حال السيدة نرجس ليلة ولادة الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
520
شارك
ليس الإيمان بالغيب أمراً ميسوراً بحد ذاته فحبائل الشيطان ومورثات الجهل والعناد والرغبة في التحلل والتميع إلى غير ذلك من الموانع كلها تقف سداً يحول دون الإيمان والتصديق بالحقيقة التي لا يمنع غيابها عن الأبصار عن إدراكها.
وقضية الإمام المهدي (عليه السلام) من تلك القضايا الغيبية التي أراد الله بها امتحان عباده وقد فاز من فاز وخسر من خسر وشك من شك واستيقن من استيقن.
وفي كلماتنا هذه لا نريد أن نستعرض أدلة أو نجابه مشكك لأن الذي لا يرى الشمس وقد استطال شعاعها لابد وأن يكون ميتاً وإلا فحتى الأعمى يتحسس حرارتها وآثارها.
ولكننا نريد أن نعرِّف الآخرين بإمامنا وولي نعمتنا وحجة الله علينا. فمن هو الإمام المهدي؟
هو سَميُّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وشبيهه وولده والمحيي لشريعته بعد أن يطالها الأفول .وهو الذي يملؤ الارض قسطا وعدلا بعد أن تملى ظلما وجورا .
والده الإمام الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين(.
وأمه امرأة انحدرت من سلالة طيبة تتصل بأوصياء عيسى بن مريم (عليه السلام) واسمها نرجس وكانت قد أسلمت وهي في بلادها بسبب رؤيا شاهدتها. وجاءت بها الاقدار لتكون وعاءً للنور الثاني عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام(.
ميلاده في ليلة النصف من شعبان من عام 255 للهجرة في مدينة سامراء عاصمة الخلافة العباسية. ولقد تواترت الروايات عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في أمر ولادته وأنه سيغيب حتى يأذن الله في ظهوره. ولقد كان لولادته (عليه السلام) شواهد وآيات دلت على ما قدّر الله لهذا المولود السعيد المبارك من أثر على حياة البشرية.
ولنستمع الى السيدة حكيمة بنت الإمام محمد الجواد وعمة الإمام الحسن العسكري وهي تقص علينا ما جرى في تلك الليلة العظيمة فتقول:
بعث إليَّ أبو محمد الحسن بن علي (عليه السلام) فقال:
يا حكيمة اجعلي إفطارك عندنا هذه الليلة فإنها ليلة النصف من شعبان فإن الله تبارك وتعالى سُيظهر في هذه الليلة الحجة وهو حجته على أرضه. قالت: فقلت له: ومن أمه؟ قال لي: نرجس.
قلت له: جعلت فداك والله ما بها من أثر. فقال: هو ما أقول لك. قالت: فجئت إليها وسلمت عليها وجلستُ فقامت نرجس تنزع خُفّي وقالت لي: كيف أمسيتِ يا سيدتي؟
فقلت: بل أنت سيدتي. فأنكرت قولي وقالت: ما هذا يا عمة؟ فقلت لها: إن الله سيهب لك في ليلتنا هذه غلاماً سيداً في الدنيا والآخرة. فخجلت نرجس وانصرفت. تقول السيدة حكيمة: فلما أن فرغتُ من صلاة العشاء الآخرة أفطرتُ وأخذتُ مضجعي ورقدت.
فلما أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي ونرجس نائمة ليس بها حادثة.
ثم جلستُ معقبة ثم اضطجعت. فقامت نرجس وصلت ونامت. تقول حكيمة: فخرجتُ أتفقد الفجر فإذا أنا بالفجر الأول كذئب السرحان -هذا ونرجس نائمة- فدخلني الشك. فصاح بي أبو محمد (عليه السلام) من المجلس قائلاً: لا تعجلي يا عمة فهناك الأمر قد قرب.
تقول: فجلست وقرأتُ ألم السجدة ويس فبينما أنا كذلك وإذا بنرجس انتبهت من نومها فزعة فوثبت إليها وقلت (اسم الله عليك) ثم قلت لها: أتحسسين شيئاً؟ قالت: نعم يا عمة. فقلت لها: أجمعِ نفسك وقلبك فهو ما قلت لك.
فأخذتني فترة (استولى عليَّ التراخي) وأخذتها فترة وانتبهتُ بحسّ سيدي فكشفت عنه الثوب فإذا بي أراه (عليه السلام) ساجداً تلقّى الارض بمساجده. فضممته (عليه السلام) فإذا به نظيف منظف فصاح بي أبو محمد (عليه السلام) هلمّي اليَّ أبني يا عمة فجئت به اليه فوضع يديه تحت ظهره ثم أدلى لسانة في فيه وأمَرَّ يده على عينيه ومفاصله، ثم أجرى له الإمام مراسيم الولادة ومستحباتها .
قد يقف البعض أمام هذا النص موقف المشكك أو المفكر. مثلما سيقف الكثير أمام هذا النص موقف التصديق والتسليم. ونحن نقول لكلا الفريقين:
( أم حسبتَ أنَّ أصحابَ الكهفِ والرّقيمِ كانوا من آياتنا عَجَباً).