الحكمة – متابعة: ازدادت حاجتنا للطاقة هذه الأيام لمواكبة تطورات العصر وسرعته التي تتطلب الجهد والسرعة في إنجاز المهام، فظهرت الكثير من المشروبات التي تحتوي على مواد منشطة للجسم كمادة الكافايين وغيرها.
مشروب الطاقة منتج يسوق بحجة رفع مستويات النشاط الذهني والجسدي، وظهرت أول علامة تجارية منه عام 1977 في الولايات المتحدة الامريكية وازدهرت صناعته واتسع انتشاره حتى وصل إلى أكثر من 500 علامة تجارية مختلفة في عام 2006، منها (ريد بول، وامب، روكستار)، ويستهدف هذا المنتج فئة الشباب من عمر 18 الى 35 عاما وقد حذرت هيئة الغذاء والدواء الامريكية في تقرير صدر عام 2007 من ان بعض الشركات المنتجة له تروج للمنتج على انه بديل قانوني للمخدرات.
وعلى الرغم من هذه التحذيرات الا انه لايزال منتشرا في الاسواق وبكميات كبيرة دون رقابة، يتناوله الطفل قبل البالغ دون إدراك منهم بمخاطره الصحية مستقبلا.
الاثار الصحية
الطبيب الاستشاري الدكتور عصام البدر يوضح «ان مشروب الطاقة هو مشروب غازي يضاف إليه بعض المواد الاخرى، فهو يحتوي على الكافايين، والجنسنغ، وبعض الاحماض الامينية والدهنية، والسكريات، وبعض انواع المعادن والفيتامينات، ولمشروبات الطاقة اضرار عديدة على صحة الجسم لا يجب اغفالها، بل على العكس علينا الاطلاع عليها لنتمكن من الابتعاد عن هذه السموم التي تهلك الجسم وتدمره».
ويشرح البدر الاضرار التي تسببها مشروبات الطاقة بقوله:
«مشروبات الطاقة تضر بشكل اساس بالجهاز العصبي والهضمي والدموي للجسم عن طريق زيادة حموضة المعدة، وبالتالي حدوث التهابات وتقرحات في اعضاء الجهاز الهضمي، هذا وان احتواء المشروب على نسبة عالية من السكر تسبب عسر الهضم والاسهال وزيادة الوزن والسمنة
، وعليه تعد احد المسببات الاساسية للامراض المزمنة كالسكري وضعف عضلة القلب وزيادة في معدلات دقاته وضغط الدم».
ويزيد البدر «ان مشروبات الطاقة تدفع الانسان الى الادمان على مادة الكافايين، بالاضافة الى انها قد تكون سببا في الاصابة بهشاشة العظام، وتسوس الاسنان وخسارتها في اسرع وقت، والصداع الشديد والمزمن، ودافعا كبيرا للاصابة بالارق وعدم القدرة على النوم، مما يزيد السلوك العدواني للشخص ويزيد عصبيته وتوتره، ناهيك عن انها تعد مدررة للبول، مما قد تسبب في بعض حالات الجفاف، وان تفاعلت هذه المشروبات مع بعض الادوية قد تسبب الاكتئاب، وقد تكون مشروبات الطاقة سببا للوفاة ان كان الشخص يعاني مشاكل في القلب او تضيقا في الشرايين، واضرارا اخرى على الكبد وغيرها».
الطاقة والرياضة
المدرب الرياضي في احدى القاعات الرياضية مصطفى هاشم يلفت النظر الى»ان الكثير من الرياضيين يخلطون بين مشروب الطاقة ومشروب الرياضة، فالاخير يتكون من السكريات البسيطة والاملاح المعدنية كالصوديوم والبوتاسيوم، اذ يعمل على تعويض الفاقد من سوائل الجسم ويمنع حدوث الجفاف، ويزود الجسم بالسعرات الحرارية اثناء ممارسة النشاط الرياضي وهذا ما لايحققه مشروب الطاقة الذي يعمل على طرد السوائل من الجسم، وعليه يجب على الرياضيين عدم استعمال مشروب الطاقة كبديل عن مشروب الرياضة».
ادمان الكافايين
خبير التغذية الدكتور حيدر عبد المنعم يوضح»ان تناول مشروبات الطاقة التي تعمل على رفع مستويات النشاط الذهني والجسدي بكميات كبيرة يؤدي الى مضار صحية، فمشروب الطاقة يحتوي على الكافايين والاحماض الامينية مثل التورين والغلوكورنولاكتون وبنسبة كبيرة جداً تصل الى 32 ملغم لكل 100 مل مشروب (اي 80 ملغم في العلبة الواحدة )، والكافيين مادة مخدرة تسبب نوعاً من الادمان، وفي العلبة الواحدة من مشروب الطاقة من الكافيين ما يعادل كمية كبيرة من القهوة، لكنها تعطي نوعاً من النشوة وهذا ما يجعل الشباب يتناولونها لمساعدتهم على السهر في الامتحانات».
ويضيف عبد المنعم أن» مشروبات الطاقة تم تسويقها على انها تعمل على رفع مستويات النشاط الذهني والجسدي، وشهدت الاسواق العراقية دخول اكثر من 150 نوعا منه، استهوت اعدادا كبيرة من الشباب الذين اقبلوا على تناولها نتيجة اسعارها المناسبة واشكالها المغرية قبل التأكد مما تحتويه».
آليات الفحص
رئيس الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية سعد عبد الوهاب بين أنه»يتم فحص اي منتج وطني او مستورد والتأكد من مطابقته للمواصفة
العراقية.
وهذا ماتخضع له المواد الغذائية وبضمنها مشروبات الطاقة بالتعاون مع وزارة الصحة، مؤكدا انه وفق القانون ان الجهاز المركزي هو الجهة الوحيدة في العراق التي تصدر المواصفة ولابد ان تخضع جميع المواد
لها».ويتابع عبد الوهاب أنه»لا بد للتاجر ان يقدم طلبا الى احدى الشركات الفاحصة والتي تم التعاقد معها مسبقا من قبل الجهاز لمعاينة البضاعة وفحصها في مختبرات محددة واصدار شهادات لها، وفي حال لم يعتمد التاجر هذا الاسلوب وادخال بضاعته بأساليب غير شرعية فليس للجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية علاقة بذلك».
توعية صحية
الباحثة التدريسية في مركز بحوث السوق وحماية المستهلك الدكتورة علياء سعدون عبد الرزاق توضح بأنه» في المركز أنجزنا بحثا عن اضرار مشروبات الطاقة وتوصلنا من خلاله الى انها تؤدي الى الادمان والكآبة فيما لو تم تناولها بكثرة، هذا مع وجوب عدم تناولها من قبل الاعمار دون 18 سنة، وتبين ان هناك مشروبات للطاقة خاصة بالرجال واخرى للنساء ويأتي الاختلاف وفقا لنسبة الكافايين الموجودة فيها، وان اكثر متناوليها من الشباب، لاسيما الطلبة وقت الامتحانات لتمدهم بالطاقة
والنشاط.
وتسترسل عبد الرزاق بأن»هناك مشكلة تواجهنا تتمثل في وجود هذه المشروبات في المحال وبمتناول الجميع بضمنهم الاطفال، في الوقت الذي يتناولونها دون رقابة وهي مصدر خطورة على صحتهم، فلابد من وجود برامج توعوية عبر التلفاز والبوسترات والمدارس لتنبيه الشباب والاطفال بمخاطرها».
فحوصات ورقابة
معاون مدير عام الصحة العامة الدكتور محمد جبر يقول: إن» المواد الغذائية تخضع للفحوصات لبيان سلامتها من النواحي الفيزيائية والكيميائية والجرثومية الضارة بالصحة، فضلا عن مطابقتها للمواصفات القياسية من قبل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، وفي حال ثبت ان اي مادة تحتوي مواد ضارة او غير مطابقة للمواصفة العراقية نعدها ضارة بالصحة».ويضيف جبر أن»هناك مواد تكون داخلة الى الاسواق بصورة غير شرعية ولم يتم فحصها من قبل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، فيكون هنا دور الرقابة الصحية بحملاتها المشتركة مع الجهاز المركزي لمتابعتها ومصادرتها لاتلافها بعيدا عن المواطنين».
وعن اضرار مشروبات الطاقة يرى جبر أن»جميع المشروبات الغازية وبضمنها مشروبات الطاقة نعمل جاهدين للتوعية ضمن خطة السيطرة على الامراض الانتقالية من اضرارها على الصحة بشكل عام واستبدالها بالخضر والفواكه المفيدة للجسم».
اسعار مناسبة
امين عبد الله صاحب محل لبيع المنتجات الغذائية يبين أن»هنالك اقبالا كبيرا على شراء مشروبات الطاقة من فئة الشباب بشكل كبير، لاسيما الذين يترددون على قاعات بناء الاجسام والسواق الذين يضطرون للعمل ليلا والطلبة.
ولم يجدوا صعوبة في اقتنائها فهي في متناول اليد وبأسعار مناسبة تتراوح بين 500 ـ 2000دينار ومن مناشئ عديدة».