هل شرب 8 أكواب من الماء يوميًا خرافة طبية؟

400

9-4-2017-S-01

      الحكمة – متابعات: منذ زمن طويل وتتردد تلك النصيحة “يجب أن تشرب 8 أكواب من الماء يوميًا”. فهل هي حقيقة مثبتة علميًا، أم خرافة طبية ليس لها أساس من الصحة؟ فمع قدوم الصيف الحارق تنهال علينا التقارير الطبية التي تحذر من خطورة نقص السوائل، والجفاف. وللإجابة عن ذلك كتب الدكتور “إيرون إي كارول” أستاذ طب الأطفال في جامعة إنديانا تقريرًا في نيويورك تايمز يوضح فيه حقيقة ذلك.

فقال:” شاركت في تأليف ورقة بحثية عام 2007 حول هذه الخرافة الطبية التي تنصح الناس بشرب 8 أكواب من الماء يوميًا. وقد حققت اهتمامًا كبيرًا من قِبل وسائل الإعلام. وبعد عامين نشرنا كتابًا حول الخرافات الطبية التي تتحدث عن الحاجة لشرب 8 أكواب يوميًا”. واعتقد الدكتور كارول بأن هذا الكتاب سيساهم في إقناع الناس بالتوقف عن القلق، لكنه لم ينجح في ذلك.

ويرى الدكتور كارول أن مصدر هذه الخرافة يعود لتوصية مجلس الغذاء والتغذية عام 1945، والذي حثّ الناس على شرب 2.5 لتر يوميًا من الماء، والذين تجاهلوا الجملة التي تلتها مباشرة والتي جاء فيها “و معظم هذه الكمية تكون من الأطعمة المحضرة”. فيوجد الماء في الفواكه والخضروات، كما أنه موجود في العصير، والشاي، والقهوة. ويجيب الدكتور على من سيقول له بأن القهوة تسبب الجفاف وفقدان الماء، فوفقًا لبحث جديد فإن ذلك ليس صحيحًا.

9-4-2017-S-03

كما يرى أنه على الرغم من أن الماء أفضل المشروبات للاستهلاك، لكنه بالتأكيد ليس المصدر الوحيد للترطيب. فأنت لست بحاجة لاستهلاك الماء من خلال المشروبات. كما أنه ليس عليك القلق حول الشعور بالعطش. فالجسم يتنبه لشرب المياه قبل فقدان السوائل بفترة طويلة. وخلافًا لكثير من القصص التي تسمعها، فليس هناك دليل علمي بالنسبة للأشخاص الأصحاء أن شرب كميات زائدة من المياه له فوائد صحية. كما أنه ليس هناك دليل على أن شرب المياه يبقي البشرة رطبة، أو أكثر صحة، أو خالية من التجاعيد.

كما فشلت الدراسات في إيجاد فوائد تنعكس على وظائف الكلى أو أسباب الوفيات عند الأشخاص الأصحاء عند زيادة السوائل. كما فشلت بعض التجارب العشوائية في إيجاد فوائد لذلك، باستثناء بعض الحالات، مثل: منع تكرار حدوث بعض أنوع حصى الكلى، والجفاف الحقيقي حين يفقد الجسم كمية كبيرة من المياه بسبب المرض، والتمارين الشاقة، والتعرق، أو عدم القدرة على الشرب. وتحاول وسائل الإعلام إقناع الناس بخلاف ذلك، فيزداد عدد الأشخاص الذين يحملون معهم زجاجات المياه سنويًا، كما أن مبيعاتها في ازدياد.

وقد كانت هناك دراسة حديثة للمجلة الأمريكية للصحة العامة، استخدم الباحثون فيها بيانات من مسح فحص الصحة والتغذية الوطني بين عامي 2009- 2012 على 4134 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 19 عامًا، لتحليل متوسط أسمولية البول والذي يقيس تركيز البول، فكلما ارتفع هذا المقياس، ازداد تركيزه. وأسمولية البول تعني إفراغ البول ذو الثِقَل النوعي العالي وتركيز الذوائب، وذلك ناتج عادة من فقدان أو الحرمان من الماء.

9-4-2017-S-02

وجد البحث بأن نصف الأطفال يعانون من أسمولية البول بـ 800 ميللي أسمول/كجم أو أعلى. كما وجد بأن الأطفال الذين يشربون 8 أكواب من الماء أو أكثر يوميًا يعانون من تركيز أسمولية البول أقل بـ 8 ميللي أسمول/كجم من الأطفال الذين لا يشربون نفس كمية المياه. وهناك مشكلة في اعتبار أسمولية البول 800 ميللي أسمول/كجم كفقدان السوائل، حيث يرى الدكتور كارول أن أكثر من 1200 ميللي أسمول/كجم لا تزال في المستوى الطبيعي.

وكثير من الدراسات رأت بأن وجود 800 ميللي أسمول/كجم في البول نسبة مقلقة لمعاناة الأطفال من فقدان السوائل. لكن، ليس هناك أي سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن هناك ما يقلق إذا ما وصل قياس تركيز معدل البول لدى الأطفال 800 ميللي أسمول/ كجم. فقد أشارت دراسة تم نشرها في عام 2002 إلى أن متوسط أسمولية البول لدى الأولاد في ألمانيا كان يزيد على 844 ميللي أسمول/ كجم، كما وقد أشارت الدراسة إلى عدد من الدراسات من جميع أنحاء العالم والتي تشير إلى أن متوسط تركيز البول لدى الأطفال كان يتراوح بين حوالي 392 ميللي أسمول/ كجم في كينيا، و964 ميللي أسمول/كجم في السويد.

ولم يوقف ذلك الدراسات الحديثة عن استخدام الرقم 800 ميللي أسمول/كجم كمعيار يثبت معاناة الأطفال من الجفاف، فاستخدمته دراسة للاعلان عن أن ثلثي الأطفال الفرنسيين يعانون من نقص المياه، ومثلهم في مدينة نيويورك، ولوس أنجيلوس. وخلاصة القول، أنه من الممكن أن يكون هناك أطفال بحاجة لمزيد من السوائل، لكن الخطورة تكمن في أن نشخص حالات صحية على أنها مرضية. فحين نجد أن ثلثي الأطفال الأصحاء يعانون من الجفاف عامًا بعد عام، فإنه من الأرجح أن هذا التشخيص خاطئ.

فلا توجد توصيات رسمية لكمية محددة من المياه يوميًا. فالكمية تختلف بحسب ما يتناوله الشخص من طعام، والمكان الذي يعيش فيه، وحجمه، ونشاطه. ووجب التنويه مرة أخرى، بأن كل ما ورد من معلومات كان ضمن مقال للدكتور “إيرون إي كارول” أستاذ طب الأطفال بجامعة إنديانا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*