فاقدات المعيل .. فئة مستضعفة تستحق الرعاية والاهتمام
417
شارك
الحكمة – متابعة: حسب نتائج مسح الأمن الغذائي الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء خلال العام 2016 فإن عدد المطلقات في عموم العراق، بلغ 122 ألفا و483 مطلقة، منهن 105 آلاف مطلقة تتراوح أعمارهن من 14 إلى 49 سنة، فيما كان عدد المطلقات بعمر 50 سنة فما فوق 17 ألفا و432 مطلقة”، أما في ما يتعلق بعدد الأرامل فقد وصل إلى 878 الفا و455 ارملة منهن 203 الاف ارملة بعمر 14 إلى 49 سنة وهناك 675 الفا و198 ارملة بعمر 50 سنة فما فوق. ولم يشمل هذا المسح محافظتي نينوى والانبار وكذلك قضاء الحويجة في محافظة كركوك وقضاءي بيجي والشرقاط في محافظة صلاح الدين بسبب الظروف الامنية التي كانت سائدة فيها انذاك.
ازدياد عدد المطلقات والارامل بسبب الحروب السابقة واللاحقة والحوادث الامنية والظروف الاقتصادية والاجتماعية، لها انعكاسات سيئة على واقع المجتمع العراقي ومنظومة قيمه الاخلاقية وعاداته وتقاليده ومستوى تربية جيل معين من الاطفال ، لكون الامهات فاقدات للمعيل في الجانب الاقتصادي والاجتماعي .
قصص
(ام حسن) سيدة لم تتجاوز الاربعين عاما، فقدت زوجها الذي يعمل بائعا متجولا في حادث انفجار نفذته العصابات الارهابية في منطقة الباب الشرقي في العام 2009، ولديها خمسة اولاد اكبرهم طالب جامعي في السنة الثانية، لكنه ترك الدراسة ليساعد امه في تدبر المعيشة، تقول ام حسن التي تسكن في بيت صغير متهالك في منطقة الشعب لا تتجاوز مساحته الخمسين مترا:
بعد مقتل زوجي في حادث الانفجار وجدت نفسي وحيدة مع خمسة اطفال لا معيل لهم ولا من مورد مالي، فقد كان زوجي يعمل برزقه اليومي من بيعه للملابس المستعملة (الباله) وبسبب صغر سن اطفالي اضطررت لان اعمل منظفة في احد المستشفيات، لكن راتبي كان قليلا، ولم يكن يكفي لإعالة اسرتي، فتركت العمل واصبحت امتهن صنع الخبز في المنطقة التي اسكنها، وترك ابني الدراسة ليعمل مع صديق لوالده في بيع الملابس المستعملة، ولدي بنت في الرابعة عشرة من العمر هي الاخرى تركت الدراسة وتساعدني في عملي اليومي.
تفريق
في محكمة الاحوال المدنية في جانب الرصافة كانت عشرات دعاوى الطلاق تدور بين ايدي المحامين والخبراء لتنهي جولتها عند مكاتب القضاة للفصل بها واتخاذ القرار، احدى المطلقات (ح. ج) مواليد 1994، كانت تصطحب ابنتيها لرفع دعوى نفقة على زوجها، وبينت ان سبب طلاقها هو الظرف المادي الذي اجبرها على الاستدانة بشكل دائم من اهلها والاقارب، فزوجها عاطل عن العمل، واصبح مدمنا على الحبوب المخدرة، وهي تعيش في غرفة بائسة في احدى العشوائيات في منطقة بوب الشام، ولم يكن امامها من خيار سوى اللجوء الى الطلاق لتستطيع ان تعيش مع اهلها، وفي جانب اخر من اروقة المحكمة قال (ف . ك) 35 سنة، انه طلق زوجته بسبب عدم موافقتها على زواجه الثاني من امرأة اخرى وانها صارت تفتعل المشاكل يوميا، فوصل معها الى حالة الملل من رجوعها الى طبيعتها، الامر الذي اضطره الى الطلاق منها والعيش بهدوء مع زوجته الثانية.
رعاية
الدكتور عبد الرحيم السراي استاذ علم النفس في جامعة بغداد تحدث عن موضوع فاقدات المعيل من الارامل والمطلقات قائلا: بغض النظر عن الاسباب التي ادت الى نشوء شريحة اجتماعية تحت هذا المسمى (فاقدات المعيل) فان الامر اصبح واقعا وهنالك اعداد غير قليلة من هذه الفئة من المجتمع العراقي التي تحتاج الى رعاية وعناية خاصة لاسيما ان جنس هذه الفئة هن من الاناث بأعمار مختلفة من سن 15 – 50 عاما، ولذلك على المؤسسات الحكومية ان تبذل جهدها لان توظف هذه الشريحة من المجتمع في برامج اجتماعية وثقافية مع مردود اقتصادي يؤمن العيش الكريم ويضمن ان تكون الارامل والمطلقات فيها عنصرا فاعلا في المجتمع، واضاف السراي أن الاهمال لنساء اضطرتهن الظروف لان يجدن انفسهن في موقف اجتماعي واقتصادي صعب سيؤدي الى تداعيات اجتماعية تراكمية مستقبلية، فسيكون هناك جيل ضائع من اطفال وصبية وفتيات ربما يمتهنون اعمالا لا اخلاقية او ينحرفون في عالم الجريمة التي ستعود بنتائجها السيئة على المجتمع ومؤسسات الدولة.
نسبة مخيفة
وزارة العمل والشؤون الاجتماعية منحت الاولوية في برامج الاقراض للنساء فاقدات المعيل، بغية مساعدتهن لإنشاء مشاريع لهن لغرض اعانة انفسهن واطفالهن، الناطق الاعلامي باسم الوزارة عمار منعم، قال: ان الوزارة وبهدف الافادة من القروض التي تمنحها دائرة التشغيل والقروض التابعة لها، اوعزت بمنح الاولوية الى النساء فاقدات المعيل لمساعدتهن لانشاء مشاريع لهن لاعانة انفسهن واطفالهن، مبينا ان عدد المستفيدات من اعانة شبكة الحماية تجاوز 500 ألف مستفيدة في بغداد والمحافظات حتى منتصف العام الماضي، متوقعا زيادة اعداد المستفيدات نتيجة زيادة اعداد الارامل والمطلقات بنسب وصفها بالمخيفة.
رعاية
واضاف ان العمل جار مع وزارة الصحة لجعل العلاج مجانيا لمن تحمل هوية رعاية المرأة في جميع المؤسسات الصحية في بغداد والمحافظات بهدف تسهيل حصولهن على الرعاية الصحية، مشيرا الى انه من المؤمل المباشرة بذلك خلال العام الحالي، مبينا ان الخدمات ستشمل جميع المستفيدات من الارامل والمطلقات وفاقدات المعيل ويتيمة الابوين والعاجزة والنازحات في جميع مناطق البلاد.
وبين منعم ان الوزارة تعمل جاهدة لايجاد المناخ الايجابي الملائم الذي يضمن حسن التخطيط والتنفيذ لمختلف البرامج والمشاريع الموجهة للمرأة والطفل، مع اهمية اشراك منظمات المجتمع المدني في هذه البرامج، داعيا اياها لأن تأخذ دورها الفاعل للمساهمة بتفعيل دور المراة في المجتمع وفتح مجالات واسعة لدخولها الى سوق العمل. واشار الى ان الوزارة حققت نسب انجاز كبيرة في تنفيذ الخطط والبرامج للتخفيف عن النساء المعنفات وكذلك فاقدات المعيل لاسيما بعد سطوة عصابات “داعش” الارهابية على بعض مناطق البلاد، لافتا الى ان الوزارة دعت المستفيدات من اعانة شبكة الحماية للمشاركة في دورات تدريبية في مجال الخياطة والحاسوب والحلاقة واللغة الانكليزية، فضلا عن دورة (ابتكار الاعمال) ودورات محو الامية.
وبين الناطق الاعلامي باسم وزارة العمل، ان الوزارة تسعى من خلال هذه الدورات الى مساعدة الفئات المستضعفة من النساء في المجتمع واعانتهن على رفع مستواهن الثقافي والمادي وتلبية احتياجاتهن بما يمكنهن من اقامة مشاريع مدرة للربح تساعدهن على تحسين وضعهن المعيشي وتمكينهن اقتصادياً.
الفئات الهشة
رئيس الوزراء حيدر العبادي اكد خلال ترؤسه اجتماعاً للجنة العليا لسياسات التخفيف من الفقر تبني سياسات من شأنها تقليل معدلات الفقر بنسب واضحة وتوفير فرص عمل للشباب، والترويج لإنشاء القرى الرائدة في الريف العراقي، منبها على ضرورة مواصلة تقييم بدائل بناء السكن الاقتصادي لمعالجة السكن العشوائي.
وأشار بيان مكتبه الى ان “اللجنة أقرت الستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر في العراق للمدة 2018 – 2022، وتحقيق هدفها الأساس في خفض مستويات الفقر العام”.
وشدد العبادي على ان “العراق يجب ان يغادر حالة الفقر المدقع وانعدام الامن الغذائي باتباع إجراءات تستهدف الفئات الهشة خلال مدة تنفيذ هذه الستراتيجية مع تشديد المتابعة على ذلك”.
احصائيات
المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي بين ان “عدد المطلقات في عموم العراق حسب نتائج مسح الامن الغذائي الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء خلال عام 2016”. بلغ 122 الفا و483 مطلقة، منهن 105 الاف مطلقة تتراوح اعمارهن من 14 إلى 49 سنة، فيما كان عدد المطلقات بعمر 50 سنة فما فوق 17 الف و432 مطلقة”، مشيرا الى ان “ما يتعلق بعدد الارامل فقد وصل إلى 878 الفا و455 ارملة منهن 203 الاف ارملة بعمر 14 إلى 49 سنة وهناك 675 الفا و198 ارملة بعمر 50 سنة فما فوق”.
وتابع الهنداوي ان “المسح لم يشمل محافظتي نينوى والانبار وكذلك قضاء الحويجة في محافظة كركوك وقضاءي بيجي والشرقاط في محافظة صلاح الدين بسبب الظروف الامنية فيها”، موضحا ان “المؤشرات الخاصة بالأرامل والمطلقات لم تتضمن البيانات الخاصة بالمحافظات والاقضية المذكورة”.
وأكد الهنداوي ان “جميع المنظمات التابعة للأمم المتحدة تعتمد البيانات والمؤشرات التي ينتجها الجهاز المركزي للإحصاء لان المسوح الإحصائية التي ينفذها الجهاز تجرى وفقا للمعايير العالمية المعتمدة من قبل الامم المتحدة”.
يذكر ان الحروب العديدة التي خاضها النظام السابق قد أدت الى وقوع العديد من الضحايا بين صفوف الشباب مما خلفت عددا غير قليل من الارامل والايتام، فضلا عن العمليات الارهابية والطائفية التي حصلت بعد عام 2003 التي أدت هي أيضا الى ازدياد عدد الارامل بشكل كبير.