منطقة في كربلاء شاهدة على جرائم صدام والجرائم التي ارتكبت بحق الإمام الحسين عليه السلام ومرقده
كربلاء المقدسة – الحكمة : لم تكن منطقة ما بين الحرمين الشريفين وسط كربلاء كما هي عليه الان, فقد شهدت على مر الازمنة تغيرات كبيرة في المساحة والعمران حتى اصبحت في الوقت الحاضر على شكلها الان.
تتوسط المنطقة التي يؤمها الزوار من داخل العراق وخارجها المسافة بين مرقد الامام الحسين واخيه العباس عليهما السلام.
كانت هذه المساحة مسرحا لمعركة الطف الخالدة عام 61 للهجرة التي انتهت بمقتل الامام الحسين بن علي واصحابه واهل بيته عليهم السلام على يد الجيش الاموي وسبي عائلته الى الشام.
تضم المنطقة مراقد عدد من العلماء المسلمين الذين خدموا الفقه الاسلامي عبر التاريخ ودرسوا في المدارس الدينية التي كانت ولا تزال تضج بها انحاء المدينة المقدسة.
تزدحم مدينة كربلاء بالأماكن المقدسة وفي مقدمتها مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام وعدد من المقامات والمراقد, إلا أن هناك قدسية خاصة لمنطقة ما بين الحرمين الشريفين التي ارتوت بدماء زكية في واقعة الطف الخالدة، فضلاً عن وجود العشرات من مراقد العلماء الكبار الذين خدموا الفقه الإسلامي عبر التاريخ.
ويقول المؤرخ سعيد رشيد زميزم “شهدت منطقة ما بين الحرمين الشريفين في كربلاء تجمعات جماهيرية ضخمة عبر التاريخ، سواءً الاستعدادات لإعلان راية الثورة ضد الأنظمة الغاشمة القديمة وبالأخص في العهد الملكي او في العهد الصدامي وما قبل هذين العهدين في عصور الاحتلال العثماني وما قبله.
ويضيف “يذكر التاريخ حدوث واقعة سنة 1952 عندما قام رئيس وزراء العراق نور الدين محمود بإصدار بيانات تقيّد الحريات الشخصية مما أدى إلى انتفاض أهالي العراق ومنهم أهالي كربلاء في هذه المنطقة المذكورة، حيث كانت عبارة عن شوارع وأزقة، وفيها حاولت الحكومة العراقية زج الشرطة والجيش في الصراع ومن ثم الصعود إلى سطح الإمامين عليهما السلام إلا أن سادن العتبة العباسية السيد حسن ضياء الدين اتصل بالوصي على العرش عبد الإله، وطلب منه إنزال القوات العسكرية فوراً من على سطح الحرم الحسيني والعباسي وتم ذلك الأمر بالفعل”.
ويتابع زميزم “مرت منطقة ما بين الحرمين بمراحل تطوير عدة حيث كانت في أواسط القرن الماضي عبارة عن أزقة صغيرة يتخللها شارع رئيسي يسمى شارع علي الأكبر، وتوجد فيه مجموعة من الأسواق منها سوق الصياغ وسوق التجار وسوق العباس, وتم تطويرها وتوسيعها في السبعينات من القرن الماضي، ومن ثم فُتحت منطقة ما بين الحرمين ولكن ليست بهذه الصيغة الموجودة حالياً بل كانت بداية لوضع حجر الأساس للتوسعة”.
وبعد الانتفاضة الشعبانية سنة 1991 قامت القوات العسكرية في النظام السابق بتهديم كل ما موجود في هذه المنطقة من بنايات وحسينيات ومدارس دينية ليس لغرض توسيع المنطقة وتقديم الخدمة وإنما للانتقام من أبناء المدينة لثورتهم على النظام الغاشم، وبعد سقوط النظام السابق وتولي المرجعية الرشيدة إدارة العتبات المقدسة، سعت العتبتين إلى توسيع وتطوير منطقة ما بين الحرمين الشريفين لتصبح كما هي الآن رائعة ومقصداً لملايين الزائرين على مدار العام.
ويروي رئيس قسم بين الحرمين الشريفين عدنان نعمة الضعيف جزءا من تاريخ المنطقة, اذ يقول “شهدت منطقة ما بين الحرمين عدّة مراحل للتغيير ابتداءً من عام 1978 حيث كانت عبارة عن أزقة وأسواق تربط ما بين الحائر الحسيني والحائر العباسي، وقد تم التصميم للتوسعة في وقتها والمباشرة في التنفيذ وتعويض المباني ولكن لم يستمر العمل إلا لفترة قليلة, وبقي الحال كما هو عليه حتى عام 1991 حينما قامت قوات النظام السابق بتهديم كافة الأبنية والمحلات بعد حدوث الثورة ضد حكم الطاغية مما خلّف ركاماً وخراباً هائلين, وبعد هذه الأحداث مرّت الحكومة بأزمة اقتصادية كبيرة وحاولت أن تستثمر السياحة الدينية مما دفعها إلى الاهتمام بمدينة كربلاء وتطوير منطقة ما بين الحرمين وجعلها ساحة لمرور الزائرين, واستمرت إلى ما بعد سقوط النظام السابق وتولّي العتبات المقدسة إدارة الحرمين حيث تم وضع حجر الأساس للتصميم الجديد بالتعاون مع وزارة الإسكان والإعمار في عام 2012”.
ويشير عدنان الى “ان طول الساحة من الحائر الحسيني إلى الحائر العباسي يبلغ 230م وعرضها 100م , وتبلغ مساحة الساحة الوسطية مع الحائر الحسيني والعباسي ما يقارب 30 ألف متر مربع, وتحتوي الساحة أربعة مسقفات اثنتين منها صغيرة والأخرى كبيرة تتوفر فيها عدّة خدمات للزائرين أثناء الاستراحة, وكذلك يوجد مركز للمفقودين والمفقودات, وتم نصب شاشات كبيرة للبث الفضائي لعرض المحاضرات والتوجيهات الدينية للزائرين، ليتمكنوا من متابعة النشاطات والمناسبات والإرشادات الدينية.
ويختم عدنان حديثه بالقول “تشهد منطقة ما بين الحرمين عدّة طقوس دينية على مدار السنة، منها المجالس الحسينية في المناسبات الدينية وولادات ووفيات الأئمة التي يقيمها كبار الخطباء من محافظة كربلاء وبقية المحافظات، وإقامة صلاة الجماعة اليومية وصلاة العيد, وتشهد أيضاً مرور المواكب الحسينية في شهري محرم وصفر, فضلاً عن إقامة المعارض والمهرجانات والمناسبات الخاصة بالشهداء والأيتام, أما القدرة الاستيعابية للزائرين لهذه المنطقة فتبلغ بحدود 100 ألف زائر”.
وللمنطقة وقع اخر في نفوس الزائرين, اذ يتحدث الزائر نجاح محمد الأسدي من محافظة النجف “اعتدت على المجيء مع رفاقي الى منطقة بين الحرمين كل يوم خميس بعد أداء الزيارة والعبادات في المرقدين الشريفين، وبالحقيقة نحن نشعر بالراحة والطمأنينة والسكينة بين مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام، ومن جانب آخر فنحن نثني على الجهود الكبيرة التي تبذلها ادارتي العتبات المقدسة في سبيل تقديم الخدمات للزائرين وخاصة أماكن العبادة والدعاء والراحة، ونلاحظ في هذا الصدد تطورا كبيرا في منطقة ما بين الحرمين الشريفين التي تشهد على مدار السنة إقامة مختلف المناسبات الدينية.
ويستذكر نجاح” في السابق قبل ما يقارب الثلاثين عاماً لم تكن هذه المنطقة كما هي عليه الآن من الانسيابية والسعة والترتيب, أما الآن وبفضل العتبات المقدسة وما قامت به من تطوير أصبح هذا المكان يجمع المحبين الزائرين من جميع أنحاء العراق والعالم ويوفر لهم الملاذ الآمن روحيا وجسدياً”.
نون
التعليقات مغلقة.