الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد أحمد الصافي في 24/شعبان/1439هـ الموافق 11 /5/ 2018م
297
شارك
الحكمة : تص الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 24/شعبان/1439هـ الموافق 11 /5/ 2018م :
اخوتي اخواتي قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم في سورة الاحزاب : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)).
اودّ على نحو العُجالة ان اعرض بخدمتكم المعنى الدلالي ما يُفهم من ظاهر هاتين الايتين الشريفتين.
القرآن الكريم كما عودنا وكما ذكرنا سابقاً هناك مجموعة من القواعد الاخلاقية والسلوكية يبثّها من خلال هذه الآيات سواء كان استعراضه للأمم السابقة على نحو الموعظة او على نحو القصة او على نحو العبرة، او من خلال مطالب هو يبينها القران الكريم لغرض الهداية.
المخاطب في هذه الآية قال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70)
بيّن مطلبين قال : (اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)
طبعاً هنا احب ان انوّه الى قضية، امير المؤمنين (عليه السلام) والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبله وجرت العادة انه في مقدمة أي خطبة انه من شرائطها ان الانسان يُوصي بتقوى الله، وهذه التقوى تعددت في القران الكريم كثيراً، وعندما نأتي الى التقوى يتبين ان هناك مجموعة هائلة من الجزئيات الكثيرة التي تنطوي عليها هذه الكلمة، وهي على وجازتها في غاية الأهمية ولذلك الوصايا الكبيرة في التقوى اتقوا الله حق تقاته.. الله تعالى يوصيكم بالتقوى ولباس التقوى خير.. وهذا العمل الموصى به في التقوى حقيقة يُلفت النظر لأكثر من مطلب مع ان المخاطب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ومع ذلك القرآن يشدد (اتقوا الله).
لاحظوا في حياتنا العملية هناك بعض الجزئيات ممكن نستفيد منها..
في حياتنا العملية قد نتصور ان التقوى فقط في حالة المسجد وحالة الصلاة وحالة التكاليف والحج… مع ان التقوى لابد ان تسري منّا او تجري مجرى الدم.. لأن التقوى لا تتجزأ انا لا يمكن ان اتقي في صلاتي ولا اتقي في عرض الناس، انا اتقي في الصيام ولا اتقي في الوثوب على الاموال الخاصة او العامة.. التقوى لا تتجزأ.. الانسان الذي يتخاصم مع غيره ولا يتقي الله تعالى في رمي التهمة انسان غير متقي، لا يتقي الله تعالى في الكذب، لا يتقي الله تعالى في التزوير، لا يتقي الله تعالى في الرشوة، لا يتقي الله تعالى في التلفيق..
الانسان الذي يعمل في الاقتصاد يحتاج التقوى، يعمل في الهندسة يحتاج التقوى، يعمل في السياسة يحتاج التقوى، يعمل في السياسة يحتاج التقوى، يعمل في الطب يحتاج التقوى.. التقوى تعطي للانسان هذه الشخصية المتزنة، ان الانسان لا يضع رجله في مكان الا ان يكون فيه تقوى، القران الكريم مع تشدده على ذلك في اكثر من اربعين مورد لعلّه في هذه الاية الشريفة قال (وقولوا قولا ً سديدا)، لاحظوا هذا الجانب طبعاً التقوى تجعل الانسان يقول قول الحق ومعنى القول السديد يعني القول الحق، هذا أمر مُحكم والحق هو دائماً امر محكم، وان هذا امر مُحكم، القول السديد هذا معناه، ولذلك عندما تدعوا لفلان مثلا ً سددك الله، سدد الله رميتك، ندعو الى الاخوة المجاهدين سدد الله رميتكم، بمعنى اصاب الله وجعل هذه الرمية رمية محكمة، القول السديد منشأه التقوى، لكن الانسان اذا دائماً كان يتكلم بالحق هذا يُعينه على ان يكون في داخله ميّالا ً للحق، وفي داخله يبحث عن التقوى، لا يوجد أي مبرر لأن الانسان يتنازل عن التقوى ويتنازل عن القول السديد، مصالح الى حيث..، لكن الانسان يتنازل لا يتقي ولا يقول قولا ً سديداً، بئس العمل هذا، وقد الانسان يتحول من انه هو لا يتقي وهو لا يقول، الى انسان يخدع الاخرين ويضل الاخرين اذا كان له قول مسموع عند الاخرين، فلذلك الكلام عام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ)، والتقوى في كل شيء لا تتجزء، الانسان يتقي الله تعالى في الدماء وفي الاعراض وفي كل شيء.. انت تأتي بشخص تمجدّه لأن في ذات يده شيء من حطام الدنيا.. انت غير متقي الله تعالى انت تعلم انك لا تُحبه وانما تُحب ما في يده.. هذا ليس قولا ً سديداً..
ولذلك اخواني هذه السلوكيات العامة في حياتنا نبتلي ابتلاءات خاصة وعامة..، لابد الانسان ان يحرز هاتين الخصلتين ان الانسان يكون متقي لا توجد تقية في المسجد وغير تقيّة في المدرسة لا توجد تقية في المسجد وتقية اخرى في الوثوب على اموال الناس.. التقية لا تتجزأ.. هناك فهم خاطئ الذنب ليس ذنب العلم الذنب ذنب الجاهل او المتجاهل..ولذلك كبر مقتاً عند الله ان تقولوا.. وأي كلمة تخرج الانسان مسؤول عليها.. (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً).
ولذلك اخواني قضية التقوى والقول السديد من الخصال المهمة على الانسان ان يتقي وعلى الانسان ان يقول قولا ً سديدا، قل خيراً والا اسكت، نعم هناك رب والتقوى في جوانحنا تحتاج الى عمل، اقول نعم انا متقي في المسجد اذرف الدموع وخارج المسجد اثب على مال الاخرين.. أي تقوى هذه..
اما اذا لم نتقي ولم نقل قولا ً سديداً غير معلوم ان الاعمال تُصلح خصوصاً هذه اذا قلنا جملة شرطية معنى ذلك لا تُصلح الاعمال فالذنب ذنبُ من؟! ذنبنا.. لا نتقي ولا نقول قولا ً سديداً، اعمالنا لا تُصلح ونظل من مشكلة الى اخرى لماذا؟! لأننا لا نعرف كيف نتصرف..
فلابد ان نتقي وان نقول قولا ً سديداً الله تعالى يقول : (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)..
هذه التركيبة من هاتين الآيتين الشريفتين يصلحان ان يكونا واقعاً منهاج عمل واسع وكل مفردة تحتها جزئيات كثيرة..
نسأل الله تبارك وتعالى ان يرزقنا التقوى في القلب والتقوى في العمل والتقوى في اللسان وان يوفقنا ان نقول دائماً قولا ً سديداً بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..