رغم شهرتها الواسعة على مستوى العالم إلا أن موسوعة “ويكيبيديا” على الإنترنت ما زالت تواجه العديد من الانتقادات حول مدى مصداقيتها والاعتماد عليها كمصدر موثوق به في المعلومات، بعد أن حذر خبراء أستراليون، الأكاديميين والطلبة من استمرارهم في استخدامها كمرجع علمي يستقون منه المعرفة.
وشدد الخبراء – وهم باحثون من دراسة النظم المعلوماتية في جامعة دياكن الاسترالية- على ضرورة “الابتعاد” عن “ويكيبيديا” كمصدر للمعلومات، مشيرين إلى أن اعتماد الطلبة على موسوعة “ويكيبيديا” التي توصف بالموسوعة الحرة، كمصدر للمعلومات، وإقرار الأكاديميين والمعلمين هذا الأمر، خلق جيلاً غير قادر على إيجاد المعلومة المناسبة من مصدرها الصحيح، الذي يتمثل في الخبراء والمتخصصين، حتى لو رغب الفرد منهم بذلك.
وأجرى فريق من الخبراء دراسة، هدفت إلى تحديد الكيفية التي تقوم من خلالها موسوعة “ويكيبيديا ” الشهيرة بإنشاء موضوعاتها، وتبيّن أنها تفخر بأن إنشاء موضوعاتها يتم من قبل مجموعة من الأعضاء يتعاونون في ما بينهم، وهم من في الغالب من غير المختصين، وذلك بدلاً من الخبراء الذين يقودهم فريق من المحررين المتخصصين، كما هو الحال بالنسبة للموسوعات العالمية التقليدية.
ومن وجهة نظر هؤلاء الخبراء؛ فإنه بالرغم من وجود بعض المميزات لهذا النوع من التوجه في الموسوعات، إلاّ أن أغلب الأعضاء في “ويكيبيديا” هم من الهواة، وليسوا متخصصين في الحقول المختارة لإنشاء الموضوعات.
أعضاؤها هواة ومجهولون
وهذا يعنى أنهم غير معتمدين في تلك المجالات، ويفتقرون إلى الخبرة، وكلاهما ضروري ليساعد في تحديد ما يصلح تضمينه في الموسوعة، وما لا يجب التطرق إليه.
وأضاف فريق الخبراء إلى أنّ سياسة الموسوعة في عدم اشتراط نشر أسماء المحررين، سيحجب عن مستخدم “ويكيبيديا” الاسم الحقيقي لكاتب المقالة، ويمنعه من تقييم مدى مصداقية المعلومة.
من جانبها أيضًا حذرت شرمان ليختينستاين ، عضو فريق الدراسة، من أنه في حال استمر المعلمون والموظفون والأكاديميون في التعامل مع “ويكيبيديا” كمصدر شرعي للمعلومات؛ فإنّ ذلك سيعمل على تهميش المعرفة القيِّمة، التي يحوزها الخبراء والمتخصصون، كما ورد بموقع إذاعة إيران.
الاستخبارات الأمريكية ودورها في التنقيح والتعديل
وهذه ليست المرة الأولى التي يوجه فيها اتهام لـ”ويكيبيديا” بعدم المصداقية، حيث تعرضت مرارًا لتهم التحريف والتشويه فى المعلومات التي تتضمنها، وهو ما ذكره جهاز مسح للشبكة الدولية حيث أظهر أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA تملك اليد العليا في “تنقيح” وتعديل بعض مواد هذه الموسوعة.
وأشار هذا الجهاز الذي يزعم أنه قادر على الكشف عن هوية الجهات التي تشارك في إعداد وتنقيح صفحات موسوعة الإنترنت (ويكيبيديا) إلى أن موظفين أجروا تعديلات على المادة المتعلقة بالرئيس الإيراني في الموسوعة الإلكترونية، وذلك انطلاقًا من حواسيب وكالة المخابرات الأمريكية.
ويقوم جهاز التدقيق هذا الذي طوره خبراء أمريكان بمسح حوالي خمسة ملايين وثلاثمائة ألف عملية تنقيح أو إضافة، ويتقصى مصدرها ليصل إلى عنوانها الإلكتروني على شبكة الإنترنت.
وأغلب التنقيحات والتعديلات التي يرصدها الجهاز هي عبارة عن تصحيحات إملائية أو لمعلومات وردت في الموسوعة، لكن بعض الإضافات هدفت إلى إزالة بعض المواد التي اعتبرت مواد مضرة أو تشويه الموقع.
وسرد الجهاز بعض المواقف التي تؤيد ما توصل إليه ومنها أن موظفاً بالـ”سي آي إيه” أضاف تعبيرًا للتعجب (واااااو) إلى فقرة تتحدث عن مشاريع الرئيس الإيراني وخطط ولايته في المادة المتعلقة بمحمود أحمدي نجاد.
يذكر أن شركة مايكروسوفت لجأت إلى صرف منح مالية لعدد من الخبراء ليتصفحوا الموقع، وليدخلوا تعديلات على كل ما يتعلق باسم الشركة، كذلك الأسترالي الذي اتفق مع مايكروسوفت على أن يقوم بتحوير مقالات تخص إحدى تقنياتها, أو كالمحاولات العديدة التي تقوم بها جهات حكومية وأمنية كتلك التي قامت بها وكالة المخابرات الامريكية “سي أي إيه”.
تزوير لأغراض سياسية
ولعل أطرف محاولات التدليس تلك التي قام بها فرنسي أثناء المناظرات التي صاحبت الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة, حيث قام بالدخول لـ”ويكيبيديا” وأبدل معلومة علمية تتعلق بمفاعلات نووية, لكي تتوافق ما قاله مرشحه المفضل نيكولاي ساركوزي, ولأن الموضوع كان مثار تتبع, فقد تم اكتشاف عملية التزوير ووقع الكشف عن صاحبها وتم إصلاح الخطأ.
وبناء على ما سبق اهتز عرش “ويكيبيديا” حينما أعلنت “جوجل” عن عزمها إنشاء موسوعة جديدة على الإنترنت باسم “نولز Knols” حيث تقوم الشركة حاليًّا بتجربة خدمة جديدة تهدف إلى أن تصبح أكبر مستودع للمعارف عن طريق كتاب خبراء في مختلف الموضوعات ويتوقع أن يكون المنافس الأول لـ”ويكيبيديا”.
والخدمة الجديدة عبارة عن موقع سيكون عبر الصفحات، وسيسمح بإنشاء صفحات لمواضيع في أي مجال، وتختلف الخدمة الجديدة عن ويكيبيديا في أن المقالات لا يمكن إعادة تحريرها إلا من خلال كاتبها الأصلي، وأيضًا ستكون هناك تعليقات وتقييم للصفحات من خلال الزوار.
وتعد “ويكيبيديا” مشروع متعدد اللغات في أكثر من 250 لغة لإعداد موسوعة دقيقة ومتكاملة ومتنوعة ومفتوحة ومحايدة ومجانية للجميع، يستطيع الجميع المساهمة في تحريرها، وبدأت النسخة العربية منها في سبتمبر 2001.
لقد أضحى موقع (ويكيبيديا) مرجعاً أساسياً لكل من يبحث عن معلومة خصوصاً وأن تحريره وإضافة المواد فيه يكون من المهتمين والقراء وليس من إدارة الموقع، وبالتالي ضمان استمرارية وجود معلومات يومية ومحدثة على مدار الساعة.
ومعنى كلمة ويكيبيديا عبارة عن كلمتين تم دمجهما سويا وهما wiki – نوع من المواقع التي يتم تحريرها جماعياً – والكلمة الثانية هي بيديا من كلمة Encyclopedia – تعني بالعربية موسوعة – وبالتالي هو عبارة عن موسوعة ضخمة مبنية عل الإنترنت تضم معلومات من مختلف اللغات والثقافات والأديان، ويسمح بكتابة المعلومات وتعديلها وحذفها من قبل أي فرد في العالم بدون شروط أو قيود تمنع العبث في في المحتوى.
خطورة الاعتماد عليها في المواضيع الدينية والسياسية
لذا يخطئ الكثيرون عند اعتمادهم على (ويكيبيديا) كمصدر موثوق للمعلومات، وذلك لأن باستطاعة أي فرد التعديل على معلومات صحيحة واستبدالها بمعلومات خاطئة أو إنشاء موضوع مبني على معلومات خاطئة من الأساس، وهذا بلا شك يزيد من خطورة الاعتماد على الموقع خاصة في المواضيع والقضايا الدينية والسياسية. بالإضافة إلى أن الكثير من المساهمين لا يتوفر لديهم مصادر يمكن الاعتماد عليها في كتابة موضوعاتهم، مما يجعلها في موضع شك.
ويرى الدكتور عبد العزيز الزهراني (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود في قسم الإعلام) أن أحد سلبيات موقع ويكيبيديا هي تزييف المعلومات التي تتحدث عن الأديان وعن الثقافات وعن تاريخ المجتمعات، خاصة وأن الويكبيديا لا يوجد لها لجان للتأكد من صحة المعلومات وتصحيح الأخطاء اللغوية والصياغية، مثل: موقع الموسوعة البريطانية أو الإسلامية.
غير معتمدة أكاديميًّا لعدم مصداقيتها
ويضيف الزهراني قائلاً: «إن الويكيبيديا لا تعتمَد إطلاقاً في الجامعات، ولا تقبل معلوماتها في رسائل الماجستير أو الدكتوراه لأن معلوماتها غير موثوق بها»، ويعتقد الزهراني أن الويكيبيديا في مرحلة البناء والتطور ولكن ليست على أسس سليمة، وسبب ذلك أن مؤسس الـ “ويكيبيديا” يبحث عن المعلومة بطريقة غير صحيحة، لأنه يوكل مهمة البحث إلى الآخرين وجهود الآخرين لا يمكن الوثوق بها، ويرى الزهراني أن الخطورة الحقيقية للويكيبيديا هو في تناولها معلومات متضاربة عن قضية واحدة، فمثلًا: قد ينشر معلومتين متضاربتين عن بعض الأحداث التاريخية، وهذا يزيد من خطورة الـ”ويكيبيديا”. وتقع العديد من وسائل الإعلام مؤخرًا وحتى الأجنبية منها على اعتبار المعلومة الظاهرة في الموقع صحيحة 100% ومن ثم اعتماد مواضيع وقصص صحفية انطلاقًا مما كتب فيها.