تقرير غربي يتهم تركيا باستخدام المساجد لأهداف “مخيفة”
الحكمة – متابعة: مع إعادة انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بصلاحيات واسعة، تخشى دول غربية من اتساع النفوذ الذي أرست أسسه السلطات التركية في السنوات الماضية، وذلك باستخدام المساجد في الخارج للحشد السياسي والتجسس “المخيف” على المعارضين.
فبحسب تقرير لموقع قناة فوكس نيوز الأميركية، فإن المخاوف تتركز على مركز “ديانت”، وهو مسجد ومركز ديني في ولاية ميريلاند، خارج واشنطن العاصمة.
وقد تم بناء المركز بدعم قوي وتمويل من الرئاسة التركية للشؤون الدينية بمبلغ 110 مليون دولار عام 2016، ضمن خطة انتهجتها حكومة أردوغان على مدار 15 عاما لبناء المساجد والمراكز الدينية التابعة لها في جميع أنحاء العالم.
وبينما يقدم المركز نفسه على موقعه الإلكتروني بأنه يهدف إلى “تقديم الخدمات الدينية دون اعتبار للسياسة” ، فإن المحللين يرون غير ذلك.
التعبئة والتجسس
ويقول ديفيد ل. فيليبس، مدير برنامج بناء السلام والحقوق في معهد دراسات حقوق الإنسان بجامعة كولومبيا: “هذه المساجد ليست أماكن عبادة”.
ويوضح أنها “مراكز للتعبئة السياسية في ثوب مدارس دينية، وهي تنشر التطرف وتشوه الدين لدى الشباب”.
ويحتل المركز القابع في حي هادئ في بلدة لانهام، مبنى كاملا، حيث يقول منتقدون إن الحكومة التركية تستخدمه لجمع معلومات لصالح المخابرات، وتتعقب الأميركيين الأتراك المعارضين.
ويحكم أردوغان تركيا في ظل حكم الطوارئ منذ محاولة الانقلاب في يوليو 2016، التي ألقى فيها باللوم على جماعة غولن، وقد قام باعتقال عشرات الآلاف من الأتراك من صفوف الخدمة المدنية والجيش والقضاء وقطاع التعليم.
الخوف من المساجد
ومركز ميريلاند، هو واحد من 20 مسجدا تحت مظلة ديانت التي تتخذ من العاصمة التركية مقرا لها، وتقوم بتعيين الأئمة والموظفين.
لكن العديد من الأميركيين من ذوي الأصول التركية لا يتفقون مع حكم أردوغان، لذا فهم يتجنبون الذهاب إلى هذه المساجد.
ويقول أحد الصحفيين الأتراك إن الناس يخشون من تعرضهم للمضايقة أو الترهيب أو الاعتداء. هذا ما يحدث في جميع المساجد التي تمولها ديانت في جميع أنحاء الولايات المتحدة”. ويضيف: “يخشى الناس أن يتم اختطافهم”.
ملاحقة الأقارب
ويحذر عبد الله بوزكورت، رئيس مركز استكهولم للحرية، وهي منظمة أنشأها مجموعة من الصحفيين الأتراك الذين يعيشون في المنفى الاختياري بالسويد، من أن أفراد الأسرة والأقارب الذين يبقون في تركيا ينتهي بهم الأمر لدفع ثمن مراقبة ذويهم في الخارج.
ويقول إن جمع المعلومات الاستخبارية وغير القانونية في الشتات تشمل “جميع المنتقدين والمعارضين، فهم عرضة لخطر السجن إذا أرادوا العودة إلى تركيا، ومصادرة أصولهم، وحبس أقاربهم”.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، اتهم مركز استكهولم للحرية الحكومة التركية بتكثيف “تكتيكات التخويف” و “التجسس على المهاجرين”، بعد أن نشرت وكالة أنباء الأناضول التي تديرها الدولة معلومات عن أعضاء يستخدمون كنيسة في نيوجيرسي للصلاة في رمضان بسبب الخوف من ارتياد المساجد، خشية المراقبة.
قلق أوروبي
وينتشر القلق بشأن أنشطة ديانت على نطاق أوسع في أوروبا، حيث حققت العديد من الدول في أنشطتها.
فبحسب أحمد يايلا ، الأستاذ المشارك في مركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون ومدرسة إدموند، فقد أجرت “ألمانيا وبلجيكا والنمسا وهولندا وسويسرا والنرويج والسويد تحقيقات حول الأئمة الأتراك، الذين عينتهم ديانت، بسبب التجسس لصالح المخابرات التركية ضد المواطنين الذين يعيشون في بلادهم، وتعتبرهم الحكومة معارضين لأردوغان”.
وأعلن مسؤولون نمساويون مؤخرا أنهم سيغلقون سبعة مساجد، ويزيلون ما يصل إلى 60 إماما تمولهم دول أجنبية، وذلك لمواجهة التطرف.
وفي مارس من العام الماضي، قال المشرع النمساوي – وهو سياسي حزب الخضر المخلوع بيتر بلز – إن “شبكة التجسس” التركية – التي كانت تخضع بالفعل للتحقيق من قبل السلطات الألمانية والنمساوية والسويسرية – كانت أوسع بكثير من تلك الدول الأوروبية الثلاث.
وفي أواخر عام 2016، استدعت تركيا ملحق الشؤون الدينية للسفارة التركية في لاهاي، يوسف أكار، بعد أن تلقى “تحذيرًا بترحيله”.
واتُهم، حينها، بجمع معلومات استخبارية عن معارضين. ونفت ديانت بشدة الاتهامات الموجهة إليها بأنها تجمع المعلومات الاستخبارية بشكل غير قانوني.
وفي نفس الوقت تقريباً، ذكرت السلطات في بروكسل ببلجيكا أن عدة مساجد تلقت طلبات من السلطات التركية للتجسس والإبلاغ عن البلجيكيين من أصل تركي، الذين يتشبه في انتمائهم لجماعات معارضة.
مساجد تجمع معلومات
وفي ألمانيا المجاورة، قدم السياسي “الأخضر”، فولكر بيك، شكوى جنائية في ديسمبر 2016 ضد الاتحاد التركي للشؤون الدينية “ديتيب” (DITIB)، أكبر جماعة إسلامية في ألمانيا، مع أكثر من 900 مسجد مرتبط بحكومة ديانت التابعة للحكومة التركية، بسبب مخاوف من جمع بيانات بطريقة غير قانونية.
ودعا نائب رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي، أرمين لاشيت، على الفور إلى طرد جميع الأئمة المرتبطين بـ”ديتيب”.
وقال لاشيت إنهم علموا في ديسمبر 2016 أن “العديد من الأجهزة الأمنية في تركيا تجمع معلومات عبر أئمة تابعين لـ DITIB عمن يزعم أنهم مؤيدون لحركة الداعية فتح الله غولن ويرسلون هذه المعلومات إلى تركيا بناء على أوامر من ديانت في أنقرة”.
وذهبت الشرطة الألمانية إلى مداهمة منازل أربعة من الأئمة المرتبطين بـ DITIB في فبراير الماضي.
وكانت المداهمات جزءًا من تحقيق أوسع في التجسس غير القانوني على المعارضين لأردوغان. وأغلق التحقيق في ديسمبر 2017.
وقال فولكر بيك، وهو مشرع ألماني ومتحدث باسم حزب الخضر الذي تقدم بالشكوى الأولية، لفوكس نيوز إنه لم يتم توجيه أي اتهامات لأن “جميع المشتبه بهم فروا من البلاد”. ونفى أردوغان مرارا ارتكاب مخالفات واتهم ألمانيا بتبني “ممارسات نازية”.
وأشار رئيس مركز الدراسات السياسية والخارجية في إسطنبول، سينان أولغن، إن ديانت تحصل على تمويل كبير من موارد الدولة يتيح لها التوسع إلى دول عدة، وهي تملك وسائل للاستثمار في بلدان أجنبية يوجد بها جاليات تركية لتقديم خدمات دينية.
لكنه يستدرك قائلا: “هناك أيضًا ادعاءات بأن المساجد التي تمولها ديانت تُستخدم لأغراض سياسية لتعزيز دعم حزب العدالة والتنمية في الخارج”.