بعد خسارة نحو 14 مليون شجرة.. هذه أسباب تراجع أعداد النخيل في العراق
468
شارك
الحكمة – متابعة : بعد أن تصدر العراق المرتبة الأولى عالميا من ناحية زراعة أشجار النخيل في سبعينيات القرن الماضي إلا أن أعداد النخيل في العراق شهدت تراجعا كبيرا في الفترة الأخيرة إذ يرى مختصون أن أسباب التراجع ليست وليدة اليوم بل جاءت امتدادا للحروب التي خاضها العراق منذ ثمانينات القرن الماضي ، ما جعلت العراق يخسر نحو أكثر من 14 مليون نخلة.
وتعد أشجار النخيل الشريان الرئيس للاقتصاد العراقي نظرا لما يقوم به العراق من تصدير منتجات التمور إلى العالم إلا أنه في الفترة الأخيرة أصبح العراق مستوردا لمحصول التمور على الرغم من توفر العوامل التي يمكن أن تجعله مجددا مصدرا للتمور إلى العالم.
رئيس لجنة الزراعة والمياه في البرلمان فرات التميمي قال في هذا الصدد إن “هناك أسبابا عديدة أدت إلى تراجع أعداد النخيل في العراق وحالت دون تأهيل وتطوير زراعتها، منها الحروب والتجريف وآفات الدوباس وسوسة النخيل الحمراء ، فضلا عن غياب الخطط لكيفية استثمار منتوج التمور وتصديره”.
وقال التميمي إن “الحكومة العراقية والمتمثلة بوزارة الزراعة مقصرة بهذا الجانب وكان بإمكانها أن تلقي كل اهتماماتها من أجل إعادة العراق إلى مرتبته السابقة إذ كان العراق يسمى ببلد النخيل في العالم كما أن النخلة تعتبر رمز العراق في ثمانينات القرن الماضي”، لافتا إلى أن “البصرة كانت من أكبر المحافظات زراعة للنخيل اليوم تراجعت وبشكل كبير بسبب غياب الدعم الحكومي والتلوثات الناجمة من صناعة النفط ، بالاضافة الى التجريف والتمدد نحو المساحات الخضراء، كلها ادت الى تراجع زراعة واعداد النخيل في العراق”.
وتشير احصائيات الدولية الى ان عدد النخيل في العراق خلال ثمانينات القرن الماضي يتجاوز الـ 35 مليون نخلة الا ان وزارة الزراعة فقد اعلنت ان عدد النخيل في العراق تقدر بـ 21 الى 23 مليون نخلة ما يعني ان العراق قد خسر نحو اكثر من 14 مليون نخلة.
من جهته اكد الوكيل الفني لوزارة الزراعة مهدي ضمد القيسي، ان “هناك اسباب عديدة لتراجع اعداد النخيل في العراق منها الحرب العراقية الايرانية وحرب الخليج الثانية التي جعلت الفلاح يترك مزارعه ويلتحق بالسلك العسكري فهي ليست وليدة اليوم كما ان البساتين اصبحت في خطوط المواجهة فتعرضت الى التجريف لاسيما في محافظات البصرة وميسان وديالى، وفي فترة التسعينات اصبح هناك اهمال حكومي للنخيل”.
واضاف القيسي ان “بعد عام 2003 اصبح هناك اهتمام كبير لزراعة وتطوير النخيل حيث قامت وزارة الزراعة بتاسيس هيئة النخيل العام عام 2005 التي وضعت البرامج التطويرية وكانت المحصلة هناك زيادة باعداد النخيل وتحسن بنوعياتها، اذ ان التقديرات تشير الى ان اعداد النخيل في العراق بلغت بنحو 21 الى 32 مليون نخلة، الا ان العدد الحقيقي يحتاج الى تعداد والتعداد يحتاج الى مشاريع استثمارية وبما ان الموازنات السابقة منذ 2014 تفتقر الى المشاريع الاستثمارية فان وزارة الزراعة لم تقم باحصاء عدد النخيل في العراق لمعرفة العدد الكلي لها”.
واشار الى ان “وزارة الزراعة استطاعت ووفق التقنيات الحديثة من القضاء على افة الدوباس التي كانت السبب الرئيسي لموت اشجار النخيل باستخدام المستخلصات النباتية لمكافحة الافة بمسمها الربيعي والخريفي والتي كانت احد اسباب تراجع النخيل في العراق على اعتبار انها موجودة في العراق منذ 1922″، مبينا ان “حيازات بساتين النخيل تقلصت بسبب ان اغلب البساتين تعود الى الملكية الخاصة وبسبب الميراث فانه تم تفتيت اغلب البساتين واصبحت الحيازات صغيرة، فضلا عن تحويل جنس الاراضي الى سكنية”.
وعن استيراد التمور من الخارج فقد اوضح القيسي ان “الوزارة لم تمنح اية اجازة استيراد للتمور وما موجود حاليا في الاسواق يدخل بطرق غير رسمية الى البلد ، اذ ان هناك اكتفاء ذاتي وتصدير لبعض منتجات التمور الى الخارج”، لافتا الى الى ان هناك صندوق مخصص لاصحاب بساتين التمور ومعامل التحويل لاجل الاقتراض لدعم زراعة النخيل ومنتجات التمور في العراق”.
الى ذلك اكد مدير عام الهيئة العامة للنخيل التابعة لوزارة الزرعة فرعون أحمد الجبوري: ان “أعداد النخيل كانت تبلغ حتى العام 1980 أكثر من 30 مليون نخلة، إذ وصل الإنتاج إلى 932 ألف طن سنوياً”. غير أن الحروب التي كان مسرحها مناطق إنتاج النخيل الأكثر كثافة كالبصرة والجناح الشرقي من العراق، دمرت الكثير من البساتين، بالإضافة إلى الإهمال وعزوف المزارعين عن الاعتناء بأشجار النخيل لضعف مرودها الاقتصادي، مقارنة بفرص العمل المتاحة في مراكز المدن. كل ذلك أدى، حسب الجبوري، إلى حدوث نقص حاد في أعداد أشجار النخيل وصل إلى 50%. وكانت قد قدرت أعدادها بـ16 مليون نخلة في آخر إحصاء “غير رسمي”، بني على توقعات العام 2012، أي أن العراق فقد 14 مليون نخلة.
يتابع الجبوري: “حتى الآن لا يمكن أن نجزم بالعدد الكلي للنخيل، لأننا لم نجرِ أي إحصاء لكل الأراضي التي تحتوي على النخيل، لكن هناك مشروعاً أطلق عليه “مشروع ترقيم النخيل” قدّم بالفعل إلى مجلس الوزراء في العام 2013، وأرجئ إلى العام 2014، وبسبب عدم إقرار الموازنة الاتحادية أرجئ للعام الحالي أيضاً، ولا نعتقد أنه سيقر بسبب الضائقة المالية التي تخنق مؤسسات الدولة، وضمنها وزارة الزراعة، إذ يكلّف المشروع مبالغ كبيرة”.