هل تغسل يديك بطريقة صحيحة تمنع دخول الجراثيم إلى جسدك؟

285

الحكمة – متابعة : إن المداومة على غسل اليدين وتجفيفهما بعد استخدام المرحاض من أهم الخطوات للحفاظ على الصحة، لكن هل من الأفضل غسلهما بالماء الساخن أم البارد؟ وهل الصابون السائل أفضل أم قوالب الصابون التقليدية؟ وهل يفضل استخدام المناشف أم تجفيف اليدين بالهواء الساخن؟ وما هي الطريقة المثلى لغسل اليدين؟

ربما يبدو غسل اليدين أمرا بسيطا، إلا أنه في الحقيقة أكثر تعقيدا مما تظن، فرغم كثرة الأدلة التي تثبت أن غسل اليدين بعد استخدام المرحاض أو قبل الأكل أو بعد الانتقال بالمواصلات العامة يقلل من انتشار الأمراض، فإن خمسة في المئة من الناس فقط يواظبون على غسل أيديهم بالطريقة الصحيحة.

وتوصلت إحدى الدراسات، بعد مراقبة ما يزيد على 3,000 شخص، إلى أن 10 في المئة منهم غادروا المراحيض دون غسل أيديهم، و33 في المئة منهم غسلوا أيديهم بالماء فقط دون استخدام الصابون. وترجع أهمية غسل اليدين بعد استخدام المرحاض إلى أننا في الواقع سرعان ما سنلمس وجوهنا، وهو ما يعني السماح للجراثيم بأن تنتشر من أيدينا إلى أنوفنا وأفواهنا، ومنها إلى أجسامنا.

واكتشف باحثون من البرازيل والولايات المتحدة أننا نلمس الأسطح في الأماكن العامة بمعدل 3.3 مرات في الساعة، ونلمس أفواهنا وأنوفنا نحو سبع مرات كل ساعتين.

إذن، فمن الواضح أنه من الضروري أن نغسل أيدينا كما ينبغي. لكن المشكلة أن هناك كثيرا من المعتقدات الخاطئة التي يرددها الناس حول الطرق الصحيحة لغسل اليدين.

هل يشترط أن يكون الماء ساخنا لتنظيف اليدين؟

في إحدى الدراسات التي أجريت على 500 شخص بالغ في الولايات المتحدة، رأى 69 في المئة منهم أن درجة حرارة الماء المرتفعة تحسّن من تأثير غسل اليدين.

ورغم أنه من المعروف أن الحرارة المرتفعة تقتل البكتيريا، ولهذا نحرص على تسخين بعض الأطعمة حتى درجة الغليان قبل أن نأكلها، فإن الماء الذي نستخدمه في غسل أيدينا لن يقضي على البكتيريا إلا إذا كان ساخنا إلى درجة احتراق الجلد.

إذ تتحمل بكتيريا السلمونيلا، على سبيل المثال، درجات حرارة تصل إلى 55 درجة مئوية لما يزيد على عشر دقائق، فإذا كان الماء الذي تغسل به يديك بهذه السخونة، لن تمضي 30 ثانية حتى تصاب بحروق خطيرة.

تشير أغلب الأبحاث إلى أن المناشف الورقية التي تستخدم لمرة واحدة هي أفضل وسيلة للحفاظ على الصحة

واستعان باحثون من فلوريدا بقفازات طبية، للكشف عن كمية الميكروبات المتبقية على اليدين بعد غسلهما بماء تراوحت درجة حرارته بين 4.4 درجة مئوية و50 درجة مئوية، من خلال جمع عينات من العرق والبكتيريا التي تراكمت على الجلد أسفل القفاز الطبي.

وطلب الباحثون من متطوعين أن يمسحوا أيديهم بخليط سائل من البكتيريا أو بلحم بقري مفروم نيء، ثم غسلوا أيديهم بالماء عند درجة حرارة معينة قبل أن يرتدوا قفازات مطاطية، ثم صب الباحثون محلولا خاصا داخل القفازات. وبعد تدليك أيدي المتطوعين مدة دقيقة واحدة فوق القفازات للتأكد من أن جميع البكتيريا اندمجت مع السائل، جمعوا عينة من السائل داخل القفازات باستخدم أنبوب ماص، لاختبارها في المعمل.

وتوصلوا إلى أن برودة الماء أو سخونته أو حتى اعتدال درجة حرارته لا تحدث أي فارق يذكر من الناحية الإحصائية فيما يتعلق بكميات البكتيريا المتبقية على اليدين.

لكن قبل أن نستغني عن الماء الساخن في المراحيض العامة، علينا أن نضع في الاعتبار الاختلافات في عادات البشر. ففي هذه التجارب حدد الباحثون بعناية الوقت المطلوب لغسل اليدين، ولكننا في الواقع، لا نطيل غسل اليدين إذا كان الماء شديد الحرارة أو شديد البرودة.

إن جعل اليدين تبتلان بالماء فقط لن يحدث الأثر المطلوب، كما أن الماء الدافئ سيشجعنا على أن نبقى لفترة أطول أمام حوض غسل اليدين.

هل يفضل استخدام الصابون السائل المضاد للبكتيريا عن الصابون الصلب؟

تناولت أبحاث عديدة هذا الموضوع تحديدا. وفي عام 2007، خلص استعراض لأفضل الدراسات التي أجريت في هذا الصدد إلى أن مادة “الترايكلوسان” التي كانت توجد عادة في الصابون السائل المضاد للبكتيريا، في ذلك الوقت، لم تكن أكثر فعالية في إزالة البكتيريا من أيدي الناس مقارنة بالصابون التقليدي، ولم يكن تأثيرها أفضل من الصابون العادي في منع أعراض الإصابة بالعدوى.

وخلص استعراض حديث لمجموعة من الدراسات عام 2015 إلى النتيجة نفسها تقريبا.

وفي الوقت ذاته، أثبتت مجموعة من الدراسات المعملية أن مادة ترايكلوسان قد تزيد من مخاطر مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، وقد تؤثر أيضا على مستويات الهرمونات لدى الحيوانات، مما أدى إلى حظر إضافة تلك المادة إلى الصابون السائل في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.

وهذا يعيدنا إلى استخدام الصابون التقليدي والماء، سواء كان ساخنا أم باردا.

هل تحتاج لتجفيف يديك بعد غسلهما؟

عندما تكون في عجلة من أمرك، فقد تنزع إلى ترك يديك دون تجفيف، ولا بأس في ذلك، شريطة ألا تمسّ شيئا في طريقك حتى تخرج من المرحاض لئلا تعلق الجراثيم بيديك، لأن الجراثيم تنتقل إلى اليدين المبتلتين أسهل مما تنتقل إليها وهي جافة.

كما إنك ستضيّع على نفسك المزايا التي كنت ستجنيها لو جففت يديك. فإن تجفيف اليدين قد يقلل من كميات الميكروبات المتبقية فوقهما.

هل من الأفضل استخدام المُجفف الكهربائي أم المناشف؟

أثير الكثير من الجدل حول أفضل وسائل التجفيف، ورجحت أغلب الدراسات كفة المناشف الورقية التي تستخدم لمرة واحدة فقط. في البداية، وربما يكون التجفيف بالمناشف أسرع من التجفيف بأجهزة التجفيف الكهربائية بالهواء الساخن.

وتوصلت دراسة من نيوزيلندا إلى أن الناس اضطروا للانتظار 45 ثانية حتى يبخر جهاز التجفيف الرطوبة الزائدة من اليدين، ولكن يجدر بنا أن نشير إلى أن هذه الدراسة مولتها شركة خدمات المناشف في نيوزيلندا. وبالطبع لا يريد أغلبنا أن ينتظر كل هذا الوقت ليجفف يديه.

وقد طور الآن جيل جديد من أجهزة تجفيف اليدين التي تنفث الهواء بسرعة وبقوة لتجفف اليدين في وقت أقل مقارنة بأجهزة التجفيف التقليدية. وثبت أن هذه الأجهزة الجديدة لا تقل كفاءة ولا سرعة عن المناشف الورقية، وإذا استخدمت أيا من الطريقتين، ستحصل على النتيجة ذاتها في عشر ثوان فقط.

تستغرق أجهزة تجفيف اليدين بالهواء الساخن المعتادة وقتا أطول لتجفيف اليدين مقارنة بأجهزة التجفيف الحديثة التي تنفث الهواء بسرعة وبقوة

إلا أن أجهزة التجفيف الحديثة التي تعتمد على تدفق الهواء بقوة لدفع المياه عن اليدين كانت مثارا للانتقادات، وأشار بعضهم إلى أن قوة تدفق الهواء من هذه الأجهزة قد تؤدي إلى نشر الجراثيم في أنحاء الغرفة.

وتوصلت دراسة أجريت في جامعة ويستمنستر إلى أن أجهزة تجفيف اليدين الأكثر قوة يمكنها نشر الفيروس إلى مسافة تصل إلى متر ونصف وسط الغرفة، وتضاعفت هذه المسافة في دراسة لاحقة لتصل إلى ثلاثة أمتار.

ومع ذلك، فهذه النتائج ليست نهائية، نظرا لأن أغلب هذه الدراسات مولتها شركات تعمل في مجال المناشف، أي أن مصدر دخلها الرئيسي هو بيع المناشف وليس أجهزة التجفيف الكهربائية. وأفصح معدو الدراسات عن مصدر التمويل، ونشر البحث في دوريات تخضع فيها الأبحاث لمراجعة نظراء من نفس المجال قبل النشر.

والخطوة التالية المطلوبة هي زيادة الأبحاث التي تُجرى في المراحيض العامة، بدلا من المعامل.

ومرة أخرى، يجب أن تؤخذ الميول الشخصية في الاعتبار، فإن كل وسيلة ترغّب الناس في تجفيف أيديهم بدلا من تركها مبللة، تعد خطوة في طريق الحفاظ على الصحة. وقد يحدث تحسين شكل المراحيض والحفاظ على نظافتها تأثيرا كبيرا.

فقد خلصت الدراسة التي راقبت 3,000 شخص في محيط إحدى الجامعات في الولايات المتحدة، إلى أن الناس كانوا أكثر حرصا على التوقف أمام المرحاض، وغسل أيديهم كما ينبغي عندما كانت المراحيض نظيفة وفي حالة جيدة، في حين أن الأحواض غير النظيفة نفّرت الناس من المكان، وجعلتهم يريدون الخروج منه.

ومهما اختلفت وسائل التنظيف التي تختارها لغسل اليدين، وأيا كانت الوسيلة التي تفضلها لتجفيفهما، فإن النتيجة الأهم التي توصلت إليها الأبحاث هي أن العبرة بإطالة غسل اليدين أكثر من المعتاد.

فإن غسل اليدين الصحيح الذي يبدأ باستخدام الصابون حتى تغطي الرغوة كامل اليدين من الجهتين، وتنظيف ما بين الأصابع وتحت الأظافر، وإيصال الماء إلى المعصمين، سيستغرق ما بين 15 و30 ثانية على الأقل.

BBC

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*