأول اسم ذكره الحاكم اسم عباس عجينة. رحمهم الله تعالى وحشرهم مع أنصار الإمام الحسين(ع) وعجل بالانتقام من قتلتهم المجرمين.

 39- عبد الأمير الترجمان:

أخي الأكبر، وأستاذي الأول، وصاحب الفضل عليّ، وصديقي وحبيبي أبو فاضل الشاعر الناقد والسياسي الاجتماعي. كان يخلط الجد بالهزل، والسياسة بالفكاهة. وهو أول من ابتدع الشعر الكوميدي الشعبي الساخر لغرض الإصلاح والنقد الاجتماعي، والقضاء على التقاليد الفاسدة التي كانت تنخر في جسم المجتمع العراقي. بالإضافة إلى أشعاره في نصرة أهل البيت(ع) وهو من أقطاب الرواديد، كان يتمتع بصوت رخيم عال، يحسن النغمات الموسيقية والمقامات العراقية، وكان تلمذ فيها المرحوم والدي، له اسطوانات كثيرة باللغة العربية والفارسية، وأشهر اسطواناته: (يا مكرود ويا مسكين يا لماخذ نسوان اثنين)، ويمثل فيها بصوته أصواتاً مختلفة: صوت الزوج والزوجة والعمة والطفل أحسن تمثيل.

وهو أول من شكل فرقة تمثيلية شعبية في منطقة الفرات الأوسط تقوم بأدوار إصلاحية مختلفة في الأوساط الشعبية، ولاسيما في النجف في الأعراس والمناسبات، حيث تخلو مدينة النجف المقدسة من السينمات والملاهي والمراقص، فكان لابد للمناسبات والأفراح من حفلات سارة مفيدة لا تنافي الشرع المقدس، وظلت مدرسته التمثيلية متمثلة بتلميذيه حسن ترجمان وصادق القندرجي وبطانتهما حتى استولى الصداميون المجرمون على أزمة الأمور في العراق.

كان يعتز بالنجف والنجفيين حتى بعد أن اضطر إلى النزوح إلى كربلاء المقدسة، وذلك في حادثة اغتيال الملك غازي الأول وإلقاء بعض الأشعار التي كشفت مؤامرة الإنجليز على حياة الملك غازي الأول حيث أدعوا بأنه اصطدم بسيارته بعمود الكهرباء ومات فكان قد أطلق أشعاره على الجماهير الحزينة بموت مليكها، فقال فيما قال:

يالغسلت نعش الملك
طلقات يو ضربة عمد

 

 

كلي شلكيت براسه
هالخمدت أنفاسه

 

وكان آنذاك (عبد الله علوان) قائمقام النجف، فتولى بنفسه متابعة القضية ضد أخي عبد الأمير، فانبرى للدفاع عن أخي ثلة من الساسة المخلصين، منهم السيد هاشم الوتري عميد الكلية الطبية، وحسن فهمي متصرف لواء الدليم، والسيد عبد المهدي المنتفكي رئيس مجلس الأعيان، والمحامي ذيبان الغبان وآخرون، وأكثرهم تحمساً المرحوم السيد جعفر حمندي متصرف لواء كربلاء الذي تبنى القضية، ودامت القضية سنوات، حتى تغلب جماعة أخي عبد الأمير، وكان المرحوم السيد جعفر حمندي قد طلب من أخي عبد الأمير مفارقة النجف والسكن في كربلاء ليكون قريباً منه، فاضطر أخي إلى الانتقال بزوجتيه وأولاده إلى كربلاء ناظماً قصيدته الشهيرة في حينها التي يقول في مستهلها:

أرد ألوذ من الدهر وأشراره

 

 

يم أبو فاضل وأصيرن جاره

 

وله في هذه القضية أشعار كثيرة، بعيدة عني وأنا في هذا المهجر، وعلى سبيل المثال أتذكر من قصيدته الطائية ما أبقاه الزمان والحوادث في ذاكرتي، وهو يخاطب فيها المرحوم أبا محيي السيد جعفر حمندي، وفيها كنايات عن الطائفية التي أرادت به السوء:

سامع يوالد محيي
أصبحت بيهن غركان
محد يمد يمينه
طير الأمل مني طار
رفرف بجو الإحسان

 

 

ثلث نكيرات عاالشط
وكل مسلم العينه تشوف
ينجيني والحالي يروف
وأصبح يحومي من الخوف
وببرج معروفك حط

 

إلى أن يقول فيها:

من كثر ما رايح جاي
تدري يوالد محيي
ساعه وتره أتخبل
من الإفلاس أتحمر

 

 

أشبه حمير الشيجي
حنظل وعلكم ريجي
وأتمشه دالع زيجي
ومن الفكر أتخطط

 

وله قصائد سياسية يطول شرحها، ومواقف مع الشاعر (معروف الرصافي) الذي كان مدمناً في شرب الخمر ثقيل المحضر، وشرح ذلك يطول.

وهو أول من نبه إلى استثمار النفط من قبل المستعمرين الإنجليز من الشعراء الشعبيين في قصيدته الكوميدية السياسية التي اشتهرت في حينها، والتي مطلعها:

يرك يرك حمر الدرك

 

 

جاج الرفش غطي

 

والحديث عن هذا النابغة المغمور يحتاج إلى كتاب مستقل، عسى أن أوفق لذلك.

وبقي مقيماً في كربلاء، وقد أخذ الفراق بيننا منه مأخذاً، كما أخذ مني، لأننا كنا صديقين حميمين لا يتفارقان، ففارقنا الصداميون الحاقدون وأشهد له بهذه الشهادة للتاريخ بأني لا أتذكر أني سمعت له كذبة أو غيبة يغتاب بها أحداً.

وفي مرضه الأخير انتقل إلى النجف في دار محمد علي حيث طاب له جوار أمير المؤمنين(ع) وهناك فارقت روحه الطاهرة الدنيا كما كان يتمنى وأتمنى، وذلك يوم الثلاثاء من شهر ذي الحجة لسنة 1410هـ بعد عمر دام ثلاثاً وتسعين سنة قمرية، قضاها بخدمة أهل البيت(ع) وفي سبيل إسعاد المجتمع وإصلاحه. وأقيمت له مجالس الترحيم والتأبين في النجف وكربلاء وطهران وأصفهان.

أنجب من الأولاد ستة بنين وثلاث بنات، والبنون على التوالي: فاضل، ومحمد علي، وخالص، وعبد الرزاق، وعبد الوهاب، وزهير.

وله ديوان مخطوط، رحمه الله وحشره مع ساداته محمد وآله الطاهرين.

 40- عبد الأمير النعلجي:

وهم ثلاثة أخوة: أكبرهم رحيم أبو عبد الله الرادود، ثم عبد الأمير هذا، فعلي النعلجي، وسيأتي ذكره، كان ـ كما يوحي لقبه ـ يمتهن صنع الأحذية متخصصاً بالنعال العربية، والاحتذاء بها شائع في العراق، ولاسيما في منطقة الفرات الأوسط والجنوب. له حانوت في أوائل السوق الكبير، كان وقوراً ديناً، ينظم الشعر بقلة، وفي مناسبات محدودة.

 41- عبد الأمير المرشد:

صديقنا الحميم، أبو محمد، عبد الأمير بن محمد السعدي، يرجع نسبه إلى قبيلة بني سعد العربية الشهيرة. ولد في النجف الأشرف، ونزح إلى الكوفة، ثم عاد إلى النجف، اشتهر بشعره في الأوساط النجفية ثم العراقية، وأخذ ينافس كبار الشعراء.

كان مرشداً للألعاب الرياضية التقليدية بـ(الزورخانة) وهي رياضة تقليدية فارسية انتقلت إلى العراق من إيران، وظلت هذه مهنته حتى كسدت، فأخذ يبيع الفواكه على رصيف شارع الإمام الصادق(ع) في النجف الأشرف، عفيفاً بالقناعة والصبر على الفاقة والحرمان. أنجب ولدين: محمداً، ومهدياً، والثاني ورث قرض الشعر من أبيه. وهكذا عاش هذا الشاعر الذي خدم أهل البيت(ع) بشعره ما يقارب الخمسين عاماً بالفاقة والفقر حتى وافته المنية، رحمة الله عليه وحشره الله مع محمد وآله الطاهرين.

 42- عبد الأمير السداوي:

أبو محمد رضا، عبد الأمير ينتهي نسبه إلى قبيلة بني أسد الشهيرة، كان يمتهن الحياكة، ويقرض الشعر أحياناً، وله نشاط ملحوظ في المجالس الحسينية. مرت صورته.

 43- عبد الرسول محي الدين:

أبو ماجد، عبد الرسول بن محمد رضا محي الدين، وآل محي الدين أسرة علمية أدبية مشهورة من أسر النجف الأشرف، نبغ فيها علماء وأدباء كالمرحوم الشيخ قاسم محي الدين، والمرحوم الشيخ أمان محي الدين وابنه الدكتور عبد الرزاق محي الدين الذي كان أستاذاً جامعاً وأديباً شاعراً ذائع الصيت، وتولى وزارة الوحدة في الحكومة العراقية.

وعلى كل حال فعبد الرسول محي الدين من هذه الأسرة العربية العريقة. وأول ما قرأ في موكب السلاسل لجابر الدروغي، مر ذكره في موكب الجمهور الحسيني كان شاعراً ورادوداً ويعمل في تجارة السيارات وأدواتها.

خلفته حياً في العراق، ولازال حتى كتابة هذه السطور في صفر سنة 1413هـ.

 44- السيد عبد الرسول السماك:

أبو محمد، السيد عبد الرسول السماك، كان يبيع السمك، ومن هنا جاءه لقب السماك، كان فقير الحال يتدرع بالقناعة والرضا تلقى له القصائد الحسينية على المنابر، لا يريد بذلك جزاءً، بل كان يشبع عقيدته وإيمانه بمظلومية أهل البيت(ع) فرحمه الله وحشره مع أجداده الطاهرين. مرت صورته في ص171.

 45- عبد الرضا الجيلاوي:

رأيته شيخاً كبيراً يرتدي البزة العربية العراقية، قصير القامة، ولا أعرف عنه شيئاً أكثر من هذا.

 46- عبد الرزاق السباك:

كان بشوشاً خلوقاً هادئ الطبع الصوت، ينظم الشعر في مدح أهل البيت(ع) وعضواً في هيئة الشعراء المحمدية مرت صورته في ص174.

 47- السيد عبد الرزاق القزاز:

هو السيد عبد الرزاق بن السيد رضا القزاز، كان هو وأبوه وعمه المرحوم السيد كاظم يمتهنون بيع خيوط حرير القز، وكان له محل صغير في سوق العطور (أبو الريحة) في النجف الأشرف، لا يزيد طوله على المتر والواحد، نحيف الجسم، صغير الجثة، أحنف القدمين، مقفع الكفين، ولكنه كان نبيهاً فطناً ينظم الشعر الجيد، ويلقيه بنفسه، وقد أنشد قصيدة المرحوم حسين قسام في حفلة زواجي، كان متحمساً في خدمة أهل البيت(ع) وعضواً في هيئة الشعراء المحمدية. رحمه الله تعالى.

 48- عبد علي قناط:

أبو محمد، عبد علي بن حسين بن محمد الحداد، لقب بالقناط لأنه كان عاملاً لدى المرحوم علي قناط، كان فقير الحال يسقي الماء في منتصف طريق النجف إلى الكوفة الحديدي، ثم اشتغل بالحدادة الخاصة بالسيارات ثم في خراطة الحديد (تورنجي) فتحسنت حالته الاقتصادية ففتح محلاً للخراطة في بداية شارع كميل المعروف بشارع النجارين في النجف، ثم فتح معملاً للخراطة ومتجراً لبيع أدوات السيارات، كان ثرياً موسراً شاعراً في المناسبات، وفياً وصولاً لأصدقائه، يغلب عليه المرح والانشراح.

ولد في المشخاب سنة 1900م الموافقة لعام 1318هـ في المشخاب لأن أباه هاجر إليها مع كثير من أهالي النجف كما يدعي هو.

وهو الآن يسكن مدينة ري المجاورة لطهران، يلتحف القناعة، ويتوشح الصبر والرضا، بعد أن أخرجه النظام العفلقي المجرم من العراق مجرداً من كل ما يملك من أموال وعقار. مرت صورته في ص175 لازال حياً حتى يومنا هذا 3 صفر 1413 وهو شيخ كبير يناهز التسعين عاماً.

 49- الحاج عبد كاتب:

أبو عبد الرحيم، الحاج عبد كاتب، كان رجلاً وقوراً هادئاً ينظم الشعر بقل عندما تسنح له المناسبات الضرورية، وكان موسراً. له خان كبير في شارع النجارين يتاجر بالأخشاب والحديد، وكان لي صديقاً وفياً ـ رحمة الله عليه ـ.

 50- عبد الله رحيم الرادود:

أبو سلام، عبد الله بن رحيم النعلجي، كان شاعراً ورادوداً مر اسمه في موكب الخبازين، يمتهن صنع الأحذية من نوع النعال الخف، مات في بغداد وجئ بجثمانه فدفن في النجف ليلاً وقد حضرت دفنه غفر الله له.

 51- عبد الصاحب هادي:

عبد الصاحب بن هادي الشوشترلي، كان أديباً نبيهاً رقيق المشاعر والأحاسيس، جميل الوجه، يساعد الشعراء في نظمهم، ويكتب لهم أشعارهم، حسن الخط، لم يشتهر بشعره لإيثاره بالشعر، ولكنه كان شاعراً مجيداً، ابتلي بداء أودى بحياته رحمه الله.

 52- عبد الله الروازق:

من فحول الشعراء المبرزين، دوى اسمه في الأوساط الشعبية والمجالس الحسينية، كان جذوة نار في تحمسه، يتزود كبار الرواديد مثل عبد الأمير ترجمان وفاضل الرادود من شعره، وأول قصيدة ألقيتها في الصحن الحيدري الشريف كانت له كما مر في ترجمتي.

كان يعالج المشاكل الاجتماعية والسياسية والتاريخية بشعره. اشترك هو وشعراء كثيرون منهم المرحوم عبود غفلة في حلبة شعرية بمناسبة عودة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء من القدس بعد الحضور في المؤتمر الإسلامي والنجاح الباهر الذي ناله في المؤتمر. وفاز في هذه الحلبة بقصيدته التي مطلعها:

شد زعيم النه وبرز واليوم رد

 

 

ردة الكرار من عمر بن ود

 

وأصابه داء السل الوبيل، فأودى بحياته في ريعان شبابه، فأقيمت له الحفلات التأبينية التي تبارى فيها كثير من الشعراء، وكان وفاته (رحمه الله) سنة 1359هـ، له ديوان مطبوع.

 53- عبد المحمد الرادود:

الشيخ عبد المحمد الرادود بن الشيخ عبد علي الخطيب، كان شاعراً رادوداً ناسكاً زاهداً متهجداً، يرسل لحيته الكريمة، وآثار السجود بادية بين عينيه، وكان موضع احترام الجميع، لا يهادن أعداء أهل البيت(ع) ومناوئيهم، وله في ذلك مواقف مشهورة وآثار محمودة، مر ذكره (رحمه الله) عند ذكر موكب الشوشترية من مواكب النجف الأشرف، وقدمت لديوانه (الجوهر المنظوم) الذي طبع في مدينة قم المقدسة سنة 1420هـ وذكرت هناك بعض أحواله فليراجع. رحمه الله وشكر جهاده وسعيه توفي في 22 صفر سنة 1389هـ وأغلقت الأسواق في النجف يوم وفاته، وشيعه العلماء والفضلاء والجماهير حشره الله وإيانا مع من يتولاهم محمد وآله الطاهرين، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

 54- السيد عبد المطلب أبو الريحة:

من أسرة فيهم الخطباء والشعراء، كان مجاهداً خطيباً يجاهد الشيوعية حين مدها، متحمساً في ذات الله رحمه الله تعالى.

 55- علاوي غيبي:

وآل غيبي من الأسر النجفية، وهم من السادة المغمورين أخفوا نسبهم، وكل أفراد هذه الأسرة يعلمون بأنهم من سلالة رسول الله(ص) ولكنهم لم يتظاهروا بنسبهم، وعلاوي هذا شاعر وعضو في هيئة الشعراء المحمدية، هادئ الطبع، حلو المعاشرة. مرت صورته في ص176.

كان عفيفاً رزيناً بشوشاً كريم الأخلاق عفيف اللسان.

 56- علي البازي:

أبو محمد، الشيخ علي بن حسين البازي، خطيب أديب وشاعر لبيب، ينظم الشعر بالفصحى واللهجة العراقية الدارجة، وينتسب إلى قبيلة خفاجة. ولد في النجف الأشرف في محلة الحويش في شوال سنة 1305هـ، كان من رجال الدين الوطنيين المتحمسين، يتحلى بالمرح والمزاح المباح، اشتهر بتأريخ المواليد والوفيات والحوادث شعراً.

وكذلك عرف بشعره الدارج في مدح ورثاء أهل البيت(ع) وهو من فحول شعراء اللهجة الدارجة. وأشعاره هذه كثيرة، له مجموعة قصائد، جمعتها احتفاظاً بها، وحفظاً لها ن التلف.

وهذه المجموعة أهداها لي المرحوم السيد حميد الساجت الرادود من أهالي الحيرة يوم كنت في النجف الأشرف مع أشعار كثيرة لشعراء آخرين بقيت في النجف.

سكن مدينة الكوفة ومكث بها إلى آخر حياته.

 57- علي الترجمان:

والدي، أبو عبد الأمير، علي بن الحسين بن الشيخ علي الأكبر بن آية الله الشيخ ملك بن الشيخ عبد الله بن الشيخ مهدي المجتهد الميبدي، ولد في كربلاء في السابع عشر من شهر ربيع الأول لسنة 1293هـ كما هو مدون في دفتر نفوسه، والذي أعتقد به أنه ولد قبل هذا التاريخ بكثير، لأنه كان ينقل لنا مشاهداته لحوادث كانت قبل هذا التاريخ.

كان من النوابغ المغمورين.

له أشعار كثيرة وكثيرة جداً، وكان متفانياً، في ولائه لأهل البيت(ع) يسلك مسلك العرفاء المتصوفين، وبالرغم من أن المتصوفين لا يعتقدون بالتقليد ومرجعية العلماء الفقهاء العظام، فقد كان يخالفهم ويعتقد بالمرجعية والتقليد، وكان ملازماً للمرجع الفقيه المرحوم آية الله السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي صاحب العروة الوثقى، وقد نظم كتابي التقليد والطهارة من العروة مترجماً إلى الفارسية، وعلق السيد اليزدي أعلى الله مقامه بقلمه المبارك على هذه المنظومة، وطبعت طبعة رديئة جداً في النجف في آخر شهر من حياته.

له ما يقرب من ثلاثمائة ألف بيت شعر باللغة الفارسية في أهل البيت(ع) عدا أشعاره في اللغة العربية والفارسية والتركية في مختلف الأغراض.

نشأ مع والده حسين أبو ناصر الدباغ في مدينة طويريج (الهندية) وتثقف بها ودخل المدرسة الرشدية العثمانية، حتى تعلم فيها اللغة الفرنسية، وأصبح فيها معلماً ثانياً، حتى اجتاح الطاعون مدينة طويريج، فافتتح فيها مدرسة لنفسه بعد أن أغلقت المدرسة الرشيدية، ثم أدت به الظروف إلى الانتقال إلى النجف الأشرف المدينة التي كان يعشقها، حيث تعين ترجماناً في القنصلية الإيرانية، لأنه كان يحسن اللغات الفارسية والتركية والكردية والهندية والفرنسية بالإضافة إلى لغته العربية، وبقي في خدمة الناس في القنصلية الإيرانية أكثر من ستين عاماً في النجف وكربلاء وبغداد والعمارة، ولكن المدنية التي اجتذبته وشدته إليها، وقضى كل عمره فيها والمحببة إلى نفسه هي النجف الأشرف، بحث كان لا يطيق البعد عنها، وعندما انتقل إلى كربلاء خانه التصبر فنظم مقطوعته باللغة الفارسية التي يقول في مطلعها:

دلم هميشه بدرداست داغدار نجف

 

بكربلا است همي زار وبي قرار نجف

 

أي:

إن قلبي في ألم مستمر تحرقاً إلى النجف

 

في كربلاء بحالة يرثى لها ولا يستقر جزعاً على النجف

 

فلم يتمكن من التصبر عن النجف الأشرف، قضى في حياته إلى أن توفاه الله في اليوم الثامن من شهر محرم الحرام لسنة 1379هـ، ودفن في الصحن العلوي الشريف في مقبرة المرحوم الشيخ مشكور أعلى الله مقامه.

كان يتقن علم الجفر متضلعاً في ذلك، وقد طرح بعض الأسئلة وأخذ أجوبتها، منها أنه سأل عن الشهيد المجاهد الشيخ فضل الله النوري قطب الحركة الإسلامية ضد الحكم الانتخابي في إيران المعروف بـ(المشروطية) وكان السؤال الذي طرحه: (كيف حال فضل الله) فجاء الجواب: (رب النوع قتل).

قال لي (رحمه الله): عندما خرج هذا الجواب استغربت جداً وهرعت إلى المرحوم السيد اليزدي(قدس) فأخبرته، فأنكر ذلك، وقال: لو كان الأمر كذلك لأبرقوا إلينا برقية بالخبر من طهران.

وكان السيد اليزدي من أقطاب هذا الجناح. وعصر ذلك اليوم جاءت البرقية من طهران تحمل نبأ شنق المرحوم الشهيد الشيخ فضل الله النوري(قدس).

وقد تلمذ عليه في هذا العلم الكثيرون، أذكر منهم العلامة البحاثة الشيخ محمد حرز الدين، والفاضل الشيخ أحمد الحلي وغيرهما.

كان (رحمه الله) من المتهجدين في الأسحار، العباد الزهاد الأسخياء، مع ضيق حاله الاقتصادية، خدوماً للناس، عزوفاً عن المناصب التي عرضت عليه، بل عن الدنيا بأجمعها.

أخبر شخصاً من أهالي النجف الذي توسط له الشيخ أحمد الحلي، وهو الحاج ناجي الشمرتي الشكرجي يخبئ له بعد أن طلب منه خارطة داره، وعين له مكانه، وأمره بأن يكنس المكان وهو غرفة متروكة مظلمة وينظفه، ويجعل فيه السراج دائماً، وأوصاه بألا يحفر الأرض، ولا يحاول أن يستخرجه إلا بعد أن يجيزه بذلك، ولكن الحاج ناجي لم يستطع صبراً فحفر أرض الغرفة، واستخرج منها قطعة كبيرة تشبه الدر، وجاء بقطعة صغيرة منها إليّ، وكنت آنذاك صاحب محل للخط والرسم في شارع التجار (عكد الحمير) وكان إلى جانبي محل المرحوم الحاج حمد وابنه الشيخ محمود الكرماني الحكاك يعمل في الفصوص وخبير بالأحجار الكريمة، فطلب مني أولاً الكتمان على أبي، ثم عرض هذه القطعة الصغيرة على الحاج حمد الحكاك، فتعجب الحكاك ولم يعرف ماهيتها. وكان والدي قد ضحك منه أسفاً على ما فعل عندما جاء نادماً، وقد عرف الموضوع قبل أن يكلمه، وقال له: ألم أنهك عن الحفر حتى آذن لك؟! وقد انتهى كل شيء. هذه وأمثالها كثيرة.

أسس ندوة أدبية في بيته في النجف الأشرف، وكان يحضرها الأدباء من العرب والفرس في كل صباح جمعة، حيث يقدم لهم طعام الفطور، ويصعد الخطيب راثياً أهل البيت(ع) ويقدم للفقراء الواردين ما أمكنه من المال. وكان بمجرد أن يسمع ذكر الإمام الحسين(ع) يبكي بكاءً عالياً، ويلطم جبينه ورأسه، رحمه الله تعالى وحشره مع محمد وآل محمد. أوصاني بوقف مؤلفاته على مكتبة الإمام الرضا(ع) في مدينة مشهد المقدسة، فأوقفتها سوى كتابين لم أعثر عليهما حتى الآن.

 58- علي التلال:

أبو حسين، علي بن حسن بن علي بن يوسف التلال القصاب، كان يعمل قصاباً أي جزاراً يبيع لحوم الضأن، ولد في النجف الأشرف وأخذ يراود مجالس الأدب والتعازي، ولازم المرحوم الشيخ عبد الحسين أبو شبع طويلاً، وكان له من المخلصين الذين لا يفارقونه، وعلى حين غفلة انفصل عنه هو وجماعة آخرون من المخلصين للشيخ عبد الحسين، ولم نعرف سبب هذا الانفصال الذي أدى إلى الوحشة والقطيعة، فأخذ يلمع نجمه في سماء الأدب الشعبي، ويستمد منه الرواديد (النائحون) في النجف وغيرها من المدن العراقية، نشط ذكي، وشعره جزل متين. خلفته في النجف حياً لم يبلغ الأربعين.

 59- علي النعلجي:

أحد الأخوة الثلاثة، رحيم، وعبد الأمير، الذين يمتهنون صنع النعال العربية، كان محله في الزقاق المعروف بـ(عكد اليهودي) قصير القامة، أزرق العينين، أبيض مشرباً بحمرة، نحيف البدن، بشوشاً، يقول الشعر ولاسيما الأبوذيات، وهو عم عبد الله رحيم وحسين رحيم اللذان مر ذكرهما، رحمه الله.

 60- عبود غفلة:

نابغة العصر، ووحيد الدهر، لم تلد له مثيلاً أم الأدب الشعبي، ولا أرضعت له شبيهاً مرضعة المجالس الحسينية، ولد في النجف الأشرف في محلة البراق عام 1376هـ، كتب البحاثة والكاتب الشهير المرحوم علي الخاقاني مقدمة لأحد دواوينه المطبوعة باسم (البلاغة الشعبية) فذكر هناك نسبه وبعض مزاياه.

كان (رحمه الله) أمياً لا يقرأ ولا يكتب، عاملاً بسيطاً من عمال البناء ماتحاً يسحب الماء من آبار النجف العميقة جداً للبنائين يوم لم يكن في النجف مشروع لإسالة الماء ومد الأنابيب، شيخاً وقوراً يرسل كريمته، واسع الحدقين، نافذ البصيرة، سريع البديهة، يبتكر المعاني، ويصوغ المباني، ينظم الشعر حتى عندما كان مشغولاً بعمله.

كان أكثر شعره بل كله في أهل البيت(ع) وله قصائد عتاب واستنهاض للإمام المنتظر(عج) وهي كثيرة، وهي من أجود منظوماته.

نظم قصائد كثيرة معترضاً على سياسة الإنجليز واستعماره للعراق، ومدافعاً عن الفرقة الناجية (الشيعة) الذين قاموا بالثورة ضد المستعمرين إلى أن أدت إلى استقلال العراق الصوري وأصبح حكم العراق بيد غيرهم.

تطاول عليه الشاعر الشاب المرحوم كاظم دجة حتى تباريا، وعقد مجلس لذلك في الكوفة في مسجد النبي يونس(ع)، فنظم رائعته المشهورة، التي هي من روائع الأدب الشعبي:

يا أصول الدين يا من فرعك إليمه التسع

 

ما يجادي مصابك النوح ولا فيض الدمع

 

ففاق على المرحوم كاظم دجه، وكساه المرحوم الحاج جعفر محي الدين الذي كان من المعجبين به والملازمين له، وقد خدم الأدب الشعبي في النجف الأشرف خدمة لا تنسى، كساه من العقال إلى النعال، أي من قرنه إلى قدمه. وكان المرحوم عبود فقير الحال هادئ البال قانعاً راضياً بأجره الزهيد الذي كان يحصل عليه من عمله الشاق.

له في الشعر تصوير فني رائع للمعاني التي تدور في خلده، لم أشاهد له مثيلاً في الشعر حتى الفصيح منه مع كثرته وجودته، وأذكر له على سبيل المثال لا على سبيل الحصر بيتاً رائعاً في قصيدة مطلعها:

شلون أدمه الدهر بينه سنانه

 

نلوج من كثر الطعن خلانه

 

يمثل فيه موقف العقيلة زينب الكبرى(ع) يوم عاشوراء عندما صعدت على التل المعروف بالتل الزينبي لاستكشاف مصير أخيها الإمام الحسين(ع) يقول:

آه زينب حين طلعت ثاكله
تل المجاور ذبايح كربله

 

كابعه بنور النبي ووكفت عله
صاحت ورجت الكون أركانه

 

وبيت القصيد هو:

حايره وتملك فكر ما أروعه
ثاكله بحلم وصبر متدرعه

 

والهه بعفه وستر متبركعه
شاكره الباري تحمد احسانه

 

فهو في هذا البيت يصور عظمة عقيلة بني هاشم(ع) وعدم تزلزلها في ذلك اليوم الرهيب المفجع.

توفي المرحوم عبود غفلة سنة 1356هـ وأقام النجفيون الحداد عليه، وحملت جنازته على أطراف الأصابع، وأقيمت له مجالس التأبين، ورثاه شعراء الفصحى واللهجة الدارجة.

ولما كان يعاب على الرادود أن يقرأ الشعر المقروء على المنابر، اختفى اسم المرحوم عبود غفلة بعض الزمن عن الأسماع، وكنت أردد له بعض الموشحات في ختام قصائد اللطم منذ أن كنت أردد الشعر على منبر السماوة، هذه المدينة التي قضيت بها أربعة عشر عاماً باستمرار، أتردد عليها في المناسبات بدعوة من أهاليها الأشاوس. وعندما صعدت على منبر موكب المشراق في النجف الأشرف سنة 1380هـ كنت أختم قصائدي بقصيدة موشح للمرحوم عبود غفلة، فاستحسن المجتمع النجفي ـ هو جيل جديد ـ هذا اللون من الشعر الرائع، وأعجب به، فأخذ أصحاب المواكب يطالبون الرواديد بترديد موشحات المرحوم عبود غفلة، فانتشر شعره من جديد، وشاع ذكره، وطبع له ديوان باسم (ديوان عبود غفلة الشمرتي) ثم: (البلاغة الشعبية)، وكان قد طبع له ديوان في حياته باسم (جمر المصاب).

فالحديث عنه طويل عريض لا يسعه هذا الموجز، رحمه الله تعالى وحشره مع من يتولاهم عليهم أفضل الصلاة والسلام.

 61- عدنان جدي:

كان شاباً عندما كنت في النجف الأشرف يلتقي بمجالس الشعراء، وينظم الشعر، ثم بعد إخراجي أخبرت بأنه أخذ ينظم القصائد وتتلى له على المنابر، ثم ترك الشعر حذراً من الصداميين القتلة أن يكلفوه بمدح المجرم المتهتك صدام.

 62- عزيز الروازق:

هو ابن عبد الشهيد الروازق، من أقرباء الشاعر الموهوب المرحوم عبد الله الروازق، كان يعمل في الصيدلية الحيدرية في السوق الكبير، وطالب ثانوية آنذاك.

 63- فاضل الرادود:

أبو عصري، فاضل بن عبود، أشهر رادود عرفته وسمعت به، لم يعرف نسبه ومن أين هو، وكان عندنا معاون شرطة يعرف بكنيته يكنى أبا طالب، سألني يوماً: ما اسم أبي فاضل الرادود؟ فضحكت، وقلت له: لا أدري. فضحك وقال: كيف يعيش فاضل في النجف هذه المدة الطويلة ولم يعرف أحد اسم أبيه، وقد سألت الكثيرين عنه. ورآني بعد أيام وهي يضحك وقال لي: اسمه عبود.

زوجته ابنة المرحوم الحاج نجم البقال، أحد أبطال ثورة النجف 1918م، وهو الذي اشترك مع عدد من الثوار بقتل الحاكم البريطاني في النجف وأعدموا في الكوفة.

كان فاضل ذكياً بارعاً في فنه، مجدداً، أحدث طرائق للإنشاد جديدة، له مدرسة خاصة، قلده فيها الكثيرون، تمتاز ألحانه بقصر المقاطع وإيقاعاتها المثيرة، والتي تعرف عندنا (بالرقاصيات)، جدد في هذا الفن وطور أساليبه، كان جريئاً جسوراً طموحاً، جهوري الصوت.

 64- الشيخ قاسم محي الدين:

الشيخ قاسم بن حسن بن موسى، ينتهي نسبه إلى محي الدين الجبعي الحارثي الهمداني، عالم فقيه وأديب رقيق الحواشي، له مكتبة ضخمة، يفتحها لزائريه، وهي غرفة استقباله، لا ينقطع عنه رواد العلم والأدب، حسن المعاشرة، حبيب المحاضرة، يضم مجلسه الأدباء والعلماء، وتجري فيه الحلبات الشعرية، وتدور فيه الأحاديث الشيقة، والطرائف والظرائف الأدبية، كنت أحضر مجلسه هذا، وعرضت عليه ترجمتي لرباعيات عمر خيام شعراً باللهجة الدارجة العراقية، فقال لي: لو تتخلص بها إلى رثاء الإمام الحسين(ع) وكنت أستغرب من قوله هذا، وما هي العلاقة بين رباعيات الخيام ورثاء الإمام(ع) وكان معجباً بأشعاري باللهجة الدارجة، وأراد أن يجمع بيني وبين المرحوم الشيخ عبد الحسين أبو شبع، ويعقد مباراة بيننا، ليرى المتفوق منا، ولكني اعترفت له بعجزي. فقال: إن هذا تواضع منك.

ولد الشيخ قاسم في النجف في 25 شهر رمضان المبارك سنة 1316هـ، أكثر أشعاره باللغة الفصحى، وله باللهجة الدارجة أشعار رقيقة.

كان يمتاز بسلامة الضمير وطهارة القلب، له مؤلفات وأشعار وأراجيز.

توفي سنة 1375هـ.

 65- كاظم دجة:

كاظم بن حسون دجة الأسدي، اختلفوا في محل ولادته، قال البعض إنه نجفي المولد، وقال الآخر كوفي المولد، وعلى كل نبغ هذا الشاب بالشعر باللهجة الدارجة، يقال أنه ولد سنة 1325هـ وتوفي سنة 1350هـ، وعلى هذا الحال عمر خمساً وعشرين سنة. وقال البعض عاش تسعاً وعشرين سنة.

تمرن بالشعر على يد المرحوم أكبر بن عبد علي التركي وهو أخو ملة علي التركي الشاعر الكوفي المعروف، ثم فتح محلاً في الكوفة لبيع الفخار، ولكن الظروف لم تساعده، فانتقل إلى مدينة الديوانية واشتغل هناك عاملاً لصنع الأسرة من جريد النخل، ثم اشتغل عاملاً في المجارش، وأصيب في الديوانية بمرض التيفوئيد، ودخل المستشفى، وبقي فيها يومين انتهت حياته بانتهائهما، فرحل إلى جوار ربه قبل أذان الظهر، وشيع جثمانه إلى مدينة النجف الأشرف حيث مثواه الأخير، وأقيمت له فواتح عديدة في النجف والكوفة.

كان شاعراً أديباً تطاول على المرحوم عبود غفلة وقد ذكرت مباراتهم في الحديث عن عبود غفلة. رحمه الله تعالى.

وقد حصلت على بعض قصائده، راجياً أن أجمع له مجموعة ذات قيمة لطبعها ونشرها تخليداً لذكر هذا الشاعر الشاب المغمور.

 66- مالك المعمار:

رأيته، طويل القامة يعمل بناءً، يقول الشعر أحياناً وله قصائد.

 67- السيد محمد الأشبال (الصلوات):

هو محمد بن السيد حسن الصلوات، الخطيب الشهير، ومحمد ابنه هذا شاعر رادود، وكان مديراً لمكتبة (علي والحسين) العامة الواقعة في مدرسة كاشف الغطاء العلمية، جميل الصورة، بهي الطلعة، يهش لمن يلقاه، تعلوه ابتسامة بريئة، أديب، عالم لبيب، لم يساعده وضعه الاقتصادي، فهاجر إلى الكاظمية، وعمل كاتباً محاسباً في أحد متاجر بغداد، وكان لي صديقاً حميماً وفياً لا يحقد على أحد، ويعتزل المناوشات الكلامية، وهو ثالث أخوة خمس. مضى عنهم الحديث في العدد 17 ص77 في موضوع موكب المشراق.

 68- كاظم (أبو جودت) البحراني:

نستدرك ذكره هنا، هو شاعر ورادود وممثل، مرهف الحس، نبيل العواطف، هادئ الطبع، جميل الصوت، كان من الملتزمين للشاعر المرحوم الشيخ عبد الحسين أبو شبع، ثم انتقل عنه مع الشاعر الشيخ علي التلال، مرت صورته مع السيد محمد الأشبال في الصورة أعلاه.

 69- كاظم ناجي:

شاعر مقل، كان صاحب محل لكوي الملابس على الطراز الآلي الحديث.

 70- معين السباك:

كان رادوداً وشاعراً رقيق الشعر، حسن السبك.

71- محمد علي شحاته:

رأيته شيخاً كبيراً، يرسل لحيته، أفطس الأنف، يلبس العقال الطوي فوق اليشماغ، وهو خصلة خيوط مغزولة من الصوف سوداء أو قهوائية اللون، تنقسم إلى أقسام بواسطة خيوط ذهبية اللون أو فضية، تلف عرضاً على طول أربع سنتمترات تقريباً، وبين كل عشر سنتيمترات تقريباً تعود اللفة وهكذا، وهو كالعقال البصري، إلا أنه يطوى على الرأس طياً دون نظم، والعقال البصري أكثر تنظيماً.

كان يمتهن الصياغة، وكنت أراه يجلس في الصحن الشريف، لم أسمع له شعراً، إلا أنه كان من المشاهير آنذاك في مراثيه لأهل البيت(ع) رحمه الله.

 72- مرهون الصفار:

أبو محمد الحاج مرهون الصفار، كان كاتباً في المحكمة الشرعية في النجف الأشرف، وقضى ردحاً من الزمن في النجف، وهو بغدادي طيب المحضر والمنظر، نظيف السريرة، حسن السيرة، تغلب على أحاديثه النكات الأدبية، له شعر بالفصحى والدارجة، وكان الغالب على شعره اللهجة البغدادية، عاد في أخريات حياته إلى بغداد، يرتدي السترة والبنطلون مع الصدارة. وأتذكر أنه جاء يوماً بصدارته القديمة إلى المرحوم الشيخ صادق القندرجي، وكأن آنذاك عاملاً لصنع الأحذية في محل يقع في سوق أبو الريحة، الذي كان يعرف قبل ذلك بسوق الباججية، جاء بصدارته ليصنع منها حذاءً له، وكان المرحوم أستاذنا الشيخ إبراهيم الخليل أبو شبع حاضراً، فقال مرتجلاً:

إن الصدارة تشكو لذعة الألم

 

أودى بها الدهر من قرن إلى قدم

 

وعندما علم المرحوم الحاج مرهون بعزمي على طبع ديوان لي وهو في بغداد، أرسل لي تقريضاً وصلني بعد الطبع، وأنا أحتفظ به بخطه، فرحم الله أبا محمد وحشره مع سادته محمد وآل محمد(ص).

 73- منسي البناء:

أبو هادي، الشيخ منسي بن حسن بن حمود بن محمد بن يوسف العبدلي، يرجع نسبه إلى عبد الله بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، ولد في النجف الأشرف سنة 1309هـ.

تعلم القراءة والكتابة على يد المرحوم الشيخ موسى الشوشتري المعروف (أبو سجينة). دخل المدرسة أيام الاحتلال العثماني، ثم تركها على أثر نزاع مع المعلم الذي اعترض على سياسة الإمام علي(ع)، ودرس الأجرومية مع المرحوم السيد سعد صالح جريو (وزير الداخلية) على الشيخ حسن البهبهاني.

من فحول الشعراء باللهجة الدارجة، مضى له دور في الشهرة هادئ الطبع، سليم الذات، لا يعتدي على أحد، يسالم الجميع، قليل الكلام، كثير الصمت، كان يعمل في البناء، له مهارة في نحت الآجر (الطابوق) لزخرفة البنايات. يحسن نظم الموال، لم يطبع له ديوان مع كثرة شعره توفي سنة 1399هـ.

مرت صورته في ص175.

 74- مهدي الأعرجي:

أول معرفتي به ورؤيتي له كانت في الصحن العلوي الشريف، عندما كان يمثل دور الشهيد مسلم بن عقيل(ع) في هيئة السيد عباس أبو السبح التي كانت تمثل أدوارها في الصحن.

كان عالماً أديباً فاضلاً خطيباً من المشاهير، يحسن النظم باللغة الفصحى واللهجة الدارجة، وله شعر كثير.

قال عنه الأخ الفاضل محمد باقر الإيرواني في كتابه (شعراء الحسين(ع)): (هو السيد مهدي بن السيد راضي بن السيد حسين بن السيد جعفر المعروف بالأعرجي، والذي ينتهي نسبه إلى (عبيد الله الأعرج) بسلسلة ذهبية، وله أرجوزة يذكر فيها آباءه وأجداده حتى الإمام الحسين(ع) ومطلعها:

في نسب من هاشم وضاح

 

يعلو على السماك والضراح

كان شاعراً من شعراء النجف البارزين، وخطيباً من خطبائها المشاهير، ونابغة من نوابغ زمانه، معروفاً بعبقريته وعرفانه. ولادته في النجف سنة 1322هـ). توفي غرقاً في شط الحلة سنة 1359هـ رحمه الله تعالى وحشره مع أجداده الطاهرين.

 75- مهدي عباس عباد:

رأيته شيخاً كبيراً وقوراً هادئ الطبع، وقد أضر، يلبس العقال واليشماغ والقباء بدون سترة، أو يرتدي الجبة، ذا كريمة يرسلها، كان من فحول الشعراء المشهورين، له قصائد عندي في مجموعة ابن عمتي إبراهيم رمضان الصائغ الرادود، الذي مر ذكره في موكب أهل السلابات.

إن بعدنا عن مصدر العلم والأدب (النجف الأشرف) إحدى وعشرين سنة أذهب عنا ذكرياتنا عن هؤلاء الأحبة، وعن هذا الرجل الجليل الذي كان على جانب عظيم من الدين والورع والزهد والتقوى، لم أجالسه، ولكن طالما كنت أشاهده في محل المرحوم الحاج صالح اللبان في سوق الصبابيغ في الجهة المقابلة لسوق المسابك، كان غالباً ما يلتقي هناك رحمه الله تعالى.

 76- مهدي المرشد:

مهدي بن عبد الأمير بن محمد المرشد السعدي، وهو ابن الشاعر الشيخ عبد الأمير المرشد، أخذ الشعر واللقب عن أبيه، لم أعرف شيئاً عن دراسته وثقافته، لأني تركته طفلاً، قيل لي أنه يزود بعض الرواديد مثل السيد محمد السيد فليح بالشعر، وفقه الله ورحم أباه.

 77- محسن علي بيج:

نستدرك ذكره هنا. أبو يحيى محسن علي بيج (أصل الكلمة علي بيك) شاعر رادود كان في بداية أمره مصاب بداء الشك، ثم أصيب بجنون أدواري، كان يقرأ لموكب محلة العمارة في النجف، له قضايا مع المرحوم الشيخ إبراهيم أبو شبع وغيره من الشعراء كنت أشهدها أو أسمع بها. تركته حياً في العراق.

 78- محمد النصار:

هو المرحوم الشيخ محمد بن علي بن إبراهيم بن نصار الشيباني الشباني، أصلهم من لملوم، ثم سكن جده نصار النجف في عصر الشيخ جعفر كاشف الغطاء كما أخبر بذلك صاحب الذريعة في الجزء (24).

صاحب أشعار النعي المعروفة بالنصاريات، وهي أشهر من أن تعرف، لم توفق أشعار نظير توفيقها، يرددها الخطباء الصغير والكبير منهم على المنابر، ولم يستغنوا عنها. طبعت عدة مرات، ولا زالت يتكرر طبعها.

كان من رجال العلم، توفي في شهر جمادى الأولى سنة 1392هـ ودفن قريباً من باب الطوسي في الصحن الشريف قرب قرينه بالرثاء المرحوم السيد حيدر الحلي.

كتب عنه الشيخ جعفر محبوبة في (ماضي النجف وحاضرها 3/473)، عن كتاب الطليعة للمرحوم السماوي: (كان فاضلاً أديباً ظريفاً، خفيف الروح، رقيق الحاشية، كثير الدعابة إلى تقى ونسك وديانة، وتمسك بالشرع جداً، وكان ينظم الشعر بلسان العصر فائقاً، نظم مقتل الحسين(ع) بهذا اللسان، وطبع رغبة فيه، وكان من بيت علم وأدب… وكان محباً لأهل البيت(ع) جداً، حتى أن كل ولد يولد له يسميه علياً، ويكنيه بأبي جعفر أو أبي الحسن تفرقة وتمييزاً بينهم).

وله أشعار بالفصحى كثيرة وله كرامة عند موته ذكرها صاحب (ماضي النجف وحاضرها) في ترجمته، رحمه الله تعالى.

 79- موسى الدبستاني:

أبو علي، الشيخ موسى الدبستاني بن المرحوم الشيخ موسى الدبستاني بن المرحوم الشيخ أسد الله صاحب مدرسة قديمية، خرج من مكتبه أعلاماً، وعلمهم القراءة والكتابة وبعض الآداب، ينظم الشعر بالفارسية والعربية الفصحى والدارجة، سكن عشرين عاماً في كربلاء، ثم أبعدوه إلى إيران سنة 1391هـ، توفي أول ربيع الأول سنة 1311هـ بطهران.

 80- ناجي الجبان:

هو ناجي بن حسن بن مهدي بن صالح الجبان، ولد في النجف سنة 1344هـ، بدأ شعره ـ كما أتذكره ـ لا يسيطر على الأوزان، ثم تعادلت أوزانه، وأخذ بعض الرواديد الناشئين آنذاك، يقرؤون شعره على المنابر.

وهو قد أضر منذ أن كنا في العراق. ويعيش الآن مع بنائته الأربع في مدينة قم المقدسة. غفر الله له ولوالديه، ووفقه لخدمة الإسلام والمسلمين.

 81- ناجي هادي الجودة:

شاعر ظريف، كان بزازاً، يرسل النكات الأدبية، محبوباً لدى الجميع.

 82- نصيف البناء:

كان ضعيف الحال، مستضعفاً بسيطاً، أمياً فقيراً بائساً، لا يسال أحداً أبداً، يلتحف القناعة ويتوشح الرضا، من يراه يرى البساطة والوداعة على وجهه، له شعر جيد، كان بناء، قصير القامة، نحيف الجسم كثير الصمت، رحمه الله تعالى، وحشره مع محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين.

 83- هادي القصاب:

أبو عبد الرضا، الشيخ هادي بن عبد بن هادي العباجي، كان أبوه ـ رحمه الله ـ قصاباً، فاكتسب هذه المهنة من أبيه، ولذا لقب بالقصاب. ولد في النجف الأشرف سنة 1340هـ بدأ بالشعر منذ أول شبابه، وتمرس فيه، فأصبح أحد أقطاب عصره في الشعر باللهجة العراقية الدارجة، سلس الألفاظ، متين السبك، واضح المعاني، يعالج المشاكل الاجتماعية والسياسية والتاريخية بشعره، فأصبح شعره مرغوباً محبباً إلى النفوس، كان منذ أن عرفته ضعيف السمع، حاد المزاج، أبتلي في بداية شبابه بمرض السل، ثم عافاه الله ببركة أهل البيت(ع) كان نحيفاً ضعيف الجسم فأصبح بديناً سميناً، وكنا نمازحه حول ذلك، فكان يقسم بالله إن سمنته من كثرة همومه ولم نعرف هذه الحكمة!!

له ديوان مطبوع في النجف باسم (الهداية الحسينية) وتكرر طبعه في مدينة قم المقدسة.

توفي في …

مرت صورته في ص174 وص198 وص217.

 84- مرشد يعقوب:

أبو محمد، يعقوب بن يوسف بن الحاج طوفان الخلخالي النجار، ولد في النجف الأشرف سنة 1335هـ، كان لازال نجاراً فنياً ينحت الزخارف والنقوش على الخشب بمهارة فنية خاصة قل نظيرها، وله في ذلك آثار بديعة.

قصير القامة، مربوع، قوي العضلات، لأنه من المصارعين المشاهير. ولما كان جده الحاج طوفان الخلخالي أول من أسس زورخانة المشراق في النجف، مارس الألعاب الرياضية التقليدية هذه، حتى صار ماهراً فيها، فأصبح مرشداً ومصارعاً، ومن هنا عرف بالمرشد، نشأ في النجف مع الأدباء والشعراء، وجالس أقطاب شعراء اللهجة الدارجة. ثم هرب من النجف على أثر حادثة قتل معاون الشرطة الذي صعد بحذائه إلى الإيوان الذهبي ليلة عاشوراء، فسكن مدينة خرمشهر (المحمرة) الإيرانية، وذلك سنة 1359هـ، وكان هناك نجاراً ومرشداً ومصارعاً وشاعراً ورادوداً ومحترماً في الأوساط العربية والفارسية، وقد زرته مرات هناك، فهو حلو المعاشرة، مضياف سخي الطبع، فيه نجدة ونخوة.

كان في خرمشهر إلى أن احتلت القوات البعثية الغاشمة مدينة خرمشهر البطلة، فهاجر منها مع عائلته إلى طهران، تاركاً وراءه كل ما يملك تحت سيطرة قوات الاحتلال الناهبة الهدامة، وذلك سنة 1401هـ، وهو الآن يسكن مدينة طهران، وقد أثرت فيه الحوادث الأخيرة، ولاسيما فقد ابنه الوحيد محمد، قبل خمسة عشر يوماً، أي يوم 20 محرم 1413هـ بعد مرض عضال. فقد  هذه فقده، وبان عليه الانكسار. ألهمه الله الصبر والسلوان، وأطال عمره.

المصدر : مجلة آفاق نجفية العدد 18

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.