الخميس , 25 أبريل 2024
الرئيسية » حرم أمير المؤمنين » السيرة العطرة » أدلة امامته عليه السلام

أدلة امامته عليه السلام

و هى امور كثيرة نذكر منها هنا بعضها:

(الاول) وجوب العصمة في الامام بالدليل الذي دل على وجوب العصمة في النبي

فكما انه لا يجوز كون النبي غير معصوم لان صدور الذنب منه يسقط منزلته من القلوب و لا يؤمن معه زيادته في الشريعة و تنقيصه منها و يوجب عدم الوثوق بأقواله و أفعاله و هو ينافي الغرض المقصود من ارساله و نقض الغرض قبيح فلا يمكن صدوره من الله تعالى. كذلك لا يجوز كون الامام غير معصوم لان النبي مبلغ للشرع الى الامة عن الله تعالى و الامام مبلغ له اليهم عن النبي و حافظ له من الزيادة و النقصان فان الامامة رياسة عامة في امور الدين و الدنيا لشخص من الاشخاص نيابة عن النبي«ص» هكذا عرفها جميع علماء الاسلام ‏و صدور الذنب من الامام يسقطه من النفوس و لا يؤمن معه زيادته في الشريعة و تنقيصه منها مع كونه منصوبا لحفظها من ذلك، و يوجب عدم الوثوق بأقواله و افعاله و هو ينافي الغرض المقصود من امامته فالدليل الذي دل على عصمة النبي«ص» بعينه دال على عصمة الامام و قد اجمعت الامة على انه لا معصوم بعد النبي«ص» سوى علي و ولده لان الامة بين قولين اما لا معصوم اصلا او انحصار المعصوم فيهم فاذا دل الدليل على وجوب عصمة الامام كانوا هم الأئمة. و مما يدل على عصمته و عصمة الائمة من ذريته عليه و عليهم السلام آية التطهير، و مرت في سيرة الزهراء عليها السلام في الجزء الثاني و احاديث الثقلين و باب حطة و سفينة نوح و غيرها و تأتي هنا (انش) .

(الثاني) ما رواه الطبري في تاريخه و تفسيره و البغوي و الثعلبي في تفسيره و النسائي في الخصائص و صاحب السيرة الحلبية و رواه من ثقات اصحابنا و محدثيهم محمد بن علي ابن الحسين بن بابويه القمي و الشيخ ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في مجالسه جميعا بأسانيدهم المتصلة

و قد مرت رواياتهم بأسانيدهم المتصلة في الجزء الثاني من هذا الكتاب في السيرة النبوية و نعيد ذكرها هنا باختصار و ان لزم بعض التكرار.

قال الطبري في تاريخه: حدثنا ابن حميد حدثنا سلمة حدثني محمد بن اسحق عن عبد الغفار بن القاسم عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الله بن عباس عن علي ابن طالب قال لما نزلت و انذر عشيرتك الاقربين دعاني رسول الله«ص» (الى ان قال) فاصنع لنا صاعا من طعام و اجعل عليه رجل شاة و املأ لنا عسا من لبن (و العس القدح الكبير) ثم اجمع لي بني عبد المطلب ففعلت ما امرني ثم دعوتهم و هم يومئذ اربعون رجلا يزيدون رجلا او ينقصونه فيهم اعمامه ابو طالب و حمزة و العباس و ابو لهب فلما وضعت الطعام تناول جذبة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال خذوا باسم الله فأكلوا حتى ما لهم بشي‏ء حاجة و ما ارى الا موضع ايديهم و أيم الله ان كان الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم و شربوا من ذلك العس حتى رووا جميعا و أيم الله ان كان الواحد منهم ليشرب مثله فلما أراد ان يكلمهم بدره ابو لهب فقال لشد ما سحركم صاحبكم فتفرقوا و لم يكلمهم. ثم فعل مثل ذلك في اليوم الثاني فأكلوا و شربوا فقال يا بني عبد المطلب اني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة و قد أمرني الله تعالى ان أدعوكم اليه فأيكم يؤازرني على هذا الامر على ان يكون اخي و وصيي و خليفتي فيكم فأحجم القوم جميعا و قلتـو اني‏لأحدثهم سنا و أرمصهم عينا و أعظمهم بطنا و أحمشهم ساقاـانا يا نبي الله اكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي ثم قال ان هذا اخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا فقاموا يضحكون و يقولون لأبي طالب قد أمرك ان تسمع لابنك و تطيع«ا ه». كبر عليهم ان يسمعوا و يطيعوا لشاب حدث السن عمره بين العشرة و الخمس عشرة سنة رمص العين حمش الساق عظيم البطن و كل ذلك يوجب عدم الروعة في عين الرائي و قالوا في انفسهم كيف يؤمر غلام صغير السن ليس في مرآه روعة على مشيخة قومه و كهولهم و فيهم أعمامه و ابوه شيخ الابطح ان هذا لعجيب يوجب الضحك فضحكوا منه و لم يعلموا ان هذا الغلام الحدث السن الرمص العين العظيم البطن الحمش الساق سيكون له شأن عظيم فيكون باب مدينة علم المصطفى و حامل لواء الاسلام و مشيد أركانه و رافع بنيانه و منسي شجاعة الشجعان و جامع أعلى صفات الفضل و حاوي ارفع و أعظم مزايا النبل و مشيد مجد لبني عبد المطلب و عامة العرب لا تهدمه الايام مهما تطاولت و مخلد ذكر لهم لا تمحوه الأعوام مهما تعاقبت و انه هو خليفة الرسول في امته و انه لا يصل الى مرتبته احد منهم و لا من غيرهم و كأن النبي«ص» قال لهم في نفسه و بلسان حاله مهلا يا بني عبد المطلب ستعلمون عن قريب انني لم أخطى‏ء في تقديمه عليكم و ستصدق أفعاله اقوالي فيه، و لا شك ان جملة من شبانهم و كهولهم الذين هم أعلى منه سنا و أروع منظرا في رأي العين اخذهم الحسد عند ذلك الذي يأخذ أمثالهم في مجرى العادة في مثل هذا المقام كما اخذ قابيل ابن ابيهم آدم و أخذ اخوة يوسف عليهما السلام فكان ذلك سببا في زيادة ضحكهم و تعجبهم و غطى ما رأوه من المعجزة و لا شك ان ابا لهب كان اشدهم ضحكا و نفورا حتى اوهمهم ان هذه المعجزة نوع من السحر الشديد، اما ابو طالب فكان مسرورا اشد السرور بما رأى من كرامة ولده و علو شأنه الذي انضم الى ما كان يراه فيه من مخايل النجابة و النبل و من اعلم بالولد من الوالد و كان عالما بصدق النبي«ص» فيما ادعاه و زاده يقينا ما رآه من المعجز لكنه لم يستطع مجابهة قومه باظهار ما في نفسه و ان كان شاركهم في الضحكـو لا نخالهـفما ضحكه الا ضحك سرور لا ضحك استهزاء و ان كان فما هو الا استهزاء بهم، اما اخوه حمزة فلا نعتقد الا انه كان مثله في اكثر ذلك و قد سره ما رأى من ابني اخويه محمد و علي لكنه سكت متربصا سنوح الفرصة ليظهر اسلامه. و يمكن ان يكون العباس ايضا كذلك.

و روى هذا الحديث الطبري في تفسيره ايضا بمثل ما رواه في تاريخه سندا و متنا الا انه ابدل في النسخة المطبوعة قوله: على ان يكون اخي و وصيي و خليفتي فيكم. و قوله: ان هذا اخي و وصيي و خليفتي فيكم بغيره فوضع مكان الاول (على ان يكون اخي و كذا و كذا) و مكان الثاني (ان هذا اخي و كذا و كذا) و لا شك ان هذا التبديل من الطابعين جريا على الشنشنة الأخزمية و لكن وجوده في التاريخ و ما بقي منه في التفسير من قوله فاسمعوا له و اطيعوا كاف في الارشاد الى ما حذف منه.

و قد رواه الشيخ ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي من علمائنا في كتاب مجالسه قال حدثنا جماعة عن ابي المفضل حدثنا ابو جعفر الطبري سنة 308 حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا سلمة بن الفضل الابرش حدثني محمد بن اسحق عن عبد الغفار قال ابو المفضل: و حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي و اللفظ له حدثنا محمد بن الصباح الجرحلوي حدثنا سلمة بن صالح الجعفي عن سليمان الاعمش و ابي مريم جميعا عن المنهال بن عمرو عن عبد الله ابن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس عن علي بن ابي طالب قال لما نزلت هذه الآية و ذكر مثل رواية الطبري المتقدمة بعينها مع تفاوت يسير في بعض الالفاظ لا يخل بالمعنى.

و رواه البغوي كما في رواية الطبري بعينها حكاه عنه ابن تيمية كما ستعرف.

و قال الثعلبي في تفسيره: اخبرني الحسين بن محمد بن الحسين حدثنا موسى بن محمد حدثنا الحسن بن علي بن شعيب العمري حدثنا عبد الله بن يعقوب حدثنا علي بن هاشم عن صباح ابن يحيى المزني عن زكريا بن ميسرة عن ابي اسحق عن البراء قال لما نزلت و انذر عشيرتك الاقربين جمع رسول الله«ص» بني عبد المطلب و هم اربعون رجلا فأمر عليا برجل شاة فأدمها ثم قال ادنوا بسم الله فدنوا عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة ثم قال اشربوا بسم الله فشربوا حتى رووا فبدرهم ابو لهب فقال هذا ما سحركم به الرجل فسكت ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام و الشراب ثم أنذرهم فقال يا بني عبد المطلب اني انا النذير اليكم من الله عز و جل و البشير فأسلموا و أطيعوني تهتدوا ثم قال من يواخيني و يوازرني و يكون وليي و وصيي بعدي و خليفتي في اهلي و يقضي ديني فسكت القوم فأعادها ثلاثا كل ذلك يسكت القوم و يقول علي انا فقال في المرة الثالثة انت فقام القوم و هم يقولون لابي طالب اطع ابنك فقد امر عليك. و هو يدل على انهم فهموا الخلافة بعده و لذلك قالوا هذا لابي طالب مع ان اتحاده مع رواية الطبري في الخصوصيات يدل على اشتماله على ما فيها.

و قال النسائي في الخصائص اخبرنا الفضل بن سهل حدثني ابن عفان بن مسلم حدثنا ابو عوانة عن عثمن بن المغيرة عن ابي صادق عن ربيعة بن ماجد ان رجلا قال لعلي يا أمير المؤمنين لم ورثت دون اعمامك قال جمع رسول الله«ص» بني عبد المطلب فصنع لهم مدا من الطعام فأكلوا حتى شبعوا ثم دعا بعس فشربوا حتى رووا فقال يا بني عبد المطلب اني بعثت اليكم خاصة و الى الناس عامة فأيكم يبايعني على ان يكون اخي و صاحبي و وارثي فلم يقم اليه احد فقمت اليه فقال اجلس ثم قال ثلاث مرات كل ذلك اقوم اليه فيقول اجلس حتى اذا كان في الثالثة ضرب بيده على يدي فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي«ا ه».

و اتحاد الخصوصيات في هذا الحديث مع خصوصيات حديث الطبري من جمع بني عبد المطلب و صنع الطعام لهم و المجي‏ء بالشراب يدل على ان متنه هو متن حديث الطبري بعينه و انه اشتمل على جميع ما اشتمل عليه حديث الطبري و انه قد تناولته يد التحريف ـ لأمر يعلمه الله ـ فلذلك وقع اضطراب في متنه فان هذا التعليل في الميراث لا يصح ان اريد به ميراث المال اما عندنا فلان الميراث للبنت بالفرض و الرد و ليس لابن العم شي‏ء، و اما عند غيرنا فلأن الانبياء لا تورث. و ان اريد ميراث العلم نافاه السياق الدال على ان المذكور فيه هو المذكور في حديث الطبري.

و قد اورد هذا الحديث صاحب السيرة الحلبية بنحو ما مر عن الطبري الى ان قال: من يجيبني الى هذا الامر و يوازرني على القيام به قال علي انا يا رسول الله. (قال) و زاد بعضهم في الرواية يكن اخي و وزيري و وارثي و خليفتي من بعدي فلم يجبه احد منهم فقام علي و قال انا يا رسول الله قال اجلس ثم أعاد القول على القوم ثانيا فلم يجبه احد منهم فقام علي و قال انا يا رسول الله فقال اجلس فأنت اخي و وزيري و وصيي و وارثي و خليفتي من بعدي،ثم حكى عن ابن تيمية انه قال في الزيادة المذكور انها كذب و حديث موضوع من له ادنى معرفة في الحديث يعلم ذلك، قال و قد رواه مع زيادته المذكورة ابن جرير و البغوي باسناد فيه ابو مريم الكوفي و هو مجمع على تركه و قال احمد انه ليس بثقة، عامة احاديثه بواطيل و قال ابن المديني كان يضع الحديث«ا ه»

(و اقول) من عنده ادنى معرفة يعلم ان قدح ابن تيمية فيه لم يستند الى حجة بل الى التحامل على علي و النصب فقد سمعت بسنده في رواية الطبري في تاريخه و تفسيره و في رواية الثعلبي في تفسيره، و ليس فيه ابو مريم الكوفي على فرض صحة ما قيل فيه و قد عرفت ان الشيخ الطوسي رواه بسندين آخرين غير سند الطبري و ان ابا مريم في احدهما دون الآخر على ان رواية البغوي له ان لم تكن حجة فهي مؤيدة و لا يكون ضعفها قادحا في الرواية الصحيحة، و كل من له ادنى معرفة في الحديث يعلم ذلك.

و قد رواه ايضا من مشاهير علمائنا و ثقات محدثيهم الشيخ محمد بن علي بن الحسين ابن بابويه القمي المعروف بالصدوق قال:حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحق الطالقاني: حدثنا عبد العزيز حدثنا المغيرة بن محمد حدثنا ابراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الازدي حدثنا قيس ابن الربيع و شريك بن عبد الله عن الاعمش عن منهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث ابن نوفل عن علي بن ابي طالب عليه السلام قال: لما نزلت و انذر عشيرتك الاقربين دعا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بني عبد المطلب و هم اذ ذاك اربعون رجلا يزيدون رجلا او ينقصون رجلا فقال أيكم يكون اخي و وارثي و وزيري و وصيي و خليفتي فيكم بعدي فعرض ذلك عليهم رجلا رجلا كلهم يأبى ذلك حتى أتى علي فقال انا يا رسول الله فقال يا بني عبد المطلب هذا اخي و وارثي و وزيري و خليفتي فيكم بعدي فقام القوم يضحك بعضهم الى بعض و يقولون لابي طالب قد امرك ان تسمع و تطيع لهذا الغلام. و مرت رواية الشيخ المفيد له في ارشاده عند ذكر فضائله و مناقبه (1) .

(الثالث) النص على امامته من النبي صلى الله عليه و آله و سلم يوم الغدير

حين رجع من حجة الوداع و معه ما يزيد على مائة الف فخطبهم و قال في خطبته و قد رفعه للناس و اخذ بضبعيه فرفعهما حتى بان للناس ابطيهما أ لست أولى بالمؤمنين من انفسهم قالوا بلى قال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و أحب من احبه و ابغض من ابغضه و انصر من نصره و أعن من أعانه و اخذل من خذله و أدر الحق معه حيث دار، ثم افرده بخيمة و امر الناس بمبايعته بامرة المؤمنين حتى النساء و منهم نساؤه، و مر ذلك مفصلا في الجزء الثاني في السيرة النبوية، و يأتي في هذا الجزء في حوادث سنة عشر من الهجرة، و نذكر هنا وجه الدلالة على امامته و يتضمن ذلك طرفا من الاحاديث الواردة فيه مما لم يذكر هناك فنقول: وجه الاستدلال انه قال من كنت مولاه فعلي مولاه بعد تقريرهم بقوله أ لست اولى بكم من انفسكم و اقرارهم بقولهم بلى فدل على ان المراد من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه و ليست الامامة شيئا فوق ذلك و هذا التقرير و الاقرار و التعقيب بهذا الكلام نص على ان المراد بالمولى هنا هو الاولى فانه احد معانيه و ناف لاحتمال غيره فبطل الاعتراض بأن المولى لفظ مشترك بين معان فتعيين احدها يحتاج الى القرينة لانها موجودة و هي ما ذكرناه على ان بعض تلك المعاني لا يصح ارادته في المقام مثل المعتق و المعتق و نحو ذلك و بعضها لا يناسبه كل هذا الاهتمام من النبي صلى الله عليه و آله و سلم مثل الصديق و نحوه و كفى في الاهتمام جمع الناس من اقاصي البلاد و أدانيها ليحجوا معه في ذلك العام الذي لم يكن الا لتبليغهم هذا الامر المهم و بطل ما يتمحله بعض المتمحلين من ان ذلك قاله في شأن اسامة بن زيد بن حارثة لما قال لعلي لست مولاي و انما مولاي (اي معتقي) رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ذلك، فانه اذا كان اسامة بن زيد قد اعتقه النبي«ص» فلا معنى لان يكون اعتقه علي و لو فرض فلا يناسبه هذا الاهتمام العظيم، على ان اسامة لم يعتقه النبي«ص» و انما اعتق اباه زيد بن حارثة فاطلاق انه مولى رسول الله«ص» عليه انما هو باعتبار انجرار الولاء اليه من ابيه و لهذا قال بعضهم ان القائل لعلي لست مولاي و انما مولاي رسول الله هو زيد بن حارثة فقال رسول الله من كنت مولاه فعلي مولاه ردا لقول زيد و هذا القول قاله اسحق بن جماد بن زيد للمأمون لما جمع العلماء ليحتج عليهم في فضل علي عليه السلام فيما ذكره صاحب العقد الفريد فقال اسحق للمأمون ذكروا ان الحديث انما كان بسبب زيد بن حارثة لشي‏ء جرى بينه و بين علي و انكر ولاء علي فقال رسول الله«ص» من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه فرد عليه المأمون بأن ذلك كان في حجة الوداع و زيد بن حارثة قتل قبل ذلك و كأن من ذكر هذا العذر التفت الى مثل ما رد به المأمون فغير العذر و قال انه قال ذلك في شأن اسامة بن زيد، و سواء أ قيل ان ذلك في شأن زيد او ابنه اسامة فزيد انما هو مولى عتاقة و ابنه اسامة كذلك بجر الولاء و علي لم يعتقه و انما اعتقه النبي«ص» فكيف يكون زيد او ابنه مولاه و هو لم يعتقه على انه لا يناسبه كل هذا الاهتمام كما عرفت، و كذلك ‏ما تمحله ابن كثير و صاحب السيرة الحلبية من صرف ما وقع يوم الغدير الى ما وقع عند رجوع علي من اليمن، فقال ابن كثير في تاريخه: فصل في الحديث الدال على انه عليه السلام خطب بمكان بين مكة و المدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة يقال له غدير خم فبين فيها فضل علي بن ابي طالب و براءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن بسبب ما كان صدر اليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا و تضييقا و بخلاف و الصواب كان معه في ذلك، و لهذا لما فرغ عليه السلام من بيان المناسك و رجع الى المدينة بين ذلك في اثناء الطريق فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ و كان يوم الاحد بغدير خم تحت شجرة هناك و ذكر من فضل علي و امانته و عدله و قربه اليه ما ازاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه (الى ان قال) و نحن نورد عيون ما روي في ذلك مع اعلامنا انه لا حظ للشيعة فيه و لا متمسك لهم و لا دليل ـ لكنه لم يأت بدليل يثبت ما قال ـ بل قدم اولا روايات هذه الواقعة فنقل عن محمد بن اسحق بسنده عن يزيد ابن طلحة قال: لما اقبل علي من اليمن ليلقى رسول الله«ص» بمكة تعجل الى رسول الله و استخلف على جنده الذين معه رجلا من اصحابه فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي (و هو الذي اخذه من اهل نجران) فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم فاذا عليهم الحلل قال ويلك ما هذا قال كسوت القوم ليتجملوا به اذا قدموا في الناس قال ويلك انزع قبل ان ينتهى به الى رسول الله«ص» فانتزع الحلل من الناس فردها في البز. و اظهر الجيش شكواهم لما صنع بهم، ثم حكى عن ابن اسحق انه روى بسنده عن ابي سعيد الخدري قال اشتكى الناس عليا فقام رسول الله«ص» فينا خطيبا فسمعته يقول: ايها الناس لا تشتكوا عليا فو الله انه لأخشن في ذات الله او في سبيل الله من ان يشكى، ثم حكى عن الامام احمد انه روى بسنده عن بريدة قال غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله«ص» ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله«ص» يتغير فقال يا بريدة أ لست أولى بالمؤمنين من انفسهم قلت بلى يا رسول الله قال من كنت مولاه فعلي مولاه.

قال ابن كثير: و كذا رواه النسائي باسناده نحوه، قال و هذا اسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات«ا ه» ثم اتبع ابن كثير ذلك بروايات الغدير ليجعلهما بزعمه واقعة واحدة و ان ما وقع يوم الغدير هو تدارك لما وقع في سفر اليمن و ان النبي«ص» بين يوم الغدير فضل علي و براءة ساحته مما تكلم فيه اهل ذلك الجيش مع انهما واقعتان لا دخل لاحداهما في الاخرى فالنبي«ص» لما شكا اهل الجيش من علي و كانت شكايتهم منه بمكة في ايام الحج غضب النبي لذلك و بين لهم ان شكايتهم منه في غير محلها و قام فيهم خطيبا و قال لا تشكوا عليا فو الله انه لاخشن في ذات الله من ان يشكى و قال لهم يومئذ أ لست اولى بالمؤمنين من انفسهم قالوا بلى قال من كنت مولاه فعلي مولاه و اكتفى بذلك و هو كاف في ردعهم و بيان فضل علي و ان ما فعله هو الصواب، و حديث الغدير كان في الثامن عشر من ذي الحجة بعد انقضاء الحج و رجوعه الى المدينة و لو كان ما وقع يوم الغدير هو لمجرد ردعهم و بيان خطئهم في شكايتهم من علي لقاله بمكة و اكتفى به و لم يؤخره الى رجوعه، و زعم صاحب السيرة الحلبية انه قال ذلك بمكة لبريدة وحده ثم لما وصل الى غدير خم احب ان يقوله للصحابة عموما يكذبه ما سمعته من قول ابي سعيد الخدري احد الصحابة فقام فينا خطيبا اي قام في الصحابة عموما و اعلن ذلك في خطبته على المنبر و على رؤوس الاشهاد و قوله ذلك بمكة أعم و أشمل لوجود الحاج كلهم و منهم اهل مكة و ما حولها الذين لم يكونوا معه في غدير خم فلو كان الغرض تبليغ عموم الصحابة ما وقع في مسألة اليمن لما اخره الى غدير خم و لكنه لما نزل عليه قوله تعالى (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك و ان لم تفعل فما بلغت رسالته) و هو في الطريق بلغهم اياه في غدير خم حين نزلت عليه الآية فهما واقعتان لا دخل لاحداهما في الاخرى، و خلط احداهما بالاخرى نوع من الخلط و الخبط و الغمط مع انك ستعرف و عرفت ان في روايات الغدير انه وقف حتى لحقه من بعده و امر برد من كان تقدم و هذا يدل على انه لأمر حدث في ذلك المكان و هو نزول الوحي عليه و لو كان لتبليغ عموم الصحابة لم يؤخره الى غدير خم بل كان يقوله في بعض المنازل قبله او في مكة فأمره بالنزول و هو في اثناء السير و انتظار من تخلف و امره برد من تقدم يدل على انه لامر حدث في ذلك الوقت مع انه قال هذا الكلام عقيب الامر بالتمسك بالكتاب و العترة و بيان انهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض الذي هو تمهيد لما بعده،فدل على انه لامر أهم من مسألة اليمن على اننا انما نستدل بقوله من كنت مولاه فعلي مولاه عقيب قوله أ لست اولى بالمؤمنين من انفسهم سواء أ قال ذلك بمكة ام في غدير خم و سواء أ قاله عقيب شكايتهم من علي ام لا فانه دال على ان عليا أولى بالمؤمنين من انفسهم و الامامة و الخلافة لا تزيد على ذلك كما مر، و قد اجاب صاحب السيرة الحلبية عن الحديث بوجوه عمدتها ما يأتي:

(احدهما) ان الشيعة اتفقوا على اعتبار التواتر فيما يستدلون به على الامامة من الاحاديث

و هذا الحديث مع كونه آحادا طعن في صحته جماعة من أئمة الحديث كأبي داود و ابي حاتم الرازي (و يرده) ان الحديث لا يقصر عن درجة المتواتر بمعنى المقطوع الصدور فقد رواه علماء الفريقين و محدثوهم بأسانيد صحيحة تزيد عن عدد التواتر و قد رواه عن النبي«ص» ثلاثون صحابيا و اعترف لعلي به عدد كثير من الصحابة لما نشدهم في مسجد الكوفة و دعا على من انكر فاستجيب دعاؤه فيه كما ستعرف، و لم يكن في الدوحات احد الا سمع و رأى ما جرى فيه و هم يزيدون على مائة الف و قد اعترف الحافظ الذهبي بتواتره فيما يأتي حيث قال و صدر الحديث متواتر اتيقن ان رسول الله«ص» قاله و اما زيادة اللهم وال من والاه فزيادة قوية الاسناد«ا ه» و قد افرد هذا الحديث بالتأليف حتى ان ابن جرير الطبري ـ و ناهيك به ـ جمع مجلدين في طرقه و ألفاظه و قد اثبت تواتره السيد حامد حسين الهندي اللكهنوئي من أجلاء علماء الهند في هذا العصر في كتابه عبقات الانوار فذكر من رواه من الصحابة و من رواه عنهم من التابعين و من رواه عن التابعين من تابعي التابعين و من اخرجه في كتابه من المحدثين على ترتيب القرون و الطبقات و من وثق الراوين و المخرجين له و من وثق من وثقهم و هكذا في طرز عجيب لم يسبقه اليه احد.

قال ابن كثير الشامي في تاريخه: اعتني بأمر هذا الحديث ـ يعني حديث الغدير ـ ابو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير و التاريخ فجمع فيه مجلدين اورد فيهما طرقه و ألفاظه و كذلك الحافظ الكبير ابو القاسم ابن عساكر ـ صاحب تاريخ دمشق ـ اورد احاديث كثيرة في هذه الخطبة يعني خطبة يوم الغدير«ا ه» ثم اورد ابن كثير احاديث كثيرة جدا مما ورد في يوم الغدير نقلها من كتاب ابن جرير المشار اليه و يأتي نقل بعضها، و اما طعن ابي داود و ابي حاتم فيه الذي لا منشأ له الا التحامل فهو قد قال فيما يأتي انه لا يلتفت اليه.

(ثانيها) ان اسم المولى يطلق على عشرين معنى

منها انه السيد الذي ينبغي محبته و يجتنب بغضه و ايد ذلك بما مر عنه من ان بريدة لما جاء من اليمن مع علي شكا بريدة عليا الى النبي«ص» فقال ذلك لبريدة خاصة ثم احب ان يقوله للصحابة عموما في غدير خم أي فكما عليهم ان يحبوني عليهم ان يحبوا عليا (و يرده) ان اسم المولى لو كان يطلق على الف معنى فالمراد به هنا الاولى لاقترانه بقوله أ لست اولى بكم من انفسكم فقالوا بلى قال من كنت مولاه فعلي مولاه كما مر تفصيله، على ان هذا الاهتمام العظيم من النبي«ص» بجمع الناس في غدير خم و الخطبة و رفع علي معه و اخذه بضبعيه حتى بان بياض ابطيهما لا يناسب ان يكون الغرض منه ان يعلمهم ان عليهم ان يحبوا عليا كما عليهم ان يحبوه مع كون ذلك امرا ثابتا في حق كل مسلم لا يختص به علي.

(ثالثها) مع تسليم ان المراد انه اولى بالامامة

فالمراد في المآل لا في الحال قطعا و الا لكان هو الامام مع وجود النبي«ص» و المآل لم يعين وقته فيجوز ان يكون بعد ان يبايع بالخلافة و ايده بأنه لم يحتج بذلك الا بعد ان صارت الخلافة اليه.

(و يرده) انه لم يقل احد ان معنى الحديث انه اولى بالامامة بل اولى بالمؤمنين من انفسهم فيكون هو الامام  بعد النبي«ص» لان الامامة لا تزيد على ذلك و اما في حياة النبي«ص» فقد علم انه ليس للناس امام غيره، و اما ارادة انه اولى بالمؤمنين من انفسهم في زمن خلافته فتقييد بلا مقيد. و اما عدم احتجاجه بذلك قبل زمن خلافته فلأن القول الفصل حينئذ لم يكن للكلام و الاحتجاج بل كان للسيف و القوة، و ما ينفع الاحتجاج فيمن يقول و الله لاحرقن عليكم او لتخرجن الى البيعة و يجي‏ء بعلي و الزبير و يقول لتبايعان و انتما طائعان او لتبايعان و انتما كارهان كما مر في الجزء الثاني عن الطبري و يقول لعلي انك لست متروكا حتى تبايع. و يدعو بالحطب و يحلف لتخرجن او لأحرقن الدار عليكم فيقال له ان فيها فاطمة فيقول و ان، كما مر عن ابن قتيبة هناك ايضا و يمكن ان يكون ترك الاحتجاج به لان فيه ما لا يمكن ان يتحملوه منه فيقع ما لا تحمد عقباه مع علمه بعدم الفائدة فعدل الى الاحتجاج بالقرابة و بأنه أحق و ما غاب عنا لا يمكننا الاحاطة بجميع خصوصياته لا سيما مع اعتراض الاهواء و العصبيات.

و روى الواحدي النيسابوري في كتاب اسباب النزول بسنده عن ابي سعيد الخدري قال نزلت هذه الآية يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك يوم غدير خم في علي بن ابي طالب.

و روى الامام احمد بن حنبل في مسنده و ابو يعلي الموصلي و الحسن بن سفيان فيما حكاه عنهما ابن كثير في تاريخه بأسانيدهم عن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله«ص» في سفر (في حجة الوداع) فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة و كسح لرسول الله«ص» تحت شجرة فصلى الظهر و اخذ بيد علي (فأقامه عن يمينه) فقال أ لستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من انفسهم (أ لست أولى بكل امرى‏ء من نفسه) قالوا بلى فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، فلقيه عمر بعد ذلك فقال هنيئا لك يا ابن ابي طالب اصبحت و امسيت ولي كل مؤمن و مؤمنة.

و روى الحاكم في المستدرك و صححه على شرط الشيخين و لم يتعقبه الذهبي في التلخيص بعدة اسانيد عن ابي الطفيل عن زيد بن ارقم قال لما رجع رسول الله«ص» من حجة الوداع و نزل غدير خم امر بدوحات فقممن فقال كأني قد دعيت فأجبت اني قد تركت فيكم الثقلين احدهما اكبر من الآخر كتاب الله و عترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ثم قال ان الله عز و جل مولاي و انا مولى كل مؤمن ثم اخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه .

و روى الحاكم ايضا بسنده عن سلمة بن كهيل عن ابي الطفيل عامر بن واثلة و صححه على شرطهما انه سمع زيد بن ارقم يقول نزل رسول الله«ص» بين مكة و المدينة عند شجرات خمس دوحات عظام فكنس الناس ما تحت الشجرات ثم راح رسول الله«ص» عشية فصلى ثم خطب و قال ايها الناس اني تارك فيكم امرين لن تضلوا ان اتبعتموهما و هما كتاب الله و اهل بيتي عترتي ثم قال أ تعلمون اني اولى بالمؤمنين من انفسهم ثلاث مرات قالوا نعم فقال من كنت مولاه فعلي مولاه .

و في السيرة الحلبية لما وصل«ص» الى محل بين مكة و المدينة يقال له غدير خم بقرب رابغ جمع الصحابة فخطبهم فقال ايها الناس انما انا بشر يوشك ان يأتيني رسول ربي فأجيب ثم حض على التمسك بكتاب الله و وصى باهل بيته فقال اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي اهل بيتي و لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، و قال في حق علي لما كرر عليهم أ لست أولى بكم من انفسكم ثلاثا و هم يجيبونه بالتصديق و الاعتراف و رفع يد علي و قال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و احب من احبه و ابغض من ابغضه و انصر من نصره و أعن من اعانه و اخذل من خذله و أدر الحق معه حيث دار، ثم قال و هذا حديث صحيح ورد باسانيد صحاح و حسان. قال و لا التفات لمن قدح في صحته. قال و قول بعضهم ان زيادة اللهم وال من والاه الخ موضوعة مردود فقد ورد ذلك من طرق صحح الذهبي كثيرا منها. (انتهت السيرة الحلبية) .

و قال ابن ماجة: حدثنا علي بن محمد انبأنا ابو الحسين انبأنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد ابن جدعان عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب: اقبلنا مع رسول الله«ص» في حجة الوداع فنزل في الطريق فامر بالصلاة جامعة فاخذ بيد علي فقال أ لست اولى بالمؤمنين من انفسهم قالوا بلى قال أ لست اولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فهذا ولي من انا مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه«اه».

قال ابن كثير و كذا رواه عبد الرزاق عن معمر عن علي بن زيد بن جدعان عن البراء«اه».

و اورد ابن كثير عن الامام احمد بعدة اسانيد عن زيد بن ارقم في بعضها نزلنا مع رسول الله«ص» منزلا يقال له وادي خم فامر بالصلاة فصلاها بهجير فخطبنا و ظلل رسول الله بثوب على شجرة ستره من الشمس قال ألستم تعلمون ـ او أ لستم تشهدون ـ اني اولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فمن كنت مولاه فان عليا مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، قال ابن كثير و هذا اسناد جيد رجاله ثقات على شرط السنن، و اورد ابن كثير روايات كثيرة باسانيدها من كتاب غدير خم لابن جرير و في بعضها انه«ص» قال ايها الناس اني وليكم قالوا صدقت فرفع يد علي فقال هذا وليي و المؤدي عني و ان الله موالي من والاه و معادي من عاداه«اه» تاريخ ابن كثير و استقصاء ما فيه يطول به الكلام.

و روى النسائي في الخصائص عن محمد بن المثنى عن يحيى بن حماد عن ابي معاوية عن الاعمش عن حبيب بن ابي ثابت عن ابي الطفيل عن زيد بن ارقم قال لما رجع رسول الله«ص» من حجة الوداع و نزل غدير خم امر بدوحات فقممن ثم قال كاني قد دعيت فاجبت و اني تارك فيكم الثقلين احدهما اكبر من الآخر كتاب الله و عترتي اهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ثم قال ان الله مولاي و انا ولي كل مؤمن ثم اخذ بيد علي فقال من كنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه فقلت لزيد سمعته من رسول الله«ص» فقال نعم و انه ما كان في الدوحات احد الا رآه بعينه و سمعه باذنه، قال ابن كثير في تاريخه قال شيخنا ابو عبد الله الذهبي و هذا حديث صحيح.

و روى النسائي في الخصائص ايضا بسنده عن زيد بن ارقم قام رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أ لستم تعلمون اني أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى نشهد لأنت اولى بكل مؤمن من نفسه قال فاني من كنت مولاه فهذا مولاه و اخذ بيد علي.و روى النسائي في الخصائص ايضا بسنده عن عائشة بنت سعد سمعت ابي يقول سمعت رسول الله«ص» يوم الجحفة فاخذ بيد علي فحمد الله و أثنى عليه ثم قال ايها الناس اني وليكم قالوا صدقت يا رسول الله ثم اخذ بيد علي فرفعها فقال هذا وليي و يؤدي عني و انما موالي من والاه و معادي من عاداه.

و حكى ابن كثير عن ابن جرير الطبري انه رواه بسنده عن عائشة بنت سعد عن ابيها مثله الا انه قال هذا وليي و المؤدي عني و ان الله موالي من والاه و معادي من عاداه، قال ثم رواه ابن جرير من طريق آخر و انه عليه السلام وقف حتى لحقه من بعده و أمر برد من كان تقدم فخطبهم الحديث

(و روى) النسائي بسنده عن عائشة بنت سعد عن سعد قال اخذ رسول الله«ص» بيد علي فخطب فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أ لم تعلموا اني اولى بكم من انفسكم قالوا نعم صدقت يا رسول الله ثم اخذ بيد علي فرفعها فقال من كنت وليه فهذا وليه و ان الله ليوالي من والاه و يعادي من عاداه. و بسنده عن عائشة بنت سعد عن سعد قال كنا مع رسول الله«ص» بطريق مكة و هو متوجه اليها فلما بلغ غدير خم وقف للناس ثم رد من تقدم و لحقه من تخلف فلما اجتمع الناس اليه قال ايها الناس من وليكم قالوا الله و رسوله ثلاثا ثم اخذ بيد علي فاقامه ثم قال من كان الله و رسوله وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه (اقول) كأنه اشار بذلك الى قوله تعالى انما وليكم الله و رسوله (الآية) و الولي هنا بمعني الاولى و منه ولي الطفل و ولي المرأة«اه».

و في الاستيعاب: روى بريدة و ابو هريرة و جابر و البراء بن عازب و زيد بن ارقم كل واحد منهم عن النبي«ص» انه قال يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، و بعضهم لا يزيد على من كنت مولاه فعلي مولاه، ثم قال بعد ذكر خبر اعطاء الراية يوم خيبر و هذه كلها آثار ثابتة.

و حكى صاحب السيرة الحلبية عن بعضهم انه لما شاع قوله«ص» من كنت مولاه فعلي مولاه في سائر الامصار و طار في الاقطار بلغ الحارث بن النعمان الفهري فقدم المدينة و دخل‏على النبي«ص» ثم قال يا محمد امرتنا بالشهادتين فقبلنا و امرتنا بالصلاة و الصوم و الزكاة و الحج فقبلنا ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته و قلت من كنت مولاه فعلي مولاه فهذا شي‏ء من الله او منك فاحمرت عينا رسول الله«ص» فقال و الله الذي لا اله الا هو انه من الله و ليس مني قالها ثلاثا فقام الحارث و هو يقول اللهم ان كان ما يقول محمد حقا فارسل علينا حجارة من السماء«الآية» و كان ذلك (اي ما جرى يوم الغدير) في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة«اه».

استشهاد علي عليه السلام في خلافته

(جماعة من الصحابة على حديث الغدير)

في السيرة الحلبية: قد جاء ان عليا قام خطيبا ثم قال انشد الله من شهد يوم غدير خم الا قام و لا يقوم رجل يقول انبئت او بلغني الا رجل سمعت اذناه و وعى قلبه فقام سبعة عشر صحابيا و في رواية ثلاثون صحابيا و في المعجم الكبير ستة عشر و في رواية اثنا عشر فذكر الحديث و عن زيد بن ارقم كنت ممن كتم فذهب الله ببصري و كان علي دعا على من كتم (انتهت السيرة الحلبية) .

و قال ابن كثير في تاريخه: اورد ابن ماجة عن عبد الله ابن الامام احمد في مسند ابيه بعدة اسانيد عن سعيد بن وهب و عن زيد بن يثيع (2) قال نشد علي الناس في الرحبة من سمع رسول الله«ص» يقول يوم غدير خم ما قال الا قام فقام من قبل سعيد ستة و من قبل زيد ستة فشهدوا انهم سمعوا رسول الله«ص» يقول لعلي يوم غدير خم أ ليس رسول الله اولى بالمؤمنين من انفسهم قالوا بلى قال اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه قال و في بعضها زيادة و انصر من نصره و اخذل من خذله، و اورد فيه ايضا بعدة اسانيد عن عبد الرحمن بن ابي ليلى نحوه، و في بعضها فقام اثنا عشر رجلا فقالوا قد رأيناه و سمعناه حيث اخذ بيده يقول اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من ‏نصره و اخذل من خذله الا ثلاثة لم يقوموا فدعا عليهم فاصابتهم دعوته . و اورد عنه ايضا بعدة اسانيد عن جماعة منهم ابو الطفيل قال جمع علي الناس في الرحبة يعني رحبة مسجد الكوفة قال انشد الله كل من سمع رسول الله«ص» يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام فقام ناس كثير فشهدوا حين اخذ بيده فقال للناس أ تعلمون اني اولى بالمؤمنين من انفسهم قالوا نعم يا رسول الله قال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه قال فخرجت كأن في نفسي شيئا فلقيت زيد بن ارقم فقلت له اني سمعت عليا يقول كذا و كذا قال فما تنكر سمعت رسول الله«ص» يقول ذلك له هكذا ذكره الامام احمد في مسند زيد ابن ارقم«اه».

و في الخصائص بسنده عن عمرو بن سعد انه سمع عليا و هو ينشد في الرحبة من سمع رسول الله«ص» يقول من كنت مولاه فعلي مولاه فقام ستة نفر فشهدوا (و بسنده) عن سعيد ابن وهب انه قام صحابة ستة و قال زيد بن يثيع و قام مما يلي المنبر ستة فشهدوا انهم سمعوا رسول الله«ص» يقول من كنت مولاه فعلي مولاه (و فيه) اخبرنا ابو داود حدثنا عمران ابن ابان حدثنا شريك حدثنا ابو اسحق عن زيد بن يثيع سمعت علي بن ابي طالب يقول على منبر الكوفة اني انشد الله رجلا و لا يشهد الا اصحاب محمد سمع رسول الله«ص» يوم غدير خم يقول من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه فقام ستة من جانب المنبر و ستة من جانب المنبر الآخر فشهدوا انهم سمعوا رسول الله«ص» يقول ذلك قال شريك فقلت لابي اسحق هل سمعت البراء بن عازب يحدث بهذا عن رسول الله«ص» قال نعم، قال ابو عبد الرحمن «هو النسائي»: عمران بن ابان الواسطي ليس بقوي في الحديث (و بسنده) المتعدد عن فطر بن خليفة عن ابي الطفيل عامر بن واثلة قال جمع علي الناس في الرحبة فقال انشد بالله كل امرى‏ء سمع من رسول الله«ص» قال يوم غدير خم أ لستم تعلمون اني اولى بالمؤمنين من انفسهم و هو قائم ثم اخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه قال ابو الطفيل فخرجت و في نفسي منه شي‏ء فلقيت زيد بن ارقم فاخبرته فقال تشك انا سمعته من رسول الله«ص» (و بسنده) عن سعيد بن وهب قال علي في الرحبة انشد بالله من سمع رسول الله«ص» يوم غدير خم يقول ان الله و رسوله ولي المؤمنين و من كنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه ‏و انصر من نصره قال سعيد قام الى جنبي ستة قال زيد بن يثيع قام عندي ستة و قال عمرو ذو مر احب من احبه و ابغض من ابغضه و ساق الحديث (و بسنده) عن عمرو ذي مر شهدت عليا بالرحبة ينشد اصحاب محمد أيكم سمع رسول الله«ص» يقول يوم غدير خم ما قال فقام اناس فشهدوا انهم سمعوا رسول الله«ص» يقول من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و احب من احبه و ابغض من ابغضه و انصر من نصره (و بسنده) عن سعيد بن وهب قال علي في الرحبة انشد بالله من سمع رسول الله«ص» يوم غدير خم يقول الله وليي و انا ولي المؤمنين و من كنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره فقال سعيد قام الى جنبي ستة و قال حارثة بن نصر قام ستة و قال زيد بن يثيع قام عندي ستة و قال عمرو ذو مر احب من احبه (و في اسد الغابة) بسنده عن عبد الرحمن بن ابي ليلى شهدت عليا في الرحبة يناشد الناس انشد الله من سمع رسول الله«ص» يقول يوم غدير خم أ لست اولى بالمؤمنين من انفسهم و ازواجي امهاتهم قلنا بلى يا رسول الله فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، و قد روي مثل هذا عن البراء بن عازب و زاد فقال عمر بن الخطاب يا ابن ابي طالب اصبحت اليوم ولي كل مؤمن«اه».

قال المفيد في الارشاد: و كان في حجة الوداع من فضل أمير المؤمنين عليه السلام الذي اختص به ما شرحناه و انفرد فيه من المنقبة الجليلة ما ذكرناه و كان شريك النبي في حجه و هديه و مناسكه و وفقه الله تعالى لمساواة نبيه في نيته و وفاقه في عبادته و ظهر من مكانه عنده و جليل محله عند الله سبحانه ما نوه به في مدحته و اوجب له فرض طاعته على الخلائق و اختصاصه بخلافته و التصريح منه بالدعوة الى اتباعه و النهي عن مخالفته و الدعاء لمن اقتدى به في الدين و قام بنصرته و الدعاء على من خالفه و اللعن لمن بارزه بعداوته و كشف بذلك عن كونه افضل خلق الله تعالى و اجل بريته و هذا مما لم يشركه فيه ايضا احد من الامة و لا تعرض منه بفضل يقاربه على شبهة لمن ظنه او بصيرة لمن عرف المعنى في حقيقته و الله المحمود «اه».

(الرابع) انه افضل الصحابة فيكون هو الامام لان تقديم المفضول على الفاضل قبيح و الدليل على انه افضل الصحابة امور:

(احدها) ان الناس انما تتفاضل بالصفات الحسنة النفسية كالعلم و الحلم و الصفح و الشجاعة و السماحة و الفصاحة و البلاغة و العدل و محاسن الاخلاق و العبادة و الزهادة و الجهاد و غير ذلك.

(اما العلم) فقد كان أعلم الصحابة و كانوا يرجعون اليه في المشكلات و لم يكن يرجع الى احد و كفى في ذلك قول عمر: لو لا علي لهلك عمر، قضية و لا ابو حسن لها، اعوذ بالله من قضية ليس لها ابو حسن، لا يفتين احد في المسجد و علي حاضر و امثاله مما شاع و ذاع و عرفه كل احد حتى استشهد به النحويون في كتبهم. و قوله«ص» :انا مدينة العلم و علي بابها، و قوله«ص» اعطي علي تسعة اجزاء الحكمة و الناس جزءا واحدا، و قول ابن عباس انه اعطي تسعة اعشار العلم و شارك في العشر العاشر، و انه ما شك في قضاء بين اثنين، و انه اقضى اهل المدينة و أعلمهم بالفرائض، و قوله«ص»: انه أقضى اصحابه. و قد ألفت المؤلفات في قضاياه بالخصوص، و قول عطاء ما اعلم احدا كان في اصحاب محمد«ص» اعلم من علي، و قول عائشة اما انه لأعلم الناس بالسنة، و قوله عليه السلام سلوني فو الله لا تسألوني عن شي‏ء الا اخبرتكم سلوني عن كتاب الله فو الله ما من آية الا و انا أعلم أ بليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل، و انه ما كان احد يقول سلوني غيره، و قوله«ص» لما نزلت و تعيها اذن واعية انت اذن واعية لعلمي. و قول معوية ذهب الفقه و العلم بموت علي بن ابي طالب. و ذكرنا هذا كله مفصلا باسانيده عن ذكر فضائله.

قال المفيد في الارشاد: فاما الاخبار التي جاءت بالباهر من قضاياه في الدين و احكامه التي افتقر اليه في علمها كافة المؤمنين بعد الذي أثبتناه من جملة الوارد في تقدمه في العلم و تبريزه على الجماعة بالمعرفة و الفهم و فزع علماء الصحابة اليه فيما اعضل من ذلك و التجائهم اليه فيه و تسليمهم له القضاء به فهي اكثر من تحصى و أجل من ان تتعاطى فمن ذلك ما رواه نقلة الآثار من العامة و الخاصة في قضاياه و رسول الله حي فصوبه فيها و حكم له بالحق فيما قضاه و دعا له بخير و أثنى عليه به و أبانه بالفضل في ذلك من الكافة و دل به على استحقاقه الامر من بعده و وجوب تقدمه على من سواه في مقام الامامة كما تضمن ذلك التنزيل فيما دل على معناه و عرف به ما حواه من التأويل حيث يقول الله عز و جل (أ فمن يهدي الى الحق‏ احق ان يتبع أم من لا يهدي الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون) و قوله (قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون انما يتذكر اولو الالباب) و قوله عز و جل في قصة آدم و قد قالت الملائكة (ا تجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك قال اني أعلم ما لا تعلمون و علم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما انبأهم باسمائهم قال أ لم اقل لكم اني اعلم غيب السماوات و الارض و اعلم ما تبدون و ما كنتم تكتمون) فنبه الله جل جلاله الملائكة على ان آدم احق بالخلافة منهم لانه أعلم منهم بالاسماء و افضلهم في علم الانباء . و قال تقدست اسماؤه في قصة طالوت (و قال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا و نحن أحق بالملك منه و لم يؤت سعة من المال قال ان الله اصطفاه عليكم و زاده بسطة في العلم و الجسم و الله يؤتي ملكه من يشاء و الله واسع عليم) فجعل جهة حقه في التقدم عليهم ما زاده الله من البسطة في العلم و الجسم و اصطفاءه اياه على كافتهم بذلك و كانت هذه الآيات موافقة لدلائل العقول في ان الأعلم هو أحق بالتقدم في محل الامامة ممن لا يساويه في العلم و دلت على وجوب تقدم أمير المؤمنين على كافة المسلمين في خلافة الرسول و امامة الامة لتقدمه في العلم و الحكمة و قصورهم عن منزلته في ذلك «اه» .

(و اما الحلم و الصفح) فقد ذكرنا عند ذكر فضائله ما يثبت ذلك بأوضح وجه و اجلاه و كذا الباقي فلا نطيل باعادته، و امتيازه في كل ذلك قد صار ملحقا بالضروريات منتظما في سلك المتواترات و الاستدلال عليه كالاستدلال على الشمس الضاحية، و ما ذكرناه في ذلك قد اتفق على روايته المؤالف و المخالف بخلاف ما روي مما يعارضه فقد رواه فريق دون فريق و تطرقت اليه الشبهة بما كان يجهد فيه اعداء أمير المؤمنين في عصر الملك العضوض و يبذلون على روايته الاموال و هم في سلطانهم، والاطالة في هذا تخرجنا عن موضوع الكتاب و فيما ذكر غنى و كفاية و مقنع لمن اراد و الله الهادي.

(ثانيها) حديث الطائر المشوي

الذي مر في الفضائل لدلالته على انه احب الخلق الى الله تعالى بعد النبي صلى الله عليه و آله و سلم و معلوم ان حب الله تعالى و حب النبي«ص» لا يكون كحب غيرهم لمحاباة او قرابة او منفعة او غيرها و لا يكون الا عن استحقاق فيدل على الافضلية.

(ثالثها) حديث الكساء

و مر ذكره في سيرة الزهراء عليها السلام في الجزء الثاني و مر في الفضائل في هذا الجزء.

(رابعها) ما دل على انه نفس رسول الله«ص» في آية المباهلة

(فقل تعالوا ندع ابناءنا و ابناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) و يأتي خبر نزولها عند ذكر و فد نجران سنة عشر من الهجرة و انما نذكر هنا بعض ما يتعلق بكونه نفس رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فقط فنقول: اتفق الرواة و المفسرون على ان الذين دعاهم رسول الله«ص» للمباهلة هم علي و فاطمة و الحسنان و انه لم يدع احدا غيرهم .و حينئذ فالمراد بأبنائنا الحسنان و بنسائنا فاطمة و هو واضح. اما انفسنا فلا يجوز ان يكون المراد به غير علي بن ابي طالب لما ذكره صاحب مجمع البيان و غيره من انه لا يجوز ان يدعو الانسان نفسه و انما يصح ان يدعو غيره و اذا كان قوله و انفسنا لا بد ان يكون اشارة الى غير الرسول  وجب ان يكون اشارة الى علي لانه لا احد يدعي دخول غير أمير المؤمنين علي و زوجته و ولديه في المباهلة. و يمكن ان يقال بأنه يصح التعبير عن الحضور بدعاء النفس مجازا و هو المراد هنا فالاولى في الاستدلال ان يقال ان الاتفاق واقع على ان عليا كان من جملة من دعاهم النبي«ص» للمباهلة و ليس داخلا في الابناء و النساء قطعا فتعين دخوله في قوله و انفسنا فيكون المراد بأنفسنا علي وحده او هو مع النبي«ص» و على الوجهين يكون قد اطلق عليه نفس النبي صلى الله عليه و آله و سلم فان قلنا المراد بانفسنا علي وحده كان التجوز في انفسنا وحدها، و ان قلنا المراد به رسول الله و علي معا كان التجوز في ندعو باستعمالها في دعاء النفس و دعاء الغير و في انفسنا ايضا.

و الحاصل ان انفسنا مراد به علي بن ابي طالب اما وحده او مع النبي«ص» اختار الاول الشعبي فيما حكاه عنه الواحدي فقال ابناءنا الحسن و الحسين و نساءنا فاطمة و انفسنا علي ابن ابي طالب، و اختار الثاني جابر فيما حكاه عنه صاحب الدر المنثور فقال انفسنا رسول الله و علي و ابناؤنا الحسن و الحسين و نساؤنا فاطمة.

(فاذا) ثبت ان المراد بانفسنا علي بن ابي طالب دل على انه افضل الخلق بعد رسول الله«ص» اذ المراد به انه مثل نفسه مجازا لان كونه نفسه حقيقة باطل بالضرورة و اذا ثبت اطلاق انه مثله كان المراد انه مثله في جميع صفاته الا ما اخرجه الدليل مثل النبوة و المساواة في الفضل للاجماع على ان عليا ليس بنبي و ان النبي«ص» افضل منه فبقي الباقي و هو انه افضل من سائر الصحابة و بالجملة ففي كونه مثل النبي الا ما اخرجه الدليل غنى و كفاية .قال الرازي في تفسيره: كان في الري رجل يقال له محمود بن الحسن الحمصي (3) و كان متكلم الاثني عشرية و كان يزعم ان قوله و انفسنا و انفسكم يدل على ان عليا افضل من جميع الانبياء سوى محمد«ص» لان الانسان لا يدعو نفسه بل غيره و اجمعوا على ان ذلك الغير كان علي ابن ابي طالب فدلت على ان نفسه هي نفس محمد و لا يمكن ان يراد ان هذه النفس عين تلك النفس فالمراد انها مثلها و ذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه ترك العمل به في النبوة و الفضل لقيام الدليل فبقى ما عداه.و محمد افضل من سائر الانبياء فعلي مثله.

ثم قال (اي الحمصي) و يؤيد الاستدلال بهذه الآية الحديث المقبول عند الموافق و المخالف و هو قوله عليه السلام:من اراد ان يرى آدم في علمه و نوحا في طاعته و ابراهيم في خلقه فلينظر الى علي بن ابي طالب، فالحديث دل على انه اجتمع فيه ما كان متفرقا فيهم و ذلك يدل على انه افضل من جميعهم سوى محمد«ص». قال: و اما سائر الشيعة فقد كانوا قديما و حديثا يستدلون بهذه الآية على ان عليا افضل من سائر الصحابة لان الآية لما دلت على ان نفسه مثل نفسه الا فيما خصه الدليل و كانت نفس محمد افضل من الصحابة فوجب ان تكون نفس علي كذلك. و الجواب انه كما انعقد الاجماع بين المسلمين على ان محمدا عليه السلام افضل من علي كذلك انعقد الاجماع بينهم قبل ظهور هذا الانسان على ان النبي افضل ممن ليس بنبي«اه» ملخصا. و قد دل كلامه على تسليم دلالة الآية على ذلك لو لا الاجماع فبقي‏الامر موقوفا على تحقق الاجماع هذا بالنسبة الى الانبياء، اما بالنسبة الى الصحابة فهو يسلم به لانه لم يرده و لم يناقش فيه.

قال المفيد:

و في قصة اهل نجران بيان عن فضل أمير المؤمنين عليه السلام مع ما فيه من الآية للنبي«ص» و المعجز الدال على نبوته، و ان الله تعالى حكم في آية المباهلة لامير المؤمنين عليه السلام بانه نفس رسول الله«ص» كاشفا بذلك عن بلوغه نهاية الفضل و مساواته للنبي«ص» في الكمال و العصمة من الآثام و ان الله تعالى جعله و زوجته و ولديه مع تقارب سنهما حجة لنبيه و برهانا على دينه و نص على الحكم بان الحسن و الحسين ابناؤه و ان فاطمة نساؤه المتوجه اليهن الذكر و الخطاب في الدعاء الى المباهلة و الاحتجاج و هذا فضل لم يشركهم فيه احد من الامة و لاقاربهم فيه و لا ماثلهم في معناه و هو لاحق بما تقدم من مناقب أمير المؤمنين الخاصة به.

(الخامس) قوله تعالى: انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون.

نزلت في حق علي بن ابي طالب لما تصدق بخاتمه و هو في الصلاة، فلفظ الذين آمنوا و ان كان عاما الا ان المراد به خاص و ارادة الواحد من لفظ الجمع في كلام العرب و في القرآن الكريم غير عزيزة مع دلالة القرينة كما في قوله تعالى الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم و المراد نعيم بن مسعود، و المراد من الزكاة فيها هي الصدقة لان الزكاة و ان اشتهرت في الشرع في الصدقة الواجبة لكنها تطلق على المستحبة ايضا بكثرة و قوله و هم راكعون حال من ضمير يؤتون الزكاة اي و يؤتون الزكاة في حال ركوعهم.

روى الواحدي النيسابوري في كتابه اسباب النزول عن الكلبي ان آخر الآية في علي بن ابي طالب لانه اعطى خاتمه سائلا و هو راكع.و روى بسنده عن ابن عباس قال اقبل عبد الله بن سلام و معه نفر من قومه قد آمنوا فقالوا يا رسول الله ان منازلنا بعيدة و ليس لنا مجلس و لا متحدث و ان قومنا لما رأونا آمنا بالله و رسوله و صدقناه رفضونا و آلوا على انفسهم ان لا يجالسونا و لا يناكحونا و لا يكلمونا فشق ذلك علينا فقال لهم النبي عليه السلام: انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا«الآية» ثم ان النبي«ص» خرج الى المسجد و الناس بين قائم و راكع فنظر سائلا فقال هل اعطاك احد شيئا قال نعم خاتم قال من‏اعطاكه قال ذلك القائم و أومأ بيده الى علي بن ابي طالب فقال على اي حال اعطاك قال اعطاني و هو راكع فكبر النبي«ص» ثم قرأ و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون، و في الدر المنثور للسيوطي: اخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس قال: أتى عبد الله بن سلام و ذكر نحوه.

و في اسباب النزول للسيوطي: اخرج الطبراني في الاوسط بسند فيه مجاهيل عن عمار بن ياسر قال: وقف على علي بن ابي طالب سائل و هو راكع في تطوع فنزل خاتمه فأعطاه السائل فنزلت انما وليكم الله و رسوله«الآية» و له شاهد.

قال عبد الرزاق حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن ابيه عن ابن عباس في قوله انما وليكم الله و رسوله«الآية» قال نزلت في علي بن ابي طالب.

و روى ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس مثله، و اخرج ايضا عن علي مثله، و اخرج ابن جرير عن مجاهد و ابن ابي حاتم عن سلمة بن كهيل مثله قال فهذه شواهد يقوي بعضها بعضا«اه» اسباب النزول، يعني فلا يضر كون بعض طرقه فيه مجاهيل.

و قال السيوطي في الدر المنثور: اخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس قال تصدق علي بخاتمه و هو راكع فقال النبي«ص» للسائل من اعطاك هذا الخاتم قال ذاك الراكع فانزل الله انما وليكم الله و رسوله.

و اخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن جرير و ابو الشيخ و ابن مردويه عن ابن عباس في قوله انما وليكم الله و رسوله«الآية» قال نزلت في علي بن ابي طالب.

و اخرج الطبراني في الاوسط و ابن مردويه عن عمار بن ياسر قال وقف بعلي سائل و هو راكع في صلاة تطوع فنزع خاتمه فأعطاه السائل فأتى رسول الله«ص» فاعلمه ذلك فنزلت على النبي«ص» هذه الآية انما وليكم الله و رسوله«الآية» فقرأ رسول الله«ص» على اصحابه ثم قال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، و اخرج ابو الشيخ و ابن مردويه عن علي بن ابي طالب قال نزلت هذه الآية على رسول الله«ص» في بيته انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الى آخر الآية فخرج رسول الله«ص» فدخل المسجد و جاء الناس يصلون بين راكع و ساجد و قائم يصلي فاذا سائل فقال يا سائل هل اعطاك احد شيئا قال لا الا ذاك الراكع لعلي ابن ابي طالب اعطاني خاتمه .

و اخرج ابن ابي حاتم و ابو الشيخ و ابن عساكر عن سلمة بن كهيل قال تصدق علي بخاتمه و هو راكع فنزلت انما وليكم الله«الآية»، و اخرج الطبراني و ابن مردويه و ابو نعيم عن ابي رافع قال دخلت على رسول الله«ص» و هو نائم يوحى اليه «الى‏ان قال» فمكث ساعة فاستيقظ و هو يقول: انما وليكم الله و رسوله«الآية» الحمد لله الذي أتم لعلي نعمه و هنيئا لعلي بتفضيل الله اياه.

و اخرج ابن مردويه عن ابن عباس: كان علي ابن ابي طالب قائما يصلي فمر سائل و هو راكع فأعطاه خاتمه فنزلت هذه الآية نزلت في الذين آمنوا و علي اولهم«اه» الدر المنثور . و في الكشاف: و هم راكعون الواو فيه للحال اي يعلمون ذلك في حال الركوع و هو الخشوع و الاخبات و التواضع لله اذا صلوا و اذا زكوا و قيل هو حال من يؤتون الزكاة بمعنى يؤتونها في حال ركوعهم في الصلاة و انها نزلت في حق علي ابن ابي طالب حين سأله سائل و هو راكع في صلاته فطرح له خاتمه قال فان قلت كيف صح ان يكون لعلي و اللفظ لفظ جماعة قلت جي‏ء به على لفظ الجمع و ان كان السبب فيه رجلا واحدا ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه«اه»

(اقول) الركوع و ان كان في اللغة بمعنى مطلق الخضوع لكنه صار في الشرع اسما لركوع الصلاة كما ان الصلاة كان معناها في اللغة مطلق الدعاء و صارت في عرف الشرع لذات الاركان فقوله تعالى و هم راكعون لا يصح ان يراد به و هم خاضعون لان الحقيقة الشرعية و العرفية مقدمة على الحقيقة اللغوية و لم يستعمل في القرآن الا في ذلك المعنى،و اذا قيل لهم اركعوا لا يركعون.يا مريم اقنتي لربك و اسجدي و اركعي مع الراكعين، و اقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و اركعوا مع الراكعين،يا ايها الذين آمنوا اركعوا و اسجدوا، و خر راكعا و أناب،تراهم ركعا سجدا، و الركوع السجود، الراكعون الساجدون،فعلم بذلك ان المراد به ركوع الصلاة، و في تفسير الطبري اختلف اهل التأويل في المراد بالذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون فقال بعضهم عنى به علي بن ابي طالب و قال بعضهم عنى به جميع المؤمنين، ثم روى عن السدي انه قال:هؤلاء جميع المؤمنين و لكن علي بن ابي طالب مر به سائل و هو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه، و روى بسنده عن عبد الملك عن ابي جعفر سألته عن هذه الآية قلنا من الذين آمنوا قال الذين آمنوا قلنا بلغنا انها نزلت في علي بن ابي طالب قال علي من الذين آمنوا.

و في الدر المنثور اخرج عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر عن ابي جعفر انه سئل عن هذه الآية و ذكر مثله. قال و اخرج ابو نعيم في الحلية عن عبد الملك بن ابي سليمان قال سألت ابا جعفر محمد بن علي و ذكر نحوه و منه علم ان المراد به الباقر عليه السلام.

و روى الطبري في تفسيره عن عتبة بن حكيم في هذه الآية انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا قال‏علي بن ابي طالب، و بسنده عن مجاهد قال نزلت في علي بن ابي طالب تصدق و هو راكع (اقول) فدل عدم امكان ارادة العموم منها على ان كلام السدي راجع الى ان المراد من الذين آمنوا علي بن ابي طالب بان يكون مراده هؤلاء جميع المؤمنين في ظاهر اللفظ و لكن علي بن ابي طالب مر به سائل و هو راكع فأعطاه خاتمه فكان ذلك قرينة على انه هو المراد و الا لكان كلامه متدافعا، و لذلك قال السيوطي في الدر المنثور : اخرج ابن جرير عن مجاهد انها نزلت في علي بن ابي طالب تصدق و هو راكع، و اخرج ابن جرير عن السدي و عتبة بن حكيم مثله«اه» فجعل السدي من القائلين بنزولها في علي، و المنقول عن ابي جعفر الباقر ان صح فيه نوع اجمال و يمكن ارجاعه الى ما مر بان يكون قوله علي من الذين آمنوا اي فصح اطلاق هذا اللفظ عليه، و من ذلك يعلم ان وجود القائل بالقول الثاني غير متحقق، و في تفسير الفخر الرازي في قوله الذين آمنوا قولان (الاول) ان المراد عامة المؤمنين لان عبادة بن الصامت لما تبرأ من اليهود و قال انا بري‏ء الى الله من حلف قريظة و النضير و اتولى الله و رسوله نزلت هذه الآية على وفق قوله، قال و روي ايضا ان عبد الله بن سلام قال يا رسول الله ان قومنا قد هجرونا و اقسموا ان لا يجالسونا و لا نستطيع مجالسة اصحابك لبعد المنازل فنزلت هذه الاية فقال رضينا بالله و برسوله و بالمؤمنين اولياء .

(اقول) الاستشهاد بخبر عبد الله بن سلام على ان المراد عامة المؤمنين لا وجه له لانه انما يدل على ان الله تعالى جعل لهم بدل هجر قومهم اياهم ولاية الله و رسوله و الذين آمنوا سواء اريد بالذين آمنوا العموم او الخصوص فاذا كان هناك ما يدل على الخصوص لم يكن فيه منافاة لهذا الخبر و لذلك ذكره الواحدي في سياق نزولها في علي بن ابي طالب كما مر في الفضائل.

قال الفخر (القول الثاني) ان المراد من هذه الاية شخص معين ـ روي عكرمة انها نزلت في علي بن ابي طالب و روي ان عبد الله بن سلام قال لما نزلت هذه الاية قلت يا رسول الله انا رأيت عليا تصدق بخاتمه على محتاج و هو راكع فنحن نتولاه، و روي عن ابي ذر انه قال صليت مع رسول الله«ص» يوما صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه احد فرفع السائل يده الى السماء و قال اللهم اشهد اني سألت في مسجد الرسول«ص» فما اعطاني احد شيئا و علي«ع» كان راكعا فأومأ اليه بخنصره اليمنى و كان فيها خاتم فأقبل السائل حتى اخذ الخاتم بمرأى النبي«ص» فقال اللهم ان اخي موسى سأل فقال رب اشرح لي صدري الى قوله و اشركه في امري فأنزلت قرآنا ناطقا سنشد عضدك باخيك و نجعل لكما سلطانا اللهم و انا محمد نبيك و صفيك فاشرح لي صدري و يسر لي امري و اجعل لي وزيرا من اهلي عليا اشدد به ظهري، قال ابوذر فو الله ما أتم رسول الله«ص» هذه الكلمة حتى نزل جبرئيل فقال يا محمد اقرأ انما وليكم الله و رسوله الى آخرها«ا ه»

(اقول) علم من مجموع ما سلف ان احتمال ارادة عموم المؤمنين ضعيف لا يعول عليه و لا يرجع الى مستند و لا يعارض الاخبار الكثيرة الدالة على نزولها في علي عليه السلام و ان وجود القائل به غير متحقق، مضافا الى انه على هذا الاحتمال تكون الواو في و هم راكعون عاطفة من عطف الخاص على العام كما في أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و اركعوا مع الراكعين، و لو كان كذلك لكان من مقتضى البلاغة ان يقول و هم يركعون لان الجمل التي قبلها فعلية فلا يناسب عطف الجملة الاسمية الصرفة عليها بل المناسب ان يقول و هم يركعون كما في قوله تعالى الذين يؤمنون بالغيب و يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون و الذين يؤمنون بما انزل اليك و ما انزل من قبلك و بالآخرة هم يوقنون و لم يقل موقنون و رواية عكرمة قد انفرد بها فلا تعارض الروايات الكثيرة مع انه كان متهما برأي الخوارج و اذا كان المراد بهذه الآية شخص معين و هو علي بن ابي طالب كانت دالة على امامته لان في اقتران ولايته بولاية الله تعالى و رسوله«ص» مع الحصر بأنما اقوى دليل على ذلك، و قد أطال الفخر الرازي في تفسير هذه الآية و ذكر اشياء اكثرها لا طائل تحتها مثل ان اللائق بعلي عليه السلام ان يكون مستغرق القلب بذكر الله في الصلاة لا يتفرغ لاستماع كلام الغير و فهمه (و الجواب) ان الاستماع الى كلام السائل لا يخرج عن ذلك كما يحكى عن ابي الفرج الجوزي انه قال في جواب السائل عن ذلك:

يسقي و يشرب لا تلهيه سكرته‏ 

عن النديم و لا يلهو عن الكاس

(و مثل) ان دفع الخاتم في الصلاة للفقير عمل كثير و اللائق بحال علي عليه السلام ان لا يفعل ذلك (و الجواب) ان اراد انه عمل كثير مبطل للصلاة فقد اجاب عنه في الكشاف بقوله كأن الخاتم كان مرجا في خنصره فلم يتكلف لخلعه كثير عمل تفسد بمثله صلاته«ا ه» و عند فقهائنا انه لا يفسد الصلاة الا العمل الكثير الماحي لصورتها و ان اراد انه عمل كثير يكره فعله ففيه انه كيف يكره التصدق على الفقير الذي هو من افضل الطاعات الى غير ذلك‏مما اطال به و لا فائدة في نقله و نقضه.

(السادس) آية التطهير:

انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا، دلت الاخبار الكثيرة على ان المراد بأهل البيت علي و فاطمة و الحسنان فتدل الآية الشريفة على عصمتهم لان الذنب رجس و قد أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا من كل رجس و ذنب، و لا ينافي ذلك كون ما قبلها و ما بعدها في نساء النبي«ص» بعد ما ورد النص الصريح بان المراد بها ما ذكر و بعد تذكير ضمير عنكم و مراعاة السياق في الكتاب العزيز غير لازمة كما في موارد كثيرة منه و لعل ذلك لانه نزل نجوما، و مر الكلام على ذلك مفصلا في سيرة الزهراء عليها السلام من الجزء الاول و مر له ذكر في الفضائل من هذا الجزء.

(السابع) احاديث الثقلين :

التي رواها اجلاء علماء اهل السنة و اكابر محدثيهم في صحاحهم باسانيدهم المتعددة و اتفق على روايتها الفريقان فرواها مسلم و الترمذي في صحيحيهما و الامام احمد بن حنبل في مسنده و الثعلبي في تفسيره و ابن المغازلي الشافعي في المناقب و صاحب الجمع بين الصحاح الستة و الحميدي من افراد مسلم و السمعاني في فضائل الصحابة و الحموئي و موفق بن احمد و الطبراني و ابن حجر في صواعقه و غيرهم و رويت من طرق اهل البيت باثنين و ثمانين طريقا (اما روايات اهل السنة) ففيها عن زيد بن ارقم عن النبي (ص) انا تارك فيكم ثقلين اولهما كتاب الله فيه الهدى و النور فخذوا بكتاب الله و استمسكوا به فحث على كتاب الله و رغب فيه ثم قال و اهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي فقال له حصين و من اهل بيته يا زيد أ ليس نساؤه من اهل بيته فقال نساؤه من اهل بيته و لكن اهل بيته من حرم الصدقة بعده قال و من هم قال آل علي و آل عقيل و آل جعفر و آل عباس قال هؤلاء حرم الصدقة قال نعم (و في رواية) لمسلم فقلنا من اهل بيته نساؤه قال لا لأن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع الى ابيها و قومها أهل بيته اصله و عصبته الذين حرموا الصدقة بعده، (و فيها) عن ابي سعيد الخدري عن النبي (ص) اني تارك فيكم الثقلين و في رواية خليفتين احدهما اكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض و عترتي اهل بيتي و انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض «و في رواية»و ان‏ اللطيف الخبير اخبرني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا بما تخلفوني فيهما (و في اخرى) اني قد تركت فيكم ما ان اخذتم به لن تضلوا بعدي الثقلين احدهما اكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض و عترتي اهل بيتي و انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض «و في رواية» اني تارك فيكم امرين لن تضلوا ان تبعتموهما و هما كتاب الله و عترتي اهل بيتي فلا تتقدموهما فتهلكوا و لا تقصروا عنهما فتهلكوا و لا تعلموهم فانهم اعلم منكم،و هي صريحة في خروج النساء من اهل البيت و اختصاصهم بعشيرته و عصبته و قد اوردنا هذه الاحاديث كلها و تكلمنا عليها بما لا مزيد عليه في كتابنا اقناع اللائم على اقامة المآتم فليرجع اليه من اراد.دلت هذه الاحاديث على عصمة أهل البيت من الذنوب و الخطأ لمساواتهم فيها بالقرآن الثابت عصمته في انهم احد الثقلين المخلفين في الناس و في الامر بالتمسك بهم كالتمسك بالقرآن ولو كان الخطأ يقع منهم لما صح الامر بالتمسك بهم الذي هو عبارة عن جعل اقوالهم و افعالهم حجة و في ان المتمسك بهم لا يضل كما لا يضل المتمسك بالقرآن و لو وقع منهم الذنب او الخطأ لكان المتمسك بهم يضل و ان في اتباعهم الهدى و النور كما في القرآن و لو لم يكونوا معصومين لكان في اتباعهم الضلال و في انهم حبل ممدود من السماء الى الارض كالقرآن و هو كناية عن انهم واسطة بين الله تعالى و بين خلقه و ان اقوالهم عن الله تعالى و لو لم يكونوا معصومين لم يكونوا كذلك و في انهم لن يفارقوا القرآن و لن يفارقهم مدة عمر الدنيا و لو اخطأوا او اذنبوا لفارقوا القرآن و فارقهم و في عدم جواز مفارقتهم بتقدم عليهم بجعل نفسه اماما لهم او تقصير عنهم و ائتمام بغيرهم كما لا يجوز التقدم على القرآن بالافتاء بغير ما فيه او التقصير عنه باتباع اقوال مخالفيه و في عدم جواز تعليمهم ورد اقوالهم و لو كانوا يجهلون شيئا لوجب تعليمهم و لم ينه عن رد قولهم، و دلت هذه الاحاديث ايضا على ان منهم من هذه صفته في كل عصر و زمان بدليل قوله«ص» انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض و ان اللطيف الخبير اخبره بذلك و ورود الحوض كناية عن انقضاء عمر الدنيا فلو خلا زمان من احدهما لم يصدق انهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض، اذا علم ذلك ظهر انه لا يمكن ان يراد باهل البيت جميع بني هاشم بل هو من العام المخصوص بمن ثبت اختصاصهم بالفضل و العلم و الزهد و العفة و النزاهة من ائمة اهل البيت الطاهر و هم الائمة الاثنا عشر و امهم الزهراء البتول للاجماع على عدم‏ عصمة من عداهم و الوجدان ايضا على خلاف ذلك لان من عداهم من بني هاشم تصدر منهم الذنوب و يجهلون كثيرا من الاحكام و لا يمتازون عن غيرهم من الخلق فلا يمكن ان يكونوا هم المجعولين شركاء القرآن في الامور المذكورة بل يتعين ان يكونوا بعضهم لا كلهم و ليس الا من ذكرنا اما تفسير زيد بن ارقم لهم بمطلق بني هاشم ان صح ذلك عنه فلا تجب متابعته عليه بعد قيام الدليل على بطلانه.

(الثامن) حديث السفينة و باب حطة :

و هو قوله«ص»مثل اهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تأخر عنها هلك او من ركب فيها نجا و من تخلف عنها غرق او من دخلها نجا و من تخلف عنها هلك. الذي اتفق على روايته جميع علماء الاسلام، قال ابن حجر في الصواعق. جاء من طرق عديدة يقوي بعضها بعضا انما مثل اهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا و في رواية مسلم و من تخلف عنها غرق و في رواية هلك و انما مثل اهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني اسرائيل من دخله غفر له و في رواية غفر له الذنوب و قال في موضع آخر جاء من طرق كثيرة يقوي بعضها بعضا مثل اهل بيتي و في رواية انما مثل اهل بيتي و في اخرى ان مثل اهل بيتي و في رواية الا ان مثل اهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق و في رواية من ركبها سلم و من تركها غرق و ان مثل اهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني اسرائيل من دخله غفر له (ا ه) .

و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن حنش الكناني سمعت ابا ذر يقول و هو آخذ بباب الكعبة من عرفني فانا من عرفتم و من انكرني فانا ابو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول مثل اهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق هذا حديث صحيح على شرط مسلم (ا ه) و قد تكلمنا على هذه الروايات مفصلا في كتاب اقناع اللائم على اقامة المآتم و ذكرنا هناك ان تمثيلهم بسفينة نوح صريح في وجوب اتباعهم و الاقتداء باقوالهم و افعالهم و حرمة اتباع من خالفهم و اي عبارة ابلغ في الدلالة على ذلك من قوله من ركبها نجا و من تخلف عنها هلك او غرق فكما ان كل من ركب مع نوح في سفينته نجا من الغرق و من لم يركب غرق و هلك فكذلك كل من اتبع اهل البيت اصاب الحق و نجا من سخط الله و فاز برضوانه و من خالفهم هلك و وقع في سخط الله و عذابه و ذلك دليل عصمتهم و الا لما كان كل متبع‏ لهم ناجيا و كل مخالف لهم هالكا و هذا عام مخصوص كما مر في حديث الثقلين و ليس المراد به الا أئمة اهل البيت الذين وقع الاتفاق على تفضيلهم و اشتهروا بالعلم و الفضل و الزهد و الورع و العبادة و اتفقت الامة على عدم عصمة غيرهم و غير المعصوم لا يكون متبعه ناجيا و مخالفه هالكا على كل حال و لا يقصر عنه في الدلالة خبر تسميتهم بباب حطة الدال على ان النجاة في اتباعهم و الخلاص من الذنوب و المعاصي بالاخذ بطريقتهم.

(التاسع) حديث المنزلة :

و هو قوله صلى الله عليه و آله و سلم انت مني بمنزلة هرون من موسى الا انه لا نبي بعدي.و مر في غزاة تبوك في هذا الجزء و الجزء الثاني انه قال له أ ما ترضى ان تكون مني بمنزلة هرون من موسى الا انه لا نبي بعدي.

و هذا الحديث يقع الكلام فيه في مقامين في صحة سنده و اثبات دلالته على المطلوب.

المقام الاول صحة سنده

هذا الحديث قد اعترف اكابر علماء المسلمين و ثقات الرواة من الفريقين بصحة سنده و انه من اثبت الآثار و أصحها.

في الاستيعاب روى قوله صلى الله عليه (و آله) و سلم لعلي انت مني بمنزلة هرون من موسى جماعة من الصحابة و هو من أثبت الآثار و أصحها رواه عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم سعد بن ابي وقاص و طرق حديث سعد فيه كثيرة جدا قد ذكرها ابن ابي خيثمة و غيره.و رواه ابن عباس و ابو سعيد الخدري و ام سلمة و اسماء بنت عميس و جابر بن عبد الله و جماعة يطول ذكرهم ثم روى بسنده عن اسماء بنت عميس انها قالت: سمعت رسول الله«ص» يقول لعلي انت مني بمنزلة هرون من موسى الا انه ليس بعدي نبي.و روى قبل ذلك انه قال له في غزوة تبوك انت مني بمنزلة هرون من موسى الا انه لا نبي بعدي (و روى) النسائي في الخصائص هذا الحديث بأسانيد كثيرة عن سعد بن ابي وقاص (فمن رواياته) بسنده عن سعد بن ابي وقاص قال لما غزا رسول الله «ص» غزوة تبوك و خلف عليا في المدينة قالوا فيه مله و كره صحبته فتبع علي النبي«ص» حتى لحقه في الطريق قال يا رسول الله خلفتني بالمدينة مع الذراري و النساء حتى قالوا مله و كره صحبته فقال النبي«ص» انما خلفتك على اهلي أما ترضى ان تكون مني بمنزلة هرون من موسى غير انه لا نبي بعدي (و في رواية) الا انه لا نبوة بعدي (و في رواية) فقال علي رضيت رضيت (و في رواية) انت يا ابن ابي طالب مني مكان هرون من موسى الا انه لا نبي من بعدي (و في رواية) الا انه ليس من بعدي نبي (و بسنده) عن سعد بن ابي وقاص ان النبي«ص» قال لعلي انت مني بمنزلة هرون من موسى (و بسنده) عن سعد قال لما خرج رسول الله«ص» الى تبوك خرج علي فتبعه فشكا و قال يا رسول الله أ تتركني مع الخوالف فقال النبي«ص» يا علي أما ترضى ان تكون مني بمنزلة هرون من موسى الا النبوة (و بسنده) عن سعد بن مالك ان رسول الله«ص» غزا على ناقته الجدعاء و خلف عليا و جاء علي حتى تعدى الناقة فقال يا رسول الله زعمت قريش انك انما خلفتني لانك استثقلتني و كرهت صحبتي و بكى فنادى رسول الله«ص» في الناس ما منكم احد الا و له حاجة بابن ابي طالب أما ترضى ان تكون مني بمنزلة هرون من موسى الا انه لا نبي بعدي قال علي رضيت عن الله عز و جل و عن رسول الله«ص».

(و روى) مسلم في صحيحه حديث المنزلة بعدة اسانيد منها عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد ابن ابي وقاص عن ابيه ان النبي«ص»قال لعلي انت مني بمنزلة هرون من موسى الا انه لا نبي بعدي قال سعيد فاحببت ان اشافه بذلك سعدا فلقيته فحدثته بما حدثني به عامر فقال انا سمعته فقال انا سمعته فقلت انت سمعته فوضع اصبعيه على اذنيه فقال نعم و الا فاستكتا (و رواه) في اسد الغابة بسنده عن سعيد عن عامر عن ابيه نحوه (و رواه) النسائي في الخصائص بسنده عن سعيد عن عامر بن سعد عن سعد مثله بتفاوت يسير (و روى) مسلم في صحيحه بسنده عن مصعب بن سعد بن ابي وقاص قال: خلف رسول الله«ص» علي بن ابي طالب في غزوة تبوك فقال يا رسول الله تخلفني في النساء و الصبيان فقال أ ما ترضى ان تكون مني بمنزلة هرون من موسى غير انه لا نبي بعدي.

المقام الثاني اثبات دلالته على المطلوب

من القواعد المسلمة ان الاستثناء دليل العموم فيما عدى المستثنى فقوله الا انه لا نبي بعدي يدل على عموم المنزلة و هرون كان وزيرا لموسى و شريكا له في النبوة و لو عاش بعدموسى لكان خليفة له لكنه مات في حياته فعلي له منزلة هرون عدى المشاركة في النبوة و حيث انه بقي بعد النبي«ص» فيكون خليفة له و تنتفي عنه صفة النبوة خاصة.

(لا يقال) هرون كان خليفة موسى عليهما السلام على قومه في حياته مدة غيابه كما حكاه الله تعالى بقوله اخلفني في قومي و علي عليه السلام خلفه على اهله و على المدينة في حياته مدة غيابه و لذلك قال له انت مني بمنزلة هرون من موسى اي كما ان موسى خلف هرون على قومه في حياته مدة غيابه فانا خلفتك على اهلي في حياتي مدة غيابي و اين هذا من الامامة و الخلافة العامة.

(لأنا نقول) ينافي التخصيص بذلك الاستثناء الدال على عموم المنزلة كما مر فهو دال على ان لعلي من النبي جميع ما كان لهرون من موسى عدا النبوة.

قال المفيد في الارشاد: تضمن هذا القول من رسول الله«ص» نصه عليه بالامامة و ابانته من الكافة بالخلافة و دل به على فضل لم يشركه فيه احد سواه و أوجب له به جميع منازل هرون من موسى الا ما خصه العرف و استثناه هو من النبوة الا ترى انه جعل له كافة منازل هرون من موسى الا المستثنى منها لفظا (و هو النبوة) و عقلا و هو الاخوة و قد علم من تأمل معاني القرآن و تصفح الروايات و الاخبار ان هرون كان اخا موسى لابيه و امه و شريكه في امره و وزيره على نبوته و تبليغه رسالات ربه و ان الله سبحانه شد به ازره و انه كان خليفته على قومه و كان له من الامامة عليهم و فرض الطاعة كامامته و فرض طاعته و انه كان احب قومه اليه و افضلهم لديه قال الله عز و جل حاكيا عن موسى (رب اشرح لي صدري و يسر لي امري و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي و اجعل لي وزيرا من اهلي هرون اخي اشدد به ازري و اشركه في امري كي نسبحك كثيرا و نذكرك كثيرا) فاجاب الله تعالى مسألته و اعطاه سؤله في ذلك و امنيته حيث يقول (قد اوتيت سؤلك يا موسى) و قال تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام (و قال موسى لاخيه هرون اخلفني في قومي و اصلح و لا تتبع سبيل المفسدين) فلما جعل رسول الله«ص»عليا منه بمنزلة هرون من موسى اوجب له بذلك جميع ما عددناه الا ما خصه العرف من الاخوة و استثناه من النبوة لفظا و هذه فضيلة لم يشرك فيها احد أمير المؤمنين و لا ساواه في معناها و لا قاربه فيها على حال.

تعليقات:

(1) لما كتب الدكتور محمد حسين هيكل كتابه حياة محمد نشره اول الامر فصولا في جريدة السياسة الاسبوعية و اورد هذا الحديث بنصه كاملا،فاعترض عليه معترض بأن هذا يؤيد رأي الشيعة فرد الدكتور هيكل بما معناه:ان هذا عين ما رواه التاريخ.ثم نشر الدكتور كتابه في طبعته الاولى و نشر فيه هذا الحديث و ان عدله تعديلا يسيرا،فلما طبع الكتاب ثانية شوه الحديث تشويها عجيبا،و لما سأل الناس عن السر و كيف ان الدكتور في جريدته دافع عن هذا الحديث و قال ان هذا ما رواه التاريخ.ثم عاد في طبعة الكتاب الثانية فشوهه و تجنى على التاريخـلما سأل الناس عرفوا ان الدكتور كان قد عرض على جهة ان تشتري الف نسخة من الطبعة الثانية فاشترطت هذه الجهة عليه ان يشوه الحديث هذا التشويه لقاء الخمسمائة الجنيه التي ستدفعها ثمن الالف النسخة.ـالناشرـ

(2) يثيع كزبير بمثناة تحتية و مثلثة و عين مهملة و يقال اثيع كذا في القاموس و بعضهم قال بغين معجمة.ـالمؤلفـ

(3) هو شيخ الامام الرازي.في القاموس الحمصي بالضم مشددا محمود بن علي الحمصي (الرازي) متكلم أخذ عنه الامام فخر الذين الرازي«اه»لكنه قال محمود بن علي و الرازي قال محمود بن الحسن و لعل احدهما نسبه الى الاب و الآخر الى الجد.ـالمؤلفـ

في رحاب ائمة اهل‏البيت(ع) ج 1 ص 109

السيد محسن الامين الحسيني العاملي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.