لماذا نسرف في الإنفاق أثناء السفر في العطلات؟

279
فروق العملة يمكن أن تخدعك، وتجعلك تنفق المزيد من المال

الحكمة – متابعة: هناك مجموعة من الأسباب التي تدعو الناس لاشعوريا للإنفاق أكثر أثناء رحلاتهم، لذا يكون من الصعب عليهم التحكم في ذلك، كما تقول ألينا ديزيك.

تخطط إستا شاه، أستاذة التسويق بجامعة سينسيناتيبولاية أوهايو الأمريكية، دائما للقيام بنشاط ممتع في اليوم التالي لانتهاء عطلتها. وليست هذه استراتيجية لمقاومة ما يعرف بقلق العودة إلى العمل، لكنها حيلة لوضع ميزانية تمنعها من الإنفاق الزائد عن الحد أثناء العطلات.

عندما تدرك أن متعة السفر لقضاء عطلة ما ستستمر معك بعد العودة إلى بيتك، فإن ذلك “يجنبك الإنفاق على أشياء غير ضرورية خلال الأيام الأخيرة من العطلة”، كما تقول شاه.

وهذا يسمح لها بالإنفاق بشكل أكثر حكمة خلال أيام العطلة، بدلا من الإنفاق بتباه على أشياء لا تحتاجها قبل العودة إلى بلدها.

معوقات جماعية

الكثير من الناس يعود من العطلة ليجد فواتير بطاقات الائتمان أعلى مما كان متوقعا. وفي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يمكن أن تمثل هذه الأموال التي أنفقت بإسراف جزءا كبيرا من دخل الأسرة.

ووفقا لدراسة أجراها موقع ليرنفيست للتمويل الشخصي هذا العام، فإن 74 في المئة من الأميركيين أقروا بأن ديونهم زادت عن 1,100 دولار بعد العودة من رحلة لقضاء عطلة ما.

وفي المملكة المتحدة، ينفق العديد من المسافرين لقضاء رحلات خارجية نحو 718 دولار في المتوسط للشخص الواحد حتى قبل مغادرة بلدهم، وذلك فقط على أي شيء مُعفى من الرسوم الجمركية، أو على الملابس ذات الصلة بالرحلة، حسبما يشير بحث أجرته رابطة وكلاء السفر البريطانيين.

ويقول براد كلونتز، عالم النفس والمستشار المالي في هاواي، والذي يعمل أيضا مع عملاء لمساعدتهم في ضبط الإنفاق: “عملت مع الكثير من الناس الذين لم تكن لديهم مشاكل في حياتهم المالية باستثناء الإنفاق الزائد أثناء العطلات”.

الفروق بين العملات

إذن لماذا يفقد الناس السيطرة على إنفاقهم في الرحلات؟ يقول كلاوس ويرتنبروتش، أستاذ التسويق بجامعة إنسياد لإدارة الأعمال في سنغافورة، إن هناك مجموعة من الأسباب وراء إنفاق المزيد من المال أثناء الرحلات بصورة لاشعورية، ويكون من الصعب معها إبقاء الإنفاق تحت السيطرة.

أحد الأسباب هو أن الفرق في العملة من بلدك لبلد آخر يمكن أن يخدعك، وتشعر بأن لديك أموالا أكثر لإنفاقها وأنت في الخارج، حسب قول ويرتنبروتش.

وقد توصلت دراسة شارك ويرتنبروتش في إعدادها في عام 2007 إلى أن القيمة الاسمية للنقود تؤثر على إدراك الناس للقيمة الحقيقية لها، فإذا كنت في بلد تقل فيه القيمة الاسمية للعملة كثيرا عن قيمة عملة بلدك، فمن المرجح أنك ستنفق أكثر.

فعلى سبيل المثال، إذا كنت مسافرا من كندا إلى إندونيسيا، فإن الدولار الكندي يعادل 10,800 روبية تقريبا. وبالتالي، فمن المرجح أنك ستسرف في الإنفاق، وفقا لويرتنبروتش.

وتفسير ذلك هو أن القيام بتحويل العملات يشكل إرهاقا ذهنيا لكثير من المسافرين، وبالتالي يشعرون أنه من السهل عليهم استخدام عملة بلدانهم الأصلية في الإنفاق.

تشير شاه إلى أنه يمكن للمسافرين أن يكونوا عرضة لوضع ميزانيات غير واقعية، تكون إما منخفضة جدا أو مرتفعة جدا، بسبب تأثير ما يعرف بـ “المحاسبة العقلية المرنة”، التي تزيد الميل إلى الإنفاق.

ويعود هذا إلى أننا نميل إلى تبرير إنفاقنا بناء على الظروف الجديدة بدلا من الالتزام بميزانية صارمة للسيطرة على الإنفاق.

مجموعة من الناس يتجولون عند أحد المزارات السياحيةربما يمكنك أن تقول إن التبذير يحدث بصورة لاشعورية

على سبيل المثال، إذا وضعت ميزانية لإنفاق 100 دولار يوميا في العطلة، فيمكنك إنفاق 30 دولارا أخرى على الطعام من خلال تصنيف الطعام على أنه عملية شراء يومية بدلا من اعتباره إنفاقا خلال قضاء الرحلة.

ونتيجة لذلك، يبرر الناس إمكانية إنفاقهم 30 دولارا إضافية على الطعام دون إدراك أنهم في الواقع ينفقون أكثر مما ينفقونه في وطنهم، بحسب قول شاه. وتضيف: “ميزانياتك ليست جيدة كما تعتقد، وقد تبددها بسبب دوافعك”.

وفي المقابل، قد لا تنجح الميزانيات الأكثر تحفظا دائما. ووفقا لبحث أجرته شاه، فإن وضع ألف دولار كميزانية لقضاء رحلة مدتها أسبوع، على سبيل المثال، مع إدراك أن لديك 500 دولار فائضة في اليوم الأخير للرحلة، سيدفعك لإنفاق هذا المبلغ الفائض.

يقول ديباك تشابرا، الأستاذ المشارك في جامعة ولاية أريزونا، والمتخصص في مجال السياحة والسفر، إن الشعور بضيق الوقت يمكن أيضا أن يؤثر على إنفاقك.

ويضيف أنه سواء كنت تبحث عن هدية تذكارية لشرائها خلال رحلة فريدة، أو تنفق بإسراف على وجبة عشاء، “فأنت تنظر إلى الحياة من منظور قصير الأمد، ويمكن أن تكون مندفعا في ذلك”.

ويمكن للمكان البعيد الذي أتيت منه أن يكون له تأثير أيضا على طول المدة الزمنية التي تحتاج أن تقضيها خلال رحلتك، فقد توصلت دراسة أجراها موقع “إكسبيديا” الإلكتروني للسياحة والسفر عام 2016 إلى أن الذين يعيشون في الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية أقل ميلا من الأوروبيين لاستخدام غالبية أيام عطلاتهم في القيام برحلات خارج البلاد.

شاب وفتاة يلتقطان صورة سيلفي خلال رحلة لهماماذا تفعل مع المال المتبقي من ميزانية العطلة؟ هل تدفع منه الفواتير أم تنفقه في آخر يوم في العطلة؟

ويعتقد تشابرا أن أولئك الذين لديهم وقت أقل في السنة لقضاء العطلات في السفر يمكن أن يكونوا أكثر حماسا للمخاطرة عندما يتعلق الأمر بالإنفاق.

ويقول تشابرا إن رؤية صور رحلات الأصدقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تؤدي إلى نوع من القلق من عدم خوضك مثل تلك التجارب، وهو ما قد يؤثر بشكل خاص على المسافرين الشباب ويجعلهم يفرطون في الإنفاق، لأنهم يميلون إلى خوض تجارب جديدة أكثر من الأجيال الأخرى.

ويقول تشابرا إن تأثير رؤية معارفك وهم ينفقون المال أثناء الرحلات يمكن أن يكون في كثير من الأحيان حافزا أقوى للإنفاق أثناء السفر، أكثر من تأثير مشاهدة الإعلانات.

ماذا يجب أن تفعل؟

توصي شاه بأنه بدلا من وضع ميزانية خاصة للإنفاق، يمكنك أن تنفق خلال الرحلات بصورة معتادة كما تنفق في الحياة اليومية.

ويمكنك أن تتعرف على سعر العملة الخاصة بالبلد الذي ستتوجه إليه، وكم ستكلفك الأشياء المطلوبة لهذه الرحلة. ويمكن للقراءة عن تكاليف المواصلات، والطعام، وأماكن الترفيه أن تجعلك ملما أكثر بتفاصيل الإنفاق في هذه الرحلة.

ويمكنك أيضا أن تعد ميزانية يومية، وفقا للمعلومات التي حصلت عليها من بحثك عن التكاليف المتوقعة للطعام والتنقل والأنشطة الترفيهية الأخرى، لكي يكون من السهل عليك تتبع مصاريفك هناك.

وأخيرا، حاول دفع تكاليف الرحلة في فترة قصيرة من الوقت؛ لأن دفع تكاليف الطيران والإقامة على مدى بضعة أشهر مثلا سيجعل من السهل نسيان حجم الأموال التي تنفقها في كل جانب على حدة، حسب قول شاه.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*