المرجعية الدينية من على منبر الجمعة تشدد على ضرورة احترام المال العام وتحدد المقومات التي تحقق الاستقرار والأمن والرفاه والازدهار في المجتمع
224
شارك
كربلاء-الحكمة: استعرض ممثل المرجعية الدينية العليا الجمعة، مقومات بناء شخصية المواطن الصالح، موجها خطابه لجميع المواطنين بغض النظر اذا كان المخاطب مسؤولا كبيرا او موظفا او غير ذلك.
وقال سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة صلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (8 /9 /2017) “نحن نخاطب الجميع بماهم مواطنون في هذا البلد مع قطع النظر ان الدولة قد وفت بالتزاماتها مع المواطنين ام انها لم تف”.
واضاف ان الحديث عن اهمية بناء شخصية المواطن الصالح، هو الحديث عن الشخص الذي يساهم في البناء ولا يصدر منه الا الخير للاخرين، والذي يتعايش مع الاخرين تعايشا صحيحا يؤدي الى الازدهار والاستقرار، وفي نفس الوقت يحصن نفسه من الاذى والضرر، مبينا ان الالتزام بهذه المبادئ تؤدي الى تحقيق العدالة والامن والاستقرار والازدهار في المجتمع.
وتابع ان كل شعب من الشعوب اذا اراد ان يحقق لنفسه العدالة والامن والاستقرار الازدهار والتماسك الاجتماعي والرخاء الاقتصادي والمعيشي وان يكون له العزة والاستقلالية والاحترام لدى الاخرين لابد له من العمل على تنشئة ابناءه وتربيتهم على اسس معينة ليجعل منهم مواطنين صالحين مخلصين لوطنهم وامتهم مضحين في سبيل تحقيق اهدافها ومصالحها ومثلها وقيمها ويتعايشون فيما بينهم بسعادة وامن ورخاء، موضحا انه ما ورد في الروايات الاسلامية يدل على ان الاسلام اولى اهتماما كبيرا واساسيا للوطن وحبه والدفاع عنه والتضحية من اجل عزته وكرامته.
واستدرك ان على المواطن ان يعي كيفية التعامل مع غيره ممن يشاركه في الدين او الانتماء الى الوطن مما يساهم في خلق اجواء صالحة لبناء مجد الامة وعزتها وكرامتها ورخاءها واستقرارها وازدهارها، مستشهدا بما روي عن النبي الاكرم محمد صلى الله عليه واله “حب الوطن من الايمان” وعن امير المؤمنين عليه السلام “عمرت البلدان بحب الاوطان”.
واكد ان الحديث في الخطبة ليس بصدد بيان ماهو واجب الدولة تجاه المواطنين واداء حقوقهم بل انه يصب في بناء شخصية المواطن بحيث يساهم في الخير والبناء الذي يجلب السعادة والاستقرار والتقدم للجميع، مبينا ان الالتزام بالمبادئ يحقق الخير على الجميع وان العكس سيجلب الضرر على الجميع.
وبين ممثل المرجعية الدينية العليا ان اولى مقومات بناء شخصية المواطن الصالح تتمثل بالحس الوطني والشعور بالمسؤولية كل بحسب اختصاصه وطبيعة عمله تجاه الاخرين مع قطع النظر عن كون الدولة تؤدي حقوق المواطنين وتفي بالتزاماتها، مبينا ان هذا الحس يستدعي مجموعة من الصفات منها الاخلاص والتفاني والدفاع عن الوطن وحمايته واداء الواجبات تجاه الاخرين كما ورد في الحديث (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، منوها ان من غير الصحيح ان يقول القائل ان الحكومة مثلا او الدولة لا تؤدي الكثير من الحقوق.
ولفت الكربلائي ان الحديث في الخطبة يصب حول التزامات المواطن كمواطن في أي موقع سواء اكان طبيبا او مهندسا او رجل دين او في أي موقع تجاه بقية المواطنين واتجاه وطنه، مع غض النظر عن الامور الاخرى، وانه من غير الصحيح ان يتم الخلط بين هذا الامر وبقية الامور، مبينا انه ليس من الصحيح ان يقول بعض المواطنين هروباً من الالتزام بهذه المبادئ ان الدولة مثلا “ماذا قدّمت لي”، مؤكدا ان مبادئ المواطنة الصالحة ان تم الالتزام بها من قبل الجميع سيعمّ الخير على الجميع وان لم يتم الالتزام بها فان الضرر للجميع.
واوضح ان من مقومات المواطنة الصالحة “اكتساب ثقافة المواطنة الصالحة”، مبينا ان المقصود من ذلك ضرورة ان يعي المواطن لما يتطلبه حب الوطن من تفان واخلاص في خدمته واداء ما عليه من مهام ووظائف بإتقان وحب للخدمة بذاتها مع قطع النظر عن أي عوامل خارجية، اي ان يتفاني الموظف في دوائر الدولة في عمله وخدمة مواطنيه و كذلك الطبيب في علاج مرضاه والمهندس في اخلاصه لإنجاز مشاريعه والمدرس يتفانى في تعليم طلابه ويكون حريصاً على بلوغهم الدرجات العليا من التعلم والفلاح في حقل الزراعة والعامل في حقل البناء، كل يحرص على الاتقان والاهتمام للعمل مراعياً ما هو مطلوب في اختصاصه.
وشدد ممثل المرجعية العليا في الفقرة الثالثة من مقومات المواطنة الصالحة على ضرورة احترام الانظمة والقوانين التي شرعت للمصالح العامة للمجتمع سواء اكانت في مجال الامن او التعليم او الصحة او المرور او البيئة او البلديات، مؤكدا اهمية رعايتها وان كانت بكلفة ومشقة لانها تصب في مصلحة الجميع، والاخلال بها وعدم رعاية تطبيقها يضر الجميع.
وحث على ضرورة الحفاظ على الاموال العامة وانها ليست بلا مالك بل هي ملك لكل الشعب ولابد ان يراعى في التصرف فيها المصلحة العامة ونفع عموم المجتمع، موضحا ان من يمد يده الى شيء منها بغير وجه حق فإنما يسرق من كيس الشعب وهو خصمه في ذلك.
واكد على ضرورة غرس هذا المعنى في نفوس الابناء منذ الصغر وجعله ثقافة عامة ينشأ عليه الصغير ويتقيد به الكبير، مبينا ان كل مواطن سواء اكان موظفاً في دائرة حكومية او عاملا في شركة او كاسبا في السوق او كان في أي موقع اخر يلزمه التقيد بعدم التصرف في الاموال العامة الا وفق ما هو مخصص ومقرر لها بموجب القانون.
وبين الشيخ الكربلائي ان السبب وراء جانب من الفساد المالي الذي تشهده المؤسسات الحكومية يعود الى عدم العمل بما فيه الكفاية لجعل احترام المال العام المسمى بمال الحكومة ثقافة عامة في المجتمع بحيث يستشعر الجميع ان الاستحواذ عليه بغير وجه حق انما هو سرقة تماماً كالسرقة من الاموال العائدة للأشخاص بل هو اسوء واقبح منها من جهة لأن المسروق منه هو عامة الشعب.