إن كنت تستخدم الهاتف بكثرة فانتبه.. قد يصيبك مرض التهاب أوتار الأصابع
الحكمة – متابعة: استغرق الأمر بضعة أشهر لأتقبَّل فكرة أني كنت أتسبَّبُ لنفسي في التهاب أوتار إصبع الإبهام، الذي كنتُ أعتمده في استعمال الهاتف الذكي.
وتُعتبر هذه الحالة المرضية حديثة، إذ تلتهب الأوتار المحيطة بالإبهام نتيجة الإجهاد المتكرَّر. وفي حالتي، كان هذا الالتهاب نتيجة استخدامي، وعلى مدى سنوات، بمعدّل عدة ساعات في اليوم، لذلك الجزء من يدي اليمنى على مساحة الشاشة الزجاجية لهاتفي الذكي.
بهذه العبارات، بدأت نيللي بولز روايتها حول معاناتها، بسبب الإفراط في استخدام الهاتف، لقرّاء موقعNew York Times الأميركي.. وتتابع:
تبدو هذه الحالة وكأنها تقريرٌ إخباري في التلفزيون المحلّي حول تعرُّض إبهام بعض المراهقين للشلل خلال ممارستهم لألعاب الفيديو، وهو ما لم أعتقد أنه سيصيبني، على اعتباري امرأة بالغة ومحترفة.
لذلك، بدأت بإطلاق تسمية “الإبهام الخدر” على هذه الظاهرة. ولمنع هذا الأمر من الاستفحال، قمتُ باستخدام أصابعي الأخرى أثناء تصفُّح هاتفي كلما كنتُ أشعر بالألم. لكن المشكلة أني كنتُ أكتب بشكل أبطأ بكثير. فارتأيتُ التمسك باستخدام إبهامي، واعتمدته لفتح قفل الشاشة، بالإضافة إلى حذف الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني.
في نهاية المطاف، وبشكلٍ مفاجئ، لم أعد قادرة على تحريك إبهامي الأيمن، حيث عجز عن استجماع القوة اللازمة للضغط على شاشة الهاتف. وكنت أشعر به خدراً فضلاً عن بعض الألم، الذي امتدَّ إلى ذراعي. علمتُ لاحقاً أن هذه المشكلة، التي واجهتني، أصبحت شائعة.
البالغون هم الأكثر تضرُّراً
على نحو مفاجئ، تبيَّن أن أصدقائي وزملائي يمتلكون تجارب مشابهة، فيما يتعلَّق بأصابع الإبهام لديهم، ومشاكل على مستوى المعصم يمكنني الاستشهاد بها.
وقد اكتشفتُ أنه، وعلى الرغم من وجود الكثير من الجدل حول كيفية إدمان المراهقين على التكنولوجيا، يكون البالغون في واقع الأمر الطرف الأكثر تضرُّراً، وفقاً لما أكدَّه الخبراء.
حيال هذا الشأن، أخبرني طبيبي الخاص، الذي كان يرغمني على إغلاق قبضتي على نحوٍ مؤلم، أنه من المحتمل إصابتي بمرضٍ يُدعى “التهاب أوتار دي كورفان”، الذي يؤثر على الوتر من جانب الإبهام في الرسغ، بسبب الاستعمال المفرط والمزمن لهذه الأوتار.
وقد نبَّهني من الإدمان التكنولوجي، مشدِّداً على أني سأكون بحاجةٍ إلى تدخلٍ جراحي، في حال واصلتُ اعتماد إبهامي بشكلٍ مفرط. بموجب ذلك، طلب مني الطبيب القيام بعملية وخز بالإبر، وهو أمرُ لم أقم بتجربته من قبل.
من جهته، قال الدكتور سانجيف كاكار، وهو جراح عظام في عيادة مايو بولاية مينيسوتا الأمريكية، إن هذه الإصابات باتت أزمة وقد انتشرت بشكلٍ كبير. والدكتور كاكار متخصِّصٌ في إصابات اليد، وقد شهد ازدياداً مقلقاً في عدد حالات “الإفراط في الاستخدام”. وقد لاحظ انتشار هذه الحالة بين البالغين وكبار السن على وجه الخصوص.
بعد الفحص، أخبرني الدكتور كاكار أن مفاصلي أمستْ أكثر صلابة، في حين لم تعد الأوتار تتمتع بالمرونة ذاتها التي كانت عليها في السابق. وأضاف أن شعوري بالخدر قد يمثل علامة مبكرة على إصابتي بمتلازمة النفق الرسغي.
بالنسبة لي، اعتبرتُ هذا الشعور خدراً، إلا أنه كان مؤلماً للغاية. لذلك، قمت بإخبار الدكتور كاكار، الذي بدا مطمئناً للغاية، وأخبرني بأن أفضل علاج هو التوقف عن استخدام الإبهام لفترة من الزمن. وقد نصحني كاكار، قائلاً: ” يتوجَّب عليك تغيير أسلوبك في كتابة الرسائل النصية الخاص بك”. في الظاهر، يبدو ذلك سهلاً، حتى تحاول كتابة رسالة إلكترونية بواسطة يدك اليسرى.
في هذا الصدد، صرَّحتْ نانسي آن تشيفر، أستاذة الاتصالات في جامعة دومينيغيز هيلز بولاية كاليفورنيا، والتي تدرس التكنولوجيا والإدمان، أن البالغين الذين يتعرَّضون لإصابات متعلقة بالتكنولوجيا غالباً ما يرفضون الاعتراف بأن لديهم مشكلة، حتى تصل الإصابات والسلوك الإدماني لديهم إلى حدِّها الأقصى.
واستطردت تشيفر قائلة: “نحن نفترض أن المراهقين يستخدمون هواتفهم بشكل أكبر، لكن الأمر مغاير في الواقع، لأن الشباب يميلون إلى التمتع بوعي أكبر بشأن استخدامهم لهواتفهم الذكية. ففي الغالب، تملك هذه الفئة فهماً أكثر عمقاً للآثار الضارة التي تنجم عن استخدام الهواتف الذكية، نظراً لتلقيهم تعليماً حولها منذ أن كانوا أطفالاً”.
مؤخراً، توجهت إلى مكتب الأخصائية في العلاج عن طريق الوخز بالإبر في سان فرانسيسكو، ميشال كورودا. وقد أخبرتني المختصة أنني محظوظة، فقد استقبلتْ مريضين يشعران بآلامٍ شديدة على مستوى اليد التي يستخدمانها في استعمال الهاتف الذكي، مما اضطرَّهما إلى أخذ إجازةٍ مرضية للتغيب عن العمل.
وفي حديثها عن حالة المريضَين، قالت كورودا إنهم كانوا يسقطون الأشياء، في حين عجزوا عن تناول الطعام بواسطة الملعقة أو الشوكة. في هذا الشأن، أوضحت كورودا أنه “ليس من المفترض أن نستخدم إبهامنا فقط طوال الوقت. نحن نحتاج إلى استخدام كل أصابعنا، لهذا السبب نمتلك قبضة”.
من جهتها، سألتني كورودا عما إذا كنتُ أشعر بالتوتر، حين يكون هاتفي بيدي؟ فقمتُ بوصف يومٍ مثالي قضيته في متابعة فعاليات موقع تويتر. كانت إجابتها: “أنت مصابة بحالة مرضية بسبب نمط حياتك”.
بعد ذلك، تركتني السيدة كورودا مع مجموعة من الإبر في يدي وذراعي، وطلبت مني أن أقوم بفحصٍ شامل لجسمي لمدة ساعة، كما وصفت لي العديد من مضادات السموم. وتتضمَّن هذه اللائحة: الكركم كمضاد للالتهابات، والكانابيديول، وهو مادة يتمّ استخراجها من نبتة القنب الهندي (الحشيش)، وتُعرف بشكل شائع باسم CBD.
اليوم، وبعد بضعة أسابيع من إراحة إبهامي الأيمن، أشعر أنه أفضل بكثير وأن الأمور عادت نوعاً ما إلى طبيعتها، في حين أصبحتُ أستخدم يدي اليسرى كثيراً.
عربي بوست