قصة بشر الحافي ..
الحكمة – متابعة: في عصر الإمام الكاظم “عليه السلام ” كان يعيش في بغداد رجل معروف يقال له بشر وكان ممن يشار إليه بالبنان، وحدث يوماً أن كان الإمام الكاظم، ماراً من أمام بيت بشر، وكانت أصوات اللهو والطرب تملأ المكان فصادف أن فتحت جارية باب الدار لإلقاء بعض الفضلات، وحين رمت بها في الطريق سألها الإمام ” عليه السلام ” ? قائلاً : يا جارية! هل صاحب هذه الدار حر أم عبد .
.
فأجابته الجارية وهي مستغربة سؤاله هذا بشر رجل معروف بين الناس، وقالت : بل هو حر .
.
فقال الإمام : صدقت لو كان عبداً لخاف من مولاه. الإمام قال هذه الكلمة وانصرف .
فعادت الجارية إلى الدار وكان بشر جالساً إلى مائدة الخمر، فسألها : ما الذي أبطأك؟
فنقلت له ما دار بينها وبين الإمام، وعندما سمع ما نقلته من قول الإمام صدقت، لو كان عبداً لخاف من مولاه .
.
اهتز هزاً عنيفاً أيقظته من غفلته، وأيقظته من نومته، نومة الغفلة عن الله. ثم سأل بشر الجارية عن الوجهة التي توجه إليها الإمام، فأخبرته فانطلق يعدو خلفه، حتى أنَّه نسي أن ينتعل حذاءه، وكان في الطريق يحدث نفسه بأن هذا الرجل هو الإمام موسى بن جعفر، وفعلاً ذهب إلى منزل الإمام، فتاب على يده واعتذر وبكى ثم هوى على يدي الإمام يقبلها وهو يقول : سيدي أريد من هذه الساعة أن أصبح عبداً ولكن عبداً لله، لا أريد هذه الحرية المذلة التي تأسر الإنسانية فيّ، وتطلق العنان للشهوة الحيوانية.
.
لا أريد حرية السعي وراء الجاه والمنصب، لا أريد حرية الخوض في مستنقع الذنوب وأغدوا أسيراً لها. لا أريد أن تؤسر فيّ الفطرة السليمة والعقل السليم. من هذه الساعة أريد أن أصبح عبداً لله ولله وحده، حراً تجاه غيره . وتاب بشر على يد الإمام الكاظم. ومنذ تلك اللحظة هجر الذنوب ونأى عنها وأتلف كل وسائل الحرام، وأقبل على الطاعة والعبادة.
.
نختم بهذه الدعاء ايها المؤمنون بالمناسبة بخطاب بين مولانا السجاد عليه السلام والعلي الأعلى : وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بك شاك، ولا بنكالك جاهل ولا لعقوبتك متعرض ولكن سولت لي نفسي وأعانني على ذلك سترك المرخي به علي، فأنا الآن من عذابك من يستنقذني؟ وبحبل من أعتصم إن قطعت حبلك عني؟ فوا سوأتاه غداً من الوقوف بين يديك إذا قيل للمخفين : جوزوا وللمثقلين : حطوا، أمع المخفين أجوز أم مع المثقلين أحط؟ ويلي كلما طال عمري كثرت خطاياي ولم أتب، أما آن لي أن أستحي من ربي؟ .