بم أوصی الإمام علي في آخر لحظات عمره؟

337

کان الناس مجتمعين على باب بيت الإمام علي فخرج إليهم الإمام الحسن وأمرهم عن قول أبيه بالانصراف، فانصرف الناس، وكان الأصبغ بن نباتة جالساً فلم ينصرف، فخرج الإمام الحسن مرة ثانية وقال: يا أصبغ أما سمعت قولي عن أمير المؤمنين؟

فقال: بلى، ولكني رأيت حاله، فأحببت أن أنظر إليه فأسمع منه حديثاً، فاستأذن لي رحمك الله.

فدخل الحسن ولم يلبث أن خرج فقال له: أدخل.

قال الأصبغ: فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء، فلم أشعر أن وجهه أشد صفرة من العمامة أو العمامة أشد صفرة منه، وقد نزف الدم واصفر وجهه، فأكببت عليه فقبلته وبكيت. فقال لي: لا تبك يا أصبغ، فإنها والله الجنة.

فقلت له: جعلت فداك، إني اعلم والله إنك تصير إلى الجنة، وإنما أبكي لفقدك يا أمير المؤمنين، ثم دعى بابنيه الحسن والحسين وفتح يده وضمهما إلى صدره وعيناه تهملان دموعاً، ثم أغمي عليه ساعة طويلة وأفاق، وإذا هو يرفع فخذاً ويضع أخرى من شدة الضربة وكثرة السم.

فقال لي: يا أصبغ أما سمعت قول الحسن عن قولي؟

قلت: بلى يا أمير المؤمنين، و لكني رأيتك في حالة فأحببت النظر إليك، وأن أسمع منك حديثاً.

فقال لي: اقعد، فما أراك تسمع مني حديثاً بعد يومك هذا، اعلم يا أصبغ أني أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عائداً كما جئت الساعة فقال: يا أباالحسن اخرج فناد في الناس الصلاة جامعة، واصعد المنبر وقم دون مقامي بمرقاة، و قل للناس: ألا من عق والديه فلعنة الله عليه، ألا من أبق من مواليه فلعنة الله عليه، ألا من ظلم أجيراً أجرته فلعنة الله عليه.

يا أصبغ ففعلت ما أمرني به حبيبي رسول الله، فقام من أقصى المسجد رجل فقال: يا أبا الحسن تكلمت بثلاث كلمات أوجزتهن. فلم أر جواباً حتى أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت ما كان من الرجل؟

قال الأصبغ: ثم أخذ بيدي وقال: يا أصبغ ابسط يدك، فبسطت يدي، فتناول إصبعاً من أصابع يدي وقال: يا أصبغ كذا تناول رسول الله إصبعاً من أصابع يدي كما تناولت إصبعاً من أصابع يدك، ثم قال: يا أبا الحسن ألا و إني و أنت أبوا هذه الأمة، فمن عقنا فلعنة الله عليه، ألا و إني وأنت موليا هذه الأمة، من أبق عنا لعنة الله عليه، ألا و إني وأنت أجيرا هذه الأمة، فمن ظلمنا أجرنا فلعنة الله عليه، ثم قال: آمين. فقلت: آمين.

شفقنا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*