البصرة تنعى نهرها.. مشاهد لمكب نفايات يسمى بالعشار.. (صور)
البصرة – الحكمة: في البصرة وكما ذكرت مصادر التاريخ ما يعادل 635 نهراً ، اذ أطلق عليها سابقا ببندقية العرب او فينيسيا الشرق من قبل الرحالة القدامى ،وأطلق عليها الكلدانيون تسمية (بصرياثا) أي القنوات لكثرة الانهار فيها، لكن ابرز هذه الأنهار هو نهر العشار الذي أعطى للمدينة رونقا خاصا جعلها كالجنة المحاطة بالمياه، فضلا عن كونه من ابرز المعالم السياحية.
يتغنى القنصل الروسي ويقول عام 1992 ” البصرة الشريان الرئيسي لحركة البضائع والركاب بين المدينة والنهر وضفاف العشار غاية في الجمال، في حين قالت (الليدي دراور عام 1919) في مقدور المرء أن ينتقل فيها من بيته الى احد القوارب مباشرة ثم يطلب من القارب أن يوصله الى دكاكين العشار، ماراً تحت الجسور أو سائراً في محاذاة الشارع.
الا ان بعد الاحتلال، عانى نهر العشار من الاهمال والنسيان حتى آل به الحال الى ان يكون مكباً للنفايات ، ومركزاً حيوياً للمياه الآسنة والقاذورات ،وخسرت البصرة الكثير من جماليتها بسبب تلوث مياه هذا النهر بمياه المجاري، واضحى نهر العشار مصدر ازعاج للبصرين جراء تلوثه.
تاريخه واهميته
سمي بهذا الاسم نسبة لجباية ضريبة العشر التي تؤخذ على المحاصيل الزراعية استنادا إلى الوثائق العثمانية، ويقسم نهر العشار منطقة العشار إلى نصفين حيث قديما امتاز بصفاء مائه وجماله وكانت الاشجار والبيوت الجميلة والشناشيل والدكاكين على طرفيه والزوارق الكثيرة التي تجوبه محملة بالبضائع، إضافة إلى الثروة السمكية الكبيرة التي كان يحتويها.
وكان هناك مدرجات للوصول إلى النهر يستعملها اهالي البصرة للركوب في الابلام (يطلق عليها البلم العشاري) حيث تستخدم للتنقل أو التنزه أو نقل البضاع.
والعشار هو المركز التجاري للبصرة وكان به ميناء عثماني يقع على ضفة شط العرب وشمال صدر نهر العشار ترسو به الباخرة القادمة من الهند
أما شمال نهر العشار فكان شارعه المهم التجاري هو سوك المغايز وسمي بعد ذلك سوق الصيادلة وكان به أجمل المخازن التجارية التي كان يملكها الهنود مثل جاشيمال أو الصيدليات المهمة منها صيدلية الريحاني وصيمح وباكوس وجوليس وكان هاذا السوق يتقاطع مع سوق شعبي سموه شارع الخضيري حيث يقع عليه جامع الخضيري الذي بناه قاسم باشا الخضيري.
وتقع أيضا على نهر العشار، مبنى المتصرفية وما نسميه الآن مركز المحافظة أما محلة البصرة ونجد فيها العوائل البصرية القديمة (منطقة الموفقية) والبيوت القديمة المبنية على الطراز المعماري لعهد الدولة العباسية.
هذه المقدمة تدفعنا الى السؤال الاتي : ما الفرق بين زمن العثمانين والوقت الحالي؟ على الرغم من موجة التطور والثورات الصناعية التي رافقت مفاصل الدول
فيما تتقاذف الجهات الرسمية المعنية بتحسين بيئة تلك الأنهار وخصوصاً مديريات المجاري والبيئة والبلدية، المسؤولية منذ سنوات ولم تتفق حتى الآن على تنظيفها بجهد مشترك.
ويقودنا هذا الموضوع الى ذكر مشروع تأهيل نهر العشار الذي أعلنت وزارة النفط العراقية في حزيران الماضي.
اذ قال وزير النفط جبار اللعيبي خلال احتفالية وضع حجر الاساس لهذا المشروع ان “الوزارة تحرص على تنفيذ عدد من المشاريع الخدمية لأبناء محافظة البصرة كما ستقوم وبالتعاون مع وزارة الموارد المائية والحكومة المحلية والجهات المعنية الاخرى بتنفيذ هذا المشروع الخدمي الذي يعيد لنهر العشار رونقه وجماله بعد تأهيله وتطويره”.
الا ان نهر الشعار لازال يعاني الامرين ولا منقذ حقيقي في الافق ..
انهار البصرة مخازن للمجاري
هذا ما قاله عضو مجلس محافظة البصرة ، محمد شواك في حديثه :” مياه نهر العشار تعاني اليوم من تلوث كبير، وانهار البصرة اضحت مخازن لمياه المجاري”.
واضاف لـ(وان نيوز) ان :” المشاريع التي قدمت سابقاً ، واعمال الشركات الان لإحياء نهر العشار مجدداً، هي مشاريع دون المستوى المطلوب “. واصفاً المشاريع بـ( المشاريع التسويقية لبعض المتنفذين ).
ويتابع :” المشاريع لا تقدم حلول جذرية لازمة نهر العشار ، وما يعانيه هذا النهر لا ينتهي بوضع الانارات ،وصبغ الجدران ،وقلع الاشجار بل بوجود حكومة بصرية حقيقية تنظر للمستقبل بنظرة واقعية “. مبيناً بعض المتنفذين يستغلون فهم المواطن السطحي ويروجون لإعمالهم ومشاريعهم البسيطة على انها احياء واعمار .
ويسترسل قائلاً:” بصرة اليوم ليست كالسابق ، تعاني من اهمال ونسيان وسنحاول في المستقبل ان ننهي سيطرة الاحزاب ، ووضع الحكم بيد اهالي البصرة “. مؤكداً على ان البصرة ستتخذ اجراءات في اقرب فرصة للتخلص من الحكومة الفاسدة .
المعالم التاريخية مهددة بالانقراض
الناشط المدني ، احمد الحسيني يقول لـ(وان نيوز) ان :” ما يعانيه نهر العشار اليوم يتحمل مسؤوليته الحكومة بالشكل الاكبر باعتبارها المؤسسة الام التي تنهض بواقع المجتمعات وتجعلها بعيدة عن التخريب والدمار”.
ويتوقع الحسيني باندثار تام لمعالم العراق التاريخية في ظل الحكومة تعاني مفاصلها من فساد اداري ومالي كبير .(حسب قوله)
ويضيف :” اعادة اعمار واحياء نهر العشار سيعمل على جذب السواح ، وان قطاع السياحة يمكن استغلاله بأقل الكلف اكثر من القطاعات الاخرى ،لاسيما وان العراق يحتضن الكثير من المعالم الاثرية والتاريخية التي من الممكن ان تستغل ،وبالتالي ستضفي موردا اقتصادي لمحافظاتها من شأنه ان يقضي على احادية الموارد”. معرباً عن اسفه لطمس الهوية البصرية وخلق صورة مشوهة لبصرة السياب والشعراء والعلماء والمثقفين .
الى ذلك رفضت بعض الجهات المعنية بالتصريح حول هذا الموضوع ، وبين الايفادات والاجتماعات والانشغالات باءت اتصالتنا بالفشل وفي الضفة الاخرى بصرة تبكي نهرها الذي يلفظ انفاسه الاخيرة .
وان