الإندبندنت: جفاف كارثي يهدد أعظم نهرين عراقيين

342

الحكمة – متابعة  : “انقذت صديقاً كاد يغرق في احدى الممرات المائية حين جرفه قوة المياه حين كنا نسبح في نهر ديالى”. هكذا بدأ رئيس جمعية التشكيليين العراقيين قاسم سبتي حديثه الذي زار مؤخراً هذا النهر ووجده جافاً بالكامل، فذكرياته عند ذلك النهر كانت قبل 50 عاماً يقول سبتي عن هذا النهر “يمكن ان تعبره مشياً على الاقدام الآن”.

أنهار العراق كلاً من دجلة والفرات اصبحتا اكثر جفافاً والتصحر يغزو كميات محدود من الاراضي الزراعية، بسبب السدود المبنية في مجرى النهر من تركيا وسوريا وايران منذ سبعينيات القرن الماضي التي قلصت تدفق المياه التي تصل الى العراق بمقدار النصف مما زاد الوضع سوءاً.

حسن الجنابي، وزير الموارد المائية يقول لصحيفة الاندبندنت “في الأول من تموز ستبدأ تركيا بملء سد إليسو الواقع على نهر دجلة، وهذا سيؤدي الى انخفاض آخر في تدفقات المياه البالغة 50٪”.

ويضيف الجنابي أن “العراق كان يحصل على 30 مليار مكعب من المياه سنويا تصل نهر الفرات، لكننا اليوم سعداء اذا حصلنا على 16 مليار متر مكعب”.

وبينما يحاول العراق التعافي من الحروب الممتد عمرها الى 40 سنة، يتهدد وجوده اليوم بسبب انخفاض منسوب المياه بسرعة في الانهار الكبرى التي يعتمد عليها شعبه. وكان على ضفاف النهر المدن الاولى التي يعود عمرها الى 8 آلاف سنة، حيث كانت الفيضانات.

هذه الفيضانات اصبحت جزءاً من الماضي الان، اخرها كان في عام 1988 وكل عام كانت كمية المياه التي اخذها جيران العراق آخذة بالارتفاع مما تنعكس سلباً على العراق.

بدأ هذا النمط – اقامة السدود والروافد – في السبعينات حين قامت تركيا وسوريا ببناء سدود على نهر الفرات لانتاج الطاقة الكهرومائية واعمال ري واسعة. وهذا العامل الاخير يخنق امدادات المياه في العراق. ويحدث الشيء نفسه بشكل قليل على نهر دجلة التي تقوم ايران بإقامة روافدها الرئيسية عليه.

كانت الاحتجاجات العراقية غير فعالة لأن صدام حسين والحكومة في بغداد، كانا مشغولين بالحروب والأزمات التي بدت أكثر أهمية في ذلك الوقت. وأصبح الوقت متأخرا جدا لعكس التأثير المأساوي على العراق في هذه الخسارة الهائلة للمياه.

يقول الجنابي، مهندس الموارد المائية “سيكون هذا الصيف قاسياً”.

وبعض الانهار الصغيرة مثل نهري الكارون والكرك اللتان كانتا تتدفقان من ايران الى العراق اختنقتا ببساطة، لان الايرانيين قاموا بتحويلهما وهذا ما علّق عنه الجنابي بالقول “اعتدنا ان نحصل على خمسة مليارات متر مكعب سنوياً من نهر الكرك في السابق، والآن صفر”.

وكان العراق يتمتع بالاكتفاء الذاتي في الغذاء، لكنه الآن يستورد 70٪ من احتياجاته. ويتم بيع البطيخ والطماطم المخضّرة محلياً بحوار الطريق او في الاسواق رغم ان معظم ما يأكله العراقيون يأتي من ايران وتركيا او يتم شراؤه من قبل الحكومة في الاسواق العالمية.

ومن المقرر ان يرتفع هذا المبلغ هذه السنة، لان سد إليسو في تركيا تجبر الحكومة العراقية على تقييد زراعة الارز والقمح من قبل المزارعين للحفاظ على المياه المستخدمة في الري.

ويبدو ان الجفاف الحاصل من صنع الانسان وليس سوى ضربة اخيرة للمزارعين العراقيين. عماد ناجي، لواء متقاعد في القوة الجوية، ورث مزرعة من عائلته بالقرب من مدينة التاجي، قام بزراعة القمح فيها والمحاصيل الاخرى، كذلك اخذ بتربية النحل لانتاج العسل فضلاً عن تربية الاسماك. فمزرعته تنتج سنوياً نصف طن من العسل.

يشعر ناجي بالحزن لان وضع الكثير من وقته لانجاح هذه المزرعة، مبيناً ان ثلاثة ارباع ارضه لم تعد تزرع لانه لا يستطيع رّيها. ويحصل ناجي على الماء من بئرٍ حفره رغم ملوحة الماء فيه. اخيراً فضّل ناجي بناء ملعب لكرة القدم خلف المزرعة فهذا المشروع يدير له مال اكثر مما المزرعة.

والواقع، ان العراق لا يمتلك نفوذ سياسي للتغلب على النقص المزمن من المياه، لردع تركيا او ايران للحصول على حصة اكبر من المياه التي كانت تصل اليه في السابق.

هل يمكن أن يقوم العراق بأي شيء للتغلب على النقص المزمن في المياه في العراق؟ لا تملك الحكومة نفوذاً سياسياً كافياً في تركيا وإيران للحصول على حصة أكبر من المياه التي كانت تتدفق في السابق إلى العراق.

ويدرك العراقيون تمامًا أن نقص في إمدادات المياه يغّير من مظهر بلدهم. فحتى لوحات قاسم سبتي المعروضة في بغداد مؤخراً تجسد المناظر الرعوية للأنهار والبحيرات والمسطحات المائية وبساتين والنخيل والمحاصيل والنباتات.

المصدر: الاندبندنت

ترجمة وتحرير: موقع وان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*