نص الخطبة الثانية لصلاة الجمعة من الصحن الحسيني المطهر في 13/جمادى الآخرة/1439هـ الموافق 2 /3 /2018م
457
شارك
كربلاء المقدسة – الحكمة : أدناه نص الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 13/جمادي الآخرة/1439هـ الموافق 2 /3 /2018م : اخوتي اخواتي اعرض على مسامعكم الكريمة الآية الشريفة من سورة الأعراف، قال الله تبارك وتعالى: (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198)). طبعاً هذه الآية الشريفة وقعت في ضمن آيات تتحدث عن تيه الإنسان في معتقداته وقد يتخذ شيئاً أساسياً في حياته وهو لا أصل له أصلا ً بل هو لا شيء، لكن كما قلت نحن نتكلم مع الآية في بعض الحالات بمقدار سعة هذا المدلول الظاهري للآية الشريفة حتى لا ندخل في قضية تفسيرية بحتة.. هذا المقطع الشريف من الآية يستوقفنا واقعاً فيه شقّان: الشق الأول: (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا)، فنحن إذاً أمام هُدى وعندما نقول الهُدى نريد به مطلق الخير وهذا مطلق الخير يوجد من يدعو له سواء كان نبياً إماماً عالماً مُصلحاً عاقلا ً متعلماً.. يدعو الى الهدى.. ثم هناك جهة اخرى وهي المدعوة.. داعي ومدعو، هذه الجهة المدعوة لا يسمعون، اذا نقلناها الى الاصنام الصنم ليست قابلية ان يسمع وانما اشارة الى من يتخذها آلهة مثلا ًمن باب الإلزام، انت غير عاقل انت تتخذ حجراً شكلا ً لا يسمع لا ينطق فعقلك أسفَه مما يمكن ان يكون.. وتارة لا يسمعوا عندهم ادوات السمع لكنهم يعرضوا عن ذلك.. في واقعة الطف سيد الشهداء (عليه السلام) تكلم وبعض اصحابه ماذا كان المقابل: (لقد ابرمتنا بكثرة كلامك..) وكما ذكرنا قبلا ً في قضية نوح (عليه السلام) يجعلون اصابعهم في اذانهم حتى لا يسمعوا.. لاحظوا اخواني هناك محنة، محنة العالم عندما يتكلم ولا يسمعه أحد، ولذلك ورد في الاخبار ان هذه مجموعة أشياء تشتكي الى الله مثلاً القرآن يشكتي عليه غبار لا يُقرأ به.. المسجد كونه معطّل وعالم ضاع بين الجهّال لا يسمعون كلامه.. هذه محنة ومحنة اخرى محنة الجهل المطبِق الذي لا يسمع لا يريد ان يسمع..وسآتي الى بعض المفردات العامة كما قلت لكم الكلام عام.. (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) لاحظوا هذه النكتة المهمة في هذا المقطع ايضاً، البعض يقول تفسيراً نزلت في الاصنام (كيف ينظرون) لهم ما يشبه العيون هكذا البعض يفسر، (وهم لا يبصرون لا ينظرون لأنهم جماد) قلنا نحن خارج اطار هذا المعنى الدقّي.. نتكلم عن ظاهر يعني ما نفهم ظاهر هذه الآية.. (وتراهم ينظرون اليك) الذي ليس لديه آلة للنظر شيء آخر، الذي عنده آلة للنظر.. القرآن الكريم بدّل العبارة قال: (وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون) هذه الغشاوة التي أمامهم وضعوها لا يمكن ان يروا ما بعدها فهم عبارة عن أشبه بالحجران لم يكونوا حجر.. فهم لا يسمعون ولا يبصرون وانت تدعوهم الى الهدى.. نُعطي نماذج عرفية يمكن وهذه مسألة اخواني نبتلى بها يومياً في حياتنا العامة.. مثلا ً من جملة الهدى ان الانسان يدعو الناس ان لا تسرق لأن السرقة عبارة عن شيء قبيح لأن السرقة عبارة عن سرق جهد آخر وهذا جهده وفّر عليه مثلا ًهذا المال وأنت سرقته بلا حق.. تدعوه لعدم السرقة لكنه يسرق يعني يبقى يسرق..فأنت تدعوه الى هُدى،عدم السرقة من الهداية لكنه يبقى يسرق.. تدعوه الى ان انت لا تقتل تدعوه ان لا تقتل لكنه يقتل.. أقف عند هذه الفقرة بشكل صريح وواضح.. عندنا مشاكل تحدث بين فترة واخرى نسمعها بين عشيرتين او اكثر..التفتوا معي واقعاً لأُفرز قضية عن قضية.. طبعاً العشائر لها اصولها ولها ضوابطها وتركيبة مهمة من تركيبة المجتمع والناس تأدبت في مجالس عشائرية لأنها تتوفر على معاني الوفاء والكرم والسخاء ولها مواقف وقفت.. انما اتحدث عن جانب فيه نوع من الظلم وفيه نوع من عدم ارتباطه بكينونة هذه العشائر الأصيلة والتقاليد النبيلة لكن عندما تتحول بعض الاشياء الى حالة من الرعب وحالة من الخوف وحالة من الانتقام بلا ضابط هذه المسألة لا يمكن ان يُجامل عليها هذه دماء، وعندما ترشد تقول (لا تقتل) ما هو الوجه الى ان يعاند عندما تقول لا تثأر بطريقة جاهلية ان تقتل غير القاتل وعندما تُحدث رعب عند الاطفال والاولاد والعوائل.. عندما تدعو الى ذلك تدعو الى هدى لكنه لا يسمع.. فهو لا يسمع الهُدى فهو لا يسمع الحق.. اذن هذه المفردة لابد ان يُدعى لها ولابد ان يُسمع لها.. عندما نعمل ضابطة وضوابط وكثير من اهل الحكمة والمعروف يُمضي هذه القائمة مثلا ً وضوابطها جيدة لابد ان تُطبق خصوصاً كما قلت ان فيها مظلمة..ولعل لها اسباب على كل الحديث ذو شجون.. وعندما تقول لا تخن الأمانة ايضاً هذا من الهُدى.. هناك امانة عندك سواء كنت اقتصادياً او اجتماعياً او سياسياً او صاحب مهنة عندك امانة انت امين عليها لا تخنّها.. معنى ذلك انك تدعو الى الهُدى لأن رد الأمانة الى اهلها هذه من الامور التي يَقبل بها الصُلحاء والعقلاء وعموم المجتمع.. لماذا لا يَسمع؟! هذه موارد ذكرتها تطبيقات للهدى، الآية الشريفة ماذا تقول: ( (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ).. لماذا لا يسمع هل هناك سبب لعدم السماع؟! نعم لعلّ الانسان يكابر هو يعرف ما تقول له صح، لكنه يكابر، معنى يكابر تأخذه العِزة بالإثم، يصعب عليه ان يتنازل ولاحظوا اخواني الذي لا يتنازل يدلّ على نفسية ضعيفة و الذي يتنازل الى الحق يدل على نفسية قوية ويدل على انه طالب حق، يتنازل للحق يقول نعم انا اخطأت.. بينما الذي لا يتنازل تغلبه نفسه، يرى نفسه انا شخصية لي وجودي واذا تنازلت للحق هذا سيذهب منّي.. وهذه مشكلة الانسان يرى نفسه اكبر مما يتصوّر وهذا وبال، لاحظوا المؤمن مرآة المؤمن ما معنى المؤمن مرآته؟ يرى فيه عيوبه يرى نفسه فاذا مؤمن قال لمؤمن عليك ان تتجنب كذا وكذا. هذا ناصح..كما انت في المرآة ترى هناك مشكلة في هندامك تغيّره.. هناك بعض المرآة توجد مثلا ً للتسلية تعطيك صورة غير صورتك الحقيقية تكبّر صورتك.. بعض الناس مشكلة ان يرى صورته اكبر من الواقع فهذا قطعاً لا يخضع للهدى او للحق بسهولة.. او يصوّر الاشياء بطريقة سيئة وبغير الطريقة الواقعية فهو يتوقع ان الخطاب لا يعنيه هو غير مشمول للخطاب لا يعطي لنفسه فترة ان يُصغي ويسمع ويتأمل او تأخذه الحمية الجاهلية تأخذه العصبية..هذه مشكلة اخواني رجاءً الذي فيه هذه الخصلة يتجنبها..هذا وبال.. انا تأخذني العصبية الجاهلية ارى سيئات قومي افضل من حسنات الآخرين وبالنتيجة تنعكس على نفسي.. عندي عصبية جاهلية عندي حمية غير مرتبطة بضوابط فلا اصغي لكل شيء.. ألم نعلم من هو أفصح انسان على الاطلاق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتكلم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في شتى الوسائل سواء في كلامه في خلقه في آدابه.. ومع ذلك قاتل من قاتله قاتل من لا يسمع ودافع عن رسالته الشريفة من اُناس يفهمون اللغة ويعرفون ماذا يقول لكنهم ركبتهم هذه الحمية.. وهذه المسألة باقية الى ان يبعث الله من يشاء الناس اعداء ما جهلوا، الانسان يوطّن نفسه ان يكون عدواً عندما يعطي اجازة مفتوحة الى اذنه والى عينه والى عقله.. تكلمنا سابقاً اخواني عن البصيرة وعن الدقّة وعن الفهم.. العين تُبصر والقلب ايضاً يُبصر المطلوب بصيرة القلب والعين وسيلة الى بصيرة القلب..للاسف الناس ترى حقائق لكن تغضّ النظر عنها وهذه الآية الشريفة كما قلت لها هذان المعنيان.. نسأل الله سبحانه وتعالى ان لا يجعلنا من الذين لا يسمعون الهدى وايضاً لا يجعلنا من الذين لا يبصرون..اخذ الله تعالى بأيدي الجميع لما فيه خير الدنيا والآخرة اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات.. وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..