جرح الإمام علي (عليه السلام)

610

بعد التحكيم الذي جرى في حرب صفين تمردت فئة على الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وسمّيت هذه الفئة الخوارج، واعطاهم الإمام ( عليه السلام ) الفرص الكثيرة ليعودوا إلى رشدهم لكنهم استمروا في غيّهم وقاموا بتشكيل قوة عسكرية واعلنوا استباحتهم لدم الإمام علي ( عليه السلام ) ودماء المنتمين إلى عسكره، واستعدوا لمنازلة جيش الإمام، فقاتلهم الإمام، وقضى عليهم في معركة النهروان.

وكان جماعة من الخصوم ـ الذين يؤيدون الأفكار المنحرفة للخوارج ـ قد عقدوا اجتماعاً في مكة المكرمة، وتداولوا في أمرهم الذي انتهى إلى أوخم العواقب، فخرجوا بقرارات كان أخطرها اغتيال أمير المؤمنين ( عليه السلام )، وقد أوكل أمر تنفيذه للمجرم الاثيم عبد الرحمن بن ملجم المرادي، وفي صبيحة اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك عام 40 هـ امتدت يد اللئيم المرادي إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إذ ضربه بسيفه في صلاة نافلة الفجر في مسجد الكوفة الشريف، بينما كانت الأمة آنذاك تتطلع إلى النصر على قوى البغي والضلال التي يقودها معاوية في الشام.

لقد بقي الإمام علي ( عليه السلام ) يعاني من تلك الضربة اللئيمة ثلاثة أيام، عهد خلالها بالإمامة إلى ولده الحسن السبط ( عليه السلام )، وطوال تلك الأيام الثلاثة كان ( عليه السلام ) يلهج بذكر الله والرضا بقضائه والتسليم لأمره، كما كان يصدر الوصيّة تلو الوصيّة، داعياً لإقامة حدود الله عزّوجل، محذراً من الهوى والتراجع عن حمل الرسالة الإسلامية وبهذه المناسبة نقتطف جزءً من وصيته التي خاطب بها الحسن والحسين ( عليهما السلام ) وأهل بيته وأجيال الأمة الإسلامية في المستقبل:

((كونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً. أوصيكم، وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي، بتقوى الله، ونظم أمركم، وصلاح ذات بينكم …. الله الله في الأيتام… الله الله في جيرانكم…. الله الله في القرآن …. الله الله في بيت ربكم، لا تخلوه ما بقيتم … الله الله في الجهاد بأموالكم وانفسكم وألسنتكم في سبيل الله وعليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم والتدابر والتقاطع، لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم …. )) .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*