الحكمة – متابعة: ازداد استهلاك الطاقة في العالم منذ عام 1965 بمقدار 3.5 مرة، مع العلم أن 70% منها من النفط والغاز والفحم، ما يؤدي إلى تلوث كوكبنا وإصابته بالاحتباس الحراري وتغير المناخ.
وبات العلماء يفكرون في اختراع مصادر غير تقليدية وفعالة من الطاقة، فتوصلوا إلى أن المحطات النووية الحرارية من تلك المصادر الواعدة.
وقد اخترع العلماء السوفيت في خمسينيات القرن الماضي أول مفاعل نووي حراري أطلقوا عليه “توكوماك”، من شأنه تخليق نوى العناصر الكيميائية وإنتاج البلازما التي يمسكها طوق من الملفات الكهرومغناطيسية. لكن المشكلة تكمن في أن عملية التخليق النووي الحراري تحتاج إلى طاقة كبيرة جدا. واتضح أن الطاقة المتحررة تقل عن الطاقة المستهلكة.
وقرر علماء من روسيا وأمريكا وأوروبا واليابان والصين والهند وكوريا الجنوبية، عام 1988، حل تلك المشكلة عن طريق إنشاء مفاعل نووي حراري اختباري (ITER) في فرنسا بالقرب من مدينة مارسيل، لتخليق نوى الديوتيريوم والتريتيوم، ما سيؤدي إلى تحرر طاقة هائلة وإبقاء الهيليوم الثابت الذي لا يشكل أية خطورة.
لكن إنشاء المفاعل لم يبدأ إلا بحلول عام 2007 عندما أبرمت برلمانات كل الدول المشاركة اتفاقية بهذا الخصوص.
وسيتم نصب مفاعل وزنه 449 ألف طن في حفرة كبيرة على 449 عمودا. ويبلغ ارتفاع المفاعل 30 مترا.
ويتم تصنيع معظم مكونات المفاعل في بلدان أخرى. وتقوم روسيا على سبيل المثال بتصنيع 25 عنصرا وملفا مغناطيسيا واحد من أصل 4 ملفات.
وقال رئيس إدارة الهندسة في المشروع، ألكسندر أليكسييف، إن عملية إنشاء المفاعل ستنتهي عام 2025، على الرغم من كل المشاكل التي تواجهها.
وستجري فيه أولا عملية تسخين الهيدروجين. وبحلول عام 2035 سيبدأ المفاعل بإنتاج الطاقة من الديوتيريوم والتريتيوم حيث ستبلغ درجة حرارة البلازما 150-300 مليون درجة مئوية، ما سيزيد 10 أضعاف عن درجة الحرارة داخل نواة الشمس. وسيزيد إنتاج الطاقة 10 أضعاف على أقل تقدير عن استهلاكها.
ويشهد المفاعل النووي عملية تقسيم نوى العناصر الكيميائية. أما عملية التخليق النووي الحراري، فتتطلب اندماج النوى، ما يؤدي إلى تحرر طاقة هائلة.
وقام علماء الفيزياء في خمسينيات العام الماضي في الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة بإجراء مثل هذه العملية، ما أدى إلى اختراع القنبلة النووية الحرارية.
وتكمن المشكلة الرئيسية التي يواجهها العلماء عند التخليق النووي الحراري في درجة الحرارة الهائلة التي يسخن بها الوقود، والتي لا يمكن أن تتحملها أي مادة، وتجري ظاهرة تشبه تلك في الشمس.
لذلك يحاول العلماء إبعاد الوقود قدر الإمكان عن جدران المفاعل النووي الحراري، وذلك بواسطة حقل مغناطيسي فائق الشدة. ولهذا السبب تلعب الملفات المغناطيسية دورا لا يستغنى عنه أثناء إنشاء أي مفاعل نووي حراري.