الخميس , 18 أبريل 2024
الرئيسية » تاريخ النجف الأشرف » الوقائع » الرحالة نيبور ينزل النجف

الرحالة نيبور ينزل النجف

سنة 1179هـ – 1765 م …..257

في خريف هذه السنة دخل الرحالة نيبور الدانمركي العراق من طريق البصرة , وتوجه منها إلى الحلة في إحدى السفن الصغيرة بالطريق النهري , غير أنه ما وصل ” لملوم ” المنطقة التي كان يقيم فيها شيخ الخزاعل حتى ارتأى أن يترك السفينة ويسلك الطريق البري من ” لملوم ” إلى النجف الأشرف مروراً بالرماحية , وبعد مسير سبع ساعات ونصف على ظهر الخيل وصل نيبور وجماعته الى الرماحية , وبعدها توجه منها الى النجف , التي يطلق عليها اسم ” مشهد علي ” وذلك يوم 22 كانون الأول فوصل إليه مع خادمه وأحد الملالي  بعد مسيرة سبع ساعات على ظهور الخيل خلال حقول ومزارع معمورة. وقد صادف في طريقه ما بين الرماحية والنجف أربع جنائز تنقل للدفن في وادي السلام , وهو يورد بالمناسبة إحصاء عدد الجنائز التي كان تصل إليها من مختلف الأنحاء , فيقول : إنه كان يتجاوز الألفين في السنة أي بمعدل سبع جنائز في اليوم الواحد , ويضيف الى ذلك قوله ك إن الذين كانوا يريدون الدفن بالقرب من الروضة الحيدرية المقدسة كان عليهم أن يدفعوا مبلغاً من المال , وإن الذين يدفعون مبالغ معتدلة كان يسمح لهم بالدفن في أسوار البلدة ,أما الذين كانوا يدفعون مبلغاً . زهيداً فقد كانوا يدفنون موتاهم في خارج السور , وهؤلاء كان يتراوح ما يدفعونه من الجنازة الواحدة بين أربع وثمانية ” ستوفرات ” وكانت ستون “ستوفر ” تعادل ” تالير ” ألماني واحد و” التالير ” يعادل ثلاث ماركات .

ويقول نيبور عن طبقات السكان في النجف الأشرف : إن بعض سكانها كانوا من أهل السنة , وإن العلاقات بين أهل السنة والشيعة في كربلاء والنجف كانت علاقة حسنة الى حد غير يسير .

ويحدّث من جهة أخرى : إن الشيعة كان لابد لهم من أن يلتزموا جانب الهدوء لئلا يغضب عليهم الباشا في بغداد الى منع الزوار الإيرانيين من زيارة العتبات المقدسة , أو يفرض عليهم أتاوى باهظة.

ويقدر نيبور عدد الزوار الذين يقصدون العتبتين المقدستين في المشهدين النجف وكربلاء يومذاك بحوالي خمسة آلاف زائر في السنة .

وقد رسم نيبور مخطط لـ ” مشهد علي ” كما يسميه و يشير فيه الى معالم البلدة المهمة وشكلها العام , فهو يشير قبل كل شيء الى أنها كانت في تلك الأيام محاطة بسور غير عامر يمكن الدخول الى البلدة من عدّة فجوات فيه, وأن السور كان فيه بابان كبيران هما ” باب المشهد ” و ” باب النهر”

وباب ثالث يسمى “باب الشام ” , لكنه يقول إن الباب الأخير كانت قد سدت فتحته بجدار خاص من دون أن يذكر السبب في ذلك .

ويضيف الى هذا قوله : إن الشكل الخارجي للمدينة يشبه شكل مدينة القدس , وإن سعتها تقارب سعة القدس أيضاً. ويقول أيضاً : إن النجف كان فيها عدا الجامع الكبير المشيد حول الضريح المطهر , ثلاثة جوامع صغيرة أخرى.

وقد عمد نيبور الى تخطيط رسم خارجي عام للجامع الكبير كما يسميه , وهو يذكر أن سقفه قد صرفت عليه مبالغ طائلة على تزيينه وطليه بالذهب بحيث لا يمكن أن يوجد مبنى آخر في العالم أجمع يضاهيه بكلفة تسقيفه الباهظة . ولا شك إنه يقصد بذلك القبة الذهبية التي يقول: إن نادر شاه الطاغية قد أنفق تلك المبالغ عليها ليكفّر بها عن الأعمال الشريرة التي ارتكبها في إيران , فقد بلغت كلفة لوحة النحاس المربعة بالذهب مبلغاً يزيد على تومان ذهب واحد ( عشر تاليرات ألمانية.

ومما يذكره بالمناسبة أن القبة كان يعلو قمتها ” كف علي ” بدلاً من الهلال الذي كان يشاهد فوق القباب الموجودة في الجوامع التركية عادةً .

ويضيف كذلك : إن الجامع الكبير هذا كان محاطاً بساحة واسعة يقام فيها السوق كل يوم , وقد كانت تطل على هذه الساحة من جميع الجهات بيوت السادة والخدم التابعين للحضرة المطهرة , الذين كان يتجاوز عددهم المئة  على ما قيل له .

( تاريخ النجف الأشرف- ج 2/محمد حرز الدين )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.