الإمام علي عليه السلام في الفكر الإستشراقي العالمي

650

الإمام علي عليه السلام في الفكر الإستشراقي العالمي
محمد عبد علي حسين القزاز

جامعة الكوفة /مركز دراسات الكوفة

الملخص

الحمد لله القادر على كل شيء، يحي ويميت وهو الباقي بعد فناء كل شيء،والصلاة والسلام على أشرف أنبياء الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.الحمد لله الذي يفعل مايشاء ولا يفعل مايشاء غيره،الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله،والصلاة والسلام على أشرف أنبياء الله محمد وعلى آله الأشراف الأطهار .

أما بعد

البحث يهتم بإبراز آراء وأفكار ومواقف رواد مدارس حركة الأستشراق العالمية اتجاه عبقرية الأمام علي (عليه السلام) وفكره النير بدراسة مبسطة وواضحة، من خلال مبحثين الأول يختص بدراسة هذه الأفكار الأستشراقية الخاصة بالفكر الأستشراقي الغربي والثاني يختص بفكر المفكرين والأدباء العرب المعاصرين ، ويتضمن البحث الخاتمة وقائمة الهوامش والمصادر.

المقدمة

الأمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو في الحقيقة والتاريخ واحد، سواء عرفناه أم لم نعرفه،فالتاريخ والحقيقة يُذعنان بأنّ له ضميراً حيّاً وقهّاراً، وأبوالشهداء والأحرار،وهو صوت العدالة الإنسانية، وشخصية الشرق الخالدة.

من جل اهتمام حركة الأستشراق العالمي هو الاهتمام بدراسة شخصية وخطب الأمام (عليه السلام)،اليوم وبعد أربعة عشر قرناً من عهده،يحافظ كلامه على نفس الحلاوة والطلاوة، ونفس القدرة في تحريك العواطف والأحاسيس،تلك التي كانت له في عهده،رغم كل ما حدث من تحول وتغيير في الأفكار والأذواق والثقافات لأن كلماته لا تحدّ بزمان أومكان،بل هي عالمية الوجهة،إنسانية الهدف، من حيث أنها تتجه إلى كل إنسان في كل زمان ومكان.

ما زالت المواقف على حالها ليومنا هذا توجه أصابعها لعبقرية الأمام علي(عليه السلام) مليئة بالشك والحقد اتجاه فكر الأمام علي (عليه السلام) وعلمه،وتخطيه حدود الزمان والمكان بحيث أصبح فكراً خصباً للباحثين العالميين الغربيين والشرقيين والمستشرقين،من هنا جاءت عالمية الأمام علي (عليه السلام) لما في تلك الشخصية الفريدة من معاني الصدق والحكمة.

المبحث الأول – أفكار ورؤى الفكر الأستشراقي الغربي اتجاه شخصية الأمام علي(عليه السلام)

كان لنهج الإِمام علي (عليه السلام) في الفكر الأوروبي،مدى أعجاب وتأثر الكثير من هؤلاء المستشرقين والأدباء والفلاسفة الأوربيين بالنهج الآلهي والرباني للأمام وأثره الكبير أيضا على تيارات الفكر الأوروبي،وكذلك الحال بالنسبة للتيارات الفكرية الإنسانية في أوربا وأمريكا.

وعندما نقول ذلك،فنحن لا نمنن الأوروبيين ولا الأمريكيين بذلك،لأن الإِمام علي (عليه السلام) في نهاية المطاف،إمام كوني وليس إماماً مُقتصراً في إمامته على المسلمين فحسب.

من أكثر النقاط صعوبةً هي تلك التي تتعلق بوجهات نظر المستشرقين عن الإسلام،البعض منهم كان غامضاً في آرائه وفي تقييمه للأمور،والبعض منهم أيضاً كان يستعين بمصادر ومراجع إسلامية ليس لها وجود أساساً، وهذا ما كان يفعله “مرججليوث” و” غولدتزيهر”و” لامانس” وغيرهم .

أما الصنف الأخير،فهو فهم تلك المجموعة المتميزة من المستشرقين الذين حاولوا جاهدين أن يكونوا منصفين في أطروحاتهم الفكرية وفي تحليل وتقييم الأحداث الإسلامية وفي دراسة ونقد الشخصيات الإسلامية الهامة التي لعبت دوراً بارزاً في تاريخ الرسالة سواء كان ذلك الدور سلبياً أم إيجابياً [١] .

لم تنفرد دراسة مختصة في شخص الإِمام علي (عليه السلام) عند المستشرقين الغرب، حيثُ إن الدراسات الاستشراقية التي تناولت هذه الجوانب من شخصية الإِمام علي (عليه السلام)،كانت ضمن كتابات المستشرقين في التاريخ العام للإسلام والخاص في أحداث السيرة النبوية،وهذه الدراسات كانت تعكس وجهات نظر ايجابية وسلبية .

ذكر المستشرق “كارليل” واصفاً الإِمام علياً (عليه السلام) بأنه أول من آمن بدعوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)،منذ إن كان عمره الشريف سبع سنوات آمن بالدعوة وقد كرمه الله بأنه أول مسلم لم تنجسه الجاهلية ، قاله الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم) “إن هذا أخي ووصي من بعدي ” [٢] .

المستشرق الانكليزي ” روم لاندوR. Landau ” ذكر أن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عمل على نشر دعوته بين أصدقائه المقربين وأنسابه وذلك بعد نزول الآيات الأولى من القران الكريم.وكان فيهم الإِمام علي (عليه السلام) ابن عمه وصهره،(رضي الله عنه) خليفته الأول.كما وصف (لاندو) الإِمام عليا (عليه السلام) بأنه:رمز التجسد عند الشيعة [٣] .

المستشرقة البولونية ” يوجيناغيانه” قالت عن الإِمام علي (عليه السلام) بأنه رابع الخلفاء الراشدين وهو أول من اسلم من الصبيان،وكان أول قاض ولاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) القضاء في اليمن، وقد تربى في بيت النبوة وانتشرت أحكامه وفتاواه [٤] .

أشار” كونسلمان” إلى ذكر حادثة مبيت الأمام الإِمام علي (عليه السلام) في فراش النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال في هذا الصدد:”فكان علي قد رقد في سرير النبي وكله ثقة بكلام الرسول،ولقد نام ليلة آمنة بعد وعد محمد (صلى الله عليه وسلم) له بأنه لم يمسه سوء” [٥] .

مستشرق آخر جعل من شجاعة الإِمام علي (عليه السلام) وأيمانه وتفانيه في الدفاع عن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) السبب في موافقته على زواج الإِمام علي (عليه السلام) من ابنته فاطمة (عليها السلام) التي عدها هذا المستشرق بأنها واحدة من أربعة نساء في العالم لا يباريهن احد بالتقوى وهن امرأة فرعون ومريم العذراء وخديجة الكبرى وفاطمة الزهراء (عليها السلام) [٦] .

من الدروس التي أستوعبها الفكر الأوربي والأمريكي عن الإمام علي (عليه السلام) على سبيل المثال،شيئاً يسيراً يتعلق بالأديب والمفكر والفيلسوف الأمريكي” إمرسون” الذي كان بمثابة الأب الروحي لعملية استقلال أمريكا عن بريطانيا العظمى،فقد كان هذا الفيلسوف الأمريكي “١٨٨٢م-١٨٨٣م” شديد التأثر بمبادئ الإمام علي (عليه السلام) الإنسانية وبمنظومته الفكرية الشاملة،وقد حاول أن ينقل شيئاً من أفكار ومبادئ الإمام علي (عليه السلام) إلى عقول وقلوب الشعب الأمريكي من خلال مقالاته وقصائده ومؤلفاته الفكرية الأخرى.

إن هذا الفيلسوف الأمريكي ” إمرسون ” الذي كان يؤمن أن كل إنسان هو باب ومدخل إلى العقل الكوني،كان على صلة وثيقة بالإمام الكوني وبكل كلمة من كلماته الخالدة،وقد صرح بذلك في مقالة له بعنوان ” الذات الحق “.

عندما اطلع ذلك الفيلسوف الأمريكي على كلمات حكيم الإسلام علي (عليه السلام) تغير فكره وكيانه، وكانت الومضة المضيئة لحياة هذا الرجل،ومن الجدير بالذكر أن ” إمرسون”هذا كان بالإضافة إلى كونه فيلسوفاً وشاعراً وأديباً،كان أيضاً رجل دين عالي المقام في ” كنيسة بوسطن الموحدة”.وبالرغم من احترامه وتقديره لديانته وعقيدته المسيحية وللسيد المسيح (عليه السلام)، إلا إنه لم يقبل أن يفرض على عقله أي حصار أو حجرٍ فكري بحيث يمنعه من تقبل أي فكر نيّر يمكن أن يأتيه من الخارج. وعن هذه النقطة بالتحديد يشير الباحث الأمريكي”يان ريشار”إلى حقيقة إن المسلمين الحق، سليمي النية،يتخذون من علي(عليه السلام) نموذجاً، كما لوأنه،حتى في القرن العشرين،لا يزال أمثل صورة للنظام الإسلامي السياسي.

يؤكد الباحث “ريشار “على أن نهج الإمام علي(عليه السلام) ورسالته الأخلاقية النبيلة قد استمر بعدهُ من خلال ابنه الإمام الحسين (عليه السلام)،ولذلك، فإن “ريشار” يرى أن الإمام علي (عليه السلام)،والإمام الحسين (عليه السلام)،حاربا الظلم والعنف لدى الأمويين، الذين كانوا ينسون الفضائل الاجتماعية والأخلاقية للرسالة الإسلامية،ويمارسون التحيُّز والمحاباة للأقرباء والأنصار، ممارسة شاملة .

المستشرق الفرنسي ” الفريد جيوم A.Guillaume ” قد خص موضوع زواج الإِمام علي (عليه السلام) من السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بقوله: ” وتزوجت فاطمة علياً، وتزوجت أم كلثوم عتبة،وأهم هذه الزيجات هو زواج فاطمة بعلي.

إذ إن أحفاد الرسول من هذا الفرع يبجلون بصفة خاصة،كما إن الشيعة ينظرون إلى سلالة علي وفاطمة على إنهم الورثة الحقيقيون للخلافة، بما يستتبعه هذا المنصب من ميزات دينية ودنيوية” [٧] .

المستشرق الفرنسي “هنري ماسيه “Masse.H عبر عن دور الأمام علي(عليه السلام) وصفاته ولا يزالان، موضع مناقشة.

فالبعض يعده شجاعاً والبعض الآخر يعده كرجل عادي جداً وعلى كل حال فان سياسته معتدلة كسياسة جميع أفراد ذريته, وحبه للسلم قد أضاعه كما أضاع كثيرين من غيره فقد ترك ملكه ينتزع منه بسبب التشدد وعدم المهارة ولكن صفات الفارس المنزه عن الخوف واللوم والمزاج المثالي الذي أسبغه التقليد عليه،والشقاء الذي أرهقه بدون أن يضاف إلى ذلك المآسي التي حاقت بذريته.

إن كل هذا الأمر قد ظفر له إكليل شهيد ويجب أن لا نندهش من الإِسلام الشيعي الذي يعتبره قديساً ، بينما الصوفيون يحيطونه بحبهم وبعض الهراطقة يذهبون غالى تأليهه [٨] .

أكد المستشرق الألماني “شتورثمان R.Strothmann” عندما حاول الربط بين التوقيت الذي ظهرت به الشيعة السياسية وبين المطالبة بان يكون الإِمام علي (عليه السلام) خليفة للرسول،عن رأي بعيد كل البعد عن الحقيقة التاريخية، وهو إن الشيعة نظروا إلى الصحابة الذين بايعوا الخليفة أبا بكر على إنهم مرتدين.أشار (شتورثمان)عن رأيه:”وأقدم وقت قامت به الشيعة السياسية وبعبارة أدق شيعة علي هومنذ وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)،أما إذا أخذنا بروايات الشيعة، فان الشيعة الأولى،كانت تتألف من ثلاثة أشخاص:هم سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود الكندي،فهؤلاء فيما يزعم الشيعة كانوا وحدهم،وبعض الروايات تذكر أسماء أخرى قليلة الذين دعوا بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أن يكون علي (عليه السلام)هوخليفة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، أي إنهم في رأي الشيعة لم يرتدوا عن الدين،وذلك إن مبايعة سائر صحابة النبي لأبي بكر عدت في نظر غالبية الشيعة “ردة” [٩] .

ويذهب المستشرق ” فلهوزن” إلى الاعتقاد بان أهل البيت(عليهم السلام) يمتلكون علما غزيرا مستمدا من علم النبوة،وقد أوضح اعتقاده هذا خلال حديثه عن يوم المباهلة الذي قال فيه:” ولهذه المحاكمة المباهلة التي فيها إظهاره الوحيد لإخلاصه المطلق،جمع النبي أهله الخمسة الذين دثرهم بدثاره وهم حفيداه وابنته وزوجها، رهائن على إيمانه برسالته النبوية.

ومنذ ذلك الحين تحول عند بعض صحابة النبي ما كانوا يحملون من مودة نحو الخمسة إلى حب عباده ” [١٠] .

المستشرق “يان ريشار” يؤكد أفضلية الإِمام علي (عليه السلام) دون غيره للخلافة، بقوله:”إذا نظرنا إلى عامة المسلمين،وجدنا إن عليا هو النموذج الأمثل للحاكم الواعي والملهم،وفي الأصل فانه كان يقوم بما يشبه وظيفة الوزير في حكومة النبي،وكان قويا كالأسد،ومسلحا بسيفه ذوالفقارالذي كان له حدان،ولكنه تحول بحكم الايدولوجيا المناضلة إلى شهيد في سبيل العدالة.

وحقا فانه كان في وسعه أن يثور على تعيين الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه. وعلى العزل الكامل الذي وضعه في عثمان،وكان بوسعه أن يحتال على معاوية، كمقدمة لإضعافه أي موالاته أولا،للهجوم عليه فيما بعد بصورة المفاجأة وكان بإمكانه أن، يتجاوز بالحيلة،ما علق في رؤوس الرماح من وريقات القرآن،في معركة صفين،واستخدم تفوقه العسكري فيها حتى النهاية” [١١] .

الفيلسوف الإنكليزي “كارليل” تأثر بشكل كبير بفكر ونهج أمامنا علي (عليه السلام) حيث يُشير في كتابه “محمد المثل الأعلى” ص٣٤” والذي قام بتعريبه الدكتور “محمد السباعي” بقوله “أما علي فلا يسعنا إلا أن نحبه ونعشقه، فإنه فتى شريف القدر، عالي النفس، يفيض وجدانه رحمة وبراً،ويتلظى فؤاده نجدة وحماسة، وكان أشجع من ليث، ولكنها شجاعة ممزوجة برقة، ولطف، ورأفة، وحنان”.هذه عقيدة الفيلسوف الإنكليزي المسيحي في الإمام علي(عليه السلام) إنه يؤكد أن حب علي(عليه السلام)،أخذ من قلبه كل مأخذ ولكن، لماذا؟ لقد أكبره وأحبه لأنه وجد فيه الصفات الرفيعة المتألقة بأقداس الإنسانية، فعلي(عليه السلام) قد استوى على قمة العظمة البشرية عِلماً ومكارمأً وأخلاقاً وفضائلاً وعلي يحتل الدرجات العُلى حَسَباً ونَسَباً وشَرفاً، فهوهاشمي أباً وأماً والهاشميون ذؤابة المحامد في قريش خاصة والعرب عامة [١٢] .

من المفكرين الأجانب الذين أحبوا بشكل كبير شخصية أمامنا (عليه السلام) هو المفكر والفيلسوف الألماني “غوته” فإن النمط الفكري ” لغوته ” والآثار الفكرية الهائلة التي خلفها وراءه قد فتحت أبواب الثقافة على مصراعيها أمام أدباء ومفكري أوروبا المسيحية كي يعيدوا حساباتهم عن الإسلام وعن رسالة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)،ومن ثم أن يحسنوا ظنهم بالرسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي جاء ليخرج الناس جميعاً من كهوف الظلام إلى مرابع النور والضياء .

يصف “غوته” الإمام علياً (عليه السلام) في كتابه (الشعر والحقيقة) بالمؤمن الأول بالرسالة السماوية إلى جانب السيدة خديجة(عليها السلام) زوجة الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويصف غوته ذلك الإيمان المبدئي من الإمام علي (عليه السلام) بأنه الانحياز الكلي والمطلق إلى رسالة الرسول (محمد صلى الله عليه وآله وسلم) [١٣] .

من الجدير بالذكر الإشارة بكل فخر واعتزاز أن الكاتب الألماني غوته قد ألف مسرحيةً قصيرة تفيض رقة وعذوبة،وتتناول تلك المسرحية دور الإمام علي (عليه السلام) الإيماني إلى جانب زوجته الزهراء فاطمة (عليها السلام) بنت الرسول محمد (صلى لله عليه وآله) في محاولتهما الصادقة والدؤوبة لجعل الدين الجديد ينتشر خارج حدود القبيلة والعشيرة.

ولا بأس هنا في أن نذكر شيئاً منها،كما ذكرتها الأستاذة ” كاترينا مومزن ” أستاذه الأدب الألماني في جامعة ستانفورد الأمريكية في كتابها القيم “غوته والعالم العربي “.

قبل أن تذكر الأستاذة “مومزن ” تلك المسرحية الموضوعة على لسان الإمام على وفاطمة الزهراء (عليهما السلام)،هذين المؤمنَين والمبشَرين بقوة الرسالة الإسلامية القادمة بعزم وإصرار،فقد علقت على تلك المسرحية القصيرة بقولها إن تلك المسرحية ” تصور النبي بوصفه هادياً للبشر في صورة نهر يبدأ بالتدفق رقيقاً هادئاً، ثم لا يلبث أن يجيش بشكل مطرد ويتحول في عنفوانه إلى سيل عارم،وهي تصور اتساع هذا النهر وتعاظم قوته الروحية في زحفه الظافر الرائع ليصب أخيراً في البحر المحيط ، رمز الإلوهية “، وجاءت هذه المسرحية على شكل حوار يدور بين السيدة فاطمة (عليها السلام) ابنة النبي (صلى الله عليه وآله)، الحبيبة وزوجها علي(عليه السلام) الصحابي الشجاع [١٤] .

أشار السكرتير العام لكتلة نُوّاب الوسط في مجلس الشيوخ الفرنسي ومدرّس مادة ” الإستراتيجيا” في جامعة السوربون الأستاذ “فرانسوا توال”، من انّ الإسلام بمفاهيمه الرّوحية والعقائدية، بما في ذلك التوصيات العلمية التي يدعوإليها،لن يُفهم على حقيقته من قبل الغرب ما لم يَقرأ الغربُ الإسلام الحقيقي وينهل من نبعه الأساسي المتمثّل بفكر أهل بيت النبوّة(عليهم السلام)،ذلك الفكر المعروف في الغرب باسم “الفكر الشيعي أوالمذهب الشيعي”، ويشير إلى أن العالم الإسلامي سيبقى غير مفهوم للغرب بشكله السياسي أو بشكله الاجتماعي الصحيح أوبشكل حوار الأديان إذا كان الغرب لا يعرف التشيُّع.

فالتشيُّع هو البوّابة الرحبة للحوار السلمي بين الأديان والحضارات.

أشار البطريرك ” إلياس الرابع “، البطريرك الأسبق للروم الأرثوذكس في إنطاكية وسائر المشرق.

ومن المعروف عن البطريرك المذكور عمق ثقافته وموسوعيتها، هذا بالإضافة إلى اهتمامه الكبير والمتميز باللغة وبالأدب العربي تحديداً،حيث أشار على إن كل مثقف عربي، وكل كاتب عربي،وكل شاعر عربي،وكل خطيب عربي مدين للإمام علي (عليه السلام) ولايمكن أن يكون الكاتب عربياً أصيلاً إن لم يقرأ القرآن ونهج البلاغة قراءات عميقة متواصلة.

أشار المستشرق الفرنسي “هنري كوربان ” إلى أهمية كتاب (نهج البلاغة) وأنه يأتي في الأهمية بعد القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة،ليس على المستوى الإسلامي الشيعي فحسب،بل على المستويين الإسلامي والعربي عموماً.

ولذلك ممكن القول إن الكثير من المفكرين والأدباء والباحثين يؤمنون اليوم أن كتاب(النهج البلاغة) من الآثار اللغوية والبلاغية العظيمة للإمام علي (عليه السلام) الذي أعطى اللغة العربية صيغتها النهائية وألبسها ثوب البلاغة البديع .

هناك عدد من المستشرقين أو الأدباء الغربيين الذين هاجموا الإسلام ورسالته،وركزوا هجومهم على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى خليفته الشرعي الأمام علي (عليه السلام)،كما هوالحال عند الشاعر الإيطالي ” دانتي “الذي يعتبر كمثال ونموذج لأولئك المتحاملين على الإسلام وعلى رموزه الحقيقة،وهناك العديد من المفكرين والأدباء والباحثين المسيحيين الذي دافعواعن الإسلام وعن رسالته الإنسانية التي حرص النبي محمد (صلى الله وعليه وآله وسلم) على تبليغها بصدقٍ وأمانةٍ على أكمل وجه [١٥] .

انساق المستشرق الألماني ” كارل بروكلمان”وراء الروايات الضعيفة التي حاول واضعوها النيل من الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)،بابتعادهم عن الحقائق التاريخية ، فقال “بروكلمان” : ” ألحَّ المرض على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واشتد، فصار يهذي في حال وعيه، حاول أن يملي وصيته الأخيرة ، ولكن عمر رأى من الخير أن يمنعه من ذلك خشية أن يكون في صدور بعض الأوامر عن النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] في تلك الحال التي لا تساعد على التفكير الصافي،ما يهدد بالخطر قضية المسلمين ” [١٦] .

ذكر المستشرق الفرنسي “سيديو” بان النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يضع نظاما لخلافته،مما أدى بالأطراف الطامحة لنيل الخلافة تفسير سكوته لمصلحة كل منهم،إلى الحد الذي دفع بعضهم إلى الاعتقاد بان النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قصد بعدم تعرضه لأمر خلافته أن يكون صهره وابن عمه علي ابن أبي طالب (عليه السلام) خليفة له،وأضاف “سيديو” بان الإِمام عليا (عليه السلام) خشي أن يعارض نتائج ما آلت إليه الخلافة لحداثة سنه ولذلك لم يبرز في الميدان ، وتابع ” سيديو” ذكر أحداث خلافة أبي بكر،وادعى أن المصلحة العامة هي التي أملت على الخليفة أبي بكر استخلاف الخليفة عمربن الخطاب الذي بدوره قد عهد إلى خمسة من الصحابة لانتخاب الخليفة من بينهم،وأقصي الإِمام علي (عليه السلام) من الخلافة بـ (خدعة) ولم يتم اختيار الأجدر بها في سنة ٦٤٤م [١٧] .

المستشرق الفرنسي ” رسلر “.s.Restlerأشار بان الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل وفاته لم يعين أحدا خليفة له ، وحدث ما يحدث عادة حينما تصبح عملية اختيار الحاكم مرهونة بالموافقة الشعبية،فتشكلت أحزاب مختلفة،يعارض بعنف بعضها البعض، وأشار “رسلر” إلى احد هذه الأحزاب الذي اسماه بحزب الصحابة المهاجرين وحزب الأنصار الذين وصفهم بأوفياء الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)،وأضاف لهم حزبا آخرا اسماه بالمدافعين عن الحقوق الشرعية،المعارضون لمبدأ التعيين بالانتخاب،أنصار الحق الإلهي الذين تمسكوا بالإِمام علي (عليه السلام) بوصفه احد السابقين إلى الإِسلام وزوج السيدة فاطمة (عليها السلام) [١٨] .

المستشرق الألماني” شاخت ” أثار انطباعا خاصاً حول ضرورة استخدام الإِمام علي (عليه السلام) القوة في سبيل الاحتفاظ بالخلافة،إذ يقول شاخت:” من الصعب وصف علي بن أبي طالب بعد البيعة التي حازها انه صاحب سلطة،إذ كان عليه أن يحاول انتزاعها،إذا قرر أن تلك السلطة هي امتداد لما تمتع به سابقوه التي تجد جذرها المعتقدي انطلاقا من اعتبار انه لا يوجد إلا اله واحد وقانون الهي واحد،ويجب أن يكون هناك حاكم أعلى واحد على الأرض يمثل الله ويطبق القانون” [١٩] .

المستشرق “بترسن” وضح الظروف التي مهدت لنشوء الصراعات في المجتمع الإِسلامي وآثارها في طبيعة المشاكل التي دارت بين الإِمام علي (عليه السلام) ومعاوية بن أبي سفيان،وكان في مقدمة تلك الظروف هو مقتل الخليفة عثمان.

لقد وصف”بترسن”مقتل الخليفة عثمان بأنه حدث مهم جدا وكان بداية لعهد جديد في التاريخ الإِسلامي،وعبر عنه بوصفه فتنة لم تقتصر آثارها على حدوث سلسلة النزاعات والصراعات المؤلمة والعنيفة في السنوات التي أعقبت حدوثها وإنما أدت إلى الانقسام الدائمي للمجتمع الإِسلامي ليتحول فيما بعد إلى فرق متشاحنة فيما بينها يصعب المصالحة بينها [٢٠] .

المستشرق البلجيكي “هنري لامنس ١٨٦٢م -١٩٣٧م Henri Lammens”، وكان راهبا يسوعيا شديد التعصب ضد الإِسلام، ويفتقر إلى النزاهة في البحث وعدم الأمانة في نقل النصوص وفهمها،ويعد من النماذج التي لا يحتذى بها من الباحثين في التاريخ الإِسلامي.

إن الأفكار المغرضة التي تبناها “لامنس” عديدة من بينها،إن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كان طفلا فقيرا مجهول المولد ، تبنته أسرة عبد المطلب [٢١] .

كان دليل “لامنس” على فكرته هذه هوقول القران الكريم:”الم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالاً فهدى ، ووجدك عائلا فأغنى” [٢٢] .

المبحث الثاني- أفكار ورؤى قادة الفكر والأدب العربي اتجاه شخصية الأمام علي (عليه السلام)

تناول الإمام بالدراسة كبار المؤرخين والفلاسفة والكتّاب في العصور الإسلامية، وأشاد الشعراء الكبار بفضائله.كما تناولته الكتب التاريخية الحديثة،وأشاد به كبار الكتّاب في العصر الحديث من أمثال “عباس محمود العقاد، وجورج جرداق، وعبد المسيح لأنطاكي، وعبد الرحمن الشرقاوي،ومحمود شلبي،ومحمد رواس قلعه جي، والشيخ خليل ياسين،والسيد محمد كاظم القزويني،ومحمود محمد العلي” وغيرهم كثيرون وهؤلاء جميعا ألفوا كتبا عنه.

إن كل مثقف عربي وكل كاتب عربي وكل شاعر عربي وكل خطيب عربي مدين للإِمام علي (عليه السلام) وانطلاقاً من هذه النقطة،فنحن لا نعد كاتباً أو أديباً عربياً مثقفاً ثقافة عربية أصيلة إن لم يقرأ القرآن ونهج البلاغة قراءات عميقة متواصلة [٢٣] .

رأى المفكر “جبران خليل جبران” الكمال الإنساني بكل معانيه وأبعاده متجلياً في ثلاث من شخصيات العالم هم:نبي الله عيسى (عليه السلام)،والنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)،والإمام علي(عليه السلام).

المفكر جبران يؤمن إن الإِمام علي (عليه السلام) هو أول عربي بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله) عرف الذات الأحادية ، ولم يفارقها في حبه، وإخلاصه وصدق سريرته، وفي خطبه النورُ الساطع الدليل على ذلك،وفي سلوكه الديني والاجتماعي والإنساني أيضاً.

والكاتب جبران يعتقد أن الذين أحبوا الإِمام علي (عليه السلام) قد لبوا دعوة فطرتهم السليمة التي لم تفسدها السياسة، وشهوات الدنيا الآثمة.

ويرى أيضاً إن الإِمام علي (عليه السلام) مات شهيداً، شهيد عظمته الإنسانية ورقيه الروحاني وعقيدته الإسلامية الصافية.

ويؤمن إن الإمام أول عربي لازم الروح الكلية وجاورها وسامرها، وهوأول عربي تناولت شفتاه صدى أغانيها على مسمع قوم لم يسمعوا بها من قبل، فتاهوا بين مناهج بلاغته ، وظلمات ماضيهم،فمن أعجب به كان إعجاباً موثوقاً بالفطرة، ومن خاصمه كان من أبناء الجاهلية [٢٤].

جاءت عالمية الإمام علي (عليه السلام) لما في تلك الشخصية الفريدة من معاني الصدق والحكمة،فذهب شطر من الكُتاب وفيهم الكاتب المعتزلي “عبد الحميد بن أبي الحديد ” فيلسوف المؤرخين إلى القول ” بأن المجموع في نهج البلاغة من الدفة إلى الدفة معلوم الثبوت قطعي الصدور من أمير المؤمنين من فمه أومن قلمه “.ونورد من مقاله له في شرحه على نهج البلاغة،ج١٠، ص٥٤٦ بعد إيراده لخطبة ابن أبي الشحناء المشهورة ما نصه:” كثير من أرباب الهوى يقولون أن كثيراً من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة وربما عزوا بعضه إلى الرضي أبي الحسن وغيره ، وهؤلاء قوم أعمت العصبية أعينهم فضلوا عن النهج الواضح ونكبوا بينات الطريق ضلالة وقلة معرفة بأساليب الكلام) [٢٥] .

الأستاذ جورج جرداق الأديب اللبناني المعروف، الرحب الاطلاع على ثقافات العالم القديم والحديث، يدرس الإمام علياً من المهد إلى اللحد، فتنتشي نفسه إعجاباً بعلي، لقد رأى في تراثه: علماً شاملاً ساحراً، وبلاغة آسرة ، وخلقاً نقياً تصغر عنده إشراقة الصباح، وإنسانية تتدفق بحراً من الجمال والجلال.رآه وكأنما هوقرآن بعد القرآن وإنه ليراه(أقرب الخلق إلى المسيح بوداعته،وزهده، وتواضعه،واستقامته، وصلابته مع الحق، وعظمة أخلاقه، وقوة إيمانه، وعمق إنسانيته، وجلال مأساته.المفكر والأديب المسيحي “جورج جرداق جرجي” أنحنى أجلالًا وإكبارا لشخصية أمامنا على بن أبي طالب (عليه السلام).

حيثُ تولع كاتبنا منذ الصغر بهذه الشخصية العظيمة حينما أهدى له شقيقه الأكبر كتاب ((نهج البلاغة)) وحثه على قراءته بكل جدية فهوحب ولع غُرس فيه اتجاه شخصية أمامنا (عليه السلام) [٢٦] .

عميد الأدب العربي الدكتور “طه حسين” يتحدث في كتابه (علي وبنوه) عن شمخ دور الإمام (عليه السلام) عن صدق إيمانه بالله، ونصحاً للدين،وقياماً بالحق،واستقامة على الطريق المستقيمة، لا ينحرف ولا يميل،ولا يُدهِن في أمر الإسلام في قليل ولا كثير،وإنما يرى الحق فيمضي إليه [٢٧] .

الأستاذ “عبد الرحمن الشرقاوي ” باحث ومفكر إسلامي كان قد ألف كتاباً عن الأمام علي (عليه السلام) أسماه (علي إمام المتقين) وفيه يتحدث المؤلف عن الشهيد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) تحت عنوان (جسد علي النبيل) وفيه يقول:جسد رجل لم تعرف الإنسانية حاكماً ابتلي بمثل ما ابتلى به من فتن،على الرغم من حرصه على إسعاد الآخرين،وحماية العدل وإقامة الحق ودفع الباطل. كان فريداً حقاً عالماً وحاكماً عاش يناضل دفاعاً عن الشريعة والعدل والحق والمودة والإخاء والمساواة بين الناس، سلام عليه يوم قال فيه رسول الله (عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم: حيث قال (رحم الله علياً اللهم أدر الحق معه حيث دار)،ومن عاداه في حياته وبعد موته إلا البغاة،وفرسان الضلال،وعبيد الشهوات، وأهل البدع والأهواء [٢٨] .

الأديب العربي الكبير” توفيق الحكيم”قد أشار إلى علم الأمام وإلى سمومكانته في الإسلام وأحقيته بالخلافة بعد رسول الله(صلى الله علبه وآله) ويشير إلى هذه الحقيقة التاريخية في مسرحيته الشهيرة ” محمد رسول البشر” والتي طبعت أول مرة عام ١٩٣٦م في القاهرة، وقد ذكر فيها على لسان الرسول المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد نزول آية (وأنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ). يصور الأديب”الحكيم”إحجام الحضور جميعاً عن مؤازرته ومناصرته على ذلك الأمر العظيم،يتقدم علي (عليه السلام) ليقول للرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) بصوت عربي مبين:” أنا يا رسول الله عونك ، أنا حرب على من حاربت ” [٢٩] .

المفكر الإسلامي الأستاذ “عباس محمود العقاد” ذكر الإمام (عليه السلام) في كتاباته حيثُ يصف الإمام بقوله “ما استطاع أحد قط أن يحصي عليه كلمة خالف فيها الحق الصراح في سلمه وحربه،وبين صحبه أوبين أعدائه،وكان أبداً عند قوله:علامة الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك،على الكذب حيث ينفعك،وألا يكون في حديثك فضل على علمك،وأن تتقي الله في حديث غيرك .

ثم يقول: إن ثقافة الإمام (عليه السلام) هي:ثقافة العَلَم المفرد،والقمة العالية بين الجماهير في كل مقام وإنها هي ثقافة الفارس، المجاهد في سبيل الله ” [٣٠] .

تناول الكاتب والأديب “ميخائيل نعيمة ” شخصية الإمام علي (عليه السلام) وصفاته وعبر عنها أصدق تعبير في تقديمه لكتاب “الإمام علي صوت العدالة الإنسانية” لجورج جرداق قائلا: ” وبطولات الإمام ما اقتصرت يوما على ميادين الحرب.

فقد كان بطلا في صفاء بصيرته، وطهارة وجدانه،وسحر بيانه،وعمق إنسانيته، وحرارة إيمانه،وسمودعته، ونصرته للمحروم والمظلوم من الحارم والظالم،وتعبده للحق أينما تجلى له الحق.

وهذه البطولات، ومهما تقادم بها العهد لاتزال مقلعا غنيا نعود إليه اليوم وفي كل يوم كلما اشتد بنا الوجد إلى بناء حياة صالحة فاضلة” [٣١] .

يمكن القول أن الفكر العربي والمسيحي المعاصر هوفكر أصيل وملتزم،كان لا بدّ لهذا الفكر الأصيل أن يبحث في أصالة هذه الأمة وفي جذورها وفي صيرورتها التاريخية، وهذا يعني أن يبحث المفكر العربي المسيحي في الرسالة الإسلامية التي لعبت دوراً بارزاً وحاسماً في تاريخ المنطقة بأكملها،وربما أبعد من ذلك بكثير.

إن علياً يحمل فكراً اجتماعياً ثورياً فاعلاً يرقى في تطوير المجتمع إلى تحقيق ما تحلم به الإنسانية من حياة فاضلة وكريمة وأنه استشهد في سبيل ما كان يريد أن يجعله واقعاً حياً،لذلك فهو إمام شهيد،صاحب نفس وضيئة تختزن سراً إلهياً قدوسياً هو سر قبول تحمل العذاب حتى الموت لإنقاذ الإنسان من الظلمات إلى النور.

الخاتمة

توصل الباحث إلى مايلي :

١- على الرغم من حرص بعض المستشرقين على الظهور بمظهر الإنصاف للإمام علي (عليه السلام)،نجد إن ظاهرة الشك هي السائدة في كتاباتهم حول الإمام علي(عليه السلام) .

٢- يكاد يتفق المستشرقون ويتبعهم بعض المؤرخين العرب على إن الإمام علي (عليه السلام) لم يستخدم في إدارته للدولة المرونة السياسية التي استخدمها غيره في إدارة الدولة في حين إن الذي استخدمه غيره هو ليس مرونة سياسية وإنما المكر والخداع وشراء الذمم مقابل الحصول على كرسي الخلافة.

٣- إن قوة وشجاعة الإمام علي (عليه السلام) لم تكن محدودة بميدان المعركة فقط،بل تجلّت في صفاته الحميدة وضميره الحيّ وبيانه البليغ وإيمانه الشديد،وإنسانيته العميقة وهمّته العالية وعزمه ولينه ولطفه، وإعانة المحرومين،ونصرة المظلومين على المتجاوزين والظالمين، والدعوة إلى الحقّ لكلّ ما لكلمة الحقّ من معنى .

—————————————————
[١] . أنظر : راجي نور هيفا ، الإمام علي عليه السلام في الفكر المسيحي المعاصر ، ص٨ -٩ .

[٢] . أنظر : محمد المثل الأعلى ، ترجمة محمد السباعي ، ،ص٣٤.

[٣] . أنظر : الإِسلام و العرب ، ترجمة منير البعلبكي، ص٣٤.

[٤] . أنظر: تأريخ الدولة الإِسلامية و تشريعها ، شتيسفسكا ، ص ٥٦.

[٥] . أنظر: سطوع نجم الشيعة ، كونسلمان ، جرهارد ،، ترجمة محمد ابو رحمة ، ص٦.

[٦] . أنظر:الاعتذار محمد و القرآن ، بون ، جان ديون ، ترجمة ترجمة عباس الخليلي ، ص٤.

[٧] . أنظر : الإِسلام ، جيوم،الفريد، ترجمة محمد مصطفى ، ص٢٨.

[٨] . أنظر : الإِسلام ، ماسيه،هنري ، ترجمة بهيج شعبان ، ص٦٦.

[٩] . أنظر : دائرة المعارف الإِسلامية ، ، ف س. شتروثمان ، ، ص٥٩ .

[١٠] . أنظر : سلمان الفارسي والبواكير الروحية للإسلام في إيران ، ما سنيون ، لويس ، ترجمة ، الدكتور عبد الرحمن بدوي ، ص ٤٥.

[١١] . أنظر: الإِسلام الشيعي ، ريشار، يان ، ترجمة حافظ الجمالي ، ص ١٠.

[١٢] . أنظر: علي إمام المتقين ، مجلة النبأ، العدد ٢ .

[١٣] . أنظر: الأمام علي ( ع ) في الفكر المسيحي المعاصر ، راجي نور هيفا ، ص١٠٣ .

[١٤] . أنظر : الأمام علي ( ع ) في الفكر المسيحي المعاصر ، راجي نور هيفا ، ص١٠٥ .

[١٥] . أنظر: الأمام علي ( ع ) في الفكر المسيحي المعاصر ، راجي نور هيفا ، ص٦٨١.

[١٦] . أنظر: تاريخ الشعوب الإِسلامية ، كارل ، ترجمة نبيه أمين فارس ومنير البعلبكي ، ص ٧٩.

[١٧] . أنظر: تاريخ العرب العام ، سيديو ، ص ١٢٥- ١٢٦.

[١٨] . أنظر: الحضارة العربية ، رسلر ، جاك س، ترجمة غنيم عبد عون ، ص ٣٨ .

[١٩] . أنظر: تراث الإِسلام ، شاخت،جوزف،وكليفورد بوزورت ، ص١- ٢٧١.

[٢٠] . أنظر: علي ومعاوية في الرواية العربية المبكرة،دراسة في نشأة ونمو الكتابة التاريخية حتى نهاية القرن التاسع الميلادي، ص ٣٩.

[٢١] . أنظر: موسوعة المستشرقين ، بدوي ، ص٥٠٣ .

[٢٢] . الضحى : الآية ٦، ٧ ، ٨.

[٢٣] . أنظر: الأمام علي ( ع ) في الفكر المسيحي المعاصر ، راجي نور ، هيفا، ص ١٠٣- ١٠٤.

[٢٤] . أنظر: الإمام علي صوت العدالة الإنسانية ، جرداق، جورج ، ص٧٣.

[٢٥] . أنظر: شرح نهج البلاغة ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، ص٥٤٦ .

[٢٦] . أنظر: الإمام علي صوت العدالة الإنسانية ، جرداق، جورج ، ص١٢٢٨.

[٢٧] . أنظر: الفتنة الكبرى ، حسين، الدكتور طه ، ص ٦٩.

[٢٨] . أنظر: علي إمام المتقين ، الشرقاوي ، عبد الرحمن ،، ص٣٩٤-٣٩٨ .

[٢٩] . أنظر: الأمام علي ( ع ) في الفكر المسيحي المعاصر ، راجي نور ، هيفا، ص٤٦٧ .

[٣٠] . أنظر: عبقرية الإمام علي ، عباس محمود ، العقاد ، ص ٢٢- ٣١ .

[٣١] . أنظر: الإمام علي صوت العدالة الإنسانية ، جرداق، جورج ، ص ٦٠-٦١.

المصادر

القرآن الكريم

١- أبوالفضل محمد، إبراهيم، شرح نهج البلاغة ، دار الجيل ، بيروت١٤٠٧هـ١٩٨٧م .

٢- الشرقاوي،عبد الرحمن،علي إمام المتقين، ج٢، مكتبة غريب ، مصر.

٣- العقاد ، عباس محمود،عبقرية الإمام علي، دار الهلال ، مصر .

٤- ايرلنغ ليدوك، بترسن،علي ومعاوية في الرواية العربية المبكرة ، دراسة في نشأة ونموالكتابة التاريخية حتى نهاية القرن التاسع الميلادي، بغداد ، ٢٠٠٦م.

٥- الفريد جيوم،الإِسلام، ترجمة محمد مصطفى،القاهرة ، ١٩٥٨م .

٦- بون جان ديون ،الاعتذار محمد والقرآن،ترجمة عباس الخليلي، مطبعة الإقبال، ١٣٧٥هـ .

٧- جرهارد كونسلمان،سطوع نجم الشيعة ، ترجمة محمد أبورحمة، مكتبة مدبولي، ط ٣ ، القاهرة ، ٢٠٠٤م .

٨- جاك رسلر،الحضارة العربية ، ترجمة غنيم عبد عون، مراجعة الدكتور احمد فؤاد، الدار المصرية للتأليف والترجمة،القاهرة ٠

٩- جورج جرداق ، الإمام علي صوت العدالة الإنسانية، دار الروائع، بيروت .

١٠- راجي نور هيفا،الإمام علي (عليه السلام ) في الفكر المسيحي المعاصر، دار العلوم، لبنان ، ٢٠٠٥م .

١١- سيديو، تاريخ العرب العام ، ١٩٨٧م .

١٢- شتروثمان، ف س، مادة شيعة ، دائرة المعارف الإِسلامية .

١٣- شاخت،جوزف،وكليفورد بوزورت،تراث الإِسلام،الكويت، سلسلة عالم المعارف، ١٩٩٨م .

١٤- طه حسين، الفتنة الكبرى، دار المعارف ، مصر.

١٥- عبد الرحمن بدوي، موسوعة المستشرقين ، ١٩٧٨م .

١٦- كارليل توماس،محمد المثل الأعلى،ترجمة محمد السباعي،المكتبة الأهلية، ط٢ ، بيروت.

١٧- كارل،تاريخ الشعوب الإِسلامية، ترجمة نبيه أمين فارس ومنير البعلبكي، دار العلم للملايين ، ط٢ بيروت، ١٩٥٣م .

١٨- لويس ما سنيون،سلمان الفارسي والبواكير الروحية للإسلام في إيران، ترجمة، الدكتور عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات،الكويت ، ١٩٧٨م .

١٩- لاندوروم،الإِسلام والعرب، ترجمة منير البعلبكي،دار العلم للملايين، بيروت،١٩٦٢م .

٢٠- يان ريشار، الإِسلام الشيعي،ترجمة حافظ الجمالي، دار عطية، بيروت ، ١٩٩٦م .

٢١- يوجينا غيانة شتيسفسكا ، تاريخ الدولة الإِسلامية وتشريعها، منشورات المكتب التجاري للطباعة ، بيروت ، ١٩٦٦م .

٢٢- هنري ماسيه،الإِسلام ، ماسيه، ترجمة بهيج شعبان ، بيروت ، ١٩٦٠م .

٢٣- مجلة النبأ،علي إمام المتقين،العدد ٢ ، تشرين الأول ، ٢٠٠١م .

منقول من مجلة جامعة بابل / العلوم الانسانية / المجلد ٢٢ / العدد٣ :٢٠١٤

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*