في سابقة للقضاء العراقي: تغريم “الحياة اللندنية” 50 مليون دينار وحجز مكتبها في العراق
219
شارك
النجف الأشرف ، الحكمة (خاص)
غرم القضاء العراقي صحيفة الحياة اللندنية مبلغ (50) مليون دينار عراقي وذلك عن جريمة انتحال تحقيق صحفي نشرته على صفحاتها بسرقته من صحيفة “الأصالة” العراقية تحت عنوان :”المقابر المسيحية في النجف الأشرف”، لكاتبه الصحافي المعروف حيدر حسين الجنابي ، الذي قام المدان فاضل رشاد مراسل صحيفة الحياة بانتحال تحقيقه ونسبه إلى نفسه؟
وقال الصحفي صاحب التحقيق المنتحَل حيدر الجنابي ” نشرتُ في آب من العام 2011 تحقيقًا صحفيًّا بعنوان “المقابر المسيحية في النجف الأشرف” في صحيفة الأصالة النجفية وفوجئتُ بنشره في صحيفة الحياة اللندنية في أيلول من العام نفسه ولكن باسم مراسلهم فاضل رشاد”.
وأضاف الجنابي ” لم أسكت على هذه السرقة الصحفية الفاضحة، وقمت بتحريك دعوى قضائية أمام محكمة النشر والإعلام في 12/12/2011 ضد غسان شربل رئيس تحرير صحيفة الحياة اللندنية بصفته الشخصية والوظيفية ، وضد الصحافي الذي انتحل التحقيق (فاضل رشاد) مراسل الحياة اللندنية في العراق ، وقدمت جميع الوثائق والأدلة التي تثبت قيامي بكتابة التحقيق الصحفي، والتي تؤكد جميعها ملكيتي الفكرية للتحقيق ، ومنها مقابلة مدير آثار النجف الأشرف بخصوص الموضوع في حين لم تقدم صحيفة الحياة ومراسلها أي اثبات قانوني يؤيد قيامه بذلك سوى دفع واحد يفيد قيامه بلقاء مدير الآثار في النجف الأشرف ، الأمر الذي دفع المحكمة إلى مفاتحة دائرة الآثار بذلك فنفت الدائرة المذكورة هذا الادعاء وأكدت صراحة قيام الصحفي حيدر الجنابي بهذا اللقاء وليس مراسل الحياة فاضل .
وتابع الجنابي ” بعد نفي الآثار غيَّر وكيلا صحيفة الحياة ومراسلها دفاعهما بالادعاء بأن اللقاء جرى عن طريق الهاتف الجوال ومع ذلك فقد نفى مدير الآثار أي لقاء به من قبلهم” .
وأكد الصحفي حيدر الجنابي أن ” التحقيق الصحفي بذلت فيه جهود كبيرة و تراوحت مدت الاشتغال عليه اكثر من ستة اشهر بين بحث وتصوير ولقاءات وتسجيلات إلى أن خرج بصورة مميزة كشفت عن وجود اكبر مقبرة مسيحية ، في العراق مع تفاصيل المقبرة وانتحال التحقيق سبب لي اذى نفسيًّا بسبب المتاجرة به” .
وقال وكيل الصحفي الجنابي المحامي الدكتور محمد الطائي ” تعتبر من الدعاوى المميزة جدًّا، في نوعها ومدتها ، وقد اشترك فيها معي المحامي علي البياتي، فالدعوى القضائية قضى فيها تسعة قضاة ، واحد من محكمة النشر والإعلام وثلاثة من محكمة الاستئناف وخمسة من محكمة التمييز ، واشترك فيها خبيرًا؛ خمسة خبراء في الملكية الفكرية من وزارة الثقافة ، وثلاثة خبراء من الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وستة خبراء من أساتذة كلية الإعلام، وعشرة من الخبراء القانونيين ، واستمرت الدعوى القضائية من 12-12-2011 ولغاية 24-7-2013 ما يقارب سنة وسبعة أشهر (19شهرًا) وتعتبر أول دعوى تدخل إلى وزارة الثقافة العراقية”.
وأضاف الطائي إن ” الموضوع لا يعد خبراً وإنما هو بحث علمي تم إعداده بعد ان بذل فيه الصحفي حيدر الجنابي جهدًا ملحوظا، حيث قام بعمل ميداني وتصوير فوتوغرافي،وقابل فيه أصحاب العلاقة، وكان جواب مفتشية آثار محافظة النجف الأشرف أن الصحفي حيدر حسين هو الذي أجرى اللقاء مع مدير آثار وتراث محافظة النجف الأشرف وليس فاضل رشاد، وذكر فيه معلومات تاريخية وحقائق أثرية تتعلق بمقبرة المسيحيين في النجف لم تكن معروفة قبل ذلك البحث، في حين ان رشاد نقل البحث حرفيًّا ولم يقم بإجراء أي مقابلات ولم يبذل فيه جهدًا ملحوظًا لدينا، وحسب قانون حق المؤلف العراقي رقم (3 ) لسنة 1971 المعدل ، المنشور في الوقائع العراقية العدد 1957في 21/1/1971 والذي عدل بموجب أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 83سنة 2004 المنشور في الوقائع العراقية بالعدد 3984 في حزيران 2004، لذا يكون التحقيق موضوع الدعوى والمؤلف مشمول بالحماية”.
وبين الطائي ” أن موضوع الدعوى له علاقة بأحكام قانون حق المؤلف رقم 3 لسنة 1971 والمعدل بقرار سلطة الائتلاف المؤقتة المرقم 83 لسنة 2004 حيث إنه يتعلق بحماية المصنفات الأصلية في الآداب والفنون والعلوم، وذلك لأن التحقيق موضوع الدعوى هو عبارة عن بحث علمي مدروس، وقد بذل فيه مؤلفه وقتًا وجهدًا، وأجرى فيه مقابلات، ويمكن أن نلاحظ أن صحيفة الحياة ومراسلها قد خالفوا نص المادة (1) والمادة (2) والمادة(3)و المادة (7) والمادة (10) والمادة(14)و المادة (15) والمادة (17) والمادة(49) “.
وأوضح الطائي ” استنادًا إلى المادة 44 لكل مؤلف وقع التعدي على حق من حقوقه المقررة بمقتضى أحكام هذا القانون الحق بتعويض مناسب، ويؤخذ بالاعتبار عند تقدير التعويض المنزلة الثقافية للمؤلف والقيمة الأدبية والعلمية والفنية للمصنف ومدى الفائدة التي حصل عليها المعتدي من استغلال المصنف”.
فيما قال المحامي الثاني المترافع في قضية الجنابي علي البياتي ” إن خبراء الإعلام والقانون في الدعوى القضائية اعتبروا أن الاعتداء الحاصل لا يتعلق بنشر المعلومة ونشر التحقيق، اذ طالما تم نشره في الجريدة؛ فبإمكان أي جهة إعادة النشر وهذا النشر حق متاح و مباح لجميع وسائل الإعلام ، والمحظور والممنوع هو في نسبة هذا التحقيق لشخص آخر مما حقق اركان وشروط المسؤولية الفكرية والأدبية ، فلم ينشر باسم موكلي، أو بدون اسم، ولم توضع عليه كلمة (متابعة) ، ولم يأخذ إذن كتابي من الجنابي بالنشر ، فالسرقة تتعلق بالاستحواذ على جهد علمي، وهذا الرأي أجمع عليه 14خبيرًا ، وعدوا الموضوع لا يتعلق بتشريعات الصحافة والإعلام بما فيها حق النشر او نقل المعلومة أو النبأ أو حرية الإعلام والرأي ، وحددوا التعويض بمبلغ خمسين مليون دينار عراقي حسب المنزلة الثقافية للمؤلف والقيمة الأدبية والعلمية للتحقيق ومدى الفائدة التي حصلت عليها جريدة الحياة ، مما حقق شهرة لها ولمراسلها في العراق فاضل رشاد، وهذه السمعة لا تقدر بثمن في مثل هذا الاكتشاف التاريخي الأثري والخاص بالعثور على مقبرة للمسيحيين ونشره في جريدة عالمية”.
وأشار البياتي : ” الخبراء اعتبروه بحثًا علميًّا مميزًا يحتوي معلومات تاريخية وأثرية جديدة تتعلق بمقبرة المسيحيين في النجف لم تكن معروفة قبل ذلك البحث ، وبالاطلاع على كتاب دائرة آثار وتراث محافظة النجف ومطابقة الموضوعين المنشورين في الصحيفتين (الأصالة ، والحياة اللندنية) اللذين اتسما بوجود نسبة عالية من التطابق في عدد المتحدثين وهويتهم وحجم ونوع وتفاصيل المعلومات التاريخية، ما يشير إلى حالة انتهاك حق الملكية الفكرية، وتأكدنا من وجود حالة السرقة والاقتباس غير القانوني والمهني الذي تسبب بالضرر المادي والمعنوي للصحفي حيدر الجنابي، وترى هيئة الخبراء ان القضية موضوع الدعوى تمثل خروجا على قواعد العمل المهني (الصحفي) ،وتمثل حالة من السرقة الأدبية وانتهاكا لحقوق الملكية الفكرية، واستحقاق موكلي هو التعويض ونشر اعتذار له في جريدة الحياة اللندنية “.
وأضاف “كان رأي الخبراء ينص علي تقدير قيمة التعويض الذي يستحقه المستأنف مبلغ قدره (50,000,000) خمسون مليون دينار عراقي استنادًا لنص المادتين (45,44) من قانون حق المؤلف فضلًا عن مطالبتهم برفع الموضوع من أرشيف جريدة الحياة اللندنية ، حسب المادة 46(1- أ ) (مطالبة المتعدي بوقف أنشطة المخالفة للقانون ونشر اعتذار رسمي في صحيفة الحياة اللندنية بنسختيها الالكترونية والورقية”.
وأوضح البياتي ” بسبب عدم تنفيذ صحيفة الحياة الحكم القضائي ومراجعة دائرة التنفيذ لتسديدهم مبلغ خمسون مليون دينار، أصدر المنفذ العدل في دائرة التنفيذ في الكرادة التابعة لوزارة العدل قراراً بحجز مكتب صحيفة الحياة اللندنية في العاصمة بغداد والواقع أمام فندق شيراتون، وتم تشكيل لجنة لتنفيذ قرار الحجز وعند قيام اللجنة بإجراءات تنفيذ قرار المنفذ العدل بالحجز على المكتب الحياة اللندنية في بغداد، وفوجئت اللجنة بأن المكتب المذكور قد تم غلقه والانتقال إلى جهة مجهولة وكان ذلك بعد أيام قليلة من تبليغهما بقرار الحكم مع العلم بان صحيفة الحياة وبعد انتهاء الدعوى واكتساب الحكم الدرجة القطعية، قدم وكيلاها لائحة تمييزية إلى محكمة التمييز خارج المدة القانونية بقصد المماطلة والتسويف . هذا من جانب ، ومن جانب آخر قدمت أمام محكمة الاستئناف دعوى إعادة المحاكمة تشتمل على أسباب مكررة وواهية أيضًا بقصد المماطلة والتسويف ليس إلا”.
وشكر الصحفي صاحب الدعوى حيدر الجنابي القضاء العراقي والادعاء العام والمحاميين ونقابة الصحفيين وكل من سانده، وقال “إن انتهاء الدعوى القضائية لصالحي تمثل انتصارًا للصحافة العراقية والقانون العراقي وتشكل ضربة كبرى لجميع وسائل الإعلام التي تعتمد على السرقة الصحفية ، وكل تقديري للجهود الكبيرة التي بذلها القضاة والخبراء الذين أدوا واجبهم بكل أمانة ومهنية وحياد ، واتخذوا القرار العادل ونصروا القضية التي تعتبر سابقة من سوابق القضاء العراقي في قضايا النشر والإعلام”.