“المكسرات” تفتح الطريق أمام موظف صغير لرئاسة شركة كبرى

224

الحكمة – متابعة: يذكر العديد منا لحظة رئيسية حولت مجرى حياته، لكنها لا تنطوي بالضرورة على تذوق بعض المأكولات الخفيفة.

لكن هذا ما حدث لأنتوني فليتشر في عام 2009، عندما كان في عمله ذات يوم وتذوق بعض المُكَسَّرَات والفواكه المجففة التي أرسلتها شركة جديدة تدعى “غريز” عبر خدمة البريد.

وكانت شركة “غريز”، التي أسسها سبعة أصدقاء قبل ذلك بعام كعمل تجاري على شبكة الإنترنت، ترسل بريديا مأكولات خفيفة وصحية في صناديق صغيرة من الورق المقوى يمكن توصليها للمنازل، وإدخالها في صناديق البريد الصغيرة الخاصة بالزبائن.

ويقول أنتوني، الذي كان في السابعة والعشرين من عمره آنذاك ويعمل لدى شركة للمشروبات، إن هذه الفكرة أذهلته إلى حد كبير، لدرجة أنه بحث على الفور عن مقر شركة غريز، وقاد سيارته عبر شوارع لندن، وطرق بابها ليطلب عملا فيها.

وقد أُعجب الفريق في غريز كثيرا بحماس أنتوني وروح المبادرة لديه، حتى حصل على وظيفة رئيس المبيعات بالشركة.

مرت الأيام سريعا وأصبح أنتوني اليوم الرئيس التنفيذي للشركة التي تبلغ قيمة مبيعاتها السنوية حاليا أكثر من 70 مليون جنيه استرليني، والتي نجحت تحت قيادته في التوسع من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وأنتوني يحمل درجة الماجستير في الكيمياء من جامعة أوكسفورد، وقضى سنة في إجراء الأبحاث العلمية في جامعة برينستون في الولايات المتحدة، وقد لا يبدو للوهلة الأولى الرجل المثالي لقيادة شركة للمأكولات الخفيفة. ومع ذلك، فإن شركة غريز، التي تعتبر كل أغذيتها طبيعية، تشتهر بنهج عملها العلمي والتكنولوجي للغاية.

عبوة من منتجات شركة غريزبدأت شركة غريز نشاطها من خلال توزيع منتجاتها للمشتركين فقط

وتبيع الشركة الآن أكثر من 400 نوع من الوجبات الخفيفة المتنوعة، بداية من الكعك إلى لحم البقر المقدد، والشمندر المجفف، وشرائح الجزر. وتحلل الشركة باستمرار تقييمات العملاء وطلباتهم، والتي تبلغ – كما تقول الشركة- نحو 15 ألف رسالة في الساعة، من أجل تعديل وتطوير منتجات جديدة، واستحداث منتجات تتكون من خليط من المواد الغذائية المجففة.

وقد أدى ذلك إلى تطوير أفضل المنتجات مثل منتج “طاقة البروتين النباتي”، وهو مزيج من فول الصويا والحمص. في الوقت ذاته، عندما لا تحقق بعض المنتجات شعبية كافية، كما حدث مع منتجات شملت بذور الشمندر، وأعشاب الكراويا، تتوقف الشركة عن إنتاجها على الفور. ولا يدعي أنتوني أن الأمور كانت دائما تجري بسهولة، خاصة في السنوات الأولى من عمر الشركة.

ويقول: “يروي الكثير من المؤسسين والرؤساء التنفيذيين روايات رائعة عن رؤيتهم الصحيحة منذ البداية، لكن الأمر لم يكن كذلك في شركة غريز. كان ينبغي علينا المحاولة والتكرار، والتعلم من التجربة والفشل، وكان ينبغي علينا التحرك كثيرا”.

وأحد الأشياء التي أخطأت فيها الشركة في البداية كان محاولة بيع شرائح من الفاكهة الطازجة، لكن أنتوني يقول إنه كان يجب إلغاء ذلك المنتج لأنه لم يكن يصل إلى العملاء في حالة جيدة، رغم أن الشركة “حاولت شحنه في أسرع وقت ممكن”.

ويقول أنتوني إن بإمكان الشركة، مع مصنعها الخاص، تصنيع منتجات جديدة للبيع في غضون 24 ساعة. ويضيف: “لدينا كمية هائلة من البيانات التي يمكننا استخدامها لفهم المنتج والعميل. وهذا يتيح لنا المغامرة وتجربة أفكار مختلفة. وهذا يساعد تجارتنا على الانتشار”.

وكان أنتوني قد قضى ثلاث سنوات في هذه التجارة قبل أن يصبح الرئيس التنفيذي للشركة، ويتولى إدارتها عام 2012.

وقد شهدت هذه الخطوة، التي دعمتها شركة الأسهم الأميركية الخاصة “كارلايل” بشراء أغلبية أسهم الشركة، إنهاء العمل اليومي لثلاثة من المؤسسين السبعة للشركة، مع بقائهم فيها كمساهمين.

أنتوني فليتشر الذي أصبح رئيسا لشركة وسع أنتوني نشاط الشركة حتى باتت منتجات غريز على أرفف أشهر المتاجر في بريطانيا والولايات المتحدة

وقد عمل أنتوني، بعد ستة أعوام من البيع مباشرة للعملاء من خلال خدمة الاشتراك، على تعديل أسلوب التجارة في عام 2014.

وبينما حافظ على استمرارية العمل بنظام الاشتراك المسبق، أصبح بإمكان العملاء أيضا إجراء عمليات الشراء المباشر. والخطوة الأخرى الأكبر في ذلك العام كانت القفزة الناجحة إلى التجارة بالجملة، مع توفير منتجات الشركة لمتاجر الجملة في المملكة المتحدة، مثل سينسبري، وبوتس، ودبليو إتش سميث، وتيسكو.

ويقر أنتوني بأن الشركة كانت محظوظة في توقيت الانتقال إلى عالم البيع المباشر للمستهلكين، لأن محلات السوبرماركت وغيرها من تجار التجزئة كانوا يتعرضون لضغوط حكومية لإزالة منتجات الحلويات الأخرى، التي تحتوي على نسبة كبيرة من السكر، من فوق الأرفف التي توضع بالقرب من أماكن دفع النقود، لتشجيع المستهليكن على شرائها.

ويقول: “لقد كنا محظوظين جدا، إذ أتى التوقيت بالصدفة بعض الشيء. كانت الحكومة البريطانية تشن حملة كبيرة لإزالة منتجات السكر من الأرفف، وواجه تجار التجزئة معضلة لأنهم يعرفون أن الزبائن يميلون إلى شراء تلك المنتجات التي تحقق الكثير من الأموال من بيعها”.

وكانت الخطوة الكبيرة التالية هي توسع شركة “غريز” في الأسواق الأميركية.

ويقول أنتوني إن الشركة كانت تعلم أنه يتعين عليها التحرك سريعا للوصول إلى الأسواق قبل الشركات المنافسة. لذا، وبدلا من تجربة حظها في ولاية أميركية واحدة، قررت الانطلاق إلى الأسواق في جميع الولايات الخمسين في نفس الوقت.

عبوة صغيرة من منتجات شركة غريزصُممت العبوات الخاصة بمنتجات شركة غريز في البداية بحجم صغير يناسب صناديق البريد

وكان الأمل معقودا على أن تركيز الشركة على البيانات واستجابتها السريعة لملاحظات العملاء يعني أنه سيكون بمقدورها إنتاج مجموعة من الوجبات الخفيفة التي تتناسب مع الأذواق الأميركية، حتى لو لم تكن بعض المنتجات ناجحة في البداية.

ويقول أنتوني إنه لحسن حظ الشركة أن هذا النهج قد حقق نجاحا ملحوظا. وبينما كانت الشركة في البداية تبيع مجموعة المنتجات الناجحة في المملكة المتحدة إلى الأسواق الأميركية، أوقفت الشركة بسرعة بعض المنتجات التي لا يحبها العملاء الأميركيون، مثل صوص المانجو، الذي يعد من توابل الكاري الرئيسية في المملكة المتحدة.

بعد ذلك، أُدخلت منتجات أخرى كثيرة صنعت خصيصا لتتناسب أكثر مع الذوق الأميركي.

ويقول أنتوني إنه في غضون ثلاثة أشهر من إطلاق شركة غريز في الولايات المتحدة، اكتسبت الشركة 100 ألف من العملاء – وهو عدد يستمر في الزيادة.

ويقول توبي بيكارد، من كبار محللي البيع بالتجزئة في شركة “آي جي دي” للأبحاث، إن هناك ثلاثة أسباب رئيسية جعلت شركة غريز واحدة من العلامات التجارية الرائدة في المملكة المتحدة.

وتشمل هذه الأسباب، كما يقول بيكارد “القدرة على تخصيص وجبات صحية خفيفة تناسب الخيارات الشخصية للعملاء، والقدرة على تبني منتجات جديدة للأسواق المحلية”.

وفيما يتعلق بالحياة اليومية، يقر أنتوني أنه يجد صعوبة في تحقيق توازن بين عمله كرئيس شركة تضم 500 موظف، وواجبه كأب لطفلين.

ويصف أنتوني هذا الوضع بأنه يمثل “تحديا حقيقيا”، ويقول: “أحد أكثر الجوانب صعوبة هو السفر حول العالم، إنه وضع صعب، ولا أعتقد أن هناك أي حلول سهلة لذلك. وعليك أن تدير الأمر وحسب”.

ويقول أنتوني: “في الأيام الأولى للشركة، كنت أشارك فعلا في اتخاذ القرارات، لكن مع نمو التجارة، أصبحت أركز على حل بعض المشاكل، وليس جميعها، لكنني لا أزال محبا للاطلاع على الشؤون التنظيمية للشركة لجعلها في حالة أفضل”.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على صفحة BBC Entrepreneurship.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*