عمالة أجنبية مخالفة للقانون تتنافس في سوق العمل

258

الحكمة – متابعة: اعداد كبيرة من حملة شهادات جامعية مختلفة وشهادات اخرى دون البكالوريوس امتهنوا اعمالا تختلف عن تخصصهم الدراسي او الفني، وحتى المهن البسيطة لم تعد متاحة امامهم بسبب منافسة العامل الاجنبي الاقل اجرا والاكثر انتاجا حسب مايراه اصحاب المصانع والورش الانتاجية، فالعمالة البنغالية متوفرة ولاتحتاج الى اجراءات روتينية او موافقات رسمية على العمل في مناطق بغداد المختلفة.

 غير قانوني

  دخول الاجانب الى البلاد لم يوجه بشكل صحيح، ومئات العمال الاجانب يوفدون كسياح لزيارة المراقد الدينية المقدسة اوعن طريق شركات متعاقدة مع الوزارات التي اتاح لها مجلس الوزراء صلاحية جلب العمالة مباشرة، ومن ثم ترويج اجازات العمل، معظمهم يتسرب الى مهن اخرى تختلف عن المهن التي وفدوا الى البلاد من اجلها رسميا، وبالتالي يدخلون تحت طائلة المخالفة القانونية، كونهم غيرمسجلين في وزارة العمل ولم تمنح لهم اجازة قانونية فضلا عن منافسة العمالة العراقية في سوق الانتاج المحلية.

منافسة

مهند كاظم (30) عاما خريج كلية العلوم للعام 2007 يعمل بائعا في محل (سوبر ماركت)  قال :

” راجعت اكثر من 5 وزارات لغرض التعيين ولكن لم انجح بسبب المحسوبيات والعلاقات والرشى التي منعت من وصولي للحصول على وظيفة ، واستقر بي الحال للعمل هنا في السوق كبائع، فأنا متزوج ولي طفلان ولايمكن البقاء من دون عمل، لكن صاحب المحل هو الاخر استغنى عن خدماتي بعد ان جلب عاملا بنغاليا بنصف راتبي الذي كنت اتقاضاه وهو 500 الف دينار شهريا مقابل 11 ساعة عمل يوميا ، واضطررت للجوء الى محل اخر والعمل براتب اقل”.

خياط

 ابراهيم فريح (37) عاما يعمل في معمل خياطة (اسطة) لخياطة الملابس الداخلية الرجالية بين :

” ان صاحب المعمل استغنى عن خدمات 15 عاملا وحرفيا عراقيين بعمال بنغال، وبرواتب لاتتعدى 150 دولار شهريا ، في حين ان العامل العراقي لن يعمل باقل من 300 دولار شهريا ، وهذا الامر اثر فينا كثيرا واصبح رب العمل يهدد بشكل دائم بانهاء خدماتنا لوجود بديل اسهل وارخص ومتوفر من دون اي معاناة”.

أصحاب العمل

احد اصحاب المعامل في منطقة جميلة الصناعية ببغداد

 اكد:

” ان سوق العمل بحاجة للعمالة الاجنبية، فهي ملائمة للقطاع الخاص وتسهل ظروف العمل مع اسعار رخيصة مقارنة بالعامل العراقي الذي اصبح مزاجيا ولايرضى بغير وظيفة الدولة، ويطلب اجورا عالية مقابل ساعات عمل قليلة، ونحن كاصحاب معامل وورش نفضل العمالة الاجنبية لانها تتقاضى اجورا اقل وبساعات عمل مفتوحة لاتخضع الى مزاجية العامل المحلي”.

دوائر حكومية

حتى الدوائر الحكومية وبعض المؤسسات الصحية هي الاخرى صارت تستعين بخدمات العمال الاجانب من الهنود والبنغال وجنسيات اخرى، فالممرضات وعمال النظافة الاجانب في كثير من المستشفيات الاهلية والحكومية يعملون باجور يومية وبعقود، ويعتمد عليهم بشكل كبير في تلك الوظائف بعد رفض الكثيرين من الشباب العمل بصفة عامل خدمة او منظف، ويرى مدير الدائرة الخدمية في احد مستشفيات بغداد (رفض ذكر اسمه):

” ان العامل العراقي اصبح بحاجة الى اعادة تأهيل وتعلم ثقافة احترام العمل، في المستشفى كان لدينا 20 عامل نظافة عراقيا من خريجي الدراسة الابتدائية، لكن اغلب اروقة المستشفى كانت غير نظيفة، ويقضون اغلب الاوقات في التدخين وقضاء ساعات العمل بالتسكع داخل المستشفى، حاليا استعضنا عنهم بـ8 عمال بنغال ، وهم يعملون 10 ساعات يوميا وبنتائج ممتازة انعكست على نظافة المستشفى، وهذا الامر ادى الى رغبة المستشفيات الاخرى باستقدام العمال الاجانب”.

اجراءات

المتحدث الرسمي لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية عمار منعم قال:

” ان وزير العمل محمد شياع السوداني وجه بتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة الموضوع ومعالجته بالتعاون مع الجهات المختصة، مثل وزارتي الداخلية والخارجية لتنظيم عملية دخول العمالة البنغلاديشية الى البلاد، واتفق مع سفير بنغلاديش المعتمد لدى العراق ابو مكصود محمد فرهاد على حل المشاكل التي تواجه عمالة بلاده، وافصح عن وجود اكثر من 30 ألف عامل اجنبي غير مجاز في البلاد”، لافتا الى ان “هذه النسبة الكبيرة من العمالة التي عدها خارج الاطار القانوني للمعايير الدولية وقانون العمل النافذ، تلزم الوزارة بوضع حد لها، خاصة ان هذه الاعداد تفتقر الى الضمانات والحقوق التي نصت عليها القوانين المحلية والدولية”، منوها بأن “وزارته تعاني من عدم التزام بعض مؤسسات الدولة والقطاع الخاص باجراءات منح الاجازة وفقا لقانون العمل”.

واوضح منعم: “ان دخول الاجانب الى البلاد غير موجه بشكل صحيح، فهو احيانا يكون من خلال السياحة لزيارة المراقد الدينية المقدسة او عن طريق شركات متعاقدة مع الوزارات التي اتاح لها مجلس الوزراء صلاحية جلب العمالة مباشرة، ومن ثم ترويج اجازات العمل”، منبها الى” انه وبعد قدوم العمالة، فإن معظمهم يتسرب الى مهن اخرى تختلف عن المهن التي وفدوا الى البلاد من اجلها رسميا، وبالتالي يدخلون تحت طائلة المخالفة القانونية، كونهم غيرمسجلين في وزارة العمل ولم تمنح لهم اجازة قانونية” كاشفا” عن اجراءات لدى الوزارة لتنظيم ذلك، منها التنسيق مع مجلس الوزراء لتصحيح القرار الخاص بدخول العمالة الاجنبية لتنظيم اجازات عمل لها وفق الاجراءات القانونية، لتجنب تسربها من دون الاطارالشرعي للعمل، الى جانب اعدادها تعليمات خاصة بالمكاتب الاهلية ليتم اعتمادها في جلب العمالة، علاوة على القيام بحملة لرصد وكشف الشركات غيرالمجازة منها من قبل الوزارة،” مبينا ان” وزارته ستمنح الشركات تراخيص تمكنها من جلب العمالة وتكفلها بجميع الاجراءات، دون الرجوع الى الوزارة، وان بترخيص هذه الشركات سيتم القضاء على نسبة كبيرة من المشاكل المتعلقة بتسرب العمالة الاجنبية”.

انفلات

الباحث الاجتماعي مهند حسن الانصاري بين:

” ان المجتمع العراقي مجتمع فتي معدلات النموالسكاني فيه مرتفعة، ونسبة الإعالة السكانية مرتفعة هي الاخرى، ومن المتوقع أن يشكل ذلك ضغطاً كبيراً على الخدمات الأساسية في المستقبل ويضع عبئاً إضافيا على عمليات إصلاح وتنمية القطاعات الخدمية لاسيما التعليم والصحة والبنية التحتية، مضيفا ان الزيادة السكانية تحد تنموي مهم في العراق، فقد نما سكان العراق بشكل متسارع بفعل السياسات السكانية السابقة، واصبح سكان العراق في 2007 أكثر من 10 أضعاف سكانه في 1927 وإذا استمرت معدلات الخصوبة والوفيات ضمن المعطيات الراهنة، سيتضاعف عدد سكان العراق مرة أخرى خلال 23 سنة القادمة، هذه الزيادة السكانية عنصر محوري في تحديد الطلب على الخدمات، وانفتاح سوق العمل وتوظيف مخرجات التعليم للكليات والمعاهد في توظيف الشباب في اختصاصهم ، وليس المقصود هنا التوظيف في القطاع العام فقط وانما تنشيط القطاع الخاص، وفتح نوافذ جديدة ، وتشريع قوانين تحد من انفلات تدفق العمالة الخارجية غير المختصة والتي تسبب انهيارا في مستوى المردود المالي للعمالة العراقية في الداخل”.

احصائيات

البطالة أحد أهم الموشرات الدالة على خلل السياسات التنموية، وهي بمثابة مؤشرعلى إخفاق وعدم تكامل سياسات التعليم والتدريب والاستثمار والتكنولوجيا، وكما ورد في تقرير للجنة الوطنية للسياسة السكانية تبين:

” ان معدل البطالة العام ومعدل بطالة الشباب شهدا إنخفاضاً تدريجياً خلال الفترة 2004 – 2008  ففي العام 2007 كان21 بالمئة من الإناث في تلك الفئة عاطلات عن العمل، مقابل    23 بالمئة من الذكور في الفئات العمرية من 15 – 24

عاما.

وجاء في التقرير الذي نشره الجهاز المركزي للاحصاء في وزارة التخطيط، ان البطالة تتناسب عكسياً مع ارتفاع المستوى التعليمي، حيث تتزايد في فئات الحاصلين على تعليم، وطبقاً لنتائج المسح الاجتماعي الاقتصادي للأسرة العراقية 2007 شكلت نسبة العاطلين عن العمل من حملة الشهادة الإعدادية فما دون57.9 بالمئة من مجموع العاطلين عن العمل،

فيما بلغت نسبة العاطلين ممن يحملون شهادة أعلى من الإعدادية 1.29 بالمئة ،وتعكس النسبة العالية للعاطلين

عن العمل من حملة الشهادات العليا 5 بالمئة وشهادة البكالوريوس  13.9 بالمئة أزمة في التعليم العالي في العراق وعدم ملاءمته لاحتياجات سوق العمل”.

واضاف التقرير:

“ان  نتائج مسح التشغيل والبطالة لسنة 2008 تدعو إلى الاطمئنان والارتياح حول مؤشر معدلات البطالة لدى الفئة العمرية 15-24 عاما حيث بلغت 0.30 بالمئة بين السكان، وللذكور 1.30 بالمئة وللإناث 0.29 بالمئة، حيث كانت تلك المعدلات في سنة 1990 – 1.7 بالمئة لكلا الجنسين، وحسب نتائج مسح التشغيل والبطالة للجهاز المركزي للاحصاء فان المعدل الوطني للبطالة العام لكلا الجنسين هو 7.11 بالمئة، إلا أنه فوق

ذلك في 10 محافظات ويصل أعلاه في ذي قار21 بالمئة وفي ديالى وميسان 20 بالمئة لكل

منهما”.

الصباح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*