أسقط دولاً عظمى وتسبب في انقراض الديناصورات.. مرض فتاك أثرّ في تاريخنا البشري
342
شارك
الحكمة – متابعة: تُعد الملاريا واحداً من الأمراض الفتاكة التي انتشرت في العالم، وكانت وباءً يُثير الرعب في النفوس منذ القدم، كلمة “الملاريا” مقتبسة من الكلمة الإيطالية التي تعني “الهواء الفاسد”، إذ ترتبط دوماً بالهواء حول المستنقعات والبِرك الراكدة.
تُقدر أعداد المصابين في الولايات المتحدة بـ1500 حالة كل عام، الغالبية العظمى من الحالات تكون من المسافرين والمهاجرين العائدين من مناطق العالم، التي يحدث فيها انتشار للملاريا بسهولة، بما في ذلك جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا وجنوب آسيا.
متى عَرف الإنسان الملاريا؟
ظهرت الملاريا في تاريخنا أولاً لدى قدماء المصريين عام 1550 قبل الميلاد، ثم الإغريق عام 413 قبل الميلاد، اكتشف الطفيلي عام 1880 من قبل “ألفونس إفيران”، طبيب الجيش الفرنسي في الجزائر. لكن في عام 1897، اكتشف “رونالد روس”، طبيب الجيش المتمركز في الهند، أن البعوضة هي المسؤولة عن تمرير الطفيلي إلى أجسادنا؛ ففاز عن أبحاثه في الملاريا بجائزة نوبل في الطب عام 1902.
ينتقل المرض بشكله غير الطبيعي عن طريق استعمال الإبر المشتركة، أو نقل الدم من المصابين الذين لدغتهم البعوضة، أعراض المرض شبيهة بالإنفلونزا، لكنها خطيرة للغاية؛ فتتخذ أبواغ الطفيلي من الكبد منزلاً، خلال 5-7 أيام تتقاسم، وتتضاعف الأبواغ إلى الآلاف، وبعد انفجار الكبد، تنتقل إلى الخلايا الحمراء، وتصيبها بالمرض حتى تصيب الدماغ، ويتوفى الإنسان.
الملاريا تُغير أحداث التاريخ
يُقدر قتلى الملاريا في التاريخ بنصف من عاشوا على الأرض، لذا أثرت الملاريا في الحضارة؛ فسقوط دول ونهوض أخرى يعتمد دوماً على صحة الإنسان ومقاومته للعيش، يرى المؤرخون أن أحداثاً عديدة سببتها الملاريا في تاريخنا البشري، منها:
انقراض الديناصورات
رغم الأحداث الكارثية المعروفة التي يعدها العلماء سبباً لانقراض الديناصورات، مثل ارتطام الكويكبات وتدفق الحمم البركانية، إلا أنه مؤخراً أشار “جورج بوينار” الابن، الباحث بكلية العلوم في جامعة ولاية “أوريغون”، إلى أن سلالات الملاريا القديمة أثرت في حياة الديناصورات على الأرض.
يقول “بوينار”: “إن هناك أدلة تؤكد ذلك، من ضمنها إحدى الأحافير التي عثر عليها العلماء، توضح أن الملاريا الحديثة ينقلها البعوض منذ 20 مليون سنة على الأقل، أما الأشكال المبكرة للمرض، فقد حملتها حشرة أخرى تسمى ذبابة “العض” قبل 100 مليون سنة على الأقل، وعلى الأرجح هي أحد أسباب انقراض الديناصورات”.
سقوط الإمبراطورية الرومانية
أَسفر تحليل عظام طفل دفن في مقبرة رومانية منذ أكثر من 1500 سنة من قبل باحثين بريطانيين وأميركيين أن هناك دليلاً وراثياً على الإصابة بالملاريا، وأنها سبب من أسباب سقوط الإمبراطورية الرومانية.
يوضح الدكتور “ديفيد سورين”، عالم الآثار الكلاسيكية في جامعة “أريزونا” في “توكسون”، أن القرائن والأدلة التي تُظهر أن الملاريا المنجلية جاءت من إفريقيا، بسبب المستنقعات، وحوض نهر التيبر، الذي انتشر فيه البعوض في القرن الخامس.
وأشار الدكتور “فرانك رومر”، وهو مؤرخ في أريزونا، إلى أن: “الوباء انتشر من خلال ريف روما في هذا الوقت، وظهرت أعراض الملاريا بسرعة؛ فكان هذا أحد أسباب سقوط الإمبراطورية عام 452، حين زحف الوباء إلى روما”.
تشكيل بريطانيا العظمى
أرادت إسكتلندا أن تكون مثل القوتين الإنكليزية والإسبانية، وتكون نواة لإمبراطورية، والبحث عن مكان خلف المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ لتتوسع، واختارت موقعاً في وسط أميركا أرسلت إليه الحملات العسكرية عام 1698، لكن بدلاً من أن تصبح الحملات بداية لعهد جديد جلبت كارثة؛ إذ عانت المنطقة من الملاريا، بسبب غزارة هطول الأمطار، وتكونت المستنقعات، وأصيب الجنود بالمرض.
فشلت الحملات الإسكتلندية، وزادت ديون الدولة، ووفيات جنودها، وبسبب ذلك اضطرت إسكتلندا إلى تسليم السيادة لإنكلترا والاتحاد معها عام 1707، وتكونت بريطانيا العظمى.
استمرار الحرب الأهلية في الولايات المتحدة
استمرت الحرب الأهلية بين شمال وجنوب الولايات المتحدة خلال الفترة 1861-1865 بسبب الملاريا، إذ سكان شمال الولايات المتحدة (جنود الحكومة الأميركية)، لم يكن لديهم مناعة كافية ضد المرض، مع عددهم الكبير، إلا أن سكان الجنوب (المتمردين) أصيبوا بالمرض من قبل، واستطاعوا مقاومته لارتفاع عدد المهاجرين؛ ما أدى إلى مقاومتهم وصمودهم، واستمرار الحرب طيلة هذه الفترة.
أيضاً قيل إن أحد الأسباب كان تبادل جنود الحكومة الأميركية الأدوار؛ فبعضهم يعود لأسرته في إجازة من الحرب، ليحل محله جندي آخر، ما ساهم في انتشار المرض على عكس المتمردين، الذين لم يغادروا أماكنهم، ما جعل المرض لا ينتشر ضمنهم.
أثر الملاريا الإيجابي في حياتنا
أنشئ مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) عام 1946، لكن بدايته كانت عام 1942 للسيطرة على الملاريا، في جميع أنحاء قواعد التدريب العسكرية بالولايات المتحدة.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أنشأ الدكتور “جوزيف جورج مونتين” مكتب دائرة الصحة العامة؛ ليحافظ على الصحة في البلاد من خلال التدابير المحلية، وليقاوم الأوبئة والأمراض، ثم بعد 60 عاماً، أجريت تغييرات طفيفة على الاسم، مثل (مركز الأمراض المعدية الوطنية، ومركز السيطرة على الأمراض، ومركز السيطرة على الأمراض، ومركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها)، لكن الأحرف الأولى (CDC) بقيت على حالها.
توسعت أعمال CDC لتشمل جميع الأمراض المعدية والأمراض النادرة، ويتضمن أيضاً صحة البيئة، والإحصائيات الصحية، والصحة المهنية، أيضاً يؤدي بلا كلل مكافحة للأمراض الجديدة والناشئة حول العالم، ويقود جهوداً للوقاية والحد من عبء انتشار الأمراض حول العالم، ويعود الفضل في هذا كله للملاريا التي بدأ بها عمله.