هل تسافر للخارج بأشياء لأشخاص لا تعرفهم؟

236

الحكمة – متابعة: ماذا لو نقلت في حقيبتك شيئاً لشخص لا تعرفه على الإطلاق عند سفرك بالطائرة؟

إذا كانت الإجابة القاطعة لهذا السؤال هي “أبداً، لا يمكن”، وكانت الأفكار الأولى التي تقفز إلى ذهنك هي خليط من الصور المرعبة لتهريب غير مقصود للمخدرات، والسجن لمدد طويلة، فربما كان عليك التفكير مرة ثانية في هذا الأمر وبشكل مختلف.

يقول موظف خطوط الطيران الفرنسي أوليفر كابا، 45 عاماً: “دائماً ما أحضر أشياء من أسفاري للعائلة والأصدقاء. والآن لا أحضر فقط أشياء لأشخاص غرباء، ولكنني أيضا أتلقى مكافأة مالية على ذلك. وفي العامين الأخيرين، حصلت على ما مجموعه 1,000 يورو (1100 دولار) في المقابل”.

يتعامل أوليفر بانتظام مع شركة “وورلدكرايز”، وهي إحدى شركات ثلاث انطلقت في السنوات الأخيرة للربط بين الأشخاص الذين يرغبون في شراء شيء ما من بلد آخر، وبين المسافرين الذين لديهم متسع في حقائبهم، ويرغبون في جمع بعض المال لقاء نقلهم لهذه الأشياء.

تقوم الفكرة على أن المشتري يمكنه أن يحدد بسرعة سلعة ما ربما لا تكون متوفرة للشراء أو الاستيراد في البلد الذي يقيم فيه (البلد “أ”)، أو أن السلعة ربما تكون أرخص بكثير في الخارج في بلد آخر (البلد “ب”).

وهكذا، عن طريق التواصل عبر مواقع وتطبيقات الشركات الثلاث، يمكن للمسافرين الذين ينوون السفر من البلد “ب” إلى البلد “أ” أن يشتروا ويحملوا السلع للمشترين. ومن ثم يمكنهم ترتيب لقاء لتسليم البضاعة لهم.

أوليفر كابل خلال إحدى سفرياتهيجمع أوليفر حوالي 500 يورو كل عام لقاء نقل البضائع عبر شركة “وورلدكرايز”

ويقول أوليفر إنه قام على مدى السنتين الأخيرتين بنقل كل أنواع البضائع، بداية من اللحوم المصنعة (مثل المرتديلا الفرنسية) التي تكفي عائلة لمدة ثلاث شهور، إلى الولايات المتحدة، وحقائب من الحلوى اليابانية تسمى “طوكيو بنانا” و20 كيلوغراما من عينات المنسوجات لإمرأة تبدأ مشروعها الخاص.

ويضيف أوليفر: “لقد اكتشف منتجات لم أكن أسمع بها من قبل”. وقد انطلقت شركة “وورلدكرايز” عام 2012 على يد رجلي أعمال فرنسيين هما فريدريك سايمونز، وغيلوم كايارد.

وقد لاحظ فريدريك أثناء رحلة له إلى نيويورك فرقاً كبيراً في الأسعار بين بنطال جينز من ماركة “ليفايس” مثلا في فرنسا ونظيره في الولايات المتحدة، ومن هنا ولدت تلك الفكرة.

وتقول شركة “وورلدكرايز” إن لديها الآن 10,000 مستخدم، وتتصدر منتجات شركة أبل قائمة البضائع التي يتم نقلها عبر خدمات تلك الشركة.

وتتقاضى وورلدكرايز 2.5 يورو لقاء كل معاملة من المشتري، و10 في المئة مما يدفع للمسافر، وهو حوالي 10 في المئة من ثمن البضاعة المنقولة.

وتتبع نفس النظام التجاري شركة “أويبرينغ” التي تتخذ من سنغافورة مقراً لها، والتي أسسها عام 2016 كل من جويل غوردون، وأندرو كروسيو، اللذان يقولان إن الشركة تقوم الآن بنقل بضائع بمعدل مرة كل يوم.

وتشمل البضائع التي تم نقلها حتى الآن أعمالاً حرفية خاصة بالقهوة من اليابان إلى المجر، وسرير لطفل رضيع من تايلاند للولايات المتحدة، وشمعة من الهند، ومعطر للجو من سنغافورة إلى جمهورية التشيك.

ويقول جويل: “بالنسبة للمتسوقين، هذه طريقة للحصول على البضائع غير المتوفرة، هذا كل ما في الأمر. وبالنسبة للمسافرين الذين يحملون هذه البضائع، يعني الأمر الحصول على المال، والالتقاء بأناس مثيرين للانتباه يقدرون جهودهم في نقل هذه البضائع، ويمكنهم تبادل معلومات وأفكار عن المكان الذي يزورونه، أو الذي ينوون زيارته في سفرهم المقبل”.

ومن أجل تجنب نقل بضائع غير مسموح بها قانوناً، أو بضائع مغشوشة، لا تسمح الشركتان، “أويبرينغ”، و “وورلدكرايز” لمستخدمي تطبيقاتها إلا بشراء واقتناء بضائع من المتاجر المشروعة.

ويقول كونستانس كلافيز هومبيرغ، مسؤول التسويق في شركة وورلدكرايز: “لا يمكن لمستخدمي تطبيقاتنا شراء بضائع غير قانونية لأنهم يشترون البضائع مباشرة من المتاجر التي تنتجها.”

ويضيف: “بهذه الطريقة يكون من المستحيل أن يحمل المسافر معه بضاعة غير مصرح بها قانوناً أو بضائع مزيفة. ويتعين على المسافرين تحميل صورة من الفاتورة على صفحة الشركة لإثبات أن السلعة متطابقة مع المطلوب”.

وتنصح الشركة أيضاً المستخدمين بالتأكد من أن السلعة المطلوب شراؤها مسموح بها قانوناً في البلد الذي ستنقل إليه، ولديها موظفون يدققون في الطلبات التي تصل لموقع وتطبيق الشركة على الإنترنت كل يوم.

ويقول جويل غوردون، من شركة “أويبرينغ” إن شركته لديها أيضاً “نظام وساطة يتولى رفض طلبات ربما تكون غير لائقة، كما أننا نسقط الطلبات إذا لزم الأمر”.

رجل يحمل عصا هوكي جلبها له أحد القادمين من الخارجمكنت شركة “وورلدكرايز” رجلاً من شراء عصا هوكي من الخارج

ويقول كذلك إن شركته تنصح المستخدمين لتطبيقها وموقعها بأنه إذا ساورهم الشك في أمر ما، فعليهم الاتصال بالشركة عبر نموذج إتصالها الآمن، “وسوف نعود للإتصال بك في أسرع قت ممكن”.

ويقول جويل: “نحن سعداء بتقديم المشورة للمسافرين عن مسائل محددة. في نهاية الأمر، المسؤولية تقع على كاهل المسافر في أن يتأكد بأنه ملتزم بقوانين البلد الذي يسافر إليه”.

شركة ثالثة في هذا الإطار هي “بيك فريندز” ومقرها في مومباي، وهي تساعد المسافرين على نقل بضائع للناس، ولا تلزم الناس بشراء سلع جديدة.

ففي الآونة الأخيرة، نقل مسافر لعبة “تيدي بير” من شيكاغو إلى مومباي، بعد أن نسيته صاحبته هير، البالغة من العمر 4 سنوات.

فتاة اسمها هير تحمل دميتهاساعدت شركة بيك فريندز الفتاة هير من استرجاع دميتها مرة أخرى

ولتجنب الوقوع في محظورات أمنية، يتعين على الشاري والناقل أن يتواصلا أولاً عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، مثل فيسبوك، أو لينكد أن، أو غوغل. كما يتعين على المستخدمين للتطبيق تحميل نموذجين صالحين للتعريف بالهوية، مثل جواز السفر، ورخصة قيادة السيارة.

ويقول أحد مؤسسي بيك، واسمه ديب مالهوترا: “الناحية الأمنية هي همنا الرئيسي، ونحن نبني نظاماً قوياً للتعامل مع هذا الأمر”.

الجانب المعقد في هذا النوع من النقل هو مسأله رسوم التصدير والاستيراد والتي تتفاوت بدرجة كبيرة من بلد لآخر. وتقول الشركات الثلاث إنها توضح لمستخدميها أن المشتري هو في النهاية من يتعين عليه دفع أي رسوم.

إذا كان أحد المسافرين غير متأكد من أمر ما، أو يواجه أي صعوبة، تقول الشركات الثلاث إن لديها موظفين يتولون معالجة هذه الأمور، وهم متوفرون على مدار الساعة، سواء كان ذلك عبر الهاتف، أو الإيميل، أو بالتواصل المباشر عبر الإنترنت.

ويقول جويل غوردون من شركة “أويبرينغ” أنه لا يعتقد أن مسائل الأمن والجمارك ستؤثر سلباً على نمو شركته. ويضيف: “الرؤية للمستقبل لدينا تتمثل في أن نصبح جزءاً آخر من الحياة اليومية العالمية، وذلك بوجود موظفين حول العالم يساعدون في جعل وسائل السفر، والنقل، والمواصلات، تعمل جنباً إلى جنب بطريقة أفضل”.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على صفحة BBC Entrepreneurship.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*