الحكمة: الحد من خطر الانترنت لا يكون بمنع استخدامه بل بتوعية المجتمع.
الاستخدام السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي أثّر على قيم الأسرة والمجتمع؟.
يتصفّح أحمد المواقع الالكترونية الفكرية والتربوية والعلمية ويتواصل مع أصدقائه وأقاربه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وينجز مهامه مستفيداً من خدمات الانترنت المتعددة والمتشعبة، بينما يهدر وسام جُلّ وقته في مشاكسة الآخرين والإساءة لهم، ومتابعة المواضيع الهابطة غير مهتم بواجباته الدراسية والأسرية.
نتناول من خلال هذه المقدّمة الوصفية البسيطة موضوع تعاطي المجتمع للانترنت وفائدة ذلك، ومخاطره، وأسباب الاستخدام السيئ لهذه الخدمة عبر التحقيق التالي.
أنصح الشباب بالتواصل مع المؤسسات الثقافية والأصدقاء والأقارب
الباحث الاجتماعي في مركز الإرشاد الأسري في العتبة الحسينية المقدسة، الدكتور عزيز كاظم نايف تحدث عن كيفية استخدام الانترنت وتوظيفه في الاتجاه السليم قائلاً ” إن الاستخدام السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي أثّر على قيم الأسرة والمجتمع فهناك كثير من القيم اكتسبناها من ديننا الحنيف ومن أحاديث الرسول وأهل البيت (عليهم السلام), وهذه القيم متوارثة ومتواجدة في أذهانا ولكن للأسف الشديد بدأت قيمتها وقدرتها تتأثر سلباً بسبب ظهور قيم دخيلة وغريبة نتيجة الغزو الثقافي الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والفايبر وغيرها من مواقع التواصل الحديثة، وبالتالي يفقد الشخص اتزانه عندما يرى نفسه في موقع معين ضمن حدود معينة وضمن قيم معينة ويرى في مواقع التواصل قيماً أخرى بعيدة تماماً عن قيمنا وعن مبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا الأمر الذي يجعله يتبعها تلقائياً، كما أن إدمان استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يتسبّب في خلق الأمراض النفسية كالكآبة والعزلة وغير ذلك، منوِّها بالقول:” أنصح الشباب بتوظيف مواقع التواصل توظيفاً صائباً مفيداً كالتواصل مع الأصدقاء والأقارب والمؤسسات الثقافية والتربوية والعلمية والدينية”.
وبيّن الباحث الاجتماعي” إن من أهم أسباب لجوء الشباب إلى الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي هو البطالة إذ يعتبرون هذه المواقع متنفّساً لهم، لذا لابد من توفير النوادي العلمية والدينية، وعلى الشاب أن يختار الأصدقاء الجيدين والمتنورين ويقتدي بهم لكي يصبح شخصية ناجحة ومؤثرة”.
وقال نايف” أدعو جميع أبنائنا إلى العودة للقراءة بدلاً من إضاعة الوقت, فهناك كثير من العناوين لمختلف الكتب متوفرة في مواقع علمية متميزة يسهل الحصول عليها، فالقراءة هي أنجع وسيلة لاستثمار الوقت”.
دور الأسرة..
الكاتب والإعلامي سلام محمد البناي تحدث عن دور الأسرة والمؤسسات التربوية تجاه الشباب قائلاً” تُعد شبكة الإنترنت من مظاهر التكنولوجيا الحديثة التي أسهمت في انتشار العلم والمعرفة في العالم وتعزيز التواصل بين الأفراد، لكن استخدامها استخداماً سيئاً ترك آثار سلبية على العلاقات الأسرية ونسق القيم بين أفراد المجتمع نظراً لسهولة الحصول على هذه التقنية، وسهولة التواصل الفكري والثقافي مع الآخرين من خلالها مما أدى إلى الإدمان عليها هروباً من الواقع إلى العالم الافتراضي والوقوع في عزلة واغتراب نفسي بين الشباب وتراجع مقدار التفاعل اليومي بينهم وبين أسرهم، واعتلال في صحتهم وعلاقاتهم الاجتماعية وإهمال واجباتهم الاجتماعية والوظيفية” .
وأوضح البناي أنه” لا يمكن الحد من سطوة شبكة الأنترنت من دون أن يكون هناك دور لأولياء الأمور في ضبط السلوك من خلال تربية أبنائهم على الحياء من الله (عزّ وجلّ) ومراقبتهم، وتوعيتهم بالمخاطر المترتبة على سوء الاستخدام عبر تفعيل لغة الحوار معهم لكي يقلل بشكل كبير من تأثير المحيط الخارجي عليهم, فضلاً عن ضرورة مساهمة المدارس وأصحاب المنابر الدينية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في نشر الوعي لدى الشباب عن طريق المحاضرات والمنشورات، كما أن الدولة مسؤولة على دعم ورعاية فعاليات اجتماعية جاذبة لشغل أوقات الفراغ واستثمارها بشكل صحيح بالنسبة لطلاب المدارس خاصة في العطلة الصيفية بتأسيس نوادي اجتماعية لممارسة بعض الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية”.
رفع مستوى الوعي
الأستاذ في كلية القانون بجامعة كربلاء، الدكتور خالد العرداوي تحدث عن تأثير المستوى الثقافي في كيفية استخدام مواقع شبكة الانترنت قائلا” تتباين المستويات الثقافية فيما بينها بخصوص استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وقد لا يحسن بعضها التعامل مع التسهيلات والمغريات التي يوفرها الانترنت سواء على مستوى الصورة أو على مستوى المحتوى المقروء أو المرئي، والحد من هذه السلبيات لا يكون بقطع شبكة الانترنت عن المستخدمين أو منع استخدامه إنما يكون بزيادة وعي المجتمع وتطوير قدرته على التعامل معه، وهذا الأمر يتطلب جهداً كبيراً تبذله المؤسسات التربوية والتعليمية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية والأسر”.
سلاح ذو حدين..
الإعلامي كاظم المسافر تحدث عن المشاكل الناجمة عن الاستخدام الخاطئ للأنترنت قائلا” يوصف الانترنت بأنه (سلاح ذو حدين) فالإنترنت بحد ذاته خدمة مهمة قدمت للبشرية كثير من التسهيلات والفوائد إلا أن سوء توظيف هذه الخدمة هو ما يجعلها تشكل حالة سلبية خاصة في مجتمعنا العراقي، فخلال العقد الأخير انتشرت خدمة الانترنت بصورة واسعة وبدون ضوابط رقابية سواء من المؤسسات الحكومية المختصة أو حتى على المستوى الأسري، بينما نرى أن أغلب بلدان العالم المتقدم يخضع فيها استخدام شبكات الانترنت إلى رقابة أمنية واجتماعية “.
وبيّن” إن سوء استخدام خدمة الانترنت أفرز العديد من المشاكل الاقتصادية والأمنية والصحية والسياسية والاجتماعية التي نجم عنها زيادة حالات الطلاق في المجتمع والتشهير باستخدام الصور غير المحتشمة وغير اللائقة للجنسين على حد سواء, كذلك أثّر على نمط تربية الاطفال نتيجة لغياب الرقابة الأسرية على المحتوى الذي يشاهده أولئك الأطفال، بالإضافة إلى مشاكل استخدام الانترنت كوسيلة لممارسة أعمال النصب والاحتيال وبالتالي الإفلات من عقوبة هذه الجرائم نتيجة لغياب الرقابة”.
وتابع” أما على الصعيد السياسي فقد تسبب سوء استخدام خدمة الانترنت في خلق مشاكل التسقيط والتشهير السياسي، ناهيك عن تطرف الخطاب الديني الذي أخذ يبث سمومه في المجتمع عبر شبكة الانترنت، ومدى خطورة هذا الأمر تكمن في خلق صراع مجتمعي بحسب الانتماءات السياسية والدينية والقومية مهّدت لخلق قاعدة يمكن استغلالها في تنفيذ جرائم إرهابية وجنائية غالباً ما كان يتم تجنيد مرتكبيها والتسويق لها عبر شبكة الانترنت “.
مُنجز حضاري..
المواطن عبد الرزاق الطيب تحدث عن الجوانب الايجابية والسلبية المترتبة على استخدام الانترنت قائلاً” إن مواقع التواصل الاجتماعي من ثمرات النهضة العلمية والتكنولوجية المعاصرة، فهذه النقلة النوعية في وسائل الإتصال والتواصل، وعبر ما يعرف بشبكات الإنترنت، وما تتضمنه من خدمات ومواقع متعددة، استحوذت على اهتمام الناس صغيرهم قبل كبيرهم، وقد أصبح للجميع تقريباً إطلالة على هذه المواقع، حتى أصبحت السمة الشخصية الملازمة للفرد، فكان للفيس بوك وتويتر، والماسنجر، وغيرها عناوين بارزة في أوساط الناس، وبمختلف مستوياتهم الثقافية، ولا بد من الوقوف مع هذا المنجز الحضاري الرائع موقفاً إيجابياً، وإمعان النظر فيه جيداً “.
وأوضح الطيب” هناك جوانب ايجابية، وأخرى سلبية تترتب على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وتتمثل الجوانب الايجابية بتنمية وتطوير القابليات، وذلك من خلال اكتساب مهارات التواصل النشط وآلياته، وتحقيق الإبداع في مجالات متعددة في الحياة من خلال تبادل الخبرات، وتقوية العلاقات الاجتماعية، والتعبير عن الذات من خلال المحادثات الفردية أو الجماعية، ومتابعة آخر المستجدات في كل أنحاء العالم، وتوفير جهد وتكلفة التواصل مع الأصدقاء أو الأقارب الذين تفصل بينهم مسافات بعيدة، وصقل شخصية الفرد من خلال سعة ثقافته واندماجه مع المحيط الثقافي إلكترونيا”.
وأضاف” إن خدمة الانترنت توفر الدعاية الاقتصادية لأصحاب المشاريع وذلك من خلال نشر الإعلانات التجارية، ومتابعة المواقع التربوية والاكاديمية وغيرها من المواقع التعليمية، وتصفح المواقع الدينية والأدبية والعلمية وغيرها، والاطلاع على كافة المحاضرات والكتب الحديثة منها والقديمة”.
وأردف الطيب” أما الجوانب السلبية المترتبة عن الاستخدام السيء لمواقع التواصل الاجتماعي فتتمثل بالإدمان على هذه الوسائل على حساب الواجبات اليومية في الحياة، والعزلة عن المجتمع القريب كالأهل والجيران، والانجرار خلف ثقافات منحرفة بقصد أو بغير قصد من خلال نشر بعض الأفكار الهدامة والتخريبية الضالة، وتشجيع الكذب والنفاق من خلال ظاهرة الأسماء المستعارة، والشخصيات الوهمية، حيث يتعامل أصحابها بشخصيات متعددة وبأوجه كثيرة يتم في معظمها التضحية بالقيم والأخلاق والثوابت على حساب نزعات الهوى، والإساءة والعبث بمشاعر الناس من خلال أساليب التهديد والضغط عليهم لتنفيذ مآرب دنيئة”.
تواصل هادف..
و يرى المواطن كرار ناهي” إن كثير من الطلبة والتلاميذ يقضون جلّ وقتهم في مقاهي الانترنت مما يؤثّر على مستواهم الدراسي والأخلاقي، وهم لا يدركون حجم الفائدة التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي مكتفين بالغث منها”.
وأضاف” شخصياً اطلعت من خلال شبكة الانترنت على كثير من المعلومات والمواضيع المهمة لم أكن أعرفها سابقاً، إذ أنني أتنقل بين المواقع المفيدة وأتصفّح المكتبات والكتب المهمة، كما إن مواقع التواصل الاجتماعي أتاحت لي التواصل مع أصدقائي وأقاربي”.