الحكمة – متابعة: ان ما يتعرض اليه المواطن من هجمات جديدة من نوع خاص يندرج تحت مسميات (السرقة والسطو المسلح ) لمكاتب الصيرفة في بغداد، ألزم القوى الامنية لوزارة الداخلية القيام باتخاذ اجراءات احترازية لأصحاب مكاتب الصيرفة لما تحمله تلك العمليات من انعكاسات خطيرة على الواقع الأمني والاقتصادي، الامتحان الصعب الذي دخلت فيه الاجهزة الأمنية لوقف الحوادث وضبط المتورطين بهذه الجرائم، جعل تحمل المسؤولية لزاماً عليها في اعطاء ملف السرقات والسطو والخطف أهمية قصوى تعادل جرائم الإرهاب في العراق.وقال صاحب أحد مكاتب الصيرفة في بغداد علي عثمان:
“ان الوضع الاقتصادي في العراق وتردي الظروف المالية اسهما و بشكل كبير في بروز النزعة الاجرامية عند ذوي النفوس الضعيفة، مستغلين ما يمر به البلد من ضغوطات أمنية، الامر الذي انعكس علينا نحن بالتحديد كشركات الصيرفة ومحال صياغة الذهب، اضافة الى المصارف الاهلية التي انتشرت مؤخرا في ارجاء العراق وخاصة العاصمة بغداد، وبذلك تحولنا الى هدف سهل ومتاح لتلك العصابات الاجرامية، وعلى المؤسسات الامنية أن تواكب التخطيط الذكي الذي تتفنن به تلك العصابات في اقتحام مكاتبنا وسرقتنا في وضح النهار .”
اجراءات احترازية
ويرى وسام الزبيدي وهو صاحب شركة صيرفة في منطقة الصليخ شمالي العاصمة:
” ان العديد من زملائه في مهنة الصيرفة قتلوا وسرقت أموالهم من قبل افراد مجهولين ومسلحين بالأسلحة الرشاشة والمسدسات الكاتمة، يستقلون سيارات بينها رباعية الدفع ومن دون لوحات تسجيل والتي تعترض طريقهم أو تقتحم مكاتبهم وشركاتهم .”
واضاف ” أحد اصحاب مكاتب الصيرفة تعرض لمثل هذا الحادث أثناء عودته من مكتبه الكائن في زيونة وأنزلوه من سيارته قبل أن يقتلوه في الشارع، ومن ثم أخذوا حقيبته التي تحوي عشرات الآلاف من الدولارات، مطلقين رشقات الرصاص في الهواء لإرغام السيارات على إفساح المجال لهم ليتمكنوا من العبور بأريحية في الشوارع.”
واشار الى ان ” عملهم في الوقت الحالي يعتمد على التأمين الذاتي من خلال الاتفاق مع شركات التأمين المخصصة في صنع الابواب والشبابيك والقاصات على غرار ما يتم تأمينه في البنوك المركزية الكبرى، لذلك نحرص على استخدام ووضع فواصل زجاجية مدرعة بين الصرافين وصالة العملاء، اضافة الى حرصنا الكبير على اعطاء تعليمات للموظفين بأهمية اغلاق جميع الابواب المؤدية الى صالة الصرافين فيما لو شعروا أو شكوا بدخول عناصر اجرامية تهدف الى السرقة، واغلاق الخزائن الرئيسة بالفروع وعدم فتحها .”
منطقة مؤمنة
وبين ناظم سرحان (صاحب مكتب صيرفة):
” تعرض محل الصيرفة الذي كنا نشغله انا واخي الكبير لعملية سطو مسلح من قبل بعض ضعاف النفوس، الامر الذي ادى الى مقتل أخي الكبير بعد اصابته بعيارات نارية في منطقة الرأس، كونه حاول ايقاف تلك السرقة، واقترح ان تتمتع محال الصيرفة في بغداد بدرجة عالية من الحماية من قبل الاجهزة الامنية ومديريات مكافحة الجريمة وذلك بحصر شركات الصيرفة والمصارف الاهلية في منطقة واحدة تؤمن من جميع جهاتها وبذلك يتمكن اصحاب هذه المهنة من ممارسة عملهم في أمان .”
لقمة سهلة
واوضحت سعاد الربيعي التي تقطن قرب احدى شركات الصيرفة في بغداد:
” لا يمكن الانكار أن تواجد منزلي بالقرب من احدى شركات الصيرفة يسبب لي القلق على أولادي الذين يقضون معظم وقتهم بلعب كرة القدم قرب تلك الشركة، الامر الذي يسبب لي توجسا من اختراقها من قبل عصابات اجرامية تهدف الى السرقة، اذ غالبا ما يتم فيها اطلاق العيارات النارية أو حدوث مناوشات ما بينهم وبين عناصر الحماية الامنية للشركة ، وان عملية السطو على مكاتب الصيرفة ومحال المجوهرات تحدث في وقت النهار، لذلك يحاول البعض من تلك المكاتب التواجد والعمل بالقرب من وجود السيطرات الامنية، كي يكونوا في مأمن من تلك العمليات الاجرامية ، كما أن اغلب تلك العصابات على يقين تام ان مكاتب الصيرفة لقمة سهلة فيما لو كان في نيتهم سرقتها والاستحواذ عليها .”
واشار المحلل الامني الدكتور هاشم الكندي: الى ان
” محال الصيرفة ضرورة اقتصادية في العراق،كونها تهدف لتسهيل التعامل النقدي في الاسواق، ولانها هدف سهل للعصابات الجنائية والارهابية على السواء لابد من اتخاذ اجراءات امنية اضافية في محال الصيرفة مثلما معمول به في اغلب البلدان مثل اضافة مزيد من وسائل الامان لهذه الشركات كالقضبان الحديدية خلف الشبابيك والابواب وطريقة تحصين الشركة من الداخل، اذ يقل التواجد المشترك وغير المحجوب بين الزبائن والموظفين ومن المهم ايضا ان تكون مواقع هذه الشركات في اماكن عامة وغير نائية، ويكون فيها حركة وتواجد بشري وامني، مثل الاسواق والمجمعات التجارية وتوفر لها حماية عامة وخاصة .”
وشدد على ان ” ضرورة وجود كاميرات المراقبة في خارج وداخل الشركات امرمهم لحمايتها، كما يجب ربط هذه الكاميرات مع اجهزة انذار مع مراكز الشرطة وغيرها، وان يكون اوقات دوام هذه الشركات في اوقات الذروة ولاتبقى مفتوحة بعد اغلاق الاسواق والمحال.”
مكافحة الجريمة
من جانبه قال الناطق الاعلامي باسم وزارة الداخلية الدكتور سعد معن:
” ان الوزارة تتابع هذا الامر بشكل مستمر وتم القاء القبض على العديد من افراد هذه العصابات التي تحاول العبث بأمن المواطن وممتلكاته، الوزارة تواصل العمل ضمن منظومة استخباراتية لملاحقة هذه العصابات وان مديرية مكافحة الجريمة في العراق تعمل باستمرار في الحد من وقوع جرائم الخطف والتسليب والسطو المسلح والقتل الغامض و مكافحة سرقة المصارف و مكاتب الصيرفة .”
واضاف الناطق ” الحوادث جنائية وتحدث حالها حال أي جريمة كما في ارجاء العالم، وهناك من يحاول الاساءة الى الاجهزة الامنية، واجهزتنا واعية لهذه الاساءات ويتم التعامل معها أولا بأول.”
واشارالمحلل الامني الدكتور ياسين البكري الى :
” الظروف الأمنية قد تكون غير المستقرة وانشغال الدولة وأجهزتها الأمنية بمحاربة الارهاب واضطرار وزارة الداخلية لاستنفار النخبة من قواتها في المعارك مع عصابات “داعش” وتكليفها بواجبات مسك الأراضي المحررة، قد شكلت دافعا لهذه العصابات لتمارس أنشطتها بهذه الصورة النشطة التي تشمل اقتحام مكاتب الصيرفة والحوالات المالية وبطاقات الدفع الذكية، والمؤسف ان هذه العصابات تعود الى أوكارها السرية بحصيلة وافرة من المبالغ الكبيرة، ونظرا لانتشار فروع البنوك والشركات لتحويل الاموال وتعددها ومكاتب الصرافة على مستوى العراق ومحافظاته وارتباطها مع المواطن ارتباطا وثيقا من خلال المعاملات المالية اليومية .”
واضاف ” نتيجة التطور في أسلوب ارتكاب الجرائم، وزيادة العنف، جعل من هذا القطاع المالي سهل الاستهداف باتخاذ اشكال عديدة، منهاعمليات سطو مسلح بمفهومه الكامل على البنوك وشركات تحويل الاموال والصرافات، سواء بالمناطق المزدحمة بالسكان اوالمناطق المتطرفة، بحيث يتم اجبار العاملين على فتح الخزينة الرئيسة تحت وابل من المقذوفات النارية، لذلك توجب رفع مستوى التأمين الاحترافي بالنسبة للمحيط الخارجي لتلك المكاتب عن طريق وجود شرطة تتخصص بحراسة تلك المكاتب من ذوي الكفاءات القتالية، او الشرطة السرية ويتولاه افراد شرطة سريون لفحص الاشتباهات وايضاً نشر سيارات النجدة وسيارات التدخل السريع للتعامل الفوري ، اما المحيط الداخلي فيعتمد على التأمين السري الداخلي غير المنظور ويكون من خلال موظفين او شركات الامن الخاص ومتواجدين خلف كاونترات الصرافين يتم تسليحهم وتدريبهم على التعامل مع المهاجمين باحترافية”.