في أربعين الحسين (ع) .. معجزة الضيف والمضيف

286

الحكمة – متابعة: ظاهرة أربعين الحسين عليه السلام هي معجزة بكل ما لكلمة المعجزة من معنى ، فهذه الظاهرة تعرضت على مدى 1400 عام لأبشع ولأقسى أنواع القمع من اجل حذفها من الوجود ومحوها من القلوب والعقول ، الا انها وبالرغم من ذلك لم تتمرد على الفناء فحسب بل اخذت تتسع وتكبر حتى تحولت الى اكبر تجمع بشري على وجه المعمورة.

كل جوانب ظاهرة الاربعين هي جوانب اعجازية ، فهذه الظاهرة بدأها رجل وامراة ، وهما الامام علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام ، والسيدة زينب بنت الامام علي بن ابي طالب عليهما السلام ، اللذان اسسا ظاهرة الاربعين وحالا دون اندثار ملحمة كربلاء التي سطرها الامام الحسين عليه السلام واهل بيته الكرام واخيه ابي الفضل العباس عليه السلام واصحابة البررة الاخيار رضوان الله عليهم اجمعين.

دور الامام السجاد عليه السلام وعمته عقيلة بني هاشم بطلة كربلاء السيدة زينب الكبرى عليها السلام ، افشل كل محاولات طواغيت التاريخ لاخفاء جريمة قتل الحسين عليه السلام واهل بيته الكرام ، الجريمة التي كان هدفها الاول طمس الاسلام المحمدي الاصيل ، واستبداله بحكم جاهلي يلبس لبوس الاسلام.

اليوم وفي ذكرى اربعين الحسين (ع) ، سنتناول جانبين مهمين من ظاهرة الاربعين ، وهما جانبان معجزان كباقي جوانب ظاهرة الاربعين ، الجانب الاول معجزة الضيف ، ضيف الحسين (ع) ، هذا الضيف الذي لا يحول البرد القارس ولا الحر القائظ ولا الامطار ولا الرياح ولا العواصف الترابية ولا القتل ولا الطواغيت ولا “الدواعش” ولا التكفيريين ولا حب الدنيا ، من الذهاب الى مضيفه ، حبيب المصطفى (ص) ريحانة رسول الله سيد شباب اهل الجنة الامام الحسين عليه السلام في عاصمته كربلاء.

عشق الضيف لمضيفه لا يوصف ابدا فهو عشق تتكسر في وصفه الاقلام وتخرس الالسن ، هذا الضيف يقطع مئات الكيلومترات مشيا على الاقدام ، في تاكيد عملي على التمسك بنهج الامام الحسين (ع) ، وعدم ترك هذا النهج الذي تبخس من اجله الانفس والابناء والاموال.

عشق الضيف لمضيفه يتجسد كل عام بالمسيرة المليونية التي ادهشت العالم اجمع ، بعد ان وصل عدد ضيوف الحسين (ع) في عاصمته كربلاء ، الى اكثر من 25 مليون شخص ، وهو تجمع لم تشهده المعمورة ابدا.

احدى اهم معاجز اربعين الحسين ، هي انها تنظم تلقائيا دون تدخل اي جهة رسمية او دولية ، فهذه الملايين الهادرة نحو كربلاء الحسين ، لم تاخذ اذنا من احد ولم تتلق اوامر من احد ، فحب الحسين كامن في كل قطرة من قطرات دم زوار الحسين ، وهذا الحب هو الذي يدفع الملايين من البشر نحو كربلاء الحسين ، وهو الذي يقهر كل اسباب المنع مهما كان مصدرها.

اما معجزة المضيف ، فهي في رحابة صدر كربلاء عاصمة الحسين ، التي تحتضن كل هذه الملايين الهادرة ، وتوفر لهم المأكل والمشرب والمبيت والامان وكل اسباب الراحة ، دون اي مقابل ودون ان تنفق كل هذه الملايين فلسا واحدا للحصول الماكل المشرب والمبيت والخدمات الاخرى وفي مقدمتها الطبية.

يُقال ان احد المراقبين الغربيين ابدى حيرة كبيرة من امر مضيفي زوار الحسين ، لانهم لايستثمرون هذا التجمع المليوني من اجل الحصول على مردود مالي فحسب بل هم ينفقون من اموالهم لاسكان واطعام وتوفير الخدمات لضيوفهم دون مقابل ، رغم انهم يعيشون ظروفا اقتصادية وامنية صعبة جدا.

مضيفو ضيوف الحسين يطلقون عبارة “سُفرة الحسين”  على الخدمات التي يقدموها للضيوف ، فهم باطلاقهم هذه العبارة يؤكدون ان المضيف الحقيقي لهؤلاء الضيوف هو الحسين عليه السلام ، اما هم فهم ” خُدام الحسين ” ، وليس هناك في الثقافة الشيعية منصبا ومركزا اعلى وارفع واعز من منصب “خادم الحسين” ، وخادم الحسين يعني خادم زوار الحسين ، الذين يرسمون في كل مناسبة اربعين صورا في غاية الروعة عن كرم العراقيين الذي فاق كل تصور.

شفقنا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*