الجمعة , 19 أبريل 2024
الرئيسية » شخصيات نجفية » شعراء » عبد الحسين بن قاسم بن محمد آل محيي الدين بن أبي جامع العاملي النجفي

عبد الحسين بن قاسم بن محمد آل محيي الدين بن أبي جامع العاملي النجفي

المعروف بـ(عبد الحسين محيي الدين)

سيرة الشاعر:

ولد في مدينة النجف الأشرف سنة (1203هـ – 1788م)، وفيها توفي عام (1271هـ – 1854م)، نشأ على يدي أبيه الذي لقنه علوم العربية  وغذاه بآدابها، فأصبح – في زمنه – شاعرًا معروفًا.

حين شب صراع بين قبيلتي خزاعة و زبيد انحاز المترجم له إلى خزاعة فرصد له أمير زبيد من يأتيه برأسه، فاختبأ في النجف سنوات ثم ضاق بالأمر فقصد الأمير متخفيًا، ومدحه، فعفا عنه وأجازه وقرّبه.

الإنتاج الشعري:

له ديوان شعر جمعه محمد السماوي – نسخة منه في مكتبة المجمع العلمي العراقي تحت رقم 2578 – وأخرى كانت بمكتبة محمد علي اليعقوبي، وله قصائد غير قليلة أثبتها كتاب: «شعراء الغري».

بين المديح والتهنئة والتقريظ والرثاء تتحرك موضوعات قصائده، وقد يقول في الغزل والجوابات، وقد ينظم الموشح أيضًا مجاراة وتقريظًا لموشح آخر، تظهر في شعره خصائص الشعر في عصره في مستواها المرضيّ، فلغته رصينة، وعبارته متمكنه، وثقافته التراثية واسعة، واستعانته بجماليات البديع غير مسرفة.

نموذج من شعره:

هل في العاذلين نصيح؟!

نور المصطفى

تهنئة بالعيد

قصيدة: هل في العاذلين نصيح؟!

فؤادٌ دنا منه الغرام جريحُ *** وجفنٌ نأى منه الرقاد قريحُ

فللوجد قلبي والمدامع للبِلى *** إذا لاح برقٌ أو تنسّمَ ريح

أكلّف عيني أن تجود بمائها *** وإني به لولا الهوى لشحيح

ويعذلني خِلِّي ويزعم أنه *** نصيحٌ وهل في العاذلين نصيح

ولو أنصفَ الواشون رَقَّ لذي الشجى *** خَلِيٌّ وما لام السقيمَ صحيح

فما لغراب البين ينعب بعدما *** أتت دون من أهوى مهامِهُ فِيح

من قصيدة: نور المصطفى

قوامُ قضيب البان أم صَعْدةٌ سَمْرا *** أم الخَوْدُ تثني خُوطَ أعطافها سُكْرا

نعمْ هذه أعطاف ريّا تمايدت *** دلالاً فأبدت بانةً أثمرت بدرا

من النور بل حور الجنان غزالةٍ *** ولكنها تصطاد أُسدَ الشرى سحرا

إذا مرّ في وهم امرئٍ لثْمُ خَدّها *** بدا خَفَرٌ في خدّها منه فاحمرَّا

أتاني الكرى مستشفعًا إذ هجرته *** بطيف سليمى مَوْهنًا يطلب الوكرا

فأسكنته عيني القريحةَ بالبكا *** على أنني قد كنت حاربته دهرا

فكم زرتها والليل يُرخي رداءه *** عليَّ وخُزر الشهب تنظرني شَزرا

أشقّ فؤادَ الليل وَهْنًا كأنني *** تصفّحتُ في سوداءِ مهجته الفجرا

ويسمر في خفق الرياح إذا سرت *** تُخبِّر أنْ ليلى قد استوطنت غَوْرا

ويقتادني عزمٌ إذا الشُّوسُ قدَّمت *** إلى قِرْنها رِجْلاً وأخَّرتِ الأخرى

بذي شُطَبٍ ذاكي الفؤاد منجَّذٍ *** يخوض الردى لا يتّقي البيضَ والسُّمرا

ويروي إذا ما يورد البيضَ في الوغى *** رؤوسَ العدا بيضًا فيُصْدرها حُمْرا

ويطرب يومَ الروع شوقًا كأنه *** نزيفٌ بأيدي غادةٍ سُقِي الخمرا

وليس خفوقُ القلب إلاَّ لذكره *** سُليمى إذا ما هيَّجتْ قلبه الذكرى

ولا سيّما تذكارُ وقفة رامةٍ *** سقى الله تلك الدار من صَيِّبٍ قطرا

تعانقني لا لانعطافٍ، وإنما *** لتسقي بِقَانِي دمعيَ الوردةَ الحمرا

تودّعني توديعَ من عَزَّ قُربه *** وليْ المقلة العبْرى من الكبد الحَرَّى

قفي ساعةً يقضي الفؤادُ مرامَه *** من الوصل ما أبقيتِ من رمقي القترا

وعُمِّر لَيْلِي بعد ليلى فلم يُطِق *** نهوضًا إلى أن يُدرك الحشرَ والنشرا

يشيب إذا شاب الغراب قذاله *** على أنه من طوله قد قضى عمرا

فيا صبحُ جاهِدْ كافرًا طال واستعنْ *** عليه بنور المصطفى تجدِ النصرا

محمدٌ الهادي التهاميُّ أشرف النْ *** نَبيّين نورُ الله خيرُ الورى طرّا

نبيُّ هدًى في كفّه سبَّح الحصى *** ومن قربه الجذعُ اليبيس قد اخضرَّا

لقد خمدتْ نار المجوس بنوره *** وإيوانُ كسرى قد أصاب به كَسْرا

سرى ليلةَ المعراج من بيت ربه *** إلى المسجد الأقصى فسبحان من أسرى

لقد خُصَّ بالأولى بأشرف رتبةٍ *** لديه وفي الأخرى له رتبةٌ أخرى

وإنسانُ عين الدين عينُ سمائه *** وبهجته الحسنى وغُرَّته الغَرَّا

قصيدة: تهنئة بالعيد

أغنى «ابن جعفر» عن مغناك يا عيدُ *** فحسْبنا أنه في الدهر موجودُ

تمرّ في كل عامٍ مرتين بنا *** وكلَّ يومٍ لنا من يُمْنِه عيد

زانت ببهجته أيامنا وغدت *** بيضًا بطلعته ليلاتُنا السود

لا زال طالعُه الميمون يشملنا *** ظلٌّ مدى الدهر من نعماه ممدود

ذو غرّةٍ يستهلّ الناسَ طالعُها *** فيستبين أبو العباس والجود

خِلاّنِ أوفاهما الموفي بصاحبهِ *** على الورى وهْو مشكورٌ ومحمود

علاّمة الدهر والهادي لنهجِ هدًى *** وبحرُ علمٍ لأهل الفضل مورود

ومدركٌ في مراقي العلم مرتبةً *** أضحى بها وهو مغبوطٌ ومحسود

مؤيَّدٌ بالهدى من ربه، وبه *** لشرعة الملة الغرّاء تأييد

أهوى لكشف الغطا عن كل غامضةٍ *** في الشرع يقْرِنه نصٌّ وتسديد

فكم له فيه توضيح البيان وفي *** قواعد العلم والأحكام تمهيد

آثاره غررٌ في الدهر واضحةٌ *** ويومُ معجزةٍ في الناس مشهود

ذو همّةٍ في مناط النجم أخمصُها *** يسمو بها فوق قَرن الشمس تشييد

هذا بقيَّةُ موسى والعصا بيدٍ *** بيضاءَ منه تعاطي لثمها الصِّيد

من جعفر الفضل إلا أنَّ رحمته *** بحرٌ وفيها لذكر الحضر تخليد

ذلَّت أكاسرةُ الفرس الكرامُ له *** مهابةً والتوَى من قيصرٍ جِيد

والعالمون تحاموا قدره فعلى *** أعناقهم منه إقليدٌ وتقليد

وأمّهم منه معقودٌ عليه لِوا *** عزٍّ على قومه الماضين معقود

ومذ رآه الورى أهلاً ليكفلهم *** ألقى من الكلّ في كفّيه إقليد

يا كعبةَ الوافد الراجي وأكرم من *** أمَّتْ لساحته المهريّةُ القُود

سمعًا وُقيتَ الردى مني لآلئُ ما *** زِينَتْ بأمثالها البيضُ الرعاديد

أقضي بها حقَّ نعماءٍ مننتَ بها *** يزينها فيك إطراءٌ وتمجيد

فاسلمْ على أمد الأيام في دعةٍ *** ما شاب خالصها رَيْبٌ وتنكيد

المصادر:

1 – جعفر باقر آل محبوبة: ماضي النجف وحاضرها (ج 3) – مطبعة النعمان – النجف 1957م.

2 – عباس العزاوي: تاريخ الأدب العربي في العراق (ج 2) مطبعة المجمع العلمي العراقي – بغداد 1962م.

3 – علي الخاقاني: شعراء الغري (ج 5) – المطبعة الحيدرية – النجف 1954م.

4 – كوركيس عواد: معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع عشر والعشرين – مطبعة الإرشاد – بغداد 1969م.

5 – محمد السماوي: الطليعة من شعراء الشيعة (تحقيق كامل سلمان الجبوري) – دار المؤرخ العربي – بيروت 2001م.

6 – محمد هادي الأميني: معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام (ط 1) – مطبعة الآداب – النجف 1964م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.