الحكمة – متابعة: عانى قطاع الصناعة العراقي بمختلف شركاته ومعامله، من مشاكل متعددة، بدءا من التشريعات والقوانين التي وضعت خلال النظام السابق، وحتى بعد تغييره وتحول اقتصاد البلاد الى السوق الحرة، الا ان القوانين القديمة ظلت سارية المفعول، ومع هذا فان الصناعة أخذت تشق طريقها من خلال مجموعة من الانجازات والآليات، فضلا عن الاجراءات التي ستنفذ في المستقبل القريب، مع توفير البيئة المناسبة لكي تستعيد عافيتها وتعود للمنافسة في الاسواق.
الخبير الاقتصادي باسم انطوان اشار الى: “ان هناك جهودا كبيرة تبذل لتطوير الصناعة، من خلال وضع ستراتيجية تخص عمل القطاعين العام والخاص، بدعم ومؤازرة (اليونيدو) منظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية.
وصدرت الموافقة على هذه الستراتيجية من قبل الجهات ذات العلاقة، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان القطاع الصناعي العامل اليوم هو تنافسي تجاري، لذلك لابد من اتاحة الفرصة للقطاع الخاص، كي يكون مؤازرا للصناعة المحلية بصورة عامة ولابد من رفع مستوى الانتاج من واحد ونصف بالمئة الى 10 بالمئة.
وهذه الستراتيجية البعيدة المدى ستستمر لغاية 2030 ضمن الخطة الخمسية لمناقشة القطاع لصناعي”.
عودة السمنت المحلي
بوجه تملؤه الحسرة يتحدث الخمسيني شريف جميل الذي كان يعمل في صناعة السمنت لفترات طويلة بالقول: “السمنت العراقي جيد جدا ولطالما كان محط اهتمام واستحسان المستفيدين، ولكن بعد العام 2003 تضرر السمنت العراقي بشكل كبير، مع دخول المستورد الى الاسواق، فبعد ان كان منافسا قويا لنظيره العالمي رجع خطوات عدة الى الوراء”.
مصدر مخول في وزارة الصناعة والمعادن بين لـ(الصباح) ان: “الشركة العامة للسمنت العراقية احدى شركات وزارة الصناعة والمعادن حققت وفرة مالية تصل الى مليارين ونصف مليار دينار، وزيادة في الطاقات الانتاجية لمعملي سمنت الكوفة والنجف الاشرف بكمية تجاوزت المليون طن من السمنت بعد ادخال المحطة الكهربائية الى الخدمة وتشغيلها مطلع العام الماضي 2016.
وان نصب وتشغيل محطة الكهرباء جاءا ضمن اعمال التأهيل والصيانة المعدة من قبل ادارة الشركة بهدف زيادة الانتاج وتقليل الكلف، وان الاعتماد على الطاقة الكهربائية المجهزة من المحطة الكهربائية ادى الى استقرار الظروف التشغيلية لمعملي سمنت الكوفة والنجف الاشرف وتحقيق زيادة في الانتاج، لان استمرار الطاقة الكهربائية في معامل السمنت يعد احد اهم متطلبات ديمومة الانتاج”.
تفعيل عجلة الانتاج
عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية نجيبة نجيب بينت: “لابد من تسليط الضوء على الصناعة العراقية، ومحاولة انعاشها من جديد، اذ عرفت في سبعينيات القرن الماضي بقوتها وازدهارها، اما اليوم فهي متراجعة بشكل كبير، واعتماد البلاد على الاستيراد فقط، وللصناعة اهمية كبيرة بمصانعها ومعاملها، فضلا عن المنتوج الوطني المحلي الذي تضرر كثيرا نتيجة السياسات الخاطئة التي كانت متبعة قبل العام 2014، كما ان هذا القطاع الحيوي لم يرفد الموازنة العامة للدولة بموارد مهمة.
فضلا عن السياسات الشمولية التي كانت تتبع من قبل النظام السابق، اذ كانت شركات الوزارة تابعة للدولة انذاك وهي من تصدر لها الاوامر ولكن بعد العام 2003 وبعد ان وضع الدستور الخاص بالبلاد، وكان يهدف الى سياسة السوق الحرة، لكن مع وجود التشريعات التي كانت تتبع من قبل النظام المباد، فلم تتمكن الصناعة من النهوض بصورة صحيحة، وبقيت الصناعة تعاني من الظروف الصعبة المريرة، وموازنات الدولة تحملت دفع ما يقارب 4 تريليونات دينار، رواتب موظفي الشركات مع توقف الانتاج او قلته”.
اقتصاد ريعي
العراق من الدول ذات الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على النفط فقط، ومع انخفاض اسعار النفط بشكل كبير، اتجهت البلاد الى انعاش الصناعة من جديد لكي ترفد ميزانية الدولة بالارباح. وتشير عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية الى: “بعد هبوط اسعار النفط لجأت الدولة الى الصناعة وللنهوض بواقعها اذ توجهت الى الاستعانة بالخبراء، فضلا عن العقول العراقية الكفؤة وتابعت اعمال 172 شركة عامة وميزت الخاسرة والرابحة، فضلا عن التي من الممكن ان تنجح وتحقق الربح، ثم بدأت الدولة بدعم منتوج السكر المحلي وجعله من مفردات البطاقة التموينية، وكذلك دعم الملابس والتجهيزات العسكرية من أحذية وملابس ومحاولة اشراك القطاعين العام والخاص بمشاريع واعمال تنهض بالصناعة، وايضا تفعيل البتروكيمياويات المحلية واعادة عملها من جديد ومتابعة عمل الصناعات والمعامل والمصانع المختلفة”.
التصدير للخارج
المصدر المخول في وزارة الصناعة بين: “ان هناك سعيا من الشركة العامة لصناعة السمنت، وبالتعاون مع معامل القطاع الخاص لتخفيض اسعار السمنت وتحقيق فائض في الانتاج لاستئناف تصديره الى الخارج في السنوات المقبلة، لاسيما بعد النجاح الذي حققته معامل السمنت العراقية في تحقيق الاكتفاء الذاتي، بعد صدور قرار مجلس الوزراء بمنع استيراده مطلع العام الماضي، كما ان تشغيل محطة الكهرباء بطاقة (30) ميكاواط في معمل سمنت الكوفة اسهم في تجاوز مشكلة الانقطاع المفاجئ للكهرباء الوطنية، والذي كان له تأثير سلبي على الاقسام الانتاجية العاملة كالافران والطواحين والتعبئة. كون التوقف المفاجئ للخطوط الانتاجية يؤدي الى حدوث اضرار في المكائن والمعدات وخسائر في الانتاج، ما يتطلب بذل جهود كبيرة لاعادة التشغيل والانتاج”.
مدن صناعية
في اغلب دول العالم هناك مدن صناعية بمواصفات مهمة ومتطورة، عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية وضحت: “ان مشروع ايجاد المدن الصناعية بامكانات وامتيازات متنوعة هو في طور التنفيذ، في محافظات واخرى باشرت بالعمل، ويذكر ان المحافظات الجنوبية قد بدأت بهذا المشروع الحيوي المهم، الذي سيوفر فرص عمل وينعش الصناعة العراقية. والخطوة الاهم ايجاد الحماية للمنتوج الوطني الذي شق طريقه للاسواق مع وضع القوانين التي ستوفر الحماية له، اذ وضعت نصوص قانونية في الموازنة تعطي الاولوية والقوة للمنتوج المحلي”.
انتاج الزيوت
الاربعينية ريهام كاظم تشجع المنتوج الوطني بشكل كبير، وتتمنى عودة الانتاج المحلي الى الاسواق من جديد خصوصا الزيوت، وتقول: “انا وعائلتي نشجع المنتوج الوطني، ونثق به بشكل كبير، ففي فترات مختلفة كان الانتاج العراقي من الزيوت، من المنتوجات المهمة غابت لفترة طويلة عن الاسواق، ونطمح ان تعود للواجهة من جديد وتنافس العالمي والعربي ومختلف المناشئ”.
المصدر المخول في وزارة الصناعة لفت الى ان: “مصنع الزيوت الصناعية في الشركة العامة للصناعات التعدينية باشر بإنتاج الزيوت الصناعية، بموجب عقد المشاركة مع شركة قيس الراوي وأولاده وبترخيص من شركة فوكس الألمانية بطاقة (60) الف طن سنويا وبواقع وجبة عمل واحدة. وان المصنع مجهز بسبعة خطوط انتاجية من مناشئ عالمية رصينة وبأحدث تكنولوجيا”.
من جهته اكد الخبير الاقتصادي: “ان توفير الطاقة الكهربائية للمعامل اسهم بعودة الانتاج وبقوة للاسواق، فضلا عن الاهتمام بالصناعات التي تشغل اكبر عدد من العاملين وبالتالي تقلل من البطالة، وتخفف من نسب الفقر الكثيرة سيحقق انجازات مهمة والتركيز على الصناعات التي تعتمد على المواد الاولية المحلية، كي نستعيض عن المستوردة وايضا الاهتمام بتلك التي ترفد الاقتصاد الوطني وبالتالي ستكون الصناعة رافدا مهما يعوض عن الريع النفطي، مع توفير السلع العراقية وتزويد الاسواق بالالبان والمشروبات الغازية وكل هذا هدفه عودة الصناعات المحلية من جديد”.