ما هي التكية وقبة القاسم والمشعل؟ تاريخ المواكب الحسينية في كربلاء المقدسة

355

10-11-2013-04

    تحيي سبعة أطراف بالإضافة إلى سبعة أصناف وهيئات، مراسيم الشعائر الحسينية منذ أكثر من مئتي سنة، مع الأخذ بعين الإعتبار -سيدي القارئ الكريم-، إن العدد الآن قد تزايد بشكل كبير ونحن في هذا التقرير نتحدث عن المواكب والهيئات التأريخية فقط.

اشتهرت مدينة كربلاء المقدسة التي حوت الجثمان الطاهر للمولى أبي عبدالله الحسين(عليه السلام) وأخيه أبي الفضل العباس(عليه السلام) بإقامة المآتم ونصب العزاء ولبس السواد في كل عام وتحديداً في شهري محرم الحرام وصفر الخير.
ويجمعُ هذان الشهران مناسبتين عظيمتين، يحييهما ملايين المؤمنين من شتى بقاع المعمورة، ألا وهما زيارة العاشر من محرم الحرام يوم استشهاد سيد شباب أهل الجنة وآل بيته الطاهرين(عليهم السلام)، في واقعة الطف الخالدة سنة 61هـ، وكذلك زيارة العشرين من صفر الخير وتسمى زيارة الأربعين أي مضي أربعين يوماً على استشهاد الإمام(عليه السلام) وأيضا عودة سبايا أهل بيت النبوة من الشام حاملين رؤوس الثلة الطاهرة التي استشهدت يوم الطف.
وقد ذكر القرآن الكريم بالإضافة الى الكثير من الروايات الفضل الكبير لإحياء شعائر الله، وهاتان المناسبتان من أهمها، ولعل الآية الكريمة: ((ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)) وقول الإمام الصادق(عليه السلام): (أحيوا أمرنا رحم الله من أحيى أمرنا) يكفي لإيضاح المثوبة الكبرى لإحياء هذه الشعائر.
ولكن لابد من تسليط الضوء على هذه الشعائر وعلى الجهات التي كانت تقيمها منذ عشرات السنين ولازالت مستمرة، فكما هو معتاد فإن الأيام العشرة الأولى من شهر محرم الحرام تُحيى شعائرها من قِبَل الهيئات والمواكب الحسينية من داخل مدينة كربلاء المقدسة، أما زيارة الأربعين فتكون المشاركة فيها من جميع محافظات العراق.
لهذا ونحن نعيش في هذه الأيام، كان من اللازم أن نسلط الضوء على من يحيي هذه الشعائر منذ سنين ولازال مستمراً بإحيائها.
تنقسم مدينة كربلاء الى سبعة أطراف وهي طرف باب بغداد ـ وطرف باب السلالمة ـ وطرف باب الطاق ـ وطرف المخيم ـ وطرف باب النجف ـ وطرف العباسية ـ وطرف باب الخان, وكل طرف من هذه الأطراف انفرد بالخدمة وجعل لنفسه موكباً وتكية لخدمة الإمام الحسين(عليه السلام) وخدمة زائريه الذين يأتون لزيارة مرقده الشريف، وجرى العرف من القدم أن تقوم هذه الأطراف السبعة بنصب التكايا والنزول بمواكب العزاء من أطرافهم مروراً بحرم العباس(عليه السلام) ومن ثم المرور بمنطقة بين الحرمين الشريفين وسابقاً كانت تمر بالأزقة الممتدة من حرم العباس الى حرم الإمام الحسين(عليهما السلام) وانتهاءً بحرم الإمام الحسين(عليه السلام).
وهناك أصناف وهيئات جرت على هذا العرف وقامت بنصب التكايا والنزول بمواكب عزاء أيضاً، وهي الصاغة و(القندرجية) والصفارين والقصابين، بالإضافة إلى موكب عزاء البلوش، وهيأة الحيدرية، صنف وهيأة شباب الزينبية.
ويعتقد أن هذه الأطراف أو الأصناف يبلغ عمرها حوالي أكثر من مائتي سنة وهي تتباين في أعمارها.
كما تحمل هذه المواكب والهيئات في مسيرها أثناء العزاء، المشعل(الهودج) وقبة القاسم، كما أنها تنصب التكايا من اليوم الأول لشهر محرم.
ماذا يعني المشعل (الهودج)؟
(الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة) من هذا المنطلق صمم الهودج على شكل يشبه شكل السفينة وهو يمثل سفينة النجاة وهو متعدد الفوائد في وقتها، والآن يرفع كظاهرة تراثية تمثل الشعار العام لسفينة النجاة، وكان يستخدم كشعار حسيني يضم مجموعة من مصابيح الإنارة حتى يصبح الهودج بوزن 250 إلى 350 كغم، وفيه ارتكاز وسطي يعتبر مهماً في حسابات (شيّال المشعل) إذ يمتاز بالقوة والصبر .
ما هي التكية؟
كانت هناك ظاهرة إنسانية واجتماعية جميلة معمول بها في كربلاء المقدسة، فعندما يموت شاب -لأن موت الشاب كان يعد ظاهرة عجيبة في حينها على عكس الوقت الحاضر-، كان يعد له سرداق “تكية” من السواد تعد لأجل تجمع الشباب من أهل المحلة، وكان ذلك يؤدي الى زيادة في الحميمية بين الناس، انتقال هذه الظاهرة الى شيء أعظم، هو التجمع تحت راية الحسين(عليه السلام) الذي يخلق شعوراً بأن المجتمعين فيها من أهل التعزية ويتقبلون التعازي.
كما أن التكية مكان تجمع الهيأة ويعد كمقر تقام فيها المآتم وينطلق منها كما أن جميع المشاركين في العزاء يتجمعون فيها لخدمة الموكب والزائرين الوافدين، وتنصب منذ اليوم الأول وترفع بعد انتهاء عزاء ركضة طويريج، كما إن الإنارة تكون ملونة إلى اليوم التاسع من محرم، ثم يصبح لون التكايا أحمراً وبعدها تطفأ.
ماذا تعني قبة القاسم أو (الحجلة)؟
القاسم بن الإمام الحسن(عليهما السلام)، كان غلاماً لم يبلغ الحلم بعد في واقعة الطف، وحسب الروايات، كان على أبواب الاقتران بابنة عمه الإمام الحسين(عليه السلام)، عندما وافته المنية واستشهد في واقعة الطف.
لذا تحمل هذه المواكب المعزية في الأيام العشرة الأولى هذه (الحجلة) والتي ترمز لمراسيم الزفاف المتعارف عليها عند القدماء.
ومن الجدير بالذكر إن هذه المواكب والهيئات الحسينية قد طالها ظلم اللانظام المقبور، وبعد أن مَنَّ الله سبحانه وتعالى على هذا البلد وهذا الشعب بالخلاص من الطغمة البعثية التي جثت عقوداً عديدة على صدور العراقيين، محاربة إيّاهم حتى بمعتقداتهم وشعائرهم بل كانت تعدُّ عليهم حتى الأنفاس التي يتنفسونها.
بدأت تلك الأطراف والأصناف والهيئات بإعادة كل شعائرها وطقوسها في جوٍّ من الحرية والأمان.
ونتيجة لتوسع مدينة كربلاء المقدسة وازدياد عدد سكانها واتساع رقعتها الجغرافية تولدت مواكب للعزاء جديدة لتضاف الى تلك المواكب القديمة ومنها موكب عزاء مدينة العباس(عليه السلام) وموكب عزاء الجمعية وموكب عزاء الإسكان ومواكب أخرى كثيرة.

10-11-2013-03

شبكة الكفيل العالمية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*