1 دولار كل عام مقابل آلاف الأميال.. قبائل السكان الأصليين بكندا تسعى لرفع الإيجار الذي تدفعه الحكومة مقابل الأرض

322

الحكمة – متابعة: عقب وصول ويليام بنجامين روبينسون، تاجر الفراء إلى ضفاف نهر يصل بين بحيرتي سوبيريور وهورون، عام 1850، كانت مهمته واضحة: القيام بمفاوضاتٍ رسمية باسم الملكة فيكتوريا مع السكان الأصليين، الذين قطنوا ما ستُعرف فيما بعد بأونتاريو الشمالية الشرقية في كندا.

تعامل روبنسون مع ما يقارب 24 جماعة تعود جذور ارتباطها بتلك الأراضي لآلاف السنين.

قلة منهم فقط وفق The Guardian كانوا يستطيعون القراءة والكتابة أو تحدُّث الإنكليزية بطلاقة، لكن كلا الطرفين توصَّلا في النهاية إلى صفقة، إذ عَرَضَ عليهم روبنسون حقوق الصيد البري والبحري، وإيجاراً سنوياً يعادل 2 دولار كندي للفرد الواحد كل عام، مقابل الحصول على أكثر من 35 ألف و700 ميل مربع من الأرض.

وفي العام 1874، زِيدت قيمة المدفوعات لتبلغ 4 دولارات كندية في السنة الواحدة. ومنذ ذلك الحين، ظلت كما هي.

نزاع قانوني بين القبائل والدولة

الآن، وبعد مرور 167 عاماً على توقيع معاهدة روبنسون هورون، باتت الوثيقة – وهدفها الأصلي – في صميم نزاع قانوني بارز يدور في أونتاريو.

يضغط المُدَّعون الان من أجل الحصول على المستحقات بأثرٍ رجعي منذ عام 1874 فصاعداً، فضلاً عن زيادة الاستحقاقات في المستقبل. وقدَّر البعض أن الأرض ربما تكون قد حققت إيرادات تقع بين 500 مليون دولار ومليار دولار كندي من تنمية الموارد على مر السنين، وأعرب السكان الأصليون عن رغبتهم في مطالعة كشف حساب كامل لتلك الأرباح قبل اتخاذ أي قرار بشأن مبلغ التعويض.

رَفَعَ السكان الأصليون من إحدى عشرة قبيلة، ممثلين بحوالي 30 ألف شخص، دعوى قضائية ضد الحكومة الفيدرالية وحكومات أونتاريو أمام المحكمة، متهمين إياهم بعدم الالتزام بالاتفاق الذي قطعه روبنسون مع أسلافهم.

وعلى جانبٍ آخر، فإن التساؤل الذي يعد محورياً في هذه القضية، هو الكيفية التي ينبغي بها تفسير الدفع السنوي، في ضوء كونه وعداً يعود لأكثر من قرن من الزمان.

يدّعي السكان الأصليون أن أجدادهم كانوا مُتردِّدين في البداية بشأن قبول ما يبدو مبلغاً زهيداً نظير أراضيهم الغنية بالموارد. وقال مايك ريستول، أحد المدعين الممثلين في القضية: “الأمر الذي استجاب له ويليام بنجامين روبنسون قائلاً – وأنا هنا أعيد صياغة الصياغة: “إليكم ما سأفعله. سأعرض عليكم هذه الأقساط السنوية، وإذا كانت المقاطعة تنتج المزيد من العائدات لصالح الحكم الملكى، سيزيد القسط بالتبعية”.

جنيها واحدا زيادة كل عام

وتنص المعاهدة على أن أي زيادة في القسط السنوي “لا يجوز أن تتعدى ما يبلغ قيمته جنيهاً واحداً بالعملة الإقليمية في أي سنة واحدة، أو أي مبلغ إضافي يسر جلالة الملكة أن تأمر به”.

بعد مرور أكثر من قرن على الزيادة الأولى، وبرغم الطعون والعرائض المرفوعة من قبل زعماء السكان الأصليين لمختلف المستويات الحكومية، لم تتغيَّر قيمة القسط السنوي.

وقال ريستول: “لا تزال الحكومة تدفع الدولارات الكندية الأربعة سنوياً لكل فردٍ من السكان الأصليين، بصرف النظر عن تريليونات الدولارات التي حقَّقها القصر الملكي والشركات الكبرى من وراء تلك الأراضي”، مشيراً إلى التعدين، ورعاية الغابات، ووسائل تنمية الموارد الأخرى التي جرت على هذه الأرض.

وقد سلطت هذه القضية الضوء على الاستحقاقات السنوية للمعاهدة، وهي أداة تستخدم في أكثر من 600 معاهدة موجودة في جميع أنحاء كندا. وأضاف جيمس ديمبسي، أستاذ الدراسات المحلية في جامعة ألبرتا، أن المدفوعات السنوية كثيراً ما تضاف إلى المعاهدات للترغيب في الصفقة بينما كانت بريطانيا، وكندا من بعدها، تسعى من أجل إدخال المستوطنين البيض إلى أراضي السكان الأصليين وتنمية مواردها.

ووفقاً للأرقام الحكومية، بلغ تعداد الأشخاص المؤهلين في العام الماضي لاستلام الاستحقاقات السنوية الناجمة عن المعاهدات الموقعة بين عامي 1850 و1921 حوالي 580 فرداً. وبالنسبة للكثيرين، أصبح الدفع الضئيل رمزاً قوياً للعلاقة المعقدة التي صاغها أسلافهم مع العرش.

وقال ديمبسي إن جزءاً من التعقيد يكمن في حقيقة أن المعاهدات تلك لم يكن المقصود منها قط أن تكون وثائق دائمة، موضحاً: “كان يُعتَقَد أن الهنود إما سيلقون حتفهم أو يجري استيعابهم في المجتمع”.

من جهتها، رفضت وزارة أونتاريو للمصالحة والعلاقات مع السكان الأصليين التعليق على القضية كما هي مطروحة أمام المحاكم. ولكنَّ الحكومة أشارت في بيانٍ لصحيفة The Guardian إلى احترامها لحقوق السكان الأصليين وحقوق المعاهدات، وجاء في نصه: “نحن ملتزمون بالوفاء بالالتزامات الدستورية والالتزامات الأخرى فى المقاطعة فيما يتعلق بالسكان الأصليين”.

وقال ريستول إنَّ قضايا المحاكم، التي ستُعقَد جلسات استماعها فى أوائل عام 2018، قد جذبت الاهتمام فى جميع أنحاء البلاد، مضيفاً إنَّ “مجموعات أخرى من السكان الأصليين تراقب ما يحدث بعناية، إذ يقولون إنَّهم لم يحظوا بصفقاتٍ جيدة بدورهم. ولهذا يقولون إنَّه إذا فاز السكان الأصليون لمعاهدة روبنسون هورون بهذه القضية، سيُمعِنُون النظر هم الآخرين في بذل الجهود لزيادة استحقاقاتهم السنوية”.

هاف بوست

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*