انا اعرض بخدمة الاخوة هذا المطلب المهم وهي هذه المحاورة التي حدثت بين الناصح الامين – القرآن هو يقول ذلك – وبين قومه ومن عاش معهم..
القران الكريم اخواني يتكلم عن بعض القواعد في منتهى الروعة وانا قلت عندما نذكر هذه الآيات في الخطبة الثانية ليس المقصود هو التفسير الحرفي وانما نَطلُّ على هذه الآية وكأننا الان نعيش مع قوم هود ومعه.. نستمع ماذا جرى بين هود (عليه السلام) وما بين اتباعه..
القران الكريم يتحدث في رؤوس مطالب وهذا مهم..يعني الانسان لو كان عندك اخ او ولد وتريد انت ان توجهه الوجه الصحيح ماذا عليك ان تقول ؟ فقط عليك ان تبين وترشد وفي بعض الحالات تبين مساؤئ الطريق الذي سلكه وتوضح، اكثر من هذا لا تتمكن..،هو عليه ان يسمع وعليه ان يلتفت وعليه ان يسأل نفسه ان هذه النصحية فائدتها لمن؟! فائدتها لي او فائدتها لمن نصحني..
هذا الحوار حوار اجتماعي.. نعم من جهة نبي ودين، نعم، لكن انا اتكلم الان كحوار حدث في مجتمع، وهذه المجتمعات التاريخ دائماً يُعيد نفسه، مجتمعاتنا ايضاً ومجتمعات غيرنا ايضاً.. حالات اجتماعية ما بين ناصح وما بين قوم يفترض ان ينصحوا.. لاحظوا العبارات التي استخدمها الناصح والعبارات التي استخدمها القوم، دققوا معي في طريقة هذا الحوار..
لاحظوا هذا التعبير الجميل الوديع ليس غريباً عنهم منهم واخاهم يعرفهم ويعرف طبيعتهم عاش معهم واراد الان ان يوجه لهم هذه النصائح، ماذا قال هذا الذي عاش معهم وهو نبي الله هود (عليه السلام): (قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)
لم يقل اعبدوني بل قال (اعْبُدُوا اللَّهَ) هذه حقيقة اني اوجهكم لحقيقة انتم في غفلة عنها، نعم قد انتم استيقنتموها لكن جحدتموها لمصالح، اذ قال ما لكم من اله غيره على نحو الواقع فقط هذا الطريق الذي ينجيكم أفلا تتقون، الكلام ليس لي انا نبي من الله تعالى وانما اخاطبكم واوجهكم وانصح كما سيأتي الاشارة الى ذلك.
لاحظوا القران الكريم يعبّر عن الملأ دائماً بالطبقة الراقية طبقة النفوذ طبقة السلطة طبقة المال طبقة الاستفادة..هؤلاء هم الطبقة المهمة، هؤلاء سيتضررون جزماً لأن هؤلاء يصطادون على ضِعاف النفوس وعلى الجهلة..، كاهن جالس في ما يدعي وتأتيه الناس بهذه الطيبات والنذور بزعمهم ان هذه هي التي تحيي وتميت وترزق وتدفع وو..، قطعاً الملأ المستفيدين سيعترضون، لاحظوا التهمة، لم يقل قال القوم بل لاحظوا (قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنْ الْكَاذِبِينَ)إذن الملأ الطبقة المتنفذة بالمجتمع وهؤلاء كفروا من قومه وليس من جهة خارجية، لاحظوا ماذا قالوا: (إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ)
حقيقة هذه الكلمة صعبة على النبي ان تُقال له، فهم يخاطبون النبي هود (عليه السلام)، اما انت جاهل كما بعض المطالب في معنى سفاهة.. ومعنى السفاهة انت انسان لا تفهم شيئاً..وهذه من الاشياء التي يتحملها الانبياء،عجيب الانبياء تحملوا من قومهم ما تحملوا وهذا ديدن المُصلح الذي ليس له غرض الا الهداية ..
ثم لاحظوا : (وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنْ الْكَاذِبِينَ)
الكلام صعب، كأن هؤلاء بمجرد هذا الظن اتهموه بالكذب وشنعوا على النبي (عليه السلام) على ان هذا النبي او هذا الذي يدعونا كذّاب.. وهذه تهمة جاهزة على طول الخط يستعملها المتنفذون للنكاية بالمصلحين.. لا يستطيعون ان يسمعوا..ان يقولوا له نعم ما دعوتنا حق، اعد علينا لعلّنا نسمع، لاحظوا قول النبي هود (عليه السلام) : (قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (67))، انا مُدرك ما أقول ولكني رسول من رب العالمين.. انا لست في سفاهة..
ليس عندي وظيفة اخرى ليس عندي مطمع وانما ابلغكم رسالات ربي وانا لكم ناصح أمين ، انا في مقام ان انصح وانا مأمون في النصيحة لكن انا ابقى انصح لكم..
الى آخره والايات الشريفة امام انظاركم ..
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يرزقنا الاذن الواعية التي تسمع النصيحة من الناصح الامين ..وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيين الطاهرين..