الحكمة – متابعة: الطعام مهم جدا لمد الجسم بالطاقة والحيوية والفيتامينات اللازمة، لكن هناك أطعمة يقبل عليها الانسان، تؤدي به لمشاكل صحية، ولذلك لا بد من موازنة الأطعمة التي تدخل للجسم للحفاظ عليه.
وللصائم وضع خاص في الاطعمة التي يتناولها نتيجة لاقتصار طعامه على وجبتين بعد صيام 16 ساعة، وعليه في الساعات التي يحق له تناول الطعام لابد ان يكون غنيا بالفيتامينات الموجودة بالفواكه والخضار والالبان والكربوهيدرات والبروتينات والدهنيات، ولكن بنسب محددة، والمرضى لهم وضع خاص في رمضان وضحه المعنيون بقولهم:
الصيام والأمراض
الطبيب الاختصاص بالغدد الصم الدكتور عباس علي منصور يبين أنه “بالنسبة للمصابين بالامراض المزمنة (ارتفاع ضغط الدم والسكري) وتأثيرهما على صيام شهر رمضان، فليس هناك أي تأثير لمرضى ضغط الدم بعكس مرضى السكري، فهؤلاء بإمكانهم الصيام بحسب حالتهم المرضية، فالمرضى الذين يعتمدون حمية غذائية والادوية المنظمة للسكر يستطيعون الصيام ان كانت اعمارهم لا تزيد عن 65 عاما”.
ويضيف منصور “أما للمرضى الذين يتناولون عقاقير طبية تزيد من نسبة الانسولين سواء كانت بهيئة حبوب او حقن لمرة واحدة في اليوم فبإمكانهم الصيام، لكن ان زادت عدد مرات جرعات الدواء في اليوم الواحد فعندها يصبح قرار الصيام صعبا وقد يعرض المريض للخطر”.
ويتابع منصور أن “هناك حالات اخرى لا يشترط على المريض الصيام معها تتلخص في حالة المريض الذي تزيد نسبة السكر في الدم لديه عن 200 خلال الشهرين اللذين يسبقان رمضان، والمرضى الذين يعانون هبوطا متكررا في السكر”.
وتطرق منصور الى الخطأ الذي يقع فيه الكثير من الناس خلال الشهر الفضيل سواء كانوا من الاصحاء او المرضى:
“يعمد الكثير من الناس الى الاكثار من تناول الطعام خلال وجبتي الفطور والسحور بحجة طول ساعات الصيام وتعويض الوجبات التي الغيت، لكن الاصح هو تقسيم الوجبات وتوازنها بين الفطور والسحور، واعتماد وجبة خفيفة في السحور تتمثل في اللبن والخصار والفواكة مبتعدين عن الاكلات الدسمة، فالاسلوب الخاطئ الذي يعتمده العراقيون بصورة عامة ادى الى ازدياد نسبة الاصابة بالسكري حتى وصلت نسبته الى 30 بالمئة”.
التغذية في رمضان
المختصة في تغذية الانسان بمركز بحوث السوق وحماية المستهلك الدكتورة حمدية محمد الحمداني تقول بشأن الاشخاص الذين يعتزمون الصيام ويعانون امراضا مزمنة:
” يفترض في اي شخص لديه مرض مزمن مراجعة طبيبه للتأكد من وضعه الصحي واستعداده وقدرته على الصيام من عدمه، وما يقرره الطبيب المعالج هو الاصلح له دينياً وصحياً، هذا ولابد ان لا يقارن المريض نفسه بغيره في موضوعة قدرته على الصيام في رمضان، فالاجسام تختلف في قدرتها على التحمل، والامراض تختلف في شدتها، والادوية تختلف في اوقات تناولها والمدة بين الجرعات”.
وتضيف الحمداني أنه “في العموم الصوم مفيد لمرضى السكري فهو يقلل مستويات السكر بالدم ومعدله التراكمي Hba1c، واغلب مرضى السكري يستطيعون الصوم بلا مشاكل، ولكن ذلك يعتمد على نسبة ارتفاع السكر وتذبذبه ونوع الدواء، ففي الغالب الذين يستخدمون ادوية ضبط السكر في الدم (الحبوب) يستطيعون الصوم، ولكن هناك فئات اخرى تكون نسبة السكر لديهم غير مستقرة فأحياناً يرتفع وفجأة يهبط، او يعتمدون في علاجهم حقن الانسولين وغيرها من الحالات فأولئك يصعب معهم الصوم”.
اما عن التغذية المناسبة في شهر رمضان لمرضى السكر فتوضح الحمداني أنه”لابد من تناول وجبة خفيفة بين الافطار والسحور للوصول الى توازن غذائي بين الوجبتين، والاقلال من كمية الطعام خلال وجبة الافطار، حتى لا ترتفع نسبة السكر بصورة حادة، كما انه يجب تحديد كمية النشويات، وبالنسبة لوجبة السحور لابد ان تكون متوازنة بتجنب السعرات الحرارية المرتفعة، الزيوت والدهون، والاطعمة المالحة لتفادي العطش، والتأكيد على تجنب الاطعمة الغنية بالسكر”.
وتستطرد الحمداني:
“ان الوقت الحرج بالنسبة لمريض السكر هو الذي يسبق الافطار بساعة او ساعتين، ففي هذا الوقت يكون مستوى السكر منخفضاً لذا لا ينصح بأن يقوم المريض بإجهاد نفسه ولو بالمشي وايضا لا ينصح بالنوم بالذات ان كان بمفرده، اذ قد ينخفض السكر اثناء النوم فلا يتمكن من معالجة وضعه او الانتباه له من قبل الاخرين، هذا ويفضل ممارسة التمارين الرياضية او النشاط الجسماني بعد تناول وجبة الافطار بساعة او اثنتين، مع مراعاة عدم ممارسة تمارين او نشاطات رياضية مجهدة”.
وتتابع الحمداني بشأن مرضى ارتفاع ضغط الدم بقولها:
“لا يشكل الصيام خطرا على مرضى ارتفاع ضغط الدم غير الحاد، في الوقت الذي ينبغي على المصاب بارتفاع ضغط الدم مراجعة الطبيب المعالج لاجراء تعديلات على جرعات الدواء تبعا لاوقات الصيام”.
وتردف الحمداني:
“على مريض ارتفاع ضغط الدم تجنب الاطعمة التي تحتوي كمية كبيرة من الملح، والمخللات، والمقالي والاغذية عالية الدسم والدهون، واعتماد نسبة كبيرة في تغذيتهم على منتجات الحليب قليلة الدسم، مع التأكيد على تناول الخضراوات والفواكه كجزء اساسي في الوجبات وخاصة الرمضانية، هذا مع استبدال الحبوب الكاملة بدلا من انواع النشويات الاخرى، والتركيز على الدهون المفيدة والاحادية غير المشبعة مثل زيت الزيتون، ولضمان الحفاظ على توازن الجسم لابد من تأجيل وجبة السحور والدواء الى ما قبل الامساك بمدة قليلة”.
ولخصت الحمداني ما يتعرض له جسم الانسان الصائم في رمضان بقولها:
“يستهلك جسم الانسان اثناء الصوم بداية مخازن السكريات التي تتواجد بالأساس في الكبد، في سبيل الحصول على الطاقة، هذه المخازن تكفي لمدة 12 ساعة فقط، من ثم يبدأ الجسم باستخدام الاحماض الدهنية من مخازن الدهون في الجسم، تزود هذه الأحماض الجسم بالطاقة المطلوبة لنشاط الجسم”.
نصائح رمضانية
مدير معهد بحوث التغذية في وزارة الصحة الدكتور حسين شعلان يوضح:
“الغذاء الصحي في رمضان لابد ان يكون عادة للجميع الاصحاء منهم والمرضى، ولابد من تقسيم وجبة الافطار الى وجبات لتفادي امتلاء المعدة بوجبة دسمة تؤدي الى التخمة، فنبدأها بالتمر واللبن قليل الدسم، ونلجأ الى قسط من الراحة لتهيئة المعدة لاستقبال الوجبات الاخرى لتكون الثانية الحساء وبعدها الوجبة الرئيسة التي يفضل ان تكون خضارا مطبوخا او مسلوقا سهل الهضم، ولا يتناول الماء خلالها تجنبا لتخفيف سائل المعدة الذي يؤثر في عملية الهضم، ويفضل ان يكون شرب الماء في المدة المحصورة بعد الافطار والى السحور بمقدار ثمانية اكواب”.
ويضيف شعلان:
“لابد ان يكون هناك فرق بتوقيت وجبتي الافطار والسحور والتي لابد ان يتناول فيها الصائم الاغذية المتوسطة الهضم كالبيض واللحم والبقوليات، مع ضرورة تقليل تناول الملح في وجباته خلال هذا الشهر والمتواجدة بكثرة في المخللات والمكسرات التي تضر الصائم بصورة عامة ومرضى ضغط الدم بصورة خاصة”.
وتطرق شعلان الى عادات غذائية خاطئة في رمضان ومنها:
“تناول الاطعمة المليئة بالسكريات والدهنيات فهي تضر بالاصحاء فتؤدي بهم الى السمنة وتأثيرها بالغ على مرضى السكري، مع الانتباه الى تجنب المشروبات الغازية فهي المسؤولة عن هشاشة العظام وفقر الدم، ناصحا الصائم بضرورة التقليل من احتساء كميات كبيرة من الشاي والقهوة واضافة البهارات الى مأكولاتهم، فالاولى والثانية تسبب فقر الدم والاخيرة الى تهيج بالجهاز الهضمي ونوع من عسر الهضم”.
ويتابع الشعلان:
“نلاحظ ان هناك اهمالا ملحوظا للفواكه والخضر في رمضان، اذ لابد للصائم من تناول اربع قطع منها اثناء فترة الافطار والى السحور وتوزيع مشتقات الحليب بين الوجبتين”.