الجمعة , 29 مارس 2024
الرئيسية » تاريخ النجف الأشرف » الوقائع » المشير أحمد فيضي باشا، العثماني

المشير أحمد فيضي باشا، العثماني

سنة 1318هـ ـ 1900م.. مجموعة وقائع.

 

فتوى بحرمة الطريق إلى مكة المكرمة:

في هذه السنة أفتى المجتهد الكبير الشيخ محمد الشربياني النجفي بحرمة سلوك الحاج الطريق البري من النجف الأشرف فجبل حائل فالمدينة المنورة، للأضرار البالغة التي أصابت الحجاج في نفوسهم وأموالهم من تعديات أعراب تلك الصحاري. ومنعت الحكومة الإيرانية أيضاً حجاجهم سلوك هذا الطريق بأمر منه.

وخالفه بعض المعاصرين له بعد أن وافقوه على فتواه، وحج البعض عناداً فرجعوا بخفي حنين نادمين لما رأوا من الخطب الهائل والعطب. ثم أجمع علماء النجف على تحريم سلوك هذا الطريق، وتبعهم علماء الأمصار، فانقطع الطريق تماماً سنة 1322هـ.

وقيل: إن الطريق انقطع وامتنع الحجاج مدة ثلاث سنين، وبعد أن تعهد ابن رشيد أمير حائل بالمحافظة على أرواح الحجاج وأموالهم بمعرفة الحكومة العثمانية وافق المجتهد الشربياني وأفتى بإباحة الطريق، فاستأنف السفر فيه.

المشير أحمد فيضي ينزل النجف:

وفي هذه السنة قدم النجف المشير أحمد فيضي باشا، العثماني بجيش في طريقه إلى نجدة عبد العزيز بن رشيد على خصمه عبد العزيز آل سعود، وكان مع المشير عدد من الأمراء من بينهم يوسف باشا الملقب بأبي درج، فنزل المشير ضيفاً على السيد جواد كليدار الروضة الحيدرية، أما يوسف باشا فقد حل ضيفاً على آل شمسة سدنة الحرم الشريف، وذلك في عهد السلطان عبد الحميد.

وكان السبب في إرسال المشير لنجدة عبد العزيز آل رشيد، هو أن المعركة وقعت بين ابن رشيد وبين أمير الكويت ابن صباح في مكان يسمى بـ(الشنانة)، ودامت الحرب فيها مدة من الزمن، وأسفرت عن هزيمة ابن صباح، فأضعفت هذه الحرب ابن رشيد، فوجد عبد العزيز آل سعود الفرصة المواتية للوثوب على خصمه ابن رشيد، فأوعز إلى من يعتمد عليه من أنصاره المقيمين في الرياض أن يقتل الحاكم الذي عينه ابن رشيد على الرياض، وعندما قتل الحاكم احتل ابن سعود الرياض وأخرج أصحاب ابن رشيد منها، وأخذ يجمع العشائر من البدو لينفر بهم لحرب ابن رشيد.

وفي أثناء إقامة المشير في النجف عزم راشد باشا قائمقام النجف الأشرف على هدم دور الضعفاء المشادة خارج سور النجف بالقرب من الدرعية دار الزعيم عطية أبو كلل، وبشفاعة أبو كلل عند المشير أعيدت دورهم.

وكان عبد العزيز آل رشيد مع أتباعه من العرب قد نزل على بعد خمس ساعات من السماوة، وبعث إلى الزعيم عطية أن يحضر إليه من النجف للمذاكرة معه. فبادر الزعيم عطية ومعه مئة وعشرون فارساً وقصد ابن رشيد، وقد أعدت له ولأصحابه خيماً كثيرة، منها خيمة خاصة لعقد الاجتماع به. وأراد الزعيم عطية البقاء ليقاتل إلى جانب ابن رشيد في الحرب المتوقع حدوثها مع ابن سعود، غير أن ابن رشيد أبى ذلك خشية أن يقتل الزعيم عطية فيفقد ساعده المفتول في النجف. وبعد مرور تسعة أيام أصر عليه بالرجوع إلى النجف، فلم يجد بدأً من الموافقة على العودة، وقد حمل معه الكثير من الخلع والهدايا ـ له ولأصحابه ـ والمال الكثير من الخيل والبنادق والسيوف والخناجر الذهبية.

أما رشيد فارتحل إلى القصيم، وتقابل مع ابن سعود في قتال عنيف كانت نتيجته لجانب الثاني، لأن المشير سحب جيشه عن ابن رشيد إلى حائل، وقد هربت جموع جيشه قاصدة النجف ليحلوا ضيوفاً على الزعيم عطية، كما أن المشير سافر إلى اليمن وللشيخ علي البازي أبيات أرخ فيها نزول أحمد فيضي باشا النجف، قال:

زعيم نجد قام في ثــــــــــــــــــــــــــورة           وثار في ثورته نجــــــــــــــــــــــــــده

وابن الرشيد في حماه احتـــــــــــــــمى          بقومه وقومه أســـــــــــــــــــــــــــده

وآل عثمان لإسعافــــــــــــــــــــــــــــــه           قاموا ليحيى باسمهم مجـــــــــــــده

هنا لكم عبد الحميد انتــــــــــــــــــــضى           سيفاً فرى أوداجها حــــــــــــــــــــده

فيضي مع الجيش لنجد مـــــــــــــــشى           مذ أرخوا (غادرنا جنـــــــــــــــــــــده)

 

تاريخ النجف الأشرف- ج 3/محمد حرز الدين
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.