مرضى الكلى… تحت مشرط مراكز الغسل الأهلية
الحكمة – متابعة: لم يعد أمام أزهر حميد، سوى اللجوء إلى غسل الكلى بعد أن فقد الأمل بأيِّ علاج يمكن أن يخلّصه من الفشل الكلوي، في الأيام الأولى التي قرر فيها الطبيب إحالته الى الغسل، كانت بين يوم وآخر، وفيما بعد مرتين في الأسبوع، أملاً في تحسن ولو طفيف، بعمل منتظم للكلى الوحيدة الصالحة للعمل بنسبة 30% فقط. لكن أزهر، واجه مشكلة في توفير أجهزة الغسل والأدوية بسبب الأعداد الكبيرة التي تراجع المركز الوحيد والمختص بغسل الكلى في مدينة النجف، ولعدم تمكنه من دفع أجور الغسل في المراكز الأهلية، أصابه جهاز غسل الكلى (بفايروس كلوي) كاد يتسبّب بتوقف كليته لولا تدخل أحد الأطباء وإنقاذه.
ليست النجف وحدها من تشكو قلة مراكز غسل الكلى، فالأمر يكاد يكون حالة عامّة في كل مدن البلاد، إذ يوجد مركز واحد في كل محافظة يعمل بطريقة سد الحاجة فقط، دون أيّ تطور في المعدات والآليات وزيادة المراكز تماشياً مع زيادة حالات الإصابة بأمراض الكلى… وبحسب مختصين، أنّ الغسيل الكلوي يعمل على إزالة الفضلات والسوائل التي لم تعد الكلى قادرة على إزالتها من الجسم. كما يهدف الغسيل الكلوي إلى الحفاظ على توازن الجسم عن طريق تصحيح مستويات المواد السامّة المختلفة في الدم. من دون إجراء غسيل الكلى، يصبح جميع المرضى المصابين بالفشل الكلوي الكامل، عرضةً للوفاة نتيجة تراكم السموم في مجرى الدم.
تحسين الخدمات
حيدر موسى، مصاب بعجز كلوي، أجبر على الغسل شبه اليومي، ولعدم التزامه بالنظام الغذائي المحدّد، تعرض الى شبه توقف وتسمّم كلوي، لولا التدخل الطبي في أحد المستشفيات الأهلية التي يرقد فيها الآن. فيما اضطر وليد الى إعادة والده الذي يحتاج لغسل كلوي الى المستشفى الحكومي لعدم تمكنه من دفع مصاريف الغسل الكلوي في المستشفى الأهلي والاكتفاء بما يقدّم من خدمات متواضعة في المستشفى الحكومي.
وزارة الصحة وعبر موقعها الإلكتروني، تشير الى جملة اجتماعات تعقدها الوزيرة بالمسؤولين المختصين بالمشروع الوطني لغسل الكلى في العراق، لكن دون أن يتلمس المواطن المريض أيّ تحسن بتقديم الخدمات بهذا الشأن. لجنة الصحة والبيئة النيابية، أعلنت الاتفاق مع وزارة الصحة على وضع رؤية مشتركة تضمن استمرار عمليات غسل الكلى في عموم أنحاء العراق دون توقف، عبر اختيار أفضل الشركات العالمية للعمل في مراكز غسل الكلى في بغداد والمحافظات. جرى خلال تضييف الوكيل الفني لوزارة الصحة ومفتش عام الوزارة، والمدير العام لشركة تسويق الأدوية والمستلزمات الطبية، ومجموعة من الأطباء الاختصاصيين الذين يعملون في مجال أمراض الكلى في اللجنة البرلمانية، وتمت مناقشة موضوع المشروع الوطني لغسل الكلى وآلية العمل الجديدة، خصوصاً بعد انتهاء عقود الشركات التي كانت تعمل في مراكز غسل الكلى في جميع أنحاء العراق.
نقص كبير
وبشأن أعداد المراكز الخاصة بغسل الكلى وتناسبها مع أعداد المصابين، بيّن د. ميمون محسن لـ(المدى) أنه ثمّة نقص كبير في أعداد مراكز غسل الكلى، خاصة بعد زيادة أعداد المرضى في السنين العشر الأخيرة نتيجة غياب الثقافة الغذائية والاعتماد على الأطعمة الجاهزة، مبدياً استغرابه من الإهمال الحكومي لهذا الملف الخطير وغياب التخطيط لفتح مراكز جديدة، ليس في كل محافظة، بل في كل قضاء ومدينة، للحد من المخاطر التي قد تصيب مرضى الكلى. فيما يشكو المرضى من عدم توفر الأدوية في مراكز الغسل العاملة الآن، ما اضطر الكثير منهم الى البحث عن البدائل. الأغنياء يمكنهم السفر الى خارج البلاد لتلقي العلاج، والميسورون ممكن أن يتعالجوا في المراكز الأهلية، لكن كيف بالفقراء، أين يذهبون بحسب تساؤل المريض حسام فياض، الذي لم يكن أمامه سوى خيار مراجعة المركز الحكومي لغسل الكلى في مدينة الطب، وانتظار دوره رغم تيّقنه من أن الغسل ليس بالمستوى المطلوب، لكن بحسب قوله، بعض الشر أهون.. ويبقى تساؤل آخر، إذا كان هذا حال المرضى في المحافظات المستقرة أمنياً واقتصادياً، فكيف حالهم في المدن المحرّرة التي كانت تحت سطوة داعش الإرهابي.
المدى