من صور الشجاعة للإمام علي عليه السلام مبيته في فراش الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) …

667

يحمل شهر ربيع الأول بين أيامه ولياليه جملة من الأحداث التاريخية التي مرَّت بها الإمة الإسلامية، ومن هذه الأحداث مبيت الإمام علي (عليه السلام) في فراش الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك في ليلة اليوم الأول من هذا الشهر من سنة (13) للبعثة النبوية المباركة، والتي تعدُّ صورة من صور الشجاعة والفداء لأمير المؤمنين علي (عليه السلام).

حيث لم يحدثنا التاريخ بقصة الفداء أروع منها ، فالملأ من قريش مُجمِعون على قتل النبي محمد في فراشه ، وعلم النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) بذلك وأخبر علياً ، فبكى خوفاً على الرسول ، لكن الرسول حين أمره أن يبات في فراشه ، قال له علي : أوتسلم يا رسول إن فديتك بنفسي؟! فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : نعم ، بذلك وعدني ربي . فاستبشر عليٌّ وانفرجت أسارير وجهه ابتهاجاً بسلامة النبي ، وتقدم إلى فراشه مطمئن النفس ثابت الجَنان نام فيه متَّشحاً ببرده اليماني .

باتَ علي (عليه السلام) تلك الليلة في فراش النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) موطّناً نفسه على القتل، وجاءت رجال من قريش لتنفيذ المؤامرة، فلما أرادوا أن يضعوا اسيافهم فيه، وهم لا يشكّون أنه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثار (عليه السلام) في وجوههم ، فانهزموا منه فتركوه وتفرقوا في البحث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

وقبل ان يهاجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء الى علي (عليه السلام) وأمره ان يذهب الى مكة وينادي في الناس صارخاً: من كان له قِبل محمد أمانة أو وديعة فليأت، لنؤدي إليه أمانته. ثم قال له: انّهم لن يصلوا إليك من الآن ــ يا علي ــ بأمر تكرهه حتى تقدم عليّ، فأدِّ أمانتي على أعين الناس ظاهراً.

وبعد ان استقر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة المنورة كتب الى علي بن ابي طالب (عليه السلام) كتاباً أمره فيه بالمسير إليه.

خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) من مكة بركب الفواطم متجهاً نحو المدينة ومعه فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب، فلحقه جماعة ملَّثمون من قريش فعرفهم وقال لهم: إني منطلق الى ابن عمي، فمن سرّه أن أفري لحمه وأُهريق دمه فليتبعني أو فليدنُ مني، ثم سار وفي كل مكان ينزل كان يذكر الله مع الفواطم قياما وقعوداً.

فلما وصلوا المدينة نزل قوله تعالى (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) آل عمران: 195 فقرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الآية عليهم، فالذكر هو علي (عليه السلام)، والأنثى (الفواطم)، ثم قال لعلي (عليه السلام): (يا علي أنت أول هذه الامة ايماناً بالله ورسوله وأولهم هجرة الى الله ورسوله وآخرهم عهداً برسوله، لا يحبك ــ والذي نفسه بيده ــ إلا مؤمن قد امتحن الله قلبه للأيمان، ولا يبغضك إلا منافق أو كافر).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*