نص الخطبة الثانية لصلاة الجمعة في الصحن الحسيني الشريف
285
شارك
نص الخطبة الثانية لصلاة الجمعة في الصحن الحسيني الشريف :
إخوتي أخواتي أعرض عليكم موضوعاً تطرّقت إليه بعض الآيات الشريفة ألا وهي الآية 104 من سورة الانعام قال الله تبارك وتعالى: (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)). أرجو أن يلتفت الإخوة الأعزاء لهذا الموضوع المتعلق بمسألة البصيرة، واُعطي معنىً مجملا ً للبصيرة، البصيرة في القلب كالبصر في العين، يعني العين تُبصر تُدرك ترى.. كذلك القلب، العقل ايضاً يُبصر، ولا يوجد تلازم بينهما قد الانسان يكون بصيراً بعينه يرى لكن قلبه اعمى عنده عمى في القلب، وقد الانسان سُلب نعمة البصر لكنه يتمتع ببصيرة في قلبه، وقد ينتفي الاثنان وقد يجتمع الاثنان وهو عين المطلب. البصيرة هي الفطنة والبصيرة يحتاجها الانسان دائماً أنه يعرف الامور وبواطن الامور.. طبعاً اتحدث بالمقدار العُرفي المسألة ليست في عالم الغيب لا في المقدار العرفي هناك انسان فطن ودائماً يتحرك على بصيرة من امره لا يرفع قدماً الا وان يضعها في موطن صُلب.. يعرف كيف يتصرف.. طبعاً الامثلة على اهل البصائر كثيرة والامثلة على عدم البصيرة ايضاً كثيرة وبعضها امثال قديمة وبعضها امثال معاصرة.. ان الانسان اذا فقد بصيرته يبدأ يتخبط كحاطب ليل لا يرى شيئاً من تعبه اطلاقاً لأنه فقدَ حالة البصيرة وحالة التأمل وحالة الدقّة وحالة الفطنة والذكاء كل هذه الاشياء فقدها.. القرآن الكريم يقول: (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ) فعليكم ان تستغلوها..قد تكون البصائر علامات انبياء علماء اشارات بالنتيجة لابد ان نستغل هذه البصائر.. (فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ) هذا الناتج الذي يحصل من خلال البصيرة سيرجع للمؤشرات الايجابية الى نفسه.. قال تعالى: (وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا) الله تبارك وتعالى لا يلجأنا الى الفعل حتى لا يكون جبر حتى تبقى المسؤولية بعهدتنا..نعم الله تعالى يبيّن، البصيرة يحتاجها السياسي والمبحث ليس سياسياً اتكلم بشكل عام.. البصيرة يحتاجها السياسي ويحتاجها الاقتصادي والاجتماعي ويحتاجها المعتقد الذي يعتقد ايضاً يحتاج الى البصيرة كثير من الناس اعتقدوا بالنبي لكن ليست لهم بصائر بمجرد ان مات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ارتدّوا والبعض ادعّى النبوة..وكذلك الائمة عليهم السلام وكذلك العلماء الناس تعتقد بالعالم لكن بمجرد ان تأتي من هنا وهناك يسقط..البصيرة شيء غير مسألة العلم، البصيرة فِطنة الانسان يعلم هذا الامر لكنه لا توجد عنده بصيرة.. قرأنا قبلا ً في سورة يوسف، يوسف (عليه السلام) القرآن امتحنه واختبره واختبر يعقوب (عليه السلام).. ماذا يقول يوسف (عليه السلام) ولعلّها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (108)) لاحظوا تقطيع الآية قل هذه سبيلي أي طريقي ادعو الى الله ولاحظوا (عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي) لاحظوا ادعو الى الله لكن لا ادعوا الى الله تعالى على عمى وانما ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني.. تعرف معنى (بصيرة من امرهم!) سيد الشهداء (عليه السلام) عندما كان في كربلاء في واقعة الطف الطرف المقابل عندما كان يقاتل البعض كان يستنجد قال ارسلوا لنا اتباع فاصحاب الحسين يقاتلون بشراسة اقوياء.. الطرف المقابل لا يفهم يرسل العدة ويرسل المدد وهؤلاء يفنون واقعاً القتلى في كربلاء بعض ارباب المقاتل لا يحصوها لكن قتلى وعدد.. فقال احدهم أتعرفون من تقاتلون؟!.. في مقام ان يتكلم عن الشجاعة يقول هؤلاء اهل البصائر! الانسان الذي عنده بصيرة لا يخشى شيئاً حتى وان لم ينتصر.. لماذا؟! اصحاب الحسين (عليه السلام) عملياً كلهم استشهدوا، معنى البصيرة اني عندي وضوح انا افعل بحسب ما عندي.. السياسي وانا سبق وان قلب الخطبة ليست سياسية، السياسي اذا لم تكن عنده بصيرة سيُتعب الناس ويُتعب البلد، الاقتصادي اذا لم تكن عنده بصيرة سيجعل الاقتصاد مدمّراً.. المواقع المهمة تحتاج الى كفاءات عندها بصيرة لما عندها.. تكلمنا قبل سنة او سنتين عهد امير المؤمنين (عليه السلام) الى مالك الاشتر.. من استفاد منه او بتعبير ادق كم من مستفيد منه؟! مع ان هذا العهد يعطيك طريقاً واضحاً لا لبس فيه..نعم هو يتحدث عن موقع سياسي كون مالك على أمل ان يكون واليه على مصر لكن بعض الكلمات التي فيها يستفيد منها أي موقع عندما يبعث العيون وعندما يتعامل مع الناس لا يكون عليهم سبعاً ضارياً.. الانسان الذي عنده بصيرة يعرف.. لاحظوا سأذكر مثالا ً حياتياً وقد تستغرب تقول هذا ما ربطه.. انسان متمول مالا ً يساعد الناس ومساعدة الناس مستحبة لكن اهله يأنون من الجوع اولاده زوجته ابنائه.. هذا لا يملك بصيرة لا يعرف.. لأنه لو يعلم ان هؤلاء أحقّ بأن يغدق وان ينفق لما فعل هذا اشبع هؤلاء ونعم تصدّق وساعد الناس..اعطي هؤلاء هؤلاء ينظرون اليك انت الاب انت الراعي ثم انقل الى الاخرين.. لماذا حتى الناس يسمونك مُحسناً واهلك يتضورون جوعاً لا تنفعك مدحة الناس مع الاثم، البصيرة تحتاج الى الفطنة والى نوع من الدقّة.. كيف انا اضع قدمي في موطن سياسي ليست عنده بصيرة يحرق البلاد والعباد لا يفهم اقتصادي ليست عنده بصيرة زعيم عشيرة ليست عنده بصيرة يجعل الناس تتقاتل فيما بينهم.. البصيرة حالة كما الانسان اذا لم يرى الحائط امامه يرتطم به.. الانسان اذا لم تكن عنده بصيرة يقع ثم يقع ولات حين مندم.. البصيرة ليست شيئاً كمالياً.. البصيرة مقياس.. الله تعالى يقول (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ).. الله تعالى رزقنا البصيرة والجوارح لكن البصيرة هذا القلب والعقل يحتاج الى تأمل والى تروّي..عملٌ بلا بصيرة بلا حكمة.. الانسان قد يُريد ان يُصلح لكنه بلا بصيرة واذا تبيّن هذا يُفسد وهو اكثر مما يُصلح.. ولذا اخواني البصيرة لاحظوا في القتال تعرفون البصيرة في القتال، في واقعة الطف عندما كان اصحاب الحسين (عليه السلام) امثولة في البصيرة لم يتخلف منهم احد والحمد لله انا تكلمت في الخطب السابقة حول بعض ما شاهدناه من اعزتنا وابنائنا واحبتنا المقاتلين الاعزّة الذين نقبّل جبهاتهم أينما كانوا هذه الجبهة التي تسجد لله وتخضع لله هذه الجبهة التي وقفت شامخة وهي تصد رصاص الغدر ورصاص الدواعش وقفت حتى تحمي البلاد.. انا اسأل ايهما اكثر بصيرة عندما اقارن بين هذا الشاب المملوء عطاء والمملوء قوة أم ذلك الذي لا احاول ان اجعله تحت عنوان افضل الذي يحاول ان يمتص قوت الناس؟!.. من الأولى بأن نقف له إجلالاً؟ من الأولى بأن نحترمه وان نعطيه من الأولى بذلك هذا أم ذاك؟! بعض الالفاظ مع بعض الناس قد تكون قليلة في حقّهم لكن القرآن الكريم يقول: (إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) وهذا أفضل تعبير، الذي يمتص قوت الناس والذي يسرق من الناس والذي يتعجرف على الناس والذي يتكبر على الناس.. وأمامه هؤلاء الفتية اهل البصائر الذين لقنوا هؤلاء دروساً لا تُنسى ومن بقيَ مُنهم سيتذكر أنّه في السنين الفلانية قد شاهد انصاراً اوفياء اقوياء ابطال لم يفت في عضدهم أي شيء.. نعم هؤلاء كانوا على بصيرة يعرفون ماذا يفعلون.. لابد نحن ان نكون اهل بصيرة في جزاءهم والوفاء لهم والاهتمام لهم وفي ورعايتهم.. لا ان نعتبره تاريخ مضى ونقلب له ظهر المِجَن..وهم أعطونا كل شيء الذي ذهب الى القتال لم يكن يتوقع انّه سيرجع، كانوا يوصون اهاليهم ويذهبون.. الجرحى هم الشهداء الأحياء والذين سَلِموا بحمد الله تعالى مفخرة للبلاد والعباد.. نسأل الله سبحانه وتعالى ان نكون من اهل بصيرة في ان نعطيهم جزء من حقّهم علينا وهذا الديّن كما كانوا هم اهل بصائر.. سائلين الله تعالى ان يغفر لنا ولكم وان يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين جميعاً من كل سوء وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..