مخاطر التسول تنتظر تطبيق القانون

234

الحكمة – متابعة: باتت تقاطعات الطرق موقفا للعديد من المتسولين والباعة المتجولين والمستجدين بأسلوب مسح زجاج المركبات وسماع مختلف الأدعية وعبارات التوسل للحصول على مبلغ مالي كمساعدة، ولم يقتصر الأمر على العراقيين بل تعدى إلى متسولين من سوريا بعد نزوحهم وعدد لا بأس به من العمالة البنغلاديشية التي دخلت البلد بطرق غير مشروعة أحيانا.

هذه الظاهرة الخطيرة تخفي خلفها ظواهر أشد خطرا منها مثل تجارة الأعضاء البشرية والمخدرات وأعمال العنف والشغب وغيرها من الجرائم التي تشكل خطرا امنيا على البلد  بالإضافة إلى المخاطر الاجتماعية الاخرى، ولهذه الاسباب فإن الامانة العامة لمجلس الوزراء اصدرت مؤخرا توصيات للجهات المعنية باتخاذ اللازم للقضاء على هذه الظاهرة.

وتقول منى عبد الله (ربة منزل): “لا يتعدى يوم إلا ويطرق باب المنزل متسول يبحث عن مساعدة لأسباب مختلفة حتى دقت بابي منذ يومين سيدة سورية ومعها طفل تبحث عن المال للمساعدة، في الواقع بات الامر مملا ومخيفا احيانا فكثيرا ما نسمع عن عصابات جريمة تدخل البيوت من باب التسول، فنحن بحاجة إلى اتخاذ اجراء بحقهم “.

ويشير المواطن ضرغام محمد إلى ان ” ظاهرة تسول الاطفال مازالت مستفحلة بشكل خطير داخل مجتمعنا العراقي بسبب الفقر والبؤس، والبطالة، والانحراف، والجهل، والطلاق، ومشاكل عائلية، والهجرة من القرى والارياف، وانعدام الوعي الجماعي واعتبار التسول وسيلة للعيش وممارسته كعادة بـاعتبارها لدى البعض كأنها عمل يلتقط منه رزقه”.

الفقر سببا

وبين المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عمار منعم” ان السبب الرئيس للتسول هو الفقر، بالاضافة إلى قلة الوعي، هذا مع وجود عصابات منظمة تمتهن التسول لكسب العيش”.

ويضيف منعم أنه”في وقت سابق تعهدت الوزارة بشمول المتسولين بإعانات شبكة الحماية الاجتماعية مقابل ترك التسول أو دمجهم في الدور الايوائية لمن لا معيل له بغية ايجاد فرصة عيش كريمة لهم الا ان محاولات الوزارة جوبهت بالرفض من قبلهم، كون المبالغ التي يحصلون عليها من مهنة التسول طائلة لا توازي اعانات الشبكة”.

ويتابع منعم أن “للوزارة حاليا برنامجا تدريبيا ضمن برنامج الحماية الاجتماعية يمنح مبالغ اضافية إلى الاسر الفقيرة من اجل استمرار اولادهم بالدراسة وضمان حصولهم على اللقاحات، هذا وسبق للوزارة ان اعادت بالتعاون مع وزارة التربية ومنظمة اليونسيف 180 الف طالب متسرب إلى المدارس في المناطق الريفية”.

ويستدرك منعم أن”هذه الظاهرة تفاقمت بتدفق المهاجرين من سوريا نتيجة الحرب، ونتيجة مشاكل النزوح الداخلي وتدني المستوى الاقتصادي، مؤكدا ضرورة ايجاد الحلول الجذرية لها بطريقة اخرى جدية وليس الاكتفاء بالتوعية ، فكثيرا ما قامت الوزارة بتوقيع ذوي المتسولين على تعهدات بعدم العودة لمزاولة هذ المهنة وتقديم امتيازات كبيرة لايحصل عليها امثالهم الا انهم متمسكون بها”.

ومن المشاكل التي تجابه عمل الوزارة بحسب ما يقول منعم:”ان الوزارة غير مصرح لها بالقبض على المتسولين في الشوارع، وهذا مادعاها إلى تقديم مقترح قانون يعطي للوزارة الحق في التعامل مع المتسول أسوة بالمشرد وايداعه في احدى الدور الايوائية”.

جنسيات مختلفة

 معاون مدير عام الشرطة المجتمعية العقيد محسن بزيع يقول:”شكلنا فرقا من مديرية الشرطة المجتمعية لمراقبة المتسولين من لحظة خروجهم للعمل وحتى انتهائهم ليلا، 90 بالمئة منهم عصابات منظمة (مافيات)، ليسوا بحاجة فعلية للمال، وهم منتشرون في بؤر، خاصة في مناطق بغداد القديمة منها الكفاح وشارع الجمهورية”.

ويضيف بزيع “ان هذه (المافيات) شملت المتسولين من السوريين والبنغلاديشيين الذين انتشروا في شوارع بغداد في الاونة الاخيرة، اذ لايمكن لاحد ان يتسول بمفرده دون الانضمام إلى احداهن”.

ويتابع  بزيع  أنه” لابد ان يتخذ بحق المتسولين الاجراءات القانونية، وعليه فمن الضروري   اقرار  نصوص قانونية وعقوبات صارمة بحق المتسول بمعاقبته بالحبس هو او ولي امره، لاسيما ان غالبيتهم من الاحداث، ومنهم من تجبرهم عوائلهم على هذه المهنة”.

تطبيق القانون

ويوضح رئيس جهاز الاحصاء الدكتور ضياء عواد كاظم أنه”لاتوجد لدينا احصائيات عن اعداد المتسولين نتيجة لصعوبة السيطرة عليهم كونهم فئة غير محددة الاطار، والجهاز المركزي للاحصاء لابد من اعتماده احصاءات دقيقة ورسمية لاتحتمل الشك، فهناك العديد من الاحصاءات التي ظهرت هنا وهناك، لكننا لا نستطيع اعتمادها”.

ويقول الخبير القانوني طارق حرب مدافعا عن القانون: إن” قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 نظم ظاهرة التسول والاستجداء، بشكل مفصل  في قانون رعاية الاحداث، فالقانونان كفلا تقنين هذه الظاهرة وتفاصيلها بوضع عقوبات على مرتكبيها بنص (العقاب يفرض على من تسول او استجدى دون ان يجد مجالا للانفاق )  لكن القانونين لايطبقان، اي ان الامر لايتعلق بعدم وجود تشريع او ان التشريع الذي صدر لا يواكب التطورات بما فيها تطورات الاستجداء والتسول الحاصل، لكن الامر يتمثل في عدم تطبيق هذه القوانين”.

ويسترسل حرب بأن”هناك الكثير من المتسولين في تقاطعات الطرق والكراجات والشوارع العامة يأتون ويذهبون إلى اماكن عملهم في سيارات خاصة (التاكسي)!!، ويعود سبب انتشارهم بكثرة إلى عدم تطبيق الاجراءات القانونية الصائبة من قبل الاجهزة التنفيذية، وخاصة الشرطة المجتمعية والشرطة المحلية التي انيطت بهم مكافحة هذه الظاهرة”.

ويستطرد حرب بقوله:”رافقت ظاهرة التسول وجود (القومسيون) وهم افراد يمتهنون عملية تغيير العملة القديمة والمتهرئة للمتسولين بأخرى جديدة، وبحسب مطلعين فإن اقل مبلغ يأتي به المتسول للقومسيون يقارب الـ 60 الف دينار يوميا، عدا ايام الاعياد والمناسبات الدينية ففيها تكون المبالغ فلكية، وهؤلاء منتشرون في جميع المناطق، وهذا الامر لم يتم متابعته من قبل المعنيين ليتعرفوا على من يستغل الاطفال”.

التعليم والتسول

مدير العلاقات والاعلام في الجهازالتنفيذي لمحو الامية مؤيد العبيدي يؤكد أنه”لابد ان تشترك جميع الجهات المعنية للقضاء على هذه الظاهرة، فالقانون يؤكد عدم السماح للاطفال بالعمل، اذ يفترض ان تراعى طفولتهم ويتلقون خلالها التعليم”.

ويضيف العبيدي أن”الوزارة لديها نظام التعليم الالزامي الذي يفرض على  التلميذ الذي يبلغ من العمر ست سنوات ان يلتحق بالصف الاول، هذا وانها نفذت مشروع محو الامية بقانون رقم 23 لسنة 2011 والذي يشمل الاعمار من 15 عاما فما فوق بعد ان تفشت الامية نتيجة الظروف الاقتصادية المتردية قبل عام 2003 وحتى الان”.

ويتابع العبيدي أنه”على الجهات المعنية ان تتكاتف لسحب المتسولين من الشارع واجراء المسوحات عليهم ومعرفة مؤهلاتهم،اذ بإمكان الذين يقرأون ويكتبون منهم الالتحاق بالمدرسة بعد استحصال تعهدات خطية من ذويهم، ومن يثبت اميته او تجاوز السن القانونية فبإمكانه الالتحاق بأحد مراكز محو الامية الـ5000 المنتشرة في البلاد، مؤكدا ان وزارة التربية جهة غير مسؤولة عن سحبهم من الشارع”.

ويكمل العبيدي أن”للوزارة مراكز مجتمعية للاشخاص الذي انخرطوا في مدارس محو الامية وعند اجتيازهم لها بإمكانهم الانضمام إلى مراكزمجتمعية لتعليمهم حرفا متنوعة منها الخياطة والحلاقة وصناعة الاغذية وغيرها كي يعلموا مهنة تنفعهم في كسب عيشهم”.

الصباح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*