ممثل المرجعية من الصحن الحسيني الشريف: هذه الصفات تجعلنا صادقي الانتماء لأهل البيت عليهم السلام

274

الحكمة – متابعة:  ذكر ممثل المرجعية الدينية العليا جانب اخرا للمقومات والاسس التي تجعلنا صادقين في دعوانا للانتماء  لأهل البيت عليهم السلام

وبين الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة اليوم 2/ شهر رمضان/1439هـ الموافق 18/5/2018م  ومنها:الحفاظ على روح الجماعة وقوة العلاقات الاجتماعية: فقال بهذا الشان

ايها الاخوة والاخوات حينما نتتبع الاحاديث التربوية التي وردت عن ائمة اهل البيت في حرصهم على سلامة العلاقات الاجتماعية بين المؤمنين والحفاظ على قوة العلاقة نجد الشيء العجيب.. حتى اننا حينما نقرأ بعض الاحاديث نجد شيئاً عجيباً في حرصهم الكبير على إبقاء العلاقات الاجتماعية قوية بين المؤمنين وان يبقى الانسجام والتواصل التراحم بين المؤمنين مستمراً.. يحرصون اشد الحرص على إبعاد المؤمنين عن التقاطع والتهاجر وغير ذلك من الصفات التي تؤدي الى تفكيك الاواصر الاجتماعية وضعف المجتمع وسأذكر رواية كثيراً ما نذكرها..وهو ان يحافظ على قوة علاقته الاجتماعية وتواصله مع اخوانه المؤمنين على الرغم من وجود اسباب الاختلاف والتقاطع بينهم ولكنه يحرص من خلال المجاهدات النفسانية والتغلب على الاهواء والامزجة والشيطان يحاول ان يتغلب على كل ذلك من اجل ان يبقي هذه العلاقة قوية لأن المجتمع لا يستطيع ان يصل الى غاياته واهدافه في الحياة الدنيوية الاخروية الا اذا كان المجتمع متماسكاً في علاقاته الاجتماعية..لذلك اذا اردت ان تعرف ايها المؤمن انك صادق في تشيّعك لأهل البيت انظر الى قوة علاقاتك الاجتماعية وكيف تحافظ على هذه العلاقات مع الاخرين..لذلك نذكر هذا الحديث عن الامام الصادق (عليه السلام): (لا يفترق رجلان على الهجران إلاّ استوجب أحدهما البراءة واللعنة، وربّما استحق ذلك كلاهما،…)

ولاحظوا هنا اخواني الراوي يتعجب فقال الراوي للإمام (عليه السلام): جعلني الله فداك، هذا الظالم فما بال المظلوم ؟ قال الامام (عليه السلام):لأنّه لا يدعو أخاه إلى صلته ولا يتعامس (يتغافل) له عن كلامه، سمعت أبي يقول: إذا تنازع اثنان، فعادا أحدهما الآخر فليرجع المظلوم لصاحبه حتى يقول لصاحبه: أي أخي أنا الظالم، حتى يقطع الهجران فيما بينه وبين صاحبه فإنّ الله تبارك وتعالى حكم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم).لاحظوا جواب الامام (عليه السلام) كيف هو حريص في الدنيا على ان تبقى العلاقة الاجتماعية قوية وان يبقى الانسجام والتواصل والتآلف بين المؤمنين وان استوجب ذلك في الدنيا ان يتنازل الانسان المؤمن عن بعض حقوقه المعنوية..لماذا؟ يقول الامام (عليه السلام): في الدنيا نريدكم متصافين ومتآلفين ومنسجمين، والانسان المظلوم قد يقول ولكن انا اين حقّي ؟ فالامام (عليه السلام) يقول له انتظر هناك الاخرة لا يذهب حقك، في الدنيا نريدكم متواصلين متآلفين متواددين وفي الاخرة هناك حكم عدل وهناك محكمة عادلة.. ايها المظلوم الله تعالى الحاكم العدل سيأخذ لك بحقك ممن ظلمك..

واضاف الكربلائي اما الصفة الثانية فهي اعطاء المقومات التربوية والاخلاقية اهميتها بقوله ان الانسان له احتياجات متعددة جسدية وعقلية وروحية وتربوية ان لم يُشبع جميع هذه الحاجات سوف لا ينال السعادة المطلوبة ولا يستقر الوضع للفرد والمجتمع..فاحياناً الانسان فرد ومجتمع يعتني ويهتم بجانب اكثر بكثير من جوانب اخرى مهمة..لا يعتني بتلك الجوانب المهمة بل يغلب الاهتمام ببعض الجوانب على الجوانب الاخرى..

واضاف:اعطيكم مثال اخواني: مثلا ً مطلوب من الطالب ان يتعلم العلوم الاكاديمية التخصصة مطلوب اهتمام واعتناء وبذل وقت وجهد من اجل ان نترقى ونصل الى مراتب علمية تخصصية مهمة.. ولكن ايضاً الاهتمام والاعتناء بالاخلاق والتربية ينبغي ان يكون متوازناً وينال استحقاقه من الاهتمام ابتداءاً من الاسرة والمدرسة والجامعة.. الاسرة كما تعطي اهتماماً واعتناءاً بالمستوى العلمي والاكاديمي لأولادها عليها ان تعطي نفس الاهتمام والاعتناء الكبير باخلاق وتربية اولادها على الاخلاق الفاضلة وتهذيب نفوسهم من الرذائل ومذام الصفات..في المدرسة كما انه يعتنى بالدروس الاكاديمية التخصصية ونهتم بوصول الطلبة الى مستويات من النجاح عالية لابد ان يكون هناك اهتمام واعتناء بدروس الاخلاق والتربية لأن هذه العلوم لا ينتفع بها كما ينبغي ان لم يصاحبها اهتمام مماثل واعتناء كبير بالاخلاق والتربية بل ربما قد تنقلب الى شر ووبال وضرر على المجتمع ان تلوثت نفوس الذين يدرسون بمذام الصفات..لذلك لابد ان نبتدأ من الاسرة الجامعة والمدرسة والمؤسسة وفي كل مكان.. هذا ما أكد عليه الائمة عليهم السلام..لابد ان يكون هناك اهتمام خصوصاً الاطفال والشباب الذين هم اكثر خطورة وعرضة للملوثات والمفاسد والاخلاق السيئة ان لم يعتنى بهم بهذا الجانب..

اما الصفة الثالثة فهي اليقظة والوعي لخطورة الاكاذيب والشائعات بقوله من صفات المنتمي لمذهب اهل البيت ان يكون على يقظة ووعي من مخاطر الاكاذيب والشائعات خصوصاً مع وجود وسائل الاعلام وهذه وسائل التواصل التي انتشرت في كل مكان بل اصبحت تلازم الانسان ليس كظله بل كنفسه وروحه.. اخواني كلامنا ليس في الكذب العادي وان كان الكذب العادي من المحرمات والكبائر ومفتاح من مفاتيح الشر الكذب.. انما كلامنا في الاكاذيب التي تنتشر على نطاق واسع في المجتمع بحيث تشكل مخاطر عظيمة ليس على مستوى الفرد بل على مستوى المجتمع بأسره خصوصاً اذا تناولت هذه الاكاذيب شخصيات وجهات عظيمة ومهمة في المجتمع..لذلك ينبغي الحذر هنا حينما نجلس امام الفضائيات ونقرأ ما يُكتب في وسائل التواصل لابد ان نكون على يقظة وانتباه  وسأبين كيفية تلقّي هذه الاخبار والتحليلات وليس مقصودي فقط الخبر احياناً عندنا خبر، احياناً عندنا تحليل، احياناً عندنا مقالة، احياناً عندنا رأي..كل هذه الامور كيف اتعامل معها وخصوصاً في الوقت الحاضر المصيبة الكبرى التبست علينا الامور.. لا أدري هذا الرجل الذي يكتب ويتحدث ممن يوثق به او لا يوثق به و هذه الجهة التي تكتب والتي تتحدث وتُلقي هذه الاراء والمتبنيات الفكرية وغيرها هل هي مما يوثق ويُطمئن الى صحة ما تُلقيه الى الناس أم لا ؟!! اصبح من الصعب التمييز في ذلك..

ونبه الشيخ عبد المهدي الكربلائي الى ان مخاطر الاكاذيب والشائعات مخاطر كبيرة فقد تحدث الفتن والمشاكل ليس بين الاشخاص فقط بل بين الشرائح الاجتماعية بعضها مع البعض الاخر بين اصحاب اتجاه واصحاب اتجاه اخر واصحاب دين واصحاب دين آخر.. و كثير ما تؤدي الاكاذيب التي تروّج ويساعد البعض في ترويجها ونشرها الى قتل انفس محترمة بريئة مما يُنسب اليا او انتهاك اعراض يحرم انتهاكها او تسقيط شخصيات مهمة في المجتمع تسقّط من خلال بعض الاكاذيب التي تروّج والبعض ينشرها من دون دراية ووعي فيؤدي الى ان هؤلاء الناس يبتعدون عن تلك الشخصية العظيمة ويضعف مقامها ودورها والكثير ساهم في نقل تلك الاكاذيب وروّج لها وهو لا يعلم تلك المخاطر العظيمة التي تنشأ عن قيامه ومساهمته في نشر وترويج الشائعات والاكاذيب والاباطيل خصوصاً على تلك الشخصيات العظيمة..وقد وضع الاسلام قواعد اساسية لتلافي الوقوع في مخاطر الاكاذيب والشائعات وكيفية التعامل معها وهي خطوات متعاقبة لابد من التدرج فيها متسلسلة للوصول الى النتيجة المرجوة:

اولا ً: كيفية التعامل والتلقّي للخبر الذي يسمعه او يقرأه فلا يتسرّع ولا يستعجل في التصديق به فإن في ذلك استخفافاً بعقله وفكره ودينه واخلاقه بل يتروى ويتأنى في ذلك..

ثانياً: محاولة التعرف على مصدر الخبر هل هو ثقة يطمئن الى صحة اخباره وآرائه وقناعاته ومتبنياته الفكرية ام هو من النوع الذي لا يبالي بما يقول وما يكتب وما ينشر ام هو من النوع المعروف بكذبه وميله الى نشر الامور الكاذبة والملفقة ومن توجهاته وسياساته ومنهجه اتباع هذه الاساليب لأغراض خبيثة.. أم هو من النوع المجهول والمشكوك فيه وحتى ان كان صاحب الخبر ثقة فربما يكون قد اشتبه او نقل عن غير دقة..والمصيبة الكبرى في وقتنا الحاضر هو صعوبة التمييز في ذلك خصوصاً مع انتشار العناوين البرّاقة للأشخاص والمؤسسات والجهات والمراكز التي تكتب وتنشر وصارت لها من القدرة ما تتمكن من خداع وتضليل حتى بعض المؤمنين واصحاب الوجاهة والثِقل الاجتماعي في المجتمع..ومن هنا أصبح لزوم التأني والتروي اكثر ضرورة من ذي قبل..

ثالثاً: محاولة التثبت من صحة الخبر ودقته وحقيقته وذلك بالتأكد من مصدره والرجوع الى اهل العلم والعقل والخبرة والرأي الحصيف فإن لم يكن فالتوقف أسلم وأكثر اماناً من الوقوع في مهالك سرعة التصديق والنشر للخبر والرأي والتحليل الذي يتلقاه الانسان.. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) – سورة الحجرات-.

اما الصفة الرابعة فهي: عدم نشر الخبر المسموع او المقروء والتوقف عن تناقله بين الاشخاص بل يبقى في الجانب الامين من احتفاظه بالخبر (وحتى الرأي او الموقف المعين) حتى يتثبت منه ويتبين حقيقته.. وقد حذرت الايات القرانية والاحاديث الشريفة من التسرّع في نقل الاخبار المكذوبة ونشرها بين افراد المجتمع: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) –سورة النور-.

فالانسان المؤمن لابد ان يحترم عقله وفكره ومجتمعه ولا يحصل ذلك الا بتحكيم العقل والشرع والخلق والذوق الرفيع عند قراءته او سماعه لأي خبر ولا يكون تلقيه باللسان والنقل له بالأفواه بل ينبغي ان يكون العقل هو المتلقي وفق معايير الشرع والفطرة السليمة..

وكالة نون

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*