كيف نواجه تداعيات التغيرات المناخية؟

261

الحكمة – متابعة: شهدت بلادنا تغيرات مناخية اتضحت في انخفاض معدل هطول الامطار، وزيادة في العواصف الترابية الكثيفة،  وتفاقم عملية التصحر في اراض خصبة تاريخيا، وتقلص الغطاء النباتي، وامتداد فترات الجفاف، وكثرة موجات الحر الشديد، إذ سجلت درجات حرارة غير مسبوقة زادت على 50 درجة مئوية في الصيف الماضي، وكبدت العراق اضرارا فادحة، وهذا ناجم عن التغيرات المناخية التي لم تطل بلادنا بل تعدتها الى دول عديدة.

 تعد هذه الحالة واحدة من أهم المشكلات التي تواجه الإنسان وبيئته بمجمل عناصرها منذ القدم، واليوم أصبحت هذه المشكلة واحدة من أخطر التحديات التي تشغل بال العلماء لاسيما الجغرافيين منهم، علما ان هذه الظاهرة مرافقة لنشاطات الإنسان الحضارية بعدما كانت سابقا نتاجا طبيعيا تجسد بما شهدته الأرض من تغيرات شاملة عبر التاريخ، كما أصبحت دراسة التغيرات المناخية مع تأثيراتها أمرا حيوياً وجوهرياً، لاسيما مع ظهور تأثيراتها الواضحة، وتشير الدراسات الى بدء اتجاه جديد في دراسات المناخ، ولهذا عقدت مؤتمرات عدة شاركت فيها اغلب دول العالم لبحث اوجه التعاون والتوصل الى التخفيف من اثار التغيرات المناخية.

قمة الأرض

التقت جريدة “الصباح” بوكيل وزارة الصحة والبيئة لشؤون البيئة الدكتور جاسم عبد العزيز الفلاحي الذي لفت الى ان التغيرات المناخية اصبحت غير مقتصرة على النخب العلمية وانما تمس المواطن العراقي بكل مفاصل حياته فالطريق للتغيرات المناخية هو اتفاق عالمي اقره ساسة العالم في مؤتمر باريس في عام 2015 سمي باتفاق قمة الارض، وهدفه ضرورة  تحمل كل دول العالم مسؤولياتها اتجاه ظاهرة الاحتباس الحراري حيث  الزيادة مضطردة في ارتفاع درجات حرارة الارض نتيجة لزيادة انبعاثات الغازات الكاربونية الضارة الناجمة عن التكنولوجيا والنشاط الصناعي، الذي سيسهم بتدمير بيئة الارض، وبالتالي اصبحت هناك مخاطر جدية على استمرار الحياة على كوكب الارض، وهذا استدعى سلسلة كبيرة من العمل الجاد ابتدأ من اليابان في عام 1992 باقرار الاتفاقية الاطارية للتغيرات المناخية وبدأ معها وبعدها ومن خلالها جهد كبير جدا وقد انضم العراق الى الاتفاقية الاطارية رسميا  وتوج باتفاق باريس عام 2015 الذي وضع آلية للدول لكي تسهم في التخفيف من الانبعاثات الكاربونية بحلول عام 2035 -2050 وتقليل درجة حرارة الارض بمقدار درجة ونصف مئوية الى درجتين مئويتين، والزم اتفاق باريس  دول العالم بتخفيض درجة حرارة الارض أي كل دولة من دول العالم تتحمل مسؤولياتها حسب مقدار انبعاثاتها لذلك شارك العراق في هذا،  وما زلنا نتابع هذا الموضوع ضمن مهامنا السلمية وقد صنف العراق في مؤتمر باريس بكونه واحدا من اكثرخمس دول في العالم تاثرا وهشاشة في موضوع التغيرات المناخية.

اسباب التغيرات

 ولفت الفلاحي الى ان التغيرات المناخية في العراق اصبحت موضوعا مهما وخطيرا جدا خصوصا في هذه المراحل، ونحن الدولة الوحيدة في العالم التي اعلنت فيها عطل رسمية بسبب ارتفاعات غير مسبوقة بدرجات الحرارة، فقانون العمل العراقي يشير الى ان أي ارتفاع بدرجات الحرارة عن 50 درجة مئوية يستوجب تعطيل الدوام الرسمي لوجود تاثيرات سلبية على صحة المواطن، اما لماذا العراق؟ فالجواب لانه جزء من محيط اقليمي ومن اهم اسباب التغيرات المناخية هي زيادة في معدلات تدهور الاراضي وازدياد معدلات التصحر وقلة الغطاء النباتي، فكل دول العالم تسهم في زيادة غطائها النباتي، الذي يعد الرئة والفلتر الطبيعي من اجل الحفاظ على التوازن البيئي، ومع الاسف الشديد نجد هناك انحدارا وتراجعا كبيرا في الغطاء النباتي في كل العراق، وهذا نتيجة سلسلة من الحروب والازمات التي فرضت على الشعب العراقي، بالاضافة الى المواجهات الارهابية والى تجريف بساتين النخيل، التي حولت الى اراض سكنية، اضافة الى التعدي على المساحات الخضراء داخل حدود  المدن، وعدم الاهتمام بالواحات الصحراوية وقلة وجود التخصيصات المالية، لانشاء احزمة خضراء تحافظ على المدن من تاثير الرياح الرملية والغبارية، وهناك عامل آخر هو قلة المصادر المائية، فـ 90 % من الموارد المائية معتمدة على دول المنبع التي نعاني معها مشاكل عديدة مما حدى الى تشكيل اللجنة العليا للمياه، لان موضوع المياه له علاقة بالامن القومي والوطني للبلد اضافة الى الامن الغذائي، لذلك تم تشكيل فريق تفاوضي مع تركيا وايران واصبح موضوع المياه يحظى باهتمام كبير في البرنامج الحكومي، وهناك كذلك قلة في تساقط الامطار نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، واصبح العراق من الدول التي تعاني من شح الامطار، والسبب الاخر هو تقادم البنية التحتية كمشاريع الصرف الصحي ومشاريع المياه والخدمات والطرق والجسور، التي تعمل على زيادة الانبعاثات الكاربونية فعدد السيارات ازداد الى الضعف، وكذلك النشاط الصناعي في العراق لم يتوافق مع معايير التكنولوجيا  فالنفط الاسود ما زال يستخدم ويتم حرق الغاز المصاحب مع الانتاج النفطي وهو ثرو ة كبيرة، وكذلك الضائقة المالية التي اثرت في عمل الوزارات المعنية وعن تواجد النفايات بكثرة في بغداد واثرها اكد الوكيل انها مؤثرة بشكل كبير، اما رفعها فهو من اختصاص البلديات ونحن جهة رقابية فقط.

هشاشة التغير المناخي

معاون مدير المركز الوطني للتغيرات المناخية المهندسة سوزان كامل البناء تحدثت لـ”الصباح” قائلة : ان التغيرات المناخية ظاهرة عالمية ويؤكد التقرير العالمي لتوقعات البيئة ان العراق من اكثر الدول هشاشة امام التغييرات المناخية في المنطقة العربية، وبالاستناد الى مستويات درجات الحرارة والقياس العالمي لارتفاع درجات الحرارة هو نصف درجة مئوية بينما في العراق الارتفاع اكثر من  درجة ونصف الدرجة مئوية، ومنذ سبعينيات القرن الماضي وجد العلماء ان هناك ارتفاعا لغازات معينة في الهواء المحيط ادى الى زيادة احتباس درجات حرارة الشمس داخل محيط الكرة الارضية، وهذه الغازات  هي ستة من ضمنها غاز الكاربون وغاز الميثان الذي يعد اكثر الغازات احتباسا للحرارة، وهذه التغيرات نتجت عن التقدم الصناعي الذي اعتمد على الوقود الاحفوري الناجم عن حفر الارض لاستخراج النفط الذي لا يمكن الاستغناء عنه، والذي يعد احد مسببات انبعاث هذه الغازات، وبدأ العالم يتوجه الى كيفية تقليل انبعاث هذه الغازات والاستعانة بالطاقات المتجددة وهي صديقة البيئة منها طاقات الرياح والطاقة الشمسية ولكن اللجوء الى هذه البدائل يحتاج الى مبالغ كبيرة، مع العلم ان قطاعات الطاقة هي اكثر من كل القطاعات تشغيلا للايدي العاملـــــــة وعلينا كبلــــــــد يعتمد فـــي اكثر من 90 % من اقتصاده على النفط، ان نجد تنويعا لمصادر الاقتصاد الوطني منها تشجيع السياحة والاهتمام بالزراعة، وقدم العراق اثناء مشاركته في مؤتمر باريس عام 2015 وثيقة حازت على مصادقة الامانة العامة لمجلس

 الوزراء.

تاثيرات البنزين

وتحدث المهندس وليد علي حسين من قسم مراقبة الكيمياويات في وزارة الصحة والبيئة لـ”الصباح” موضحا تاثيرات مادة البنزين على البيئة وصحة المجتمع وهي رابع اثيلات الرصاص، المستعملة في تحسين البنزين، وتؤثر هذه المادة على صحة المجتمع لذا صار توجه وزارة البيئة الى الغاء استخدام هذه المادة ومنذ عام 2012 شكلت لجنة وزارية تهدف الى ايجاد بديل عنها  ومنذ 2012 لم تعط وزارة  البيئة موافقة لاستيراد هذه المادة، حيث كان العراق واحدا من خمس دول اخرى تستخدم هذه المادة الخطرة وقد ايد مجلس الوزراء توجهات البيئة وكانت وزارة النفط قد اعلنت في عام 2015 عدم استخدامها لهذه المادة المضافة لتحسين نوعية البنزين، وحضرنا اجتماعا مع منظمة الوقود النظيف وبرنامج الامم المتحدة للبيئة واعلن العراق دوليا بانه خارج الدول التي تستخدم هذه المادة الخطرة على البيئة ومن تاثيراتها هذه انها تسبب التخلف العقلي لدى الاطفال والعصبية المفرطة.

وبين حسين ان لجنة تشكلت من عدة وزارات لايجاد البديل ودرست اغلب البدائل العالمية ومن خلال عدة خيارات توصلت الى نتائج طيبة وتم اختيار المادة البديلة وهي  ثلاث مواد سيتم اختيار احدها والمشروع ما زال قيد الدراسة.

الصباح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*