الحكمة – متابعة: الفاو مدينة عراقية ساحلية وهي اقصى نقطة في جنوب العراق، تقع في الجنوب الشرقي من محافظة البصرة وتبعد عنها بمسافة 100كم وتم استحداثها قضاء عام 1960 ، اشتهرت بمنتجاتها البحرية كالاسماك والروبيان والملح، فضلا عن زراعة أشجار الحناء والنخيل .
تشير مصادر التاريخ الى ان تاريخ الفاو يعود الى 2500 ق.م ، وحسبما تؤكد اللقى التاريخية الى ان الملك الاشوري سنحاريب اطلق عليها اسم ( ريبو سلامو) اي باب السلامة ، اما العرب فاسموها ماء الصبر اي المر ، وذكر استاذ التاريخ والتراث بكلية التراث الجامعة سابقا الدكتور سليم عبد الرزاق في حديثه لـ(الصباح): ان الآراء اختلفت عن اصل اسم الفاو، فهناك الرواية المحلية التي يتناقلها السكان تفيد ان سفينة كان اسمها ( الفاو ) جاءت لشراء التمور وصادف ان هبت ريح شديدة ادت الى غرق السفينة فأخذ الناس يطلقون على المنطقة اسم الفاو فيقولون ( محل غرق الفاو)، ثم حذفت كلمة غرق لتبقى ( الفاو )، ثم سميت المنطقة كلها باسم الفاو، اما بعض المصادر فترجح ان كلمة الفاو كانت في الاصل ( الفاو) وتعني الارض المكشوفة للناظر او الارض المحصورة بين مرتفعين ، و قال ياقوت الحموي انها الفج بين جبلين وقيل انها الفاو المتدلي على الخليج العربي وذهب اخرون الى انها مشتقة من الغولاف وهو نبات تشتهر بزراعته الفاو والذي تستخرج منه صبغة حمراء استعملت في طلاء شناشيل البصرة ، ويضيف عبد الرزاق الى ان الفاو شهدت محاولة من قبل العيلاميين لاحتلالها في العصور القديمة ولكنهم فشلوا بخسارتهم لمعركة امام الجيش الاشوري القادم من العراق وقتل قائد العيلاميين وخلفت هذه المعركة نقوشا وكتابات ما زالت محفورة على الواح من المرمر تحذر اهل عيلام من معاودة التحرش بالعراق بعبارة ( من هنا مر ملك العراق العظيم ) و تنازع على الفاو البرتغاليون والعثمانيون والانجليز الذين احتلوها سنة 1914 ، واصبحت ميناء العراق الرئيس عام 1923 عندما زارها الملك فيصل الاول بافتتاح ميناء المعقل حيث جاء بقطار وبصحبته رئيس الوزراء ، الفاو مدينة حملت في رحمها تراث الانسانية فالتراث تجسده كل منطقة وكل حارة فهي حاضنة للتاريخ والتراث على مدى السنوات .
ويشير الباحث عبد الرزاق الى ان الدولة العثمانية قامت في نهاية القرن التاسع عشر بتقوية نفوذها في الفاو بعد زيادة التبادل التجاري بين بريطانيا والدول المجاورة فقامت ببناء مقر حكومي ومحجر صحي في الفاو لمراقبة السفن التي ترسو في المنطقة من جهة وتحصيل الرسوم من جهة اخرى، وقد وقفت بريطانيا موقفا رافضا لذلك من خلال الاحتجاج على هذه الاعمال وعندما وجدت ان رفع المذكرات والمراسلات لا تجدي حاولت انشاء فرع للقنصلية البريطانية في الفاو من اجل ان تكون قريبة من تحرك العثمانيين وعندما جوبه طلبها بالرفض قامت بوضع سفينة حربية مواجهة للفاو لمراقبة الوضع من جهة واشعار الدولة العثمانية بقوتها من جهة اخرى.