ما هي حقيقة قصة الذكاء الصناعي “المخيف” في فيسبوك؟

254

الحكمة – متابعة: اهتمت وسائل الإعلام بموضوع عن إمكانية خروج الذكاء الصناعي عن نطاق السيطرة والتحكم في حياتنا.

وقالت صحيفة “ميرور” البريطانية إن خبراء حذورا من “خطورة ذكاء الروبوت” بعد أن طور نظام للذكاء الصناعي تابع لشركة فيسبوك لغة خاصة به.

كما نُشرت أخبار مماثلة في صحف مثل “ذا صن” و”اندبندنت” و”تلغراف”، كما تناولت مواقع إخبارية إلكترونية أخرى القضية ذاتها.

وبدا الأمر أشبه بفيلم للخيال العلمي، ونشرت صحيفة “ذا صن” مجموعة من الصور المخيفة للروبوت.

فهل حان وقت الخوف من الروبوت والاستعداد لنهاية العالم على يد الآلات؟

ربما لا. فعلى الرغم من أن بعض العقول العلمية الفذة، مثل ستيفين هوكينغ، أعربت عن قلقها من تهديد الذكاء الصناعي للإنسانية يوما ما، فليس في قصة فيسبوك ما يدعو إلى القلق.

من أين جاءت القصة؟

نشرت شركة فيسبوك في يونيو/ حزيران الماضي مدونة تحدثت عن بحوث مهمة ومثيرة تتعلق ببرامج دردشة الروبوت، والتي تحتوي على محادثات نصية قصيرة مع بشر أو أجهزة روبوت أخرى.

وتناول موقع “نيو ساينتست” العلمي ومواقع أخرى وقتها هذه الأخبار.

وكانت فيسبوك قد أجرت تجربة استعانت فيها بأجهزة روبوت تتفاوض في ما بينها بشأن ملكية متعلقات افتراضية.

وكان الهدف من ذلك فهم الدور الذي يلعبه علم اللغويات في هذه المناقشات التفاوضية. وبالتالي تمت برمجة أجهزة الروبوت على استخدام اللغة بغية معرفة كيفية تأثير هذا على هيمنتها على النقاش.

على نقيض الأفلام السينمائية لا يسعى الإنسان والروبوت إلى قتل بعضهما

وبعد أيام قليلة، ركزت بعض التغطيات الإخبارية على أنه في حالات قليلة بدا الحوار، للوهلة الأولى، يتسم بالحماقة. وذلك على النحو التالي:

بوب (روبوت): “أستطيع أستطيع أنا أنا أي شيء آخر”.

أليس (روبوت): “الكرات لديها صفر لي لي لي لي لي لي”.

وعلى الرغم من أن بعض التقارير سلطت الضوء على أن أجهزة الروبوت اخترعت في تلك اللحظة لغة جديدة لمراوغة سيطرة الإنسان، كان أفضل تفسير للقضية هو أن الشبكات العصبية عدلت ببساطة لغة الإنسان بهدف التفاعل بطريقة أفضل كفاءة.

وقال موقع “غيزمودو” لأخبار التكنولوجيا “في سعيها للتعلم من بعضهما، بدأت أجهزة الروبوت تبادل الدردشة بطريقة الاختزال الاشتقاقي”.

وليس بالجديد أن تعيد أنظمة الذكاء الصناعي صياغة اللغة الإنجليزية كما نعرفها بهدف تقديم أداء أفضل في إطار مهمة رقمية.

فقد نشرت شركة غوغل تقريرا أشار إلى أن تطبيقها للترجمة فعل ذلك خلال مراحل التطوير.

وقالت غوغل في مدونة “يتعين على الشبكة ترميز الدلالات اللغوية للجملة”.

وربما كان سبب الاهتمام بالقصة خلال الأيام الماضية نشوب جدل بين المدير التنفيذي لفيسبوك، مارك زوكربيرغ، ورائد أعمال التكنولوجيا، إيلون ماسك، عن المخاطر المحتملة للذكاء الصناعي.

الخوف من الروبوت

لكن الأسلوب الذي غطت به وسائل الإعلام القصة ينم عن المخاوف الثقافية وتصوير الآلات أكثر من كونه حديثا عن حقائق عن هذه الحالة تحديدا.

ولابد من الإقرار كذلك بأن السينما دأبت على إظهار أجهزة الروبوت في هيئة مخلوقات شريرة.

لكن في أرض الواقع، يحتل الذكاء الصناعي مساحة كبيرة في مجال البحث العلمي حاليا، كما أن تصميم الأنظمة وتجربتها في تعقيد مستمر.

وبين نتائج هذا الأمر أنه لا تتضح غالبا الكيفية التي تنتج بها الشبكات العصبية مخرجاتها، خاصة أثناء تفاعل جهازين للذكاء الصناعي مع بعضهما دون تدخل بشري يذكر، كما في تجربة فيسبوك.

وهذا هو سبب الجدل الدائر والذي جعل الذكاء الصناعي في أنظمة مثل الأسلحة الآلية يتسم بالخطورة، كما جعل مجال دراسة أخلاقيات استخدام الذكاء الصناعي مجالا متطورا بسرعة، نظرا لكونها بالطبع تكنولوجيا تمس حياتنا بطريقة مباشرة في المستقبل.

لكن نظام فيسبوك استخدم لأغراض البحث، وليس بهدف التطبيق العام، وقد ألغي نظرا لأنه أنتج شيئا لم يثر اهتمام فريق العمل دراسته، وليس لاعتقادهم أن تجربتهم تهدد وجود البشرية.

ومن المهم للغاية إدراك أن دردشة الروبوت عموما صعب تطوريها.

وقررت فيسبوك مؤخرا الحد من منصة دردشة الروبوت بعد أن وجدت أن الكثير من أجهزة الروبوت في نظامها غير قادرة على التواصل مع استفسارات المستخدمين بنسبة 70 في المئة.

ويمكن بالطبع برمجة دردشة الروبوت كي تبدو أشبه بدردشة بشرية، وقد يخدعنا ذلك في حالات معينة، غير أن من المبالغة الاعتقاد بأن لديها القدرة على التآمر.

بي بي سي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*