الجمعة , 19 أبريل 2024
الرئيسية » شخصيات نجفية » شعراء » عبد المنعم بن حسين بن حسن الفرطوسي

عبد المنعم بن حسين بن حسن الفرطوسي

المعروف بـ(عبد المنعم الفرطوسي)

سيرة الشاعر:

ولد في قرية الرقاصة (محافظة ميسان – جنوبي العراق) عام (1336 هـ – 1917 م).

وتوفي في مدينة النجف الأشرف عام (1405 هـ – 1984 م).

قضى حياته في العراق.

تلقى تعليمه الأولي في كُتَّاب القرية، فأتقن القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم، ثم درس علوم اللغة والشريعة.

عمل معلمًا وتخصص في تدريس علمي المعاني والبيان.

كان عضوًا في جمعية الرابطة الأدبية في «مدينة النجف».

الإنتاج الشعري:

له: «ديوان الفرطوسي» – مطبعة الغري الحديثة – النجف – 1957، (وهو في 300 صفحة) – (له طبعة ثانية في جزأين – مطبعة الغري الحديثة – النجف 1966)، كما وله: «ملحمة أهل البيت» – طبع منها ثلاثة أجزاء في بيروت، وله قصائد منشورة في صحف عصره منها: «في رثاء الملك غازي» – مجلة الاعتدال (النجفية) – العدد «5 – 6 – 7» السنة الخامسة – 1939، و«ياطاق كسرى» – مجلة (الاعتدال) النجفية – العدد «3» – السنة السادسة – 1940، فضلاً عن أن له أعمالاً مخطوطة منها: «نظم في رواية الفضيلة للمنفلوطي» و«أرجوزة في علم المنطق».

الأعمال الأخرى:

له من الآثار المخطوطة في غير الشعر، «شرح الاستصحاب من رسائل الأنصاري»، «شرح كفاية الأصول»، «شرح مقدمة المكاسب»، «شرح شواهد مختصرة المطول».

اكتنفت حياته سلسلة من الآلام والفواجع بدأت بوفاة ولده الأكبر ثم الأصغر وكذا شقيقه، كما ابتلاه الله بولد ثالث معوق ذهنيًا، فجاء شعره معبرًا عن حياته، وهو غزير في إنتاجه، طويل النفس، حافظ على البناء العمودي وجدد في موضوعاته وصوره، وجاء معجمه رصينًا بلا تكلف، وله نظرات وتأملات في الحياة وأحوالها جسدت ثقافته ورقة مشاعره.

عناوين القصائد:

· من قصيدة: دم الحرية

· قلمي

· العاطفة الثائرة

· عروس الشرق

من قصيدة: دم الحرية

بمناسبة توقيع معاهدة بورتسموث 1948

دَمٌ تحدَّر مصبوبًا على النارِ *** فأخمدَ الظلمَ في تيّاره الجاري

ومنبعٌ من شعورٍ ثار مندفعًا *** في فيلقٍ من جنود الحق جرَّار

يجري فتحتضن الآمالَ من حَدَبٍ *** أمواجُه بين إجلالٍ وإكبار

في مهرجانٍ به الأحرار قد خطبتْ *** حريةَ الشعب في إرخاصِ أعمار

عواطفٌ أريحيَّاتٌ بها عصفتْ *** شهامةٌ حَرَقتْ زندًا لها واري

ونجدةٌ من صميم الحق قد صهرتْ *** فأفرغتْ وقدها في كل مغوار

وأنفسٌ عربيّاتٌ أبت شممًا *** أن تكتسي برداء الذل والعار

فأُلبستْ من دِماها وهْي عاريةٌ *** أسمى وأشرف ما يُكسَى به العاري

نادى بها الوطن المهضوم فانبعثتْ *** تُصارع العسف تيّارًا بتيّار

ضحَّتْ بما ملكتْ من كل غاليةٍ *** ليست تُسام بأثمانٍ وأسعار

فحُقَّ للوطن الغالي وقد سُفِكتْ *** به دماءٌ بريئاتٌ لأبرار

أن يغتدي مأثمًا من أدمعٍ ودمٍ *** إن الضحايا به أرواح أحرار

يا أيها الوطنُ الدامي على رهجٍ *** من الرزايا به دوَّى كإعصار

نضالك المرّ تأريخٌ يصوِّره *** لك الخلودُ بأسفارٍ وأسفار

وتضحياتك للأجيال مدرسةٌ *** تُمْلي عليها دروسًا عهدُ «ذي قار»

شرَّفْتَه بدم الأحرار متَّقدًا *** إن الدم الحرّ بركانٌ من النار

ورحت تمحو به نقضًا «معاهدةً» *** قد أبرموها بإرهاقٍ وإجبار

بغدادُ يا مسرحَ الأهواء قد لعبتْ *** بكِ الخطوبُ العوادي شرَّ أدوار

طافت بك النُّوَبُ السوداء مثقلةً *** فخفّفتْ فيك منها عبء أوزار

تجهَّمت وهْو سودٌ من مطالعها *** حتى طَلَتْ أفقك المحزون بالقار

وجلجلتْ فيك من وضعٍ تُدبِّره *** سياسةٌ ذات ألوانٍ وأطوار

كأنما هي دولابٌ يحرِّكه *** كفُّ الدخيل فيُمسي أيَّ فَرَّار

أدوارُ عسفٍ وإرهابٍ ممثَّلةٍ *** في مسرحٍ من جحيمٍ كله هار

روايةٌ ملؤها سخريّةٌ قَلَبتْ *** وضعَ البلاد إلى سخطٍ وإنكار

أقلُّ ما قد أرتنا من فظائعها *** مجازرٌ ما جناها أيُّ جزار

أَ للشباب وآمال البلاد هُمُ *** يُسدَّدُ السهم من قوسي وأوتاري؟

قصيدة: قلمي

يا سميري إذا السميرُ جفاني *** وخليلي إذا عَدِمتُ الخليلا

أنت إلفي من الرفاق وحسبي *** أنني قد أَلِفْت خِلاً نبيلا

أنتَ أوفى أخٍ وأصدق خِ *** لا أرى في الحياة عنه بديلا

أنا حرٌّ، وأنت حرٌّ أبيٌّ *** ليس يرضى بأن يعيش ذليلا

وكلانا قد أرهقَتْه الرزايا *** وبَرتْ منه حدَّه المصقولا

غيرَ أن الزمان كَلَّ ولما *** يَرَ منّا الزمانُ حدّاً كليلا

لك فضلٌ عليَّ جمٌّ جزيلٌ *** فيه تستوجب الثناء الجزيلا

لا أراني وفَيْتك الشكر عنه *** فأكافيك بالجميل جميلا

كم همومٍ أرحت فكريَ منها *** بعدما قد حُمِّلْتَ عبئًا ثقيلا

وكروبٍ نَفَّستَها عن فؤادٍ *** ذي غليلٍ أطفأتَ منه الغليلا

أنت عوني على المصائب طرّاً *** حين أستقبل المصاب الجليلا

وإذا ما الزمانُ قصَّر باعي *** كنتَ لي في الزمان باعًا طويلا

وإذا ما الخطوبُ فَلَّت غِراري *** كنتَ لي في الخطوب حدّاً صقيلا

وإذا ما الهمومُ ضاقت بنفسي *** وأرَتْني نور الحياة ضئيلا

وتراءى رحب الفضاء بعيني *** مثل سمِّ الخياط عرضًا وطولا

لا أرى لي سواك منها مُجيرًا *** وكفيلاً إذا عدمت الكفيلا

يا رسولَ البيان كم ذا أرتْنا *** معجزاتُ البيان منك رسولا

تتلقّى مواهبَ الروح وحيًا *** فتعي كلَّ لحظةٍ إنجيلا

كم معانٍ كشفت عنها غطاءً *** للخفا كان فوقها مسدولا

ورموزٍ حلَّلْتَها بوضوحٍ *** فأجدْتَ الإيضاح والتحليلا

أنت سلكٌ يمدّه العقل نورًا *** حين يهدي فيُذهب التضليلا

أودعتْ فيه قوة النفس معنًى *** فيه أضحى يُذلِّل المستحيلا

وخطيبٍ يجيد صوغ المعاني *** حين يحسو من الدواة شَمولا

وإذا ما اعتلى الأنامل عودًا *** ليجيدَ التغريد والترتيلا

نثر المسك في الصحائف درّاً *** من بيانٍ، مُنسَّقًا مستطيلا

وأجاد التجوال في حين يجري *** فوق ميدان طِرْسِه ليصولا

فيرينا فصل الخطاب جليّاً *** حين يُملي من البيان فصولا

وعجيبٌ من فارسٍ لا يُبارَى *** حين يجري مقيَّدًا مغلولا

وغريبٌ من ناطقٍ لا يجيد النْ *** طقَ إلا منكَّساً محمولا

ما سمعنا بميّتٍ يتوخّى *** كلَّ حينٍ إلى الحياة سبيلا

صامتٍ كالجماد طورًا وطورًا *** ناطقٍ كالهزار يسبي العقولا

أنت تبني دنيا، وتهدم دنيا *** حين تسطو وإن بدوتَ عليلا

أنت أشجى من الحمامة لحنًا *** حين يغدو منك الصرير هديلا

أنت أمضى من المهنّد حدّاً *** حين تنضو غِرارك المصقولا

حين تستعرض السطور صفوفًا *** وتشن الطِّرَاد عرضًا وطولا

أنت تبري بالجرْيِ رأسك حتى *** تتلاشى منه قليلاً قليلا

لتُبَقِّي وقد فنيتَ جهادًا *** لك ذكرًا مخلَّدًا لن يزولا

وأنا أهدم الفؤاد لأبني *** ليَ بعد الحياة مجدًا أثيلا

إن في رأسك المبضَّع جرحًا *** منه تُؤْتَى وإن حييتَ طويلا

وبقلبي المكلوم جرحٌ عميقٌ *** أورثَ الجسم دقّةً ونحولا

ليس يُوسَى وكيف تُوسَى جراحٌ *** وَجَدَ الهمُّ في ذراها مَقيلا

قصيدة: العاطفة الثائرة

نوابغَ الشعر هل في الكأس أوشالُ *** غاض القريض فلا ماءٌ ولا آلُ

مرَّتْ على الشعر أدوارٌ محبَّبةٌ *** كان القريض بها يزهو ويختال

وكم أناخت على واديه قافلةٌ *** ما كان يُحمَد منها اليومَ إقفال

مدَّت على سفحه الزاهي مضاربَها *** وراح يغمرها زهوٌ وإجلال

وأسرجت في ضواحيه عواطفها *** مشاعلاً تهتدي فيهنَّ ضُلاَّل

فللقِرى حولها نارٌ مؤجّجةٌ *** وللضيوف بها حِلٌّ وترحال

وللحِفَاظ ذمامٌ عندها حُفظتْ *** فلا يمرّ بها ضيمٌ وإذلال

وللندى أنفسٌ تَنهلُّ ضاحكةً *** وللإباء صروحٌ ليس تنهال

منابتٌ نمَّتِ الفصحى بها وغدا *** يَنهلُّ فيها من العرفان هطَّال

شمائلُ العُرْبِ أو أخلاقها عبقتْ *** فيها وقد تُوجّت بالنبل أعمال

عاش القريض زمانًا وهو مغتبطٌ *** فيها يطالعه سعدٌ وإقبال

فلا الأديب مهانُ النفسِ محتقَرٌ *** ولا بضاعتُهُ أزرت بها الحال

يا دولةَ الشعر لا بقيا على كبدي *** أبثّك الوجدَ حيث الوجدُ قتّال

فلستُ أولَ من ضحّى عواطفه *** وللفضيلة فرسانٌ وأبطال

بل ساءني ورفاقي أنها نُسِفتْ *** بمعول الهدم من علياك أجبال

فلا العروشُ عروشٌ وهي طامسةٌ *** ولا البنود بنودٌ وهي أوصال

ثارت بأفقك للأهواء عاصفةٌ *** فقُوِّضت منك للآداب أجيال

مرّت عليك عصورٌ جمّةٌ ولكم *** تداولتْ فيك أحوالٌ وأحوال

فلا نجومك في الآفاق ساطعةٌ *** ولا عرينك يضرى فيه رئبال

أزهار حقلك قد جُذَّت وقد نبتتْ *** على الجداول أشواكٌ وأدغال

فليت لو أنها غاضت جداولها *** ولا ترقرقَ فيها قطُّ سلسال

كي لا تقيلَ سراحينٌ مبغَّضةٌ *** فيها وتُبعَد آسادٌ وأشبال

فلا يدنَّس ذاك الصفو في كدرٍ *** وليس يُملأ بالأقذاء مِنهال

هُبّوا شبابَ القوافي إنها عُقِدتْ *** على عواطفكم للشعر آمال

واستنقذوه من البلوى فما بقيت *** في الكأس إلا صباباتٌ وأوشال

دعوا الأقاويل والأهواء ناحيةً *** فليس ينفعنا قِيلٌ ولا قال

خذوا اللباب وخلّوا القشر واجتهدوا *** أن تقتفي منكم الأقوالَ أفعال

وجدّدوها ميادينًا تثور بها *** من العواطف أمواجٌ وأهوال

فها هنا حلبات الشعر رنَّ لها *** صوتٌ على مسمع التأريخ جوّال

وهاهنا الأدب العالي بكم رُفِعتْ *** أعلامُه فغدت تزهو وتختال

وها هنا نمتِ الفصحى وقد زهرت *** فيها بكورٌ أنيقاتٌ وآصال

فالخزيُ والعار أن يبنوا لنا شُرَفًا *** ونحن نهدم ما شادته أجيال

قصيدة: عروس الشرق

دنيا المفاتن في ثرى لبنانِ *** أوقعتِ في شبك الهوى شيطاني

لولاك ما أوحى الذي أوحى به *** شيطانُ حسّانٍ إلى حسان

يا جنّةَ الفردوس فيها كلما *** تهواه من حُورٍ ومن وِلدان

وعروسُ هذا الشرق تُجلى زينةً *** لغُواتها بجمالها الفتّان

إن الحياة على صعيدك كلها *** مرحٌ بلا كدرٍ ولا أشجان

حيث الطلاقةُ بالنعومة تلتقي *** لسعادة الأرواح والأبدان

واللهوُ والشهوات في مضمارها *** بالحبّ والأسمار يعتنقان

فالصبحُ للهالات من أقمارها *** والليلُ للأقداح والألحان

والأفقُ موّاج كأن شعاعه *** لججٌ تسيل به على الوديان

والأرض خضراءُ الأديم كأنها *** ولدته بين خمائلٍ وجِنان

والروضُ عبّاقٌ على خمر الندى *** يجري النسيم عليه كالنشوان

لبنانُ يا وطنَ العواطف كلُّه *** سمرٌ وأفراحٌ بلا أحزان

يمّمتُ أرضك وهي أرضي بعدما *** قاسيتُ ما قاسيت في «لوزان»

فكأنني «أعمى المعرة» جئتُها *** ويدي تقلّ «رسالةَ الغفران»

وإذا بموطنك المبارك موطني *** والأهل أهلي واللسان لساني

وإذا بليلى العامريّة تلتقي *** فتقرَّ في قيسٍ لها عينان

ومتى يطيب لها الخلود بموطنٍ *** نفسٌ مبعّدةٌ عن الأوطان

ما كنت أعرف سرَّ «إخوان الصفا» *** حتى عرفت السرَّ من إخواني

المصادر:

1 – جعفر باقر آل محبوبة: ماضي النجف وحاضرها – مطبعة النعمان – النجف 1957 .

2 – جعفر صادق التميمي: معجم الشعراء العراقيين المتوفين في العصر الحديث، ولهم ديوان مطبوع – شركة المعرفة – بغداد 1991 .

3 – حميد المطبعي: موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين – دار الشؤون الثقافية – بغداد 1995 .

4 – علي الخاقاني: شعراء الغري – المطبعة الحيدرية – النجف 1954 .

5 – غالب الناهي: دراسات أدبية – مطبعة أهل البيت – كربلاء 1960 .

6 – كاظم عبود الفتلاوي: المنتخب من أعلام الفكر والأدب – المواهب للطباعة والنشر – بيروت 1999.

7 – كوركيس عواد: معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع عشر والعشرين – مطبعة الإرشاد – بغداد 1969 .

8 – مقدمة ديوان المترجم له بقلمه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.