أهوار العراق: بعد نفوق الجاموس سكانها يرددون “الدنيا تموز وعطش !”
الحكمة – متابعة : الدنيا تموز وعطش .. هذا ما يردده سكان الاهوار وقد ابستبدلوا عبارات اغنية فؤاد سالم التي كان يتغزل فيها بالارض قبل ان تذبحها الملوحة بعد انخفاض مناسيب المياه في منطقة الأهوار بجنوب العراق ما سبّب انتشار الأمراض وجعل الجاموس المنتشر في المنطقة عرضة للهلاك .
تشير التقارير الى نفوق عشرات من رؤوس الجاموس في منطقة الأهوار بجنوب شرق العراق بسبب انخفاض منسوب المياه في المستنقعات مما يهدد موارد الرزق للمقيمين في المنطقة منذ آلاف السنين.
وحذر نشطاء في مجال البيئة من أن ذلك ربما يُجبر من يربون الماشية في المنطقة على الهجرة لدول مجاورة.
وقال مسؤولون في منطقة الأهوار إنهم سجلوا أكثر من 30 حالة نفوق لجاموس خلال الشهر الماضي، مشيرين إلى أنه ربما تكون هناك حالات أخرى لأن المربين عادة ما يذبحون حيواناتهم أو يحرقون جيفها عقب نفوقها.
ويشكو المسؤولون عن المياه من أن معدل التدفق الحالي، وهو 17 مترا مكعبا في الثانية، يكفي بالكاد لتغطية منطقة الأهوار الشاسعة، الأمر الذي يهدد جاموس الماء الكثير في المنطقة بالأمراض والنفوق.
وكغيره من سكان الأهوار فقط أحمد صباح ثلاث رؤوس جاموس بسبب ارتفاع معدل الملوحة ونقص المياه، كما أن الكثير من رؤوس ماشيته تعاني الآن الهزال والمرض.
وقال صباح “أول ما راح من عندنا الماي (الماء) قلت عندنا الابلام قامت ما تطبق علينا. شوية النوب الحلال مالنا قام، مثا ما يقول، ضعف أول مرة، ضعف، ضعف ومول صار به الموت. قامت تجي نضربها ما يفيدها الدوا تجي عندنا بالبيت وتموت. تجينا تموت نذبحها لو بيها نروح وراها للهور نلقاها ميتة وبيها نلقاها نحركها وبين لا والله بالهور. بس كل شي هواي تضررنا، هواي راح من عندنا حلال (شنو السبب؟) السبب، الماي، الماي صار مالح وشما يجينا بنقيصة، شما يجينا ينزل، تأدبوا حيل، ما تتوقع إيش تأذينا وإحنا على الله وعلى الماي”.
ويطلق العراق حاليا حملة لوقف انتشار الأمراض، سيتم بموجبها تطعيم حوالي 30 ألف رأس جاموس ضد البروسيلا والتسمم المعوي والحمى القلاعية، وكلها تتسبب في نفوق الجاموس.
وقال طبيب بيطري يدعى وسام كاظم صالح من المستوصف البيطري في الجبايش “نتيجة انخفاض نسبة المياه في الأهوار الوسطى، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الملوحة في قضاء الجبايش مما له تأثير سلبي على مربي الثروة الحيوانية”.
وعلى مدى نحو أسبوعين طعّمت فرق بيطرية حتى الآن ألفي رأس جاموس في الأهوار الوسطى التي تقع في منطقة بين دجلة والفرات.
وتسبب ارتفاع درجات الحرارة وإقامة سدود على نهري دجلة والفرات وزيادة الأنشطة الزراعية في زيادة الضغط على موارد المياه الشحيحة في العراق.
وقال رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية رعد حبيب “في السابق، في نفس هذه الأيام يعني تقريبا كان منسوب الماء متر و٣٠ (سنتيمترا) في عمود نهر الفرات، الآن ٨٦ سنتيمتر، فارق كبير جدا. نسبة الملوحة ٨٠٠٠ جزء بالمليون، كان في السابق ١٥٠٠ جزء بالمليون. يعني أضرار كبيرة جدا، هذه الأضرار لابد للدولة ان تجد لها حل، توفر إطلاقات مائية من خلال الاتفاق مع الدول المتشاطئة. منع التجاوزات، هناك تجاوزات كبيرة تحصل على عمود نهر الفرات منها تجاوزات غير مرخصة مثل بحيرات الأسماك والزراعة رغم انه الدولة منعت الزراعة ولكن بغض المواطنين يصرون على الزراعة”.
وفي أوائل يونيو حزيران قالت الحكومة إنها تمنع المزارعين من زراعة الأرز وغيره من المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه في مواجهة تزايد نقص المياه وتناقص تدفقات النهرين بسبب الجفاف. لكنها أصدرت بعد أيام قرارا يسمح للمزارعين بزراعة ما لا يزيد عن 12500 كيلومترا مربعا من الأرز هذا الموسم.
وأضاف رعد حبيب “المربين ما عندهم سوى الهجرة إلى ايران أو الدول المجاورة أو الدولة تجد حل فوري وآني حتى نحافظ على مربي الجاموس، مستوطنين داخل الاهوار، هذه ثروة وطنية لابد الحفاظ عليها والحفاظ على مربين الجاموس كونهم يمثلون العمود الفقري للأهوار وخاصة الأهوار انضمت للتراث العالمي بسبب طبيعة المعيشة”.
وكان رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في محافظة ذي قار مقداد الياسري كشف عن تسجيل نفوق اكثر من عشرة حيوانات من الجاموس على اثر ازمة المياه التي ضربت مناطق الاهوار وتغير نوعية المياه فيها والتي لم تعد تصلح لجميع الاستخدامات.
وقال الياسري إن هذا العدد من الحيوانات النافقة يمثل بداية لأضرار اوسع في قطاع الثروة الحيوانية في حال استمرار تدني تصاريف المياه الواردة للمسطحات المائية والتي تعتبر البيئة الطبيعية لحياة هذه الحيوانات مشيرا الى ان مناطق الاهوار تعاني من تداعيات خطيرة من ازمة الجفاف الحالية والتي تتطلب وقفة حقيقية من جميع الجهات المعنية.
وانزعج العراق عندما بدأت تركيا في تخزين مياه نهر دجلة خلف سد إليسو الشهر الماضي. ويعاني البلد بالفعل من جفاف خفّض مستويات المياه في البحيرات والأنهار. وتحمل بغداد تركيا معظم المسؤولية.
ويذكر تقرير لبرنامج الامم المتحدة للبيئة أن نحو 70 في المئة من المياه التي تدخل العراق تأتي من تدفق نهري تتحكم فيه تركيا وايران وسوريا.
وأُدرجت الأهوار ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لمنظمة التربية والعلم والثقافة (اليونسكو) قبل عامين.
وكانت الأهوار تغطي تسعة آلاف كيلومتر مربع في سبعينات القرن الماضي لكنها تقلصت الى 760 كيلومترا مربعا بحلول عام 2002. وبحلول سبتمبر أيلول 2005 استُعيد نحو 40 في المئة من المنطقة الأصلية ويقول العراق إنه يستهدف استعادة ستة آلاف كيلومتر مربع في المجمل.
المصدر / موازين نيوز