المرجعية الدينية العليا: اللجوء إلى الله في الشدة والإعراض عنه بعد زوالها يمثل نوعا من التحدي مع الله
317
شارك
كربلاء المقدسة – متابعة : اشار ممثل المرجعية الدينية العليا، الجمعة، ان التعامل مع القران الكريم يختلف باختلاف المعتقد، مؤكدا وجود تعامل اخر موضوعي ذات نظرة عامة ينظر الى ان بعض الايات الشريفة عبارة عن قواعد كلية ترسم بعض النقاط المهمة في حياة المجتمعات، يستفيد منها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي فضلا عن الفقيه.
وقال السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف اليوم (4 /8 /2017)، انه في بعض الحالات يتعامل القران معنا كافراد وتارة اخرى كمجتمع تكون المسؤولية فيه ملقاة على الجميع ويعبر عن ذلك بـ”الامة”، مستشهدا بقوله تعالى (كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا)، موضحا ان القران الكريم لايعفي مسؤولية الامة اذا شاركت او ساهمت في حالة من حالات الاضلال.
واضاف ان القران الكريم في سورة الاسراء يتحدث عن عدم وفاء الانسان، مبينا ان الانسان حينما يمر بشيء ما ويصل الى اليأس يتشبث بمن ينقذه الا انه سرعان ما يرجع الى سالف عهده اذا تجاوز ذلك الامر.
وتابع في معرض حديثه عن قوله تعالى (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ) في ان البحر يمثل مورد من موارد الهلكة والموت ولايوجد فيه من يلجأ اليه باعتبار ان جميع السبل قد تقطعت، مبينا ان الاية اكدت ذلك في قوله تعالى (ضَلَّ مَن تَدْعُونَ)، اي انه لايوجد احد للرجوع اليه، مستدركا ان الانسان في هذه الحالة يرجع الى نداء الفطرة (إِلَّا إِيَّاهُ)، مشيرا ان الله تعالى يحتج على الانسان بهذا النداء.
واوضح ان هنالك امثلة عديدة على ذلك من بينها ان الانسان في حال المرض يسمع منه الوعود التي سرعان ما تتلاشى بعد ان يتعافى من ذلك المرض، وكذلك اذا تبدل حاله من حال الى حال سيء، مبينا ان هذا المقطع المهم من الاية الشريفة يؤكد ان الانسان مطوق لايملك لنفسه الضر او النفع لانه لايوجد لديه منقذ سوى الله تعالى.
واستدرك السيد الصافي في ان القران الكريم لم يستخدم عبارة (فلما نجوتم او نجيتم) بل ورد في تكملة الاية الشريفة عبارة (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ)، مبينا ان النجاة في هذه العبارة (مفعول به) وان القران الكريم استخدمها للاشارة الى وجود فاعل للنجاة هو الله سبحانه وتعالى الذي استجاب لهم واخرجهم من المحنة بعد ان مسهم الضر في البحر وكانوا يلتفتون يمينا وشمالا ولايوجد من ينقذهم، محدثا اياهم بانهم كانوا في بحر فيه هلاك والان وصلوا الى شاطئ البر.
واستوقف السيد الصافي عند الموقف الذي جاء بالاية بعد الانقاذ كما ورد في قوله تعالى (أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا)، مبينا ان الاية كشفت عن وعود الانسان ومخالفته، مبينا انه في وضع المحنة كان ينادي يا الهي لو انجيتنا، الا انه في حالة الطمأنينة (اعرض) وكأن الذي صدر منه كان كلاما وكأنه شيئا لم يكن، داعيا الى ضرورة ان يتأمل الانسان في كيفية تعامله مع نفسه والتزاماته واخلاقياته.
واكد ممثل المرجعية الدينية العليا ان المقطع التربوي الذي ورد ذكره اعلاه يوضح ان الانسان بعد ان تنتهي محنته لايكترث ويعرض ولايشكر بل يتصرف تصرفات سيئة وينسى ويدير ظهره لما مضى، مستشهدا بقوله تعالى (وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً)، موضحا ان الاية الشريفة تبين بانه كفوراً بالنعمة.
واشار السيد الصافي ان الاعراض عن الله تعالى يمثل نوع من التحدي مع الله، مستشهدا بقوله تعالى (أَفَأَمِنتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68).
وقال السيد الصافي ان الذي يتحدى لابد ان يكون بمستوى التحدي وبمستوى المتحدي، مشددا ضرورة ان يتعظ الانسان ويلتفت ويعرف حجم نفسه وقدراته وان يكون صادقاً دائماً مع الله تعالى.